ركب بني اسرائيل المعاصي وعملوا الذنوب واقترفوا الاثام فبعث الله سبحانه وتعالى شعياء بن امضياء نبي لهم فوعظهم فلم يتعظوا فخطب فيهم فقال : ياسماء اسمعي ويا ارض أنصتي فان الله اراد ان يقظي شان بني اسرائيل الذين رباهم بنعمته وأصطفاهم لنفسه وخصهم بكرامته وفظلهم على عباده واستقبلهم بالكرامة وهم كالغنم الضائعة التي لاراعي لها فأوأى شريدها وجمع ضالها وجبر كسيرها وداوا مريضها واسمن هزيلها وحفظ سمينها فلما فعل ذلك بطرت اليه فتناطحت كباشها فقتل بعضهم بعضاً حتى لم يبقى منهم عظم صحيح يجبر اليه كسير فويل لهذه الامة الخاطئة الذين لايدرون أجاءهم الخير ام الشر وان البعير يذكر وطنه فينتابه وان هؤلاءالقوم ليدرون من اين جائهم الخير وهم اولو الالباب والعقول ليسوا ببقر ولاحمير اني ضارب لهم مثلاً فلما سمعوه قال لهم كيف ترون في الارض كانت خراباً موتا ًفبقيت خراباً زمناً طويلاً لا عمران فيها وكان لهارب حكيم قوي فاقبل عليها بالعمارة وكره ان تخرب ارضه فاحاط عليها جداراً وشيد فيها قصراً واجرى فيها نهراًوانبت فيها غرساً من الزيتون والرمان والنخل والاعناب وانواع الثمار كلها وولى ذلك وستحفظه اذا راى حفيظاً قوياً اميناً فانتظرها فلما اطلعت جاء طلعها خرنوباً فقال بئس الارض هذه نرى ان يهدم جدارها وقصرها ويفيض ماء نهرها ويحرق غرسها حتى تصير كما كانت خراباً اول مرة موتا لاعمران فيها فقال الله تعالى قل لهم ان الجدار ذمتي وان القصر شريعتي وان النصر كتابي وان القيم نبي والغراس هم وان الخرنوب الذي اطلع الغراس اعمالهم الخبيثة واني قضيت عليهم قضائهم على انفسهم وانه مثل ضربه الله لهم 0 فسرهم يتقربوا الي بذبح البقر والغنم وليس ينالني اللحم ولااكله ولكن يتقربوا الي بالتقوى والكف عن ذبح النفس التي حرمتها ويشيدون لي البيوت والمساجد ويطهرون اجوافهم وينجسون قلوبهم واجسادهم ويدنسونها فاي حاجة لي الى تشيد البيوت ولست اسكنها واي حاجة لي الى تزويق المساجد ولست ادخلها وانما امرت برفعها لذكر فيها واسبح ولتكن معلماً لمن اراد ان يصلي فيها ويقولون لو كان الله يقدر على ان يجمع الفتنا لجمعها ولو كان الله سيقدر ان يفقه قلوبنا لفقهها فاعمد الى عودين يابسين ثم ابنهما وهم في اجمع مايكون وقل للعودين ان الله يامركما ان تكوناً عوداً واحد فلما قال لهما ذلك اختلطا فصاراً عوداً واحداً فقال الله تعالى قل لهم اني قدرت على ان اؤلف بين العودين اليابسين فكيف لااقدر على الفتهم ان شئت ام كيف لااقدر على ان افقه قلوبهم وانا الذي صورتهم يقولون صمنا فلم يرفع صيامنا وصلينا فلم تنور قلوبنا وتصدقنا فلم تزك صدقاتنا وان دعونا بمثل حنين الجمال وبكينا بمثل عواء الذئاب في ذلك لا يسمع ولا يستجاب لنا فقال الله تعالى فسلهم ماالذي يمنعني ان استجيب لهم الست اسمع السامعين وانظر الناظرين واقرب المجيبين وارحم الراحمين اذان يدي قلت كيف ويدي مبسوطتان بالخير انفقت كيف اشاء مفاتيح الخزائن عندي لايفتحها غيري ام يقولون رحمتي ضاقت فكيف ورحمتي وسعت كل شى وانما يتراحم المتراحمون بفضلي ام يقولون البخل يغيرني اولست اكرم الاكرمين وانا الفتاح بالخيرات الست اجود من اعطى واكرم من سئل ولوان هؤلاء القوم نظروا لانفسهم بالحكمة التي نورت في قلوبهم فتدبروها ولم يشتروا بها الدنيا ولايصرو ويقنوا ان انفسهم هي المدى العدالة لهم وكيف ارفع صيامهم وهم يلبسونه بالزور ويتقون عليه يطعمه الحرام ام كيف انور صلاتهم وقلوبهم طاغية تركت الى من يحاربني وينتهك محارمي ام كيف تزكوا عندي صدقاتهم وهم يتصدقون باموال غيرهم وانما اجزي عليها اهلها المغصوبين ام كيف استجيب لهم دعاء وانما قول بالسنتهم والعقل من ذلك بعيد انما استجيب قول المستضعف المسكين وان من علامات رضاي رضا المساكين ولوا رحموا المساكين وقربوا الضعفاء وانصفوا المضلوم ونصروا المغصوب وعابوا الغالب وادوا الى الفقير واليتيم والارملة والمسكين حقه ولو كان ينبغي لي ان اكلم البشر لكلمتهم وكففت اذاهم وكنت نور ابصارهم وسمع اذانهم ومعقول قلوبهم واعمرت اركانهم وكنت قوة ايديهم وارجلهم وكنت السنتهم الاانهم يقولون لما سمعوا كلامي وبلغتهم رسالتي انما اقاويل منقولة واحاديث متواترة وتاليف فيما يؤلف السحرة والكهنة وزعموا ان لو شاءوا ان ياتوا بحديث مثله لفعلوا وان يطلعوا على الغيب بما توحي اليهم الشياطين اذاطلعوا وكلهم يستخفي بالذي يقول وسير وهم يعلمون اني اعلم غيب السموات والارض واعلم مايبدون وما يكتمون واني قد قضيت يوم خلقت السموات والارض قضاءاً بينته على نفسي وجعلت له اجلاً مؤجلاً لابد انه واقع فان صدقوا فيما ينتحلون من علم الغيب فليخبروك متى انفذه وفي أي زمان يكون وان كانوا يقدرون على ان ياتوا بما يشائون فلياتوا بمثل هذه الحكمة التي ادبرها امر ذلك القضاء ان كانوصادقين فاني قضيت يوم خلقت السموات والارض بان اجعل النبوة في الاحرار واجعل الملك في الرعاء واجعل العز في الاذلاء والقوة في الضعفاء والغنى في الفقراء والثروة في الاملاء والمدائن في الفلوات والامام في المفاوزوالثرى في الغيطان والعلم في الجهلة والحكم في الامين فسلهم ممن هذا ومن القيم بهذا أوعلى يد من انشئه ومن اعوان هذه الامور وانصاره فاني باعث لذلك نبياً امياً لا اعمى من العميان ولا ضالاً من الضالين ليس بخط ولا غليض ولايصاب في الاسواق ولامتزى بالفواحش ولاقولاً بالغنى اسدده بكل جميل واهب له كل خلف كريم اجعل السكينه لباسه والبر شعاره والتقوى ضميره والحكمة معقولة والصدق والوفاء طبيعته والعفو والمعروف خلقه والعدل سيرته والحق شريعته والهدى امامه والاسلام ملته واحمد اسمه اهدي به بعد الضلالة واعلم به بعد الجهالة وارفع به بعد الخمالة واشهر به بعد النكرة واكثر به بعد القلة واغني به بعد الفقرة واجمع به بعد الفرقة وآلف به قلوباً مختلفة واهواء متشتته وامماً متفرقة واجعل امته خير امة اخرجت للناس يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر بأياتي وتوحيدي يصلون قياماً وقعوداً وركوعاً وسجوداً ويقاتلون في سبيل الله صفوفاً وزحوفاً ويخرجون من ديارهم واموالهم ابتغاء رضوان الله الهمهم التكبير والتحميد والتسبيح والتمجيد والتوحيد في مسيرهم ومجالسهم ومضاجعهم ومتقلبهم ومثواهم يكبرون ويصلون ويقدسون على رؤس الاشراف ويطهرون لي الوجوه والاطراف ويعقدون الثياب في الانصاف قربانهم دمائهم وقرانهم في صدورهم رهبان في الليل ليوث بالنهار فلما فرغ نبيهم شعياء من مقالته غدوعليه ليقتلوه فهرب منهم فلفيته شجرة فانفلقت له فدخلها فادركه الشيطان فأخذ يجر به من ثوبه فاراهم اياه فوضعوا المنشار في وسطها فنشروها حتى قطعوها وقطعوه وهو في وسطها...والله اعلم.
منقول من صحيفة القائم
منقول من صحيفة القائم