ذلك يوم الخروج؟
بعد اعلان دعوة الامام المهدي (ع) التي اعلنها وزيره الصادق المصدق السيد القحطاني وقليل ممن راى الحق ونصره وكثير ممن حاربه وخذله رغم كثرة المنادين باسمه وكثرة محبيه ومنتظريه ولكن الامر ليس كما تفهم الناس اي ان الامر متوقف على عدد من الانصار وهم في طور التكامل للقائه ونصرته وبلوغ عقولهم التي تجعل من غيبة امامهم بمنزله المشاهدةبل يستشعرون وجوده الشريف (ع) رغم كثرة المدعين للاتصال به(ع) كذبا وزورا ولكن سفينته تجري رغم قلة الناصر وخذلان... (هذه قرائه بسيطة حول يوم خروجه ع).
بسم الله الرحمن الرحيم(يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ)
على الرغم من هذه المخالفة والمحاربة من بعض المدعين للولاء إلا أن الذين تمسكوا بأهل البيت حقا وآمنوا بإمامتهم قولاً وفعلاً هم من الأوائل الذين يستجيبون لنداء الإمام المهدي عليه السلام ويسلمون الأمر إليه ويستجيبون لندائه الذي نادى به وزيره القحطاني وبالأخص من الشعب العراقي.
والمعروف لدي الجميع أن ولادة الإمام في أرض العراق فهو عراقي المولد والمنشأ وإن كان حجازي الأصل.. بل قد يكون عراقي اللهجة أيضاً وهذا بحد ذاته بشارة عظيمة لأهل العراق الذين عانوا أشد أنواع الاضطهاد والظلم من طواغيت عصرهم، لم يشهد بمثله شعب آخر في القرن العشرين، ولذا فإن الله عز وجل يسعفهم بأعظم شخصية ربانية على وجه الأرض كما اسعفهم بوليه الوزير وهو عيسى هذا الزمان كما اثبتنا سلفا ليحقق العدالة والمساواة على أرجاء المعمورة. وليس ببعيد أن يكون الشعب العراقي الذي عاني من التشريد، والغربة، في أنحاء العالم يكونون دعاة للإمام المهدي وفي يوم ظهوره يكونون سفرائه في مختلف الأقطار والبلدان. وليس قولنا هذا حصرُ للقضية المهدوية في خانة العراق، بقدر ما هو بيان عن حمل قسم من الشعب العراقي راية الإمام الحجة عليه السلام ومعرفة قدرهم, وهي مع ذلك مسؤولية عظيمة ملقات على عاتق جميع الشعوب الإسلامية المؤمنة بالإمام المهدي وبالأخص الشعب الإيراني المسلم والشعوب العربية والآسيوية حيث جاء في حديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: - ليخرجن رجلٌ من ولدي، عند اقتراب الساعة، حتى تموت قلوب المؤمنين كما تموت الأبدان، لما يلحق انصاره المظلومين من الضر والشدِّة في الجُوع والقتل، وتواتُر الفتن والملاحم العظام، وإمَاتَةِ السُّنن، وإحياء البِدع، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيحيي الله (ب) المهدي السُّنن التي قد أميتت، ويسر بعدله وبركته قلوب المؤمنين، وتتألف إليه عصب من العجم وقبائل من العرب...-.
كما أن هذا ليس بمعني أن جميع أفراد الشعب العراقي ينطوون تحت راية الإمام المهدي عليه السلام بل في داخل العراق فئات وجماعات حقودة وظالمة تخرج على الإمام ووزيره وتحاربهم تلبس مسوح الإيمان والتدين وتحارب الدين والإسلام الأصيل وهم الفقهاء في آخر الزمان فقد جاء في الحديث الشريف عن أبي عبد الله عليه السلام: - يا ابن أبي يعفور هل قرأت القُرآن؟ قال: قلت: نعم، هذه القراءة. قال: عنها سألتك ليس عن غيرها. قال: فقلت: نعم جعلت فدك، ولم؟ قال: لأن موسى عليه السلام حدث قومه بحديث لم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بمصر، فقاتلوه، فقاتلهم، فقتلهم؛ ولأن عيسى عليه السلام حدّث قومه بحديث فلم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بتكريت فقاتلوه، فقاتلهم، فقتلهم؛ وهو قول الله عز وجل: (فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) (الصف، 14)، وإن أول قائم يقوم منا أهل البيت يحدثكم بحديثٍ لا تحتملونه فتخرجون عليه برميلة الدسكرة فتقاتلونه، فيقاتلكم وهي آخر خارجة تكون-.
وروي المفيد في الإرشاد عن أبي الجارود عن الإمام الباقر عليه السلام، في حديث طويل: -... إذا قام القائم عليه السلام سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر ألف نفس يدعون بالبترية (بالتبرئة) عليهم السلاح، فيقولون له: ارجع من حيث أتيت فلا حاجة لنا في بني فاطمة، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم ويدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب ويهدم قصورها ويقتل مقاتلها حتى يرضي الله عز وجل-.
وروي هذا الحديث في أصول الكافي بصيغة أخري، حيث جاء فيه: -... حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة فيخرج بها بضعة عشر ألفاً يدّعون التَّبرئة منه ويقولون: ارجع من حيث أتيت فلا حاجة لنا في بني فاطمة، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم فيقتل كل مرتاب ويقتل مقاتليه، ثم ينزل النجف-.
وهذا ليس مستغرباً، بل إن الروايات تشير إلى أن المخالفين للحجة عليه السلام يتأولون عليه القرآن ويحتجون به عليه.
وبالرغم من وجود الخوارج وفقهاء السوء المعاندين للإمام المهدي عليه السلام في أرض الرافدين إلا أن الكثرية الساحقة تنضوي تحت حكومته العادلة وتقاتل معه عسكر الكفر.
وقضية الإمام ليست قضية قومية أو قطرية أو طائفية، بل القضية أساساً إسلامية وعالمية فالذين يلتحقون بالإمام المهدي عليه السلام من أبدال الشام ونجباء مصر وأخيار العراق (إيران وحواليها وهم اليوم من الشيعة) ومن ثم يذعن للإمام أهل المغرب والنصارى، وأهل المشرق - الصين والروس ومن لف حولهما- حتى ينتشر الإسلام الأصيل على جميع أرجاء الكرة الأرضية فلا تري قرية من قري العالم إلا وهنك مأذنة تكبر لله وتشهد الشهادتين.
وهذا لا يتحقق إلا بعد تطهير الأرض من براثن الكفر والإلحاد وبعد معارك دامية مع رؤوس الضلالة والشرك تستمر كثر من ثمانية أشهر متواصلة، بيد أن هذه المدة ليست طويلة قياساً بتلك المعارك التي وقعت بين الدول والتي استغرقت أعواماً كثيرة تجاوز بعضها عشرين سنة ولم تحقق أي من أهداف المهاجمين هذا بالنسبة لاحتلال بلد معين فكيف بالسيطرة على أرجاء المعمورة كلها بهذه المدة القليلة - ثمان أشهر- تتم السيطرة على جميع الدول العربية ومن ثم بسنين معدودة يمتد سيطرة الإسلام وحكومته إلى أرجاء العالم كله.
أليست هذه بحد ذاتها معجزة إلهية وهداية ربانية، لم يكن بالإمكان تحقيقها إلا بمعونة غيبية وبإمداد سماوي من الملائكة المسومين؟
أجل لم يكن بالإمكان تحقيق مثل هذا الانتصار إلا بتدخل سماوي غيبي مباشر حيناً وغير مباشر حيناً آخر إلا أنه يبقي الافتخار لمن ينال قصب السبق في الإيمان بالإمام المهدي عليه السلام قبل الآخرين وحمل السيف والقيام بالجهاد والتضحية والفداء وهل يستوي الذين آمنوا قبل الفتح والذين آمنوا بعد الفتح؟ كلا فالقرآن الكريم يصرح بوضوح: (لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِك أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَي وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (الحديد:10).
تبقي هنا نقطة مهمة، لابد من الإشارة إليها، وهي إن ما ذكر من موارد وقوع الفتن التي جاءت في الروايات, ومن خروج الرايات من مناطق مختلفة ومن انطلاق الثورة المباركة من مكة أو من الكوفة تبقي كلها تحت المشيئة الإلهية. فما شاء الباري سبحانه منه كان وما لم يشأ منه لم يكن، يفعل الله ما يشاء بقدرته ويحكم ما يريد بعزته. هذه حقيقة لا يمكن إنكارها، فلله عز وجل المشيئة والبداء، ذلك ما تحدث عنه أهل البيت عليه السلام:
1- عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: - إن لله عز وجل علمين؛ علماً مخزوناً مكنوناً لا يعلمه إلا هو من ذلك يكون البداء، وعلماً علمه ملائكته ورسله، فالعلماء من أهل بيت نبينا يعلمونه...-
2- عن أبي جعفر عليه السلام يقول: - من الأمور أمور محتومة جائية لا محالة، ومن الأمور أمور موقوفة عند الله يقدم منها ما يشاء، ويمحو ما يشاء، ويثبت ما يشاء، لم يطلع على ذلك أحد - يعني الموقوفة - فأما ما جاءت به الرسل فهي كائنة لا يكذب نفسه، ولا نبيه، ولا ملائكته-.
3- وكما يقول أمير المؤمنين عليه السلام في إحدى خطبه التي أوردها الكليني في الكافي: -... وليس لأحد على الله عز ذكره الخيرة بل لله الخيرة والأمر جميعاً...-.
4- وكما ورد عنه أيضاً عليه السلام في حديثه مع الأصبغ بن نباته عن الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف: -... ثم يفعل الله ما يشاء فإن له بداءات وإرادات وغايات ونهايات-.
5- ويقول الإمام الصادق عليه السلام: -... فإذا حدثنكم الحديث فجاء على ما حدثنكم (به) فقولوا صدق الله وإذا حدثنكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثنكم به فقولوا صدق الله تؤجروا مرتين-.
ومعني هذا أنهم عليهما السلام لا يخبرون ويحدثون كذباً، حاشاهم بل يخبرون عن الله صدقاً، فإذا كان هناك تغيير فيما يقع أو تقديم أو تأخير، أو رفع وعدم وقوع لما أخبروا به، فإن ذلك يعود إلى المشيئة الربانية حيث (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكتَابِ) (الرعد:39)، وكما جاء في الأحاديث الشريفة فإنه لم يعبد الله ولم يعظم بشيء مثل البداء.
من هنا, فلا يحق لأحد أن يحتّم في على القضايا المتعلقة بالإمام بشكل نهائي، ويقول: إن القضية الفلانية تقع هكذا وفي المنطقة الكذائية. وإن كانت فيها أحاديث وروايات وحتى الحتميات فهي معلقة بالإرادة والمشيئة الإلهية، ما عدي أصل القضية وهي خروج الإمام عليه السلام فإن خروجه وعد الهي لرسوله الكرم بتحقيق ذلك من دون أدني شك والله لا يخلف الميعاد. هكذا جاءتنا الأحاديث المؤكدة لهذه الحقيقة الحتمية والوعد الإلهي المبرم.
فقد ورد في أحاديث شريفة عن الأئمة الأطهار أنه قد يلحق البداء من الله سبحانه بالأخبار الغيبية حتى ببعض الحوادث والقضايا الحتمية المتعلقة بقضية الإمام المهدي عليه السلام، تماماً كما جاء في هذه الرواية التي أوردها النعماني عن داود بن القاسم الجعفري قال: كنّا عند أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام فجري ذكر السفياني وما جاء في الرواية من أن أمره من المحتوم، فقلت لأبي جعفر عليه السلام هل يبدو لله في المحتوم؟ قال: نعم. قلنا له: فنخاف أن يبدو لله في القائم؟! فقال: إن القائم من الميعاد والله لا يخلف الميعاد-.
وقد قال الإمام الصادق عليه السلام عندما سُئل عن قوله تعالى (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكتَابِ)، قال: - وهل يمحو إلاّ ما كان ثابتاً وهل يثبت إلاّ ما لم يكن-.
ولكن السؤال لماذا إذن ذكرت الأخبار هذه الوقائع التي ربما تحدث قبل وأثناء ظهور الإمام وثورته المباركة؟
في الحقيقة إن هذه الأمور والأحداث قد تقع بشكل كلي إجمالي لا بشكل تفصيلي دقيق وحتمي بل يمكن أن تتدخل المشيئة الإلهية لتغيير بعض الأحداث والوقائع وتقديم وتأخير الوقائع ومجريات الأمور أو إثبات أو محو ما يشاء منها سبحانه لأنه عز وجل يحكم ما يشاء بقدرته ويفعل ما يريد بعزته، فالمشيئة الإلهية هي الحكمة على الأمور وليس العكس.
بعد اعلان دعوة الامام المهدي (ع) التي اعلنها وزيره الصادق المصدق السيد القحطاني وقليل ممن راى الحق ونصره وكثير ممن حاربه وخذله رغم كثرة المنادين باسمه وكثرة محبيه ومنتظريه ولكن الامر ليس كما تفهم الناس اي ان الامر متوقف على عدد من الانصار وهم في طور التكامل للقائه ونصرته وبلوغ عقولهم التي تجعل من غيبة امامهم بمنزله المشاهدةبل يستشعرون وجوده الشريف (ع) رغم كثرة المدعين للاتصال به(ع) كذبا وزورا ولكن سفينته تجري رغم قلة الناصر وخذلان... (هذه قرائه بسيطة حول يوم خروجه ع).
بسم الله الرحمن الرحيم(يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ)
على الرغم من هذه المخالفة والمحاربة من بعض المدعين للولاء إلا أن الذين تمسكوا بأهل البيت حقا وآمنوا بإمامتهم قولاً وفعلاً هم من الأوائل الذين يستجيبون لنداء الإمام المهدي عليه السلام ويسلمون الأمر إليه ويستجيبون لندائه الذي نادى به وزيره القحطاني وبالأخص من الشعب العراقي.
والمعروف لدي الجميع أن ولادة الإمام في أرض العراق فهو عراقي المولد والمنشأ وإن كان حجازي الأصل.. بل قد يكون عراقي اللهجة أيضاً وهذا بحد ذاته بشارة عظيمة لأهل العراق الذين عانوا أشد أنواع الاضطهاد والظلم من طواغيت عصرهم، لم يشهد بمثله شعب آخر في القرن العشرين، ولذا فإن الله عز وجل يسعفهم بأعظم شخصية ربانية على وجه الأرض كما اسعفهم بوليه الوزير وهو عيسى هذا الزمان كما اثبتنا سلفا ليحقق العدالة والمساواة على أرجاء المعمورة. وليس ببعيد أن يكون الشعب العراقي الذي عاني من التشريد، والغربة، في أنحاء العالم يكونون دعاة للإمام المهدي وفي يوم ظهوره يكونون سفرائه في مختلف الأقطار والبلدان. وليس قولنا هذا حصرُ للقضية المهدوية في خانة العراق، بقدر ما هو بيان عن حمل قسم من الشعب العراقي راية الإمام الحجة عليه السلام ومعرفة قدرهم, وهي مع ذلك مسؤولية عظيمة ملقات على عاتق جميع الشعوب الإسلامية المؤمنة بالإمام المهدي وبالأخص الشعب الإيراني المسلم والشعوب العربية والآسيوية حيث جاء في حديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: - ليخرجن رجلٌ من ولدي، عند اقتراب الساعة، حتى تموت قلوب المؤمنين كما تموت الأبدان، لما يلحق انصاره المظلومين من الضر والشدِّة في الجُوع والقتل، وتواتُر الفتن والملاحم العظام، وإمَاتَةِ السُّنن، وإحياء البِدع، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيحيي الله (ب) المهدي السُّنن التي قد أميتت، ويسر بعدله وبركته قلوب المؤمنين، وتتألف إليه عصب من العجم وقبائل من العرب...-.
كما أن هذا ليس بمعني أن جميع أفراد الشعب العراقي ينطوون تحت راية الإمام المهدي عليه السلام بل في داخل العراق فئات وجماعات حقودة وظالمة تخرج على الإمام ووزيره وتحاربهم تلبس مسوح الإيمان والتدين وتحارب الدين والإسلام الأصيل وهم الفقهاء في آخر الزمان فقد جاء في الحديث الشريف عن أبي عبد الله عليه السلام: - يا ابن أبي يعفور هل قرأت القُرآن؟ قال: قلت: نعم، هذه القراءة. قال: عنها سألتك ليس عن غيرها. قال: فقلت: نعم جعلت فدك، ولم؟ قال: لأن موسى عليه السلام حدث قومه بحديث لم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بمصر، فقاتلوه، فقاتلهم، فقتلهم؛ ولأن عيسى عليه السلام حدّث قومه بحديث فلم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بتكريت فقاتلوه، فقاتلهم، فقتلهم؛ وهو قول الله عز وجل: (فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) (الصف، 14)، وإن أول قائم يقوم منا أهل البيت يحدثكم بحديثٍ لا تحتملونه فتخرجون عليه برميلة الدسكرة فتقاتلونه، فيقاتلكم وهي آخر خارجة تكون-.
وروي المفيد في الإرشاد عن أبي الجارود عن الإمام الباقر عليه السلام، في حديث طويل: -... إذا قام القائم عليه السلام سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر ألف نفس يدعون بالبترية (بالتبرئة) عليهم السلاح، فيقولون له: ارجع من حيث أتيت فلا حاجة لنا في بني فاطمة، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم ويدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب ويهدم قصورها ويقتل مقاتلها حتى يرضي الله عز وجل-.
وروي هذا الحديث في أصول الكافي بصيغة أخري، حيث جاء فيه: -... حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة فيخرج بها بضعة عشر ألفاً يدّعون التَّبرئة منه ويقولون: ارجع من حيث أتيت فلا حاجة لنا في بني فاطمة، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم فيقتل كل مرتاب ويقتل مقاتليه، ثم ينزل النجف-.
وهذا ليس مستغرباً، بل إن الروايات تشير إلى أن المخالفين للحجة عليه السلام يتأولون عليه القرآن ويحتجون به عليه.
وبالرغم من وجود الخوارج وفقهاء السوء المعاندين للإمام المهدي عليه السلام في أرض الرافدين إلا أن الكثرية الساحقة تنضوي تحت حكومته العادلة وتقاتل معه عسكر الكفر.
وقضية الإمام ليست قضية قومية أو قطرية أو طائفية، بل القضية أساساً إسلامية وعالمية فالذين يلتحقون بالإمام المهدي عليه السلام من أبدال الشام ونجباء مصر وأخيار العراق (إيران وحواليها وهم اليوم من الشيعة) ومن ثم يذعن للإمام أهل المغرب والنصارى، وأهل المشرق - الصين والروس ومن لف حولهما- حتى ينتشر الإسلام الأصيل على جميع أرجاء الكرة الأرضية فلا تري قرية من قري العالم إلا وهنك مأذنة تكبر لله وتشهد الشهادتين.
وهذا لا يتحقق إلا بعد تطهير الأرض من براثن الكفر والإلحاد وبعد معارك دامية مع رؤوس الضلالة والشرك تستمر كثر من ثمانية أشهر متواصلة، بيد أن هذه المدة ليست طويلة قياساً بتلك المعارك التي وقعت بين الدول والتي استغرقت أعواماً كثيرة تجاوز بعضها عشرين سنة ولم تحقق أي من أهداف المهاجمين هذا بالنسبة لاحتلال بلد معين فكيف بالسيطرة على أرجاء المعمورة كلها بهذه المدة القليلة - ثمان أشهر- تتم السيطرة على جميع الدول العربية ومن ثم بسنين معدودة يمتد سيطرة الإسلام وحكومته إلى أرجاء العالم كله.
أليست هذه بحد ذاتها معجزة إلهية وهداية ربانية، لم يكن بالإمكان تحقيقها إلا بمعونة غيبية وبإمداد سماوي من الملائكة المسومين؟
أجل لم يكن بالإمكان تحقيق مثل هذا الانتصار إلا بتدخل سماوي غيبي مباشر حيناً وغير مباشر حيناً آخر إلا أنه يبقي الافتخار لمن ينال قصب السبق في الإيمان بالإمام المهدي عليه السلام قبل الآخرين وحمل السيف والقيام بالجهاد والتضحية والفداء وهل يستوي الذين آمنوا قبل الفتح والذين آمنوا بعد الفتح؟ كلا فالقرآن الكريم يصرح بوضوح: (لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِك أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَي وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (الحديد:10).
تبقي هنا نقطة مهمة، لابد من الإشارة إليها، وهي إن ما ذكر من موارد وقوع الفتن التي جاءت في الروايات, ومن خروج الرايات من مناطق مختلفة ومن انطلاق الثورة المباركة من مكة أو من الكوفة تبقي كلها تحت المشيئة الإلهية. فما شاء الباري سبحانه منه كان وما لم يشأ منه لم يكن، يفعل الله ما يشاء بقدرته ويحكم ما يريد بعزته. هذه حقيقة لا يمكن إنكارها، فلله عز وجل المشيئة والبداء، ذلك ما تحدث عنه أهل البيت عليه السلام:
1- عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: - إن لله عز وجل علمين؛ علماً مخزوناً مكنوناً لا يعلمه إلا هو من ذلك يكون البداء، وعلماً علمه ملائكته ورسله، فالعلماء من أهل بيت نبينا يعلمونه...-
2- عن أبي جعفر عليه السلام يقول: - من الأمور أمور محتومة جائية لا محالة، ومن الأمور أمور موقوفة عند الله يقدم منها ما يشاء، ويمحو ما يشاء، ويثبت ما يشاء، لم يطلع على ذلك أحد - يعني الموقوفة - فأما ما جاءت به الرسل فهي كائنة لا يكذب نفسه، ولا نبيه، ولا ملائكته-.
3- وكما يقول أمير المؤمنين عليه السلام في إحدى خطبه التي أوردها الكليني في الكافي: -... وليس لأحد على الله عز ذكره الخيرة بل لله الخيرة والأمر جميعاً...-.
4- وكما ورد عنه أيضاً عليه السلام في حديثه مع الأصبغ بن نباته عن الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف: -... ثم يفعل الله ما يشاء فإن له بداءات وإرادات وغايات ونهايات-.
5- ويقول الإمام الصادق عليه السلام: -... فإذا حدثنكم الحديث فجاء على ما حدثنكم (به) فقولوا صدق الله وإذا حدثنكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثنكم به فقولوا صدق الله تؤجروا مرتين-.
ومعني هذا أنهم عليهما السلام لا يخبرون ويحدثون كذباً، حاشاهم بل يخبرون عن الله صدقاً، فإذا كان هناك تغيير فيما يقع أو تقديم أو تأخير، أو رفع وعدم وقوع لما أخبروا به، فإن ذلك يعود إلى المشيئة الربانية حيث (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكتَابِ) (الرعد:39)، وكما جاء في الأحاديث الشريفة فإنه لم يعبد الله ولم يعظم بشيء مثل البداء.
من هنا, فلا يحق لأحد أن يحتّم في على القضايا المتعلقة بالإمام بشكل نهائي، ويقول: إن القضية الفلانية تقع هكذا وفي المنطقة الكذائية. وإن كانت فيها أحاديث وروايات وحتى الحتميات فهي معلقة بالإرادة والمشيئة الإلهية، ما عدي أصل القضية وهي خروج الإمام عليه السلام فإن خروجه وعد الهي لرسوله الكرم بتحقيق ذلك من دون أدني شك والله لا يخلف الميعاد. هكذا جاءتنا الأحاديث المؤكدة لهذه الحقيقة الحتمية والوعد الإلهي المبرم.
فقد ورد في أحاديث شريفة عن الأئمة الأطهار أنه قد يلحق البداء من الله سبحانه بالأخبار الغيبية حتى ببعض الحوادث والقضايا الحتمية المتعلقة بقضية الإمام المهدي عليه السلام، تماماً كما جاء في هذه الرواية التي أوردها النعماني عن داود بن القاسم الجعفري قال: كنّا عند أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام فجري ذكر السفياني وما جاء في الرواية من أن أمره من المحتوم، فقلت لأبي جعفر عليه السلام هل يبدو لله في المحتوم؟ قال: نعم. قلنا له: فنخاف أن يبدو لله في القائم؟! فقال: إن القائم من الميعاد والله لا يخلف الميعاد-.
وقد قال الإمام الصادق عليه السلام عندما سُئل عن قوله تعالى (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكتَابِ)، قال: - وهل يمحو إلاّ ما كان ثابتاً وهل يثبت إلاّ ما لم يكن-.
ولكن السؤال لماذا إذن ذكرت الأخبار هذه الوقائع التي ربما تحدث قبل وأثناء ظهور الإمام وثورته المباركة؟
في الحقيقة إن هذه الأمور والأحداث قد تقع بشكل كلي إجمالي لا بشكل تفصيلي دقيق وحتمي بل يمكن أن تتدخل المشيئة الإلهية لتغيير بعض الأحداث والوقائع وتقديم وتأخير الوقائع ومجريات الأمور أو إثبات أو محو ما يشاء منها سبحانه لأنه عز وجل يحكم ما يشاء بقدرته ويفعل ما يريد بعزته، فالمشيئة الإلهية هي الحكمة على الأمور وليس العكس.