1- ادعاءه الوصية
يدعي احمد الحسن بان اكبر الادلة على صدق دعواه هو انه قد تم النص عليه في وصية النبي (ص) قبل وفاته والتي عهد بها إلى الإمام علي (ع) حيث يقول احمد الحسن بان اسمه قد ورد في تلك الوصية واعتبر ذلك دليلا اكيدا على ادعاءه !! وللرد على هذا الدليل نورد اولا نص الوصية .
عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري ، عن علي بن سنان الموصلي العدل، عن علي بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن الخليل ، عن جعفر بن أحمد المصري، عن عمه الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر ، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - في الليلة التي كانت فيها وفاته - لعلي عليه السلام : (يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة . فأملا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال: يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماما ومن بعدهم إثنا عشر مهديا، فأنت يا علي أول الاثني عشر إماما سماك الله تعالى في سمائه: عليا المرتضى، وأمير المؤمنين، والصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، والمأمون، والمهدي ، فلا تصح هذه الأسماء لاحد غيرك. يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم ، وعلى نسائي : فمن ثبتها لقيتني غدا، ومن طلقتها فأنا برئ منها، لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي. فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصول، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد عليهم السلام. فذلك اثنا عشر إماما، ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا، ( فإذا حضرته الوفاة ) فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي: اسم كإسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد ، والاسم الثالث: المهدي ، هو أول المؤمنين) ( غيبة الطوسي ص151)
كما يعلم الجميع أن الروايات والنصوص فيها الصحيح والمدسوس والموضوع حتى قام رسول الله (ص) خاطبا فقال: ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار).
لذلك يجب التمعن في النصوص قبل كل شيء ولابد ان يكون الحكم على هذه النصوص وتمييز الصحيح منها من جوانب عديدة منها أن يكون متن الرواية محكم فلا يمكن أن نقبل الرواية المضطربة والمتناقضة لأن المتكلم هو إمام معصوم وسيد البلاغة فلا يمكن ان يصدر منه التناقض والخلل في الكلام، وكذلك يجب ان تكون للرواية حقائق خارجية منطبقة معها سوف نشير اليها فيما سياتي وان لا تكون تلك الرواية متعارضة مع عدد غزير من الروايات التي تخالفها.
إن هذه الوصية باعتبار انها وردت في مصادر عديدة ووردت عن رسول الله والإمام علي عليهما صلوات ربي ومرت بالأئمة واصحابهم فلا يمكن ان يكون احد الأئمة او اصحابهم غير عارف بمحتواها وإن وجد ذلك فيكون في بعض الاصحاب البعيدين عن المعصوم، والذين لم يقدر لهم الاختلاط مع اصحابهم من الشيعة في ذلك الزمان . وإلا فالجميع لابد ان يكونوا عارفين بهذه الوصية ومحتواها كما هم عارفين بالنصوص التي وردت عن الائمة واحدا تلو الاخر وخاصة الاحاديث والروايات التي تُبنى عليها العقائد المهمة والامور الحساسة وخاصة قضية تنصيب الإمام من بعد الامام.
إن هذه الوصية التي استشهد بها احمد الحسن لا يمكن ان ننسبها الى أحد الأئمة أو إلى النبي (ص) لأن متنها مضطرب ولا يمكن ان تكون قد صدرت من النبي او احد الائمة المعصومين لأنهم صلوات الله عليهم اهل البلاغة والعلم كما قلنا، فكيف يمكن ان نتصور خروج التناقض منهم حاشاهم.
فلو تمعنا في متن الوصية نجد قول النبي (ص) لعلي (ع): (يا علي انه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً فأنت يا علي أول الاثنا عشر إمام) .
فهذا المقطع يقول فيه النبي (ص) أن هناك اثنا عشر مهديا يأتون بعد الأئمة الاثني عشر ووصفهم النبي بانهم مهديون أي يمكن ان يطلق على أي واحد منهم لقب المهدي ....لحد الآن النص منضبط ولا إشكال فيه .
ولكن بعد ذلك خرج لنا كلام يناقض هذا المقطع حيث قال: (فأنت يا علي أول الاثني عشر إمام سمّاك الله تعالى في سمائه عليا المرتضى وأمير المؤمنين والصديق الأكبر والفاروق الأعظم والمأمون والمهدي فلا تصح هذه الأسماء لأحد غيرك).
وهنا ظهر الاضطراب فكيف يقر النبي (ص) في بداية الوصية بأنه سيكون بعد الأئمة اثنا عشر مهديا واطلق على كل واحد منهم لقب المهدي ثم يقول بعدها لعلي بأن لقب المهدي لا يصح لأحد غيرك أي غير علي (ع)، أي أن لقب المهدي كلقب أمير المؤمنين لا يصح أن يطلقان على أحد غير الإمام علي (ع)، بل لا يصح حتى ان يطلقان على الأئمة (ع)، وهذا مناقض لقول النبي (ص) في نفس تلك الوصية بأنه سيكون هناك اثنا عشر مهديا بل ان الامام الثاني عشر وردت فيه نصوص كثيرة جدا عن الأئمة والنبي صلوات الله عليهم لقبوه فيها بالمهدي فكيف يقول النبي (ص) بان هذا اللقب (المهدي ) لا يصح إلا لعلي عليه السلام.
فلو كانت الوصية صحيحة ومحكمة وصادرة عن النبي (ص) فعلا لكان النبي واهل بيته قد التزموا بهذه القاعدة كما التزموا بانفراد علي بن ابي طالب (ع) بلقب امير المؤمنين، فلم ترد رواية واحد عن الأئمة وصفوا فيها أحدهم بأنه أمير المؤمنين .. بينما نجد العكس من ذلك فيما يخص لقب المهدي فقد امتلأت الآفاق بالنصوص والزيارات والأدعية التي تصف الأئمة بأنهم مهديون .
فهذه النقطة الأولى التي تثبت ان النص الذي اعتمد عليه احمد الحسن في ادعائه نص غير صحيح بل لا يمكن ان ينسب إلى الإمام الصادق (ع) ولا للنبي (ص) لأنهما صلوات الله عليهما لا يقولون قولا متناقضا ابدا كما ان كل عاقل لا يقول كلاما متناقضا.
ومن جانب آخر فإن هذا النص قد ورد فيه اسماء الأئمة واحدا تلو الآخر وهو ما نسب للنبي اصلا في هذه الوصية. فلو كان هذا النص او الوصية صحيحة الصدور عن النبي واهل البيت عليهم السلام فلماذا اُختلف في الائمة من قبل خواص الشيعة لا بل من قبل ابناء الائمة، فقد حدث بعد استشهاد الامام الحسين (ع) ان ادعى محمد بن الحنفية الامامة لنفسه ونازع الامام زين العابدين عليها فحذره الامام من قوله فاصر محمد بن الحنفية على ما قال فطلب الامام زين العابدين (ع) ان يحتكموا الى الحجر الاسود في الكعبة المشرفة ليشهد لهم على امامة احدهما...اليكم النص الذي يشير الى ذلك .
عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة وزرارة جميعا ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : لما قتل الحسين عليه السلام أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين عليهما السلام فخلا به فقال له : (يا ابن أخي قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله دفع الوصية والإمامة من بعده إلى أمير المؤمنين عليه السلام ثم إلى الحسن عليه السلام ، ثم إلى الحسين عليه السلام وقد قتل أبوك رضي الله عنه وصلي على روحه ولم يوص ، وأنا عمك وصنو أبيك وولادتي من علي عليه السلام في سني وقديمي أحق بها منك في حداثتك ، فلا تنازعني في الوصية والإمامة ولا تحاجني ، فقال له علي بن الحسين عليه السلام : يا عم اتق الله ولا تدع ما ليس لك بحق إني أعظك أن تكون من الجاهلين ، إن أبي يا عم صلوات الله عليه أوصى إلي قبل أن يتوجه إلى العراق وعهد إلي في ذلك قبل أن يستشهد بساعة ، وهذا سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله عندي ، فلا تتعرض لهذا ، فإني أخاف عليك نقص العمر وتشتت الحال ، إن الله عز وجل جعل الوصية والإمامة في عقب الحسين عليه السلام فإذا أردت أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر الأسود حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك قال أبو جعفر عليه السلام : وكان الكلام بينهما بمكة ، فانطلقا حتى أتيا الحجر الأسود ، فقال علي بن الحسين لمحمد بن الحنفية : ابدأ أنت فابتهل إلى الله عز وجل وسله أن ينطق لك الحجر ثم سل ، فابتهل محمد في الدعاء وسأل الله ثم دعا الحجر فلم يجبه ، فقال علي بن الحسين عليهما السلام : يا عم لو كنت وصيا وإماما لأجابك ، قال له محمد : فادع الله أنت يا ابن أخي وسله ، فدعا الله علي بن الحسين عليهما السلام بما أراد ثم قال : أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء وميثاق الأوصياء وميثاق الناس أجمعين لما أخبرتنا من الوصي والامام بعد الحسين بن علي عليه السلام ؟ قال : فتحرك الحجر حتى كاد ان يزول عن موضعه ، ثم أنطقه الله عز وجل بلسان عربي مبين ، فقال : اللهم إن الوصية والإمامة بعد الحسين ابن علي عليهما السلام إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قال : فانصرف محمد بن علي وهو يتولى علي بن الحسين عليه السلام )( - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 348 ).
فإن كانت الوصية التي اشار اليها احمد الحسن صحيحة فهل غفل عنها ابن علي بن ابي طالب محمد بن الحنفية ، واذا كانت تلك الوصية موجودة فعلا عند الأئمة فلماذا لم يقل الامام السجاد بانه منصوص عليه بوصية النبي او ذكّر محمد بن الحنفية بها ؟! بل قال : ( إن ابي عليه السلام يا عم اوصى الي في ذلك قبل ان يتوجه الى العراق ، وعهد الي في ذلك قبل أن يستشهد بساعة ) فالإمام لا يوصي لمن بعده إلا في يوم وفاته او قبل موته او استشهاده .
ولو استقرئنا النصوص والروايات لوجدنا انه لا يوجد احد من اصحاب الائمة تعرف على الامام من بعد ابيه من خلال الاسم اطلاقا بل كان الاصحاب يسالون الامام عن الذي يخلفه مع علمهم بأولاد الامام واسمائهم. اذن فان الامر لا علاقة له بالاسم وانه لا تتم المعرفة من قبل الاصحاب من خلال الاسم .
نأخذ شاهدا اخر يشير الى عدم صحة الوصية التي يتحدث عنها احمد الحسن . هذا الشاهد هو ما ورد عن علي بن الحكم عن أبيه عن ابن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( سألته وطلبت وقضيت إليه ان يجعل هذا الامر إلى إسماعيل فأبى الله الا ان يجعله لأبي الحسن موسى ع)( - بصائر الدرجات - محمد بن الحسن الصفار - ص 492).
وعن الامام الصادق عليه السلام حيث قال : (ما بدا لله في شيء كما بدا له في اسماعيل ابني) ( - توحيد الصدوق ص336).
ان هذا النص يشير الى مسالة تولي الامامة بعد الامام الصادق (ع) وقد اختلف الشيعة في ذلك الزمان حول من يخلف الامام الصادق (ع) فشذت طائفة من الشيعة في ذلك الوقت وتصوروا بان الامامة في اسماعيل واصبح لديهم فرقة كاملة تسمى الفرقة الاسماعيلية فلماذا لم يكون الامر جليا عندهم في معرفة الامام اليس ما صرحت به الوصية بأسماء الائمة يكفي لعدم وقوع الاشتباه في الائمة ومن هو الامام الحق وها هو الإمام الصادق يسأل الله تعالى ويطلب منه ان يكون الأمر لإسماعيل من بعده . فاذا كانت الوصية صحيحة ومعترف بها اصلا فلماذا لم يعمل بها احد ؟!!!!
نأخذ حادثة اخرى تثبت بطلان الوصية التي جاءنا بها احمد الحسن وهو ما حصل مع السيد محمد بن علي الهادي (ع) وما حصل من امره فقد ورد عن محمد بن يحيى قال:
( دخلت على ابي الحسن علي الهادي (ع) بعد وفاة ابنه محمد فعزيته عنه وابنه ابي محمد عليه السلام جالس فبكى ابو محمد فقال له ابوه ان الله قد جعل فيك خلفا منه فاحمد الله)( - الكافي ج1 ص327)).
(وبسنده) عن علي بن جعفر قال كنت حاضرا ابا الحسن الهادي (ع) لما توفي ابنه محمد فقال للحسن: ( يا بني احدث لله شكرا فقد احدث الله فيك امراً). - كشف الغمة ج3 ص201(
( وبسنده) عن الانباري قال : (كنت حاضرا عند وفاة محمد بن علي الهادي فجاء الهادي (ع) فوضع له كرسي فجلس عليه وحوله أهل بيته وأبو محمد ابنه قائم في ناحية فلما فرغ من أمر محمد التفت الى ابنه ابي محمد فقال يا بني أحدث لله شكرا فقد احدث الله فيك امراً )( - بحار الانوار ج102 ص274 ).
هل تعلمون احبتي معنى ( احدث لله شكرا فقد احدث فيك امرا) يعني ان الله احدث امرا في مسالة الامامة التي كان المتصور انها ستكون في السيد محمد ولكن الله احدث فيه امرا أي صار الامر الى الامام الحادي عشر الحسن العسكري (ع) فاين الوصية من ذلك
ولم يقتصر الامر على ما ذكرنا فقد كثر الخلاف في مسالة تنصيب الامامة في زمن كل امام وخرجت الفرق المعتقدة اعتقادا خاطئا منحرفا فأين كانت هذه الوصية عن الشيعة حتى اصبحت هناك العشرات من الطوائف والفرق الشيعية المنحرفة.
لذلك اقول إن هذه الوصية التي استشهد بها احمد الحسن على صحة ادعاءه لم تصدر عن النبي (ص) ولم يعمل بها أي إمام من الائمة ولم يعمل بها أي شخص من الشيعة على مر الزمان فلماذا نعمل نحن بها وكيف اصبحت دليلا على احقية هذا المدعي.
يتبع لطفا
تعليق