إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرد على بحث (التقليد والسيرفي طريق التكامل) للسيد محمود الحسني الصرخي ح2

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرد على بحث (التقليد والسيرفي طريق التكامل) للسيد محمود الحسني الصرخي ح2

    اما دليلك الثاني أية النفر في قوله تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )
    نقول ان هذه الاية الشريفة ليس لها مدخلية في مسألة التقليد ولم يفسرها او يؤلها أحد من الائمة (عليهم السلام) بتقليد غير المعصوم (عليه السلام) اطلاقا ً فكيف لك ان تفسر القران برأيك ؟ ولكي نتعرف على تفسير هذه الاية الكريمة يتوجب علينا سؤال الائمة (عليهم السلام) لمعرفة معناها فهم أهل الذكر الواجب علينا سؤالهم :
    1- جاء في تفسير نور الثقلين نقلا عن علل الشرايع عن عبد الله بن المؤمن الأنصاري قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : ان قوما يروون ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : اختلاف أمتي رحمة ؟ فقال : صدقوا ، فقلت : إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب ؟ قال : ليس حيث تذهب وذهبوا ، انما أراد قول الله عز وجل : ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) فأمرهم ان ينفروا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ويختلفوا إليه فيتعلموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم ، انما أراد اختلافهم من البلدان لا اختلافا في دين الله انما الدين واحد .) تفسير نور الثقلين - الشيخ الحويزي - ج 2 - ص 283
    2- عن عبد الاعلى قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : ان بلغنا وفات الامام كيف نصنع ؟ قال : عليكم النفير قلت : النفير جميعا ؟ قال : إن الله يقول : " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين "
    3- وجاء عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( قلت له : إذا حدث للامام حدث كيف يصنع الناس ؟ قال : يكونون كما قال الله : " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين " إلى قوله : " يحذرون " قال : قلت : فما حالهم ؟ قال : هم في عذر) وعنه أيضا في رواية أخرى ما تقول في قوم هلك امامهم كيف يصنعون ؟ قال فقال لي : أما تقرأ كتاب الله : " فلولا نفر من كل فرقة " إلى قوله : " يحذرون " ؟ قلت : جعلت فداك فما حال المنتظرين حتى يرجع المتفقهون ؟ قال فقال لي : رحمك الله أما علمت أنه كان بين محمد وعيسى صلى الله عليهما وآلهما خمسون ومأتا سنة ، فمات قوم على دين عيسى انتظارا لدين محمد فأتاهم الله أجرهم مرتين ) تفسير العياشي
    4- عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) أنه قال : ( الجهاد فرض على جميع المسلمين لقول الله : ( كتب عليكم القتال ) فإن قامت بالجهاد طائفة من المسلمين وسع سائرهم التخلف عنه ما لم يحتج الذين يلون الجهاد إلى المدد فإن احتاجوا لزم الجميع أن يمدوا حتى يكتفوا ، قال الله عز وجل : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) وإن أدهم أمر يحتاج فيه إلى جماعتهم نفروا كلهم ، قال الله عز وجل : ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ) مستدرك الوسائل ج 11 - ص 14 – دعائم الاسلام

    أما ماقاله المفسرون فهم أيضا لم يقولوا ان هذه الاية تدل على وجوب التقليد ومن هذه الاقوال :
    1- قال الشيخ الطبرسي : ( ( ليتفقهوا ) أي : ليتفقه باقوهم لأنه إذا نفر طائفة منهم تفقه من بقي منهم ، وإن شئت فمعناه ليتفقه كلهم ، لأنه من نفر منهم إذا رجع استعلم من بقي ، فصار كلهم فقهاء ) . تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج 5 - ص 143 – 145
    2- وقال الفيض الكاشاني : ( وما استقام لهم أن ينفروا جميعا ، لنحو غزو وطلب علم ، كما لا يستقيم لهم أن يثبطوا جميعا . ( فلولا نفر من كل فرقة منهم ) : فهلا نفر من كل جماعة كثيرة ، كقبيلة وأهل بلدة ( طائفة ) : جماعة قليلة ( ليتفقهوا في الدين ) : ليتكلفوا الفقاهة فيه ، ويتجشموا مشاق تحصيلها . ( ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) عما ينذرون منه)
    التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج 1 - ص 498 - 499
    3- وقال صاحب الميزان : ( السياق يدل على أن المراد بقوله : ( لينفروا كافة ) لينفروا وليخرجوا إلى الجهاد جميعا وقوله : ( فرقة منهم ) الضمير للمؤمنين الذين ليس لهم ان ينفروا كافة ، ولازمه ان يكون النفر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم . فالآية تنهى مؤمنى سائر البلاد غير مدينة الرسول ان ينفروا إلى الجهاد كافة بل يحضضهم ان ينف طائفة منهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم للتفقه في الدين ، وينفر إلى الجهاد غيرهم..) تفسير الميزان ج 9 - ص 403

    ومن هذه الاية وتفاسيرها التي جائت عن الائمة (عليهم السلام) نفهم مايلي :
    اولا ان النفور يكون للجهاء بستثناء نفر من المؤمنين ينفرون للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) للتفقه في الدين لينذروا ويفقهوا أخوانهم المجاهدين حين رجوعهم من الجهاد وبذلك اصبح جميع المؤمنين فقهاء في الدين وهم في الدرجة سواء قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( الشاخص في طلب العلم كالمجاهد في سبيل الله ... ) روضة الواعظين ص 10
    وهذا في حال القتال اما اذا كان المؤمنين يعيشون حالة السلم فيتوجب عليهم جميعا طلب العلم تصديقا لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (طلب العلم فريضة على كل مسلم ، ألا إن الله يحب بغاة العلم) الكافي - ج 1 - ص 30
    وأليك هذه الطائفة من الروايات التي تؤكد وجوب التفقه في الدين على كل مسلم ومسلمه :

    1- عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال : ( لوددت ان أصحابي ضربت رؤسهم بالسياط حتى يتفقهوا) الكافي ج1 ص31
    2- عن المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ( عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا أعرابا فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيمة ولم يزك له عملا) الكافي ج1 ص31
    3- عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : تفقهوا فإنه من لم يتفقه منكم فإنه أعرابي ، ان الله يقول في كتابه " ليتفقهوا في الدين " إلى قوله : " يحذرون "
    4- قال أمير المؤمنين عليه السلام : ( ثلث بهن يكمل المسلم التفقه في الدين والتقدير في المعيشة والصبر على النوائب ) مستدرك الوسائل
    5- عن جعفر بن محمد الصادق ( عليهما السلام ) ، أنه قال : " اعرفوا منازل شيعتنا عندنا ، على حسب روايتهم وفهمهم عنا ) مستدرك الوسائل ج 17 - ص 285
    6- قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : (أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم والعمل به ، ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال ، إن المال مقسوم مضمون لكم ، قد قسمه عادل بينكم ، وضمنه وسيفي لكم ، والعلم مخزون عند أهله ، وقد أمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه) الكافي ج 1 - ص 30

    ومن هذه الروايات نفهم ان التفقة في الدين فريضة على كل مسلم بل هو أوجب من طلب المال والرزق والمتخلف عن طلب العلم والتفقه في الدين فهو أعرابي وقد وصف تعالى الاعراب في قوله {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة97 أضف الى ذلك تودد الامام الصادق الى ضرب رؤوس اصحابه بالسياط حتى يتفقهوا في الدين فكيف تستقيم هذه المعاني مع القول بوجوب التفقه لطائفة من المؤمنين ليكونوا مراجع تقليد لغيرهم وهذا القول شاذ بل متناقض مع الايات والروايات الداعية الى وجوب التفقة على كل مسلم ومسلمة .
    ثانيا : ان النفور يكون في حال إذا حدث للامام حدث اي اذا بلغ الناس وفاة الامام وجب على قسم من الموالين النفور لاستعلام خبر الامام وليس على الجميع النفور فقد جاء عن عبد الاعلى قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : ان بلغنا وفات الامام كيف نصنع ؟ قال : عليكم النفير قلت : النفير جميعا ؟ قال : إن الله يقول : " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين "
    وكما نلاحظ في كلتا النقطتين الاولى والثانية لايوجد هنالك مايدل على وجوب التقليد لغير المعصوم (عليه السلام) بل ان حقيقة هذه الاية المباركة وتفسيرها الذي جاء عن المعصومين (عليهم السلام) بكلتا حالتيه اي النفور للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) للتفقه في الدين والنفور في حال بلغنا وفاة الامام بعيد كل البعد عن الاستدلال بهذه الاية الشريفة وجعلها كدليل على مسألة التقليد لغير المعصوم (عليه السلام) .
    الى هنا نكون قد أنتهينا من مناقشة الادلة القرانية التي طرها السيد الصرخي في رسالتة نأتي الان الى مناقشة الادلة العقلية التي قدمها السيد على الادلة الروائية حين ناقش أدلة التقليد وهذه بحد ذاتها نقطة يؤاخذ عليها وعلى العموم نأتي الان لمناقشة الادلة العقلية :
    قال تحت عنوان (الوجوب المقدمي العقلي) : (العقل يحكم بلزوم حق الطاعة) .
    نقول اذا كانت الطاعة لغير المعصوم لازمة فيلزم احتمال طاعته في معصية الله أيضا ً من حيث لايشعر المكلف بذلك لعظيم مقام من يطيعة في نظره طبعا ً فعندما يصدر اي فقيه فتوى لايتردد اتباعه في طاعتها ولا يعلم الاعم الاغلب من الاتباع سبب الفتوى وهذا مانشاهدة بام أعيننا فهل استعلم المقلدون سبب حرمة أو حلية مسألة ما قد أختلف الفقهاء في حرمتها وحليتها والمسائل الخلافية بين الفقهاء بلا حسد قد ملئت الكتب الفقهية .
    أضافة الى ان الله تعالى امرنا بطاعة من أمرنا بطاعتهم قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59
    وقد جاء في تفسير هذه الاية عن ائمة العصمة (عليهم السلام) مايؤكد ان الائمة من آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) هم أولي الامر الواجب طاعتهم لاغيرهم فقد جاء عن بريد العجلي قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن قول الله عزوجل : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) قال : إيانا عنى ، أن يؤدي الأول إلى الإمام الذي بعده الكتب والعلم والسلاح ، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل الذي في أيديكم ، ثم قال للناس : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) إيانا عنى خاصة ، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا ، فإن خفتم تنازعا في أمر فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم كذا نزلت ، وكيف يأمرهم الله عزوجل بطاعة ولاة الأمر ويرخص في منازعتهم ؟ ! إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 276
    وجاء عن ابي عبد الله الصادق (عليه السلام) انه قال في قول الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا ، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، قال : هم الأئمة منا وطاعتهم مفروضة ).
    دعائم الإسلام - ج 1 - ص 25

    ونلاحظ في قول الامام (عليه السلام) : (إيانا عنى خاصة ، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا) وفي قوله (هم الأئمة منا وطاعتهم مفروضة) صراحة اللهجة في الامر بطاعة الائمة (عليهم السلام) خاصة الى يوم القيامة فهم أولي الامر الذين فرض الله تعالى طاعتهم على المؤمنين الى يوم القيامة بدون منازع فكيف تكون الطاعة لغيرهم واجبة علينا الا اذا قلنا بان الفقهاء في دائرة اولي الامر وهذا قول شاذ بل مناقض لقول المعصوم (عليه السلام) حين قال ( إيانا عنى خاصة) .

    نأتي الان لمناقشة الدليل الرابع الذي احتج به السيد الصرخي والذي سماه بالوجوب المقدمي الشرعي قال فيه : (الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع أي إن ما حكم به العقل حكم به الشرع فينتج ، وجوب التقليد بالوجوب المقدمي الشرعي) .
    وهذا قول شنيع مخالف لما أمرنا به أولي الامر (عليهم السلام) فكيف تحكم بحكم العقل وهل العقل يصل الى حكم الله تعالى فقد جاء عن الائمة (عليهم السلام) بان دين الله لايصاب بالعقول الناقصة و انه لايصاب الا بالتسليم آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فقد جاء عن الثمالي قال : قال علي بن الحسين (عليهما السلام) : ( إن دين الله لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقائيس الفاسدة ، ولا يصاب إلا بالتسليم ، فمن سلم لنا سلم ومن اهتدى بنا هدي ، ومن دان بالقياس والرأي هلك ، ومن وجد في نفسه شيئا مما نقوله أو نقضي به حرجا كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم .
    بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 303
    ان حقيقة مايدركة العقل لاتصل به الى حكم الله تعالى مهما بلغ في الرقي فيضل ناقص عن أدراك حكم الجبار والوصول الى عله احكامه من الاساس ولايسع العقل الا التعبد بما يصدر من أحكام الله تعالى فقد جاء عن عثمان بن عيسى قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن القياس فقال : ( مالكم والقياس إن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم )الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 57
    فكيف لنا ان نعلم وبعقولنا القاصرة علة الاحكام وكيف لنا ان نسأل عنها والامام (عليه السلام) يخبرنا بإن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم فكيف بالعقل وهو لايدرك علل الاحكام ان يكون مشرعا ً للاحكام بذاته ؟
    ومن جهة وصول العقل الى أدراك الاصول القرانية للاحكام الشرعية فقد أخبرنا الائمة (عليهم السلام) بأن الكتاب حاوي على أصول المسائل كلها فما من أمر يختلف فيه أثنان الا وله أصل بكتاب الله ومع ذلك فأن العقل لايمكنه الوصول الى هذه الاصول فقد جاء عن المعلى بن خنيس قال قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : (ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله عز وجل ولكن لا تبلغه عقول الرجال ) . الكافي ج 1 ص 48
    وجاء عن جابر بن يزيد قال : ( سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن شئ من التفسير فأجابني ثم سألته عنه ثانية فأجابني بجواب آخر فقلت : كنت أجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا فقال : يا جابر ! إن للقرآن بطنا وللبطن بطنا وله ظهر وللظهر ظهر يا جابر ! وليس شئ أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن وإن الآية يكون أولها في شئ وآخرها في شئ وهو كلام متصل متصرف على وجوه ) وسائل الشيعة ج 27 - ص 192
    ومن هتين الروايتين يتبن لنا بعد العقل من الادراك والوصول الى أحكام الله تعالى وذلك بقول الامام (عليه السلام) : (لا تبلغه عقول الرجال) وقوله (عليه السلام) : (وليس شئ أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن) وبهذا نفهم بُعد العقل عن ادراك علة التشريع في الاحكام فأذا كان العقل لايدرك علل التشريع ولايحق له السؤال عن العلة فكيف يكون مشرعا بذاته , وان قلت ان هذا للعقول الناقصة فنقول ماقاله الشيخ الصدوق في قصة موسى والخضر (عليهما السلام) حيث قال : ( ان موسى عليه السلام مع كمال عقله وفضله ومحله من الله تعالى ذكره ، لم يستدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر " ع " حتى اشتبه عليه وجه الامر فيه وسخط جميع ما كان يشاهده حتى أخبر بتأويله فرضى ، ولو لم يخبر بتأويله لما أدركه ولو فنى في الكفر عمره فإذا لم يجز لأنبياء الله ورسله صلوات الله عليهم ، القياس والاستنباط والاستخراج ، كان من دونهم من الأمم أولى بان لا يجوز لهم ذلك . علل الشرائع - الشيخ الصدوق - ج 1 - ص 62
    فكيف ان نبي الله موسى (عليه السلام) مع تمام عقله لم يستطع استنباط احكام الخضر (عليه السلام) وهو نبي ورسول ومن أولي العزم وصاحب كتاب سماوي , وقد بين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ان رسل الله وأنبيائه أكمل الناس عقولاً في قوله ( صلى الله عليه وآله ) : (... وما بعث الله نبيا ولا رسولا حتى يستكمل العقل ، وكان عقله أفضل من عقل جميع أمته ...) مشكاة الأنوار - علي الطبرسي - ص 440
    ومع ذلك فان مسألة الاحكام والتشريع لم يوكل بها حتى الرسل والملائكة المقربين فقد جاء عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل قال : وإن الله لم يجعل العلم جهلا ولم يكل امره إلى أحد من خلقه لا إلى ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ولكنه أرسل رسولا من ملائكته فقال له : قل كذا وكذا ! فأمرهم بما يحب ونهاهم عما يكره ، فقص عليهم أمر خلقه بعلم فعلم ذلك العلم وعلم أنبيائه وأصفياءه من الأنبياء والأصفياء - إلى أن قال : ولولاة الأمر استنباط العلم وللهداة ، ثم قال : فمن أعتصم بالفضل انتهى بعلمهم ، ونجا بنصرتهم ، ومن وضع ولاة أمر الله وأهل استنباط علمه في غير الصفوة من بيوتات الأنبياء فقد خالف أمر الله وجعل الجهال ولاة أمر الله والمتكلفين بغير هدى من الله وزعموا أنهم أهل استنباط علم الله فقد كذبوا على الله ورسوله ورغبوا عن وصيه وطاعته ولم يضعوا فضل الله حيث وضعه الله فضلوا وأضلوا أتباعهم ولم يكن لهم حجة يوم القيامة - إلى أن قال : في قوله تعالى : ( فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين ) فإنه وكل بالفضل من أهل بيته والاخوان والذرية وهو قوله تعالى : إن يكفر به أمتك فقد وكلت أهل بيتك بالايمان الذي أرسلتك به لا يكفرون به أبدا ولا أضيع الايمان الذي أرسلتك به من أهل بيتك من بعدك علماء أمتك وولاة أمري بعدك وأهل استنباط العلم الذي ليس فيه كذب ولا اثم ولا زور ولا بطر ولا رئاء - إلى أن قال : فاعتبروا أيها الناس فيما قلت ، حيث وضع الله ولايته وطاعته ومودته واستنباط علمه وحججه ، فإياه فتقبلوا ، وبه فاستمسكوا تنجوا ، وتكون لكم الحجة يوم القيامة وطريق ربكم عز وجل ، لا تصل ولاية الله إلا بهم فمن فعل ذلك كان حقا على الله أن يكرمه ولا يعذبه ، ومن يأتي الله بغير ما أمره كان حقا على الله أن يذله وأن يعذبه .
    وسائل الشيعة ج 18 - ص 21 - اكمال الدين
    ومن هذه الرواية نفهم ان الله تعالى لم يوكل امر الاستنباط الا لولاة الامر وللهداة وقد بينا ان أولي الامر هي خاصة بالائمة المعصومين (عليهم السلام) بدليل قول الامام (عليه السلام) : ( إيانا عنى خاصة ، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا) .
    (... القائم المهدي من ولد علي اشبه الناس بعيسى بن مريم خلقاً وخُلقاً وسمتاً وهيبةً ...)
يعمل...
X