احمد الحسن اجهل الناس بأمر الرجعة
احيطت الرجعة على مر الزمان بالغموض فلم يكتب كتاب في كيفية الرجعة احد من العلماء او الباحثين وكان اهل البيت عليهم السلام لا يجيبون عن الكثير من الاسئلة الخاصة بالرجعة كل ذلك لان اوان تأويل واظهار امر الرجعة لم يأتي بعد.
فقد ورد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن زرارة قال : (سألت أبا عبد الله ( ع ) عن هذه الأمور العظام من الرجعة وأشباهها فقال إن هذا الذي تسألون عنه لم يجئ أوانه وقد قال الله عزو جل بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله)( مختصر بصائر الدرجات - الحسن بن سليمان الحلي - ص 24).
لذلك قال الائمة بان الرجعة من ضمن الامور التي يُعرف بها الداعي للإمام المهدي اليماني الموعود
وعن المفضل بن عمر ، قال : (سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إن لصاحب هذا الأمر غيبتين : يرجع في أحدهما إلى أهله ، والأخرى يقال هلك في أي واد سلك ، قلت : كيف نصنع إذا كان ذلك ؟ قال : إن ادعى مدع فاسألوه عن تلك العظائم التي يجيب فيها مثله)( كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ص 178).
لذلك جعلت الرجعة ومعرفة كيفيتها دليل صدق الداعي .
فلا بد ان يكون الداعي عالما بالرجعة بحيث انه يضع قاعدة عامة لتلك الرجع بحيث تنطوي جميع النصوص الصحيحة في الرجعة تحت تلك القاعدة ولا يكون الداعي غافلا او معرضا عن النصوص التي تضرب قاعدته التي اسسها .
وهنا نقول بما ان احمد الحسن قد ادعى بانه اليماني فلابد ان يكون عالما بالرجعة ولكننا نجده على العكس تماما فقد اثبت هذا المدعي بانه اجهل الناس بالرجعة لأنه تكلم فيما لا يعلم وسكت غيره عما لا يعلم فهو تكلم بالرجعة ولكنه تنافض في اقواله عدة مرات وهذا ما سنشير اليه في هذه الصفحات .
يقول احمد الحسن بان الرجعة وبسبب وجود نصوص الغير مقبولة عقلا لا يمكن ان تكون في حياتنا هذه فيلزم من ذلك ان لا تكون في عالمنا هذا بل هي في السماء الاولى، والراجعون لن يرجعوا الى هذا العالم الجسماني، وحينما وجد ان النصوص تنسف قوله جعل للرجعة وجها اخر وهو الرجعة بالمبدأ او المِثل. اي أن يأتي شخصا يحمل ما يحمله الحسين (ع) من المبادئ او الفكر .
وهذا القول لم يخرجه من تناقض كلامه بل رجع وقال بان الرجعة ستكون بعد ان يموت الإمام المهدي (ع) . وبعد هذا التناقض ستجدون معي احبتي تناقضات اخرى كبيرة تثبت بان احمد الحسن جاهل بالرجعة وقد ادعى مقام ليس له.
يقول احمد الحسن في كتاب الرجعة ( ) ص16
(إنّ عالم الرجعة عالم آخر غير هذا العالم الذي نعيشه، وهذا واضح من خلال الروايات، فمثلاً: الروايات الدالة على أنه عالم آخر من خلال منافاة صفات عالم الرجعة لهذا العالم كأن يعيش الانسان مدة طويلة أو يولد له عدد كبير، وأيضاً النص القرآني في الرجعة وأنها حياة بعد موت، فكيف ستكون الحال والناس ترى أنّ هناك من يخرجون من القبور أمام أعينهم وبأعداد كبيرة، فأين الامتحان ولماذا إذن يتمرد بعض الناس؟!(
وفي صفحة 20 من كتاب الرجعة يقول بان السماء الاولى تسمى سماء الرجعة والتي قبلها سماء الذر
ولما لم يفهم محتوى النصوص التي تتحدث عن الرجعة افترض من عنده عالما خياليا ليجعل الرجعة تكون فيه وليهرب من فك رموز واسرار نصوص وروايات الرجعة، وقد صعب عليه فهم الروايات التي تتحدث عن العمر الطويل للراجعين وكثرة الاولاد لديهم وغيرها من الامور، ولم يعلم او تجاهل بان العلماء السابقين والحاليين لم يكتبوا في كيفية الرجعة لانهم قد استعصت عليهم كيفية الرجعة وكيفية تفسير النصوص الكثيرة في الرجعة دون ان يحصل لديهم تضارب في تلك النصوص او تعارض مع طرحهم وقولهم، وإلا فإن افتراض عالما اخر للرجعة امر يسير لا يصعب على علماء الباطن تصوره ولكنهم لما وجدوا ان النصوص سوف تضرب اقوالهم سكتوا عن هذه المسالة .
ونحن الان احبتي سوف نثبت لكم كيف ان احمد الحسن سيقع فيما تحذر منه العلماء السابقين ونثبت تخبطه ومعارضة قوله هذا وعالمه هذا الافتراضي لأكثر النصوص التي تتحدث عن الرجعة.
لنرجع الى كلامه ونرى مدى صحة وانضباط اقواله وما اسسه من افكار في امر الرجعة.
فقد قال متحدثا عن الرجعة في صفحة 22 من نفس الكتاب: (فهي لا علاقة لها أصلا بالجهات ،ليس فيها مكان أو زمان، ولا علاقة لها بالمكان ولا بالزمان ).
باعتباره جعل الرجعة في عالم ليس بالجسماني بل هو عالم غيبي كعالم الذر وعالم البرزخ لذلك فمثل هذا العالم وكما يقول ليس فيه زمان ولا مكان.
طيب اذا لم يكن لعالم الرجعة زمان فكيف يمكننا ان نفسر الروايات التي قالت بان الرجعة ستكون في اوقات معينة من عصر الظهور فمرة تكون مزامنة لدخول جيش الغضب الى الكوفة او الرايات السود وتارة متزامنة مع قيام الامام المهدي (ع) في مكة .
فعن أبي الجارود ، عمن سمع عليا عليه السلام يقول : (العجب كل العجب بين جمادي ورجب. فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه ، فقال : ثكلتك أمك وأي عجب أعجب من أموات يضربون كل عدو لله ولرسوله ولأهل بيته ، وذلك تأويل هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور} فإذا اشتد القتل ، قلتم : مات أو هلك أو أي واد سلك ، وذلك تأويل هذه الآية { ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا} ( - بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 53 - ص 60)( .
وورد عن الامام علي (ع) انه خطب في يوم في الكوفة فقال : (إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان لا يعي حديثنا إلا حصون حصينة ، أو صدور أمينة أو أحلام رزينة يا عجبا كل العجب بين جمادي ورجب . فقال رجل من شرطة الخميس : ما هذا العجب يا أمير المؤمنين ؟ قال : ومالي لا أعجب وسبق القضاء فيكم وما تفقهون الحديث ، ألا صوتات بينهن موتات ، حصد نبات ونشر أموات ، واعجبا كل العجب بين جمادي ورجب . قال أيضا رجل يا أمير المؤمنين : ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه قال ثكلت الآخر أمه وأي عجب يكون أعجب منه أموات يضربون هام الأحياء قال : أنى يكون ذلك يا أمير المؤمنين ؟ . قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، كأني أنظر قد تخللوا سكك الكوفة وقد شهروا سيوفهم على مناكبهم ، يضربون كل عدو لله ولرسوله وللمؤمنين وذلك قول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور}(( - بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 53 - ص 81)
وهذا دليل على ان الرجعة لها مكان وزمان يكون بين جمادي ورجب يرجع فيه المؤمنون إلى ظهر الكوفة . بل انك لا تكاد تجد رواية إلا وقرنت رجوع الممحضين في وقت معين ومع احداث معينة فكيف يقول احمد الحسن بان الرجعة عالم لا يخضع لا للزمان ولا للمكان هذا امر .
امر اخر ان احمد الحسن في الحقيقة يتكلم ولا يعلم بما يتكلم فمرة يقول بان عالم الرجعة الذي افترضه ليس له مكان واذا به يتكلم بنقيض هذا القول ويشير الى مكان ذلك العالم
حيث يقول في نفس الصفحة: (ويجب ملاحظة أن (السماء الأولى) هي نهاية السماء الدنيا ، أي أن السماء الدنيا تبدأ في هذا العالم الجسماني ، وتنتهي في : (أول العالم الملكوتي الروحاني) ، أي أن نهايتها حلقة وصل ، ونهايتها أو حلقة الوصل هي السماء الأولى ، في الزيارة الجامعة ( … وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى( .
لاحظوا احبتي كيف ان العالم الذي ليس له زمان او مكان يقع في نهاية السماء الدنيا أي انه عالم خاضع للمكان وهذا تناقض واضح. ثم انه لو كانت الرجعة في عالم اخر غير عالم الدنيا عالم لا نحس به ولا نراه فاين ذهب الاستدلال بأمر الرجعة على الداعي الذي يجب ان يكون عالما بالرجعة فمن الممكن ان يأتي أي انسان ويكذب على الناس في هذه المسالة ويتهرب من الرد على النصوص التي تنسف ادعاءه ويقول الرجعة ستكون في عالم غير محسوس .
ثم انه اشتبه عليه الامر في قول الدعاء حينما جعله دليلا على كلامه : (وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى( فالدنيا كلنا نعرفها وهي عالمنا الذي نحن فيه والاخرة هي يوم القيامة يوم يحشر الله تعالى الناس جميعا أما الاولى فهي عالم الذر وما يرتبط بوجود الانسان في العوالم المتصلة به كعالم النور وعالم الاظلة وغيرها التي سبقت وجود الانسان في الحياة الدنيا .
ولا اعلم اين العالم الافتراضي الذي وضعه احمد الحسن وسط هذه العوالم الثلاثة فهل هو الاخرة ام الاولى فإذا كانت الاخرة فقد كفر بالمعاد يوم القيامة وهو اصل من اصول الدين واذا كانت الاخرة هي الرجعة فاين الوعد والوعيد الذي ذكره الله تعالى في القرآن من خلود المؤمنين في الجنة والكافرين في النار ثم ما هو مصير من لم يكن ممحضا من البشر فالرجعة تشمل من محض الايمان ومن محض الكفر وغيرهم غير مشمولين بالرجعة فهل سيفنيهم الله تعالى ؟! .
اما اذا قال بان عالم الرجعة المفترض هو (الاولى ) فهذا ايضا يجعلنا امام امر محير فاين كان الانسان قبل ان يأتي الى الدنيا هل كان في عالم الرجعة وهو اصلا لم يخلق بعد في الدنيا . وكذلك علينا ان ننكر الوجودات النورانية لأهل البيت في ذلك العالم وننسى العهد الذي اخذه الله تعالى على الخلق في قوله تعالى { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ }( ).
ثم يحاول احمد الحسن توضيح مكان ذلك العالم فيقول في كتاب الرجعة ص22-23
حيث يقول : (وفي القرآن : { وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (القصص:70)وقال تعالى {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ} (الواقعة:62)(وفي الأولى عالمي : الذر ،والرجعة ، وفيها الأنفس) ، فالله سبحانه وتعالى لم ينظر إلى عالم الأجسام منذ أن خلقه كما قال رسول الله (ص). إنما محط الاهتمام يبدأ من نهاية عالم الأجسام ، وهي نهاية السماء الدنيا ، وهذه النهاية هي السماء الأولى .)
لاحظوا اعزائي ما معنى الرجعة واين تقع من تلك العوالم انها تقع وفق قول احمد الحسن في عالم النشأة الاولى أي هي وعالم الذر يدخلان تحت عنوان النشأة الاولى وهذا امر غريب جدا فكيف ان الرجعة التي تحصل في اخر الزمان والتي تحدث عنها القرآن والاحاديث والتي لم يجيب عن تفاصيلها أهل البيت (ع) والتي قالوا بانها تحصل في اخر الزمان ويأتي تأويلها في اخر الزمان يمكن ان نسميها النشأة الاولى او هي ستكون في قبال الاخرة ، أي الاولى ثم الاخرة فكيف يمكن ان يكون المتأخر (الرجعة) متقدم والمتقدم (عالم الذر) مع متأخر!!! ثم ان الرجعة تكون بعد ان يمتحن الله تعالى عباده فمن محض الايمان يرجع ومن محض الكفر ايضا سيرجع فكيف تكون الرجعة في عالم (الأولى ) ومعنى الاولى أي التي سبقت عالم الدنيا !!
هذه احجية طبعا وكما يقول المثل حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له ونحن لسنا مستعدين ان نتخلى عن عقولنا التي ميز الله تعالى بها الانسان على سائر البهائم
ثم يورد في ص 25 من نفس الكتاب دليل على ان الرجعة في السماء الاولى حيث يقول : (عن الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله، أنه قال )دخلت عليه يوما فألقى إلي ثيابا وقال: يا وليد ردها على مطاويها، فقمت بين يديه، فقال أبو عبد الله: رحم الله المعلى بن خنيس، فأنه شبه قيامي بين يديه بقيام المعلى بن خنيس بين يديه. ثم قال لي :أفلل دنيا أفلل دنيا، إنَّ الدنيا دار بلاء سلط الله فيها عدوه على وليه، وإن بعدها دارا ليست هكذا. فقلت: جعلت فداك وأين تلك الدار؟ فقال: ها هنا وأشار بيده إلى الأرض)
ثم يقول : ( سُئل السيد أحمد الحسن: ما معنى إشارة الإمام الصادق (ع) إلى هذه الأرض؟ فأجاب: نعم، وفقك الله وسدد خطاك. إن للأرض تجليات في كل السماء الدنيا تمتد إلى السماء الأولى التي ستكون فيها الرجعة، فالرجعة أيضا في الأرض وإن كانت في تجلي آخر للأرض غير هذا الذي نعيش فيه في هذا العالم الجسماني( .
انظروا احبتي الى هذا التخبط...فقد قال احمد الحسن في كلامه الاول بان الرجعة تكون في السماء الاولى التي هي في نهاية السماء الدنيا ثم بعد ذلك حينما سئل عن هذه الرواية لم يستطع إلا ان يفترض ان الرجعة ستكون في الارض ايضا ولكن في ارض ليست خاضعة للعالم الجسماني اي بمعنى انها غير خاضعة للزمان والمكان كما هو الامر مع السماء الاولى التي افترض ان الرجعة تكون فيها،ولا ادري لماذا كل هذا التخبط فلو تمعنت في النص لوجدت انه لا يتحدث اصلا عن الرجعة فالنص يتحدث فيه الامام عن الحياة الدنيا وعن الحياة الاخرة التي تبدأ منذ ان يقبر الانسان في لحده وكما ورد ( ان الانسان اذا مات قامت قيامته ) فالقبر هو الخطوة الاولى الى عالم الاخرة والانسان طبعا يدفن في الارض لذلك فالنص لا علاقة له بالرجعة لا من قريب ولا من بعيد.
يتبع
تعليق