ثقافة العنف
لا نريد هنا ان نبحث في معاني العنف ولا تاريخه بقدر ما نبحث عن حقيقة التثقيف لاستساغة ارتكابه وكانه الحل الاول وليس الاخير طبقا لمقولة ( آخر الدواء الكي ) ولماذا هذا التثقيف اصلا اذا كان العالم يبحث عن الحلول الدبلوماسية من خلال المنظمات العديدة التي ترفع السلام عنوانا لها قبل الادعاء بانه الهدف وعلى راسها منظمة الامم المتحدة التي تاسست بعد الحرب العالمية الثانية لمنع وقوع الحرب العالمية الثالثة ( في الوقت الذي دفعت دفعا لاقرار الكثير من الحروب تحت عنوان قوات السلام ).
يشير يوسف أبو الفوز( ناقد ) في مجال بيان التثقيف للعنف في فلم " السقوط " واصفا حال الشخص الذي يستخدم السلاح" الطريف انه حين اراد استخدام البازوكا، لم يعرف طريقة ترطيب القذيفة والاطلاق فاقترب منه احد الاطفال وشرح له وعلمه كل شيء ، وحين سأله : اين تعلمت هذا ؟ قال له : من الافلام في التلفزيون ؟ مشهد قصير وبحوار مكثف مع طفل بريء يدين فيه صانعو الفيلم الدور التربوي السيئ للتلفزيون والسينما التي تحرض على العنف واستخدام السلاح في المجتمع ".
ان التاكيد على سهولة القتل وبساطة مسوغاته عندما يكون الهدف ساميا ( وهو ما يراه كل ذي دافع في دوافعه مهما كانت سخيفة ) من خلال مايراه في تلك الافلام حول تعظيم الدوافع رغم تفاهتها كافلام التحديات ( بالترويج للقتال الاعزل الذي يبيح القتل على انه مسابقة او تنافس ) – حتى ذكر احدهم بعد متابعته لاحد تلك الافلام انه خرج من دار العرض معتقدا بقدرته على استخدام تلك الحركات وهو للتاكيد ينظر في وجوه المارة عسى يجد من يطبق فيه قدراته الحديثة، وهو يشير في هذا الموقف الى مدى اندفاعه لاستخدام العنف دون التفكير بمسوغ حقيقي لذلك – ولعل هذه من ابسط النتائج التي كان منتجو هذه الافلام يدفعون الشباب الغر نحوها دفعا، ناهيك عن جدية الطرح الذي يبتدعه هؤلاء ( المنتجين ) في تسويغ المبادئ الخاطئة كسرقة المصارف والمتاحف مع التعاطف الشديد مع السارق بحجة ان صاحب المال قد اخذ حبيبته اثناء اقامته في الحبس او شيئ من هذا القبيل والبعض الاخر تطوعوا لبيان طرق صناعة القنابل والعبوات ومختلف الاسلحة مع بيانات مفصلة للمواد الموجودة فعلا في الاسواق العالمية للحصول على التاثير الاشد فتكا بالضحايا مع تهوين سقوط الابرياء مقابل سمو الاهداف التي هي في الحقيقة غاية في التفاهة والنتيجة ؟
نرى التخريب في جميع بقاع الارض مبنيا على اراء غاية في السخف لدرجة ( ضرورة محاسبة من يخلط - الخيار مع الطماطة - بحجة ان الاول مذكر والاخر مؤنث علما ان مفرد خيار هو خيارة وهي مؤنث ايضا ) ومثل ذلك الكثير..
متى بدأ العنف ؟؟
من الثابت ان العنف يمثل حالة لا انسانية ولا حضارية مهما بحثنا لها من المسوغات والمبررات فهي من السمات الحيوانية التي تبرر للحيوانات مبدأ الصراع من اجل البقاء والحصول على كل الاحتياجات الحياتية بمبدأ قانون الغاب او ما يعرف بـ ( البقاء للأقوى ) مع إن هذه الصفة وحتى في المخلوقات البهيمية ارتبطت ( كما تشير روايات أهل البيت عليهم السلام ) ببداية العنف بين بني البشر ( قابيل وهابيل ) فهي في نظرهم ( سلام الله عليهم وسلم تسليما ) ترتبط ارتباطا وثيقا بأخلاق البشر قبل كل شيء أو بمعنى أدق بمدى الارتقاء في سلم النقاء القلبي، فغضب المرء وميله للعنف على الأغلب يعود لوجود جرثومة الحسد في بناء شخصيته ومن بعد ذلك ما يمكن أن يبنى من النتائج التي تولدها هذه الصفة من ضيق الصدر الى الاحساس بالحرمان مقارنة بالغير الى ان تنتهي بالاعتقاد بظلم الله ( تعالى عما يصفون ) بتفضيل مخلوق على آخر.
روى العياشي في تفسيره عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) ورد فيها: "ان الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم (ع) ان يدفع الوصية واسم الله الأعظم إلى هابيل، وكان قابيل أكبر منه فبلغ ذلك قابيل فغضب فقال: أنا أولى بالكرامة والوصية، فأمرهما أن يقرِّبا قرباناً بوحيٍّ من الله ففعلا، فقَبِلَ الله قربان هابيل فحسده قابيل فقتله..."، تفسير العياشي- محمد بن مسعود العياشي- ج1 ص301. ورواه مسنداً في بصائر الدرجات
روى الكليني بسنده عن أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) قال: "... ثم إنَّ هبة الله لما دفن أباه -آدم (ع)- أتاه قابيل فقال: يا هبة الله إني قد رأيت أبي قد خصَّك من العلم بما لم أُخص به أنا وهو العلم الذي دعى به أخوك فتُقبل قربانه... فإنك إن أظهرت العلم الذي اختصك به أبوك قتلتُك كما قتلتُ أخاك هابيل " الكافي- الشيخ الكليني- ج8 ص114، كمال الدين وتمام النعمة- الشيخ الصدوق- 214، تفسير أبي حمزة الثمالي- أبو حمزة الثمالي– ص125.
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، ووكيع، قالا: حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله : « لا تقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه كان أول من سن القتل ». ورواه الجماعة سوى أبي داود، من حديث الأعمش به.
وتتفق الفلسفة الشعبية في مجتمعاتنا منذ القدم مع هذا المفهوم فهي ترى ان هذه الحالة تعتمد بالدرجة الأساس على لون قلب الانسان، واقصد بذلك صفة الاتساع للرحمة والأناة والحلم او الضيق بالنقمة وسرعة الغضب وهو ما يكنى عنه في موروثنا الشعبي بـ( القلب الأبيض والأسود ) فالأول يتفضل بطول البال وسعة الصدر وعدم الانجرار وراء الغضب اللحظي ثم أنه ينسى تلك الضغائن بمرور الأيام بينما يتشبث الآخر بدواعي النفور والغضب ويستسلم بسهولة لتداعياتها وهو من بعد ذلك لا ينسى ضغينته الا ما ندر ولاجل ذلك اكثر الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم تسليما من الاشارة الى عدم تمكين الغضب من النفس وبالتالي تجنب دوافع العنف فما بالك بالعنف نفسه؟؟.
«جاءَ رجُلٌ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم تسليما مِن بَينِ يَديهِ فقالَ: يا رسولَ اللهِ، ما الدِّينُ؟ فقالَ: حُسنُ الخُلقِ. ثُمَّ أتاهُ عن يَمينِهِ فقالَ: ما الدِّينُ؟ فقالَ: حُسنُ الخُلقِ. ثُمَّ أتاهُ مِن قِبَلِ شِمالِهِ فقالَ: ما الدِّينُ؟ فقالَ: حُسنُ الخُلقِ. ثُمَّ أتاهُ مِن وَرائهِ فقالَ: ما الدِّينُ؟ فالْتَفَتَ إلَيهِ وقالَ: أمَا تَفْقَهُ؟! الدِّينُ هُو أنْ لا تَغْضَبَ». (تنبيه الخواطر: ص89. ميزان الحكمة: ج3، ص1076، ح5030).
والمراد بحسن الخلق هنا عدم الغضب كما يظهر من خاتمة الحديث
هناك تلازم بين الخلق الحسن والعقل، وبين الخلق السيئ والجهل فلذا نجد أمير المؤمنين عليه السلام يؤكد على ذلك بقوله: «الخُلقُ المَحمودُ مِن ثِمارِ العقلِ، الخُلقُ المَذمومُ مِن ثِمارِ الجَهلِ». (غرر الحكم: 1280 ــ1281. ميزان الحكمة: ج3، ص1072، ح4993).
إذا كانت صورة المؤمن جميلة فليحافظ على جمالها بحسن الخلق، يقولون جميلا في الظاهر والباطن كما ورد ذلك في سفينة البحار عن جرير بن عبد الله قال: قالَ لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما:«ّ إنكَ امْرءٌ قَد أحْسَنَ اللهُ خَلْقَكَ فأحْسِنْ خُلقَكَ». (سفينة البحار: ج1، ص410. ميزان الحكمة: ج3، ص1073، ح4998).
إذا ادعى شخص الإيمان فانظر إلى ما يستند عليه هذا لإيمان فإن كان له خلق حسن فنعم السند وإلا فلا، وهذا أشار إليه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم تسليما: «لَمّا خَلقَ اللهُ تعالى الإيمانَ قالَ: اللّهُمَّ قَوِّني، فَقَوّاهُ بحُسنِ الخُلقِ والسَّخاءِ ولَمّا خَلقَ اللهُ الكُفرَ قالَ: أللّهُمَّ قَوِّني، فَقَوّاهُ بالبُخلِ وسُوءِ الخُلقِ». (المحجّة البيضاء: ج5، ص90. ميزان الحكمة: ج3، ص1072، ح4986).
إذا رغبت في ثواب القائمين والصائمين عليك بالخلق الحسن لتنال درجتهم وهذا ما أشار إليه نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم تسليما: «مَن حَسَّنَ خُلقَهُ بَلّغَهُ اللهُ درَجَةَ الصّائمِ القائمِ». (عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج2، ص71، ح328. ميزان الحكمة: ج3، ص1074، ح5009).
إذا ضعفت نفسك عن العبادة ولم تتوفر لك مستلزماتها كصحة البدن وعدم الغفلة والنشاط البدني والإقبال القلبي، ليس لك دواء لدائك إلاّ حسن الخلق فلذا اسمع قول سيد المرسلين في ذلك إذ يقول: «إنّ العَبدَ لَيَبلُغُ بحُسنِ خُلقِهِ عَظيمَ دَرَجاتِ الآخِرَةِ وشَرَفَ المَنازِل، وإنَّهُ لَضَعيفُ العِبادَةِ». (المحجّة البيضاء: ج5، ص93. ميزان الحكمة: ج3، ص1074، ح5010).
إذا أردت لميزانك أن يكون ثقيلا يوم توضع الموازين عليك بالتحلي بالخلق الحسن، وهذا ما صرح به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما بقوله: «ما مِن شَيءٍ أثقَلُ ما يُوضَعُ في المِيزانِ مِن خُلقٍ حَسنٍ». (ميزان الحكمة: ج3، ص1074، ح5016. بحار الأنوار: ج71، ص383، ح17).
لا نريد هنا ان نبحث في معاني العنف ولا تاريخه بقدر ما نبحث عن حقيقة التثقيف لاستساغة ارتكابه وكانه الحل الاول وليس الاخير طبقا لمقولة ( آخر الدواء الكي ) ولماذا هذا التثقيف اصلا اذا كان العالم يبحث عن الحلول الدبلوماسية من خلال المنظمات العديدة التي ترفع السلام عنوانا لها قبل الادعاء بانه الهدف وعلى راسها منظمة الامم المتحدة التي تاسست بعد الحرب العالمية الثانية لمنع وقوع الحرب العالمية الثالثة ( في الوقت الذي دفعت دفعا لاقرار الكثير من الحروب تحت عنوان قوات السلام ).
يشير يوسف أبو الفوز( ناقد ) في مجال بيان التثقيف للعنف في فلم " السقوط " واصفا حال الشخص الذي يستخدم السلاح" الطريف انه حين اراد استخدام البازوكا، لم يعرف طريقة ترطيب القذيفة والاطلاق فاقترب منه احد الاطفال وشرح له وعلمه كل شيء ، وحين سأله : اين تعلمت هذا ؟ قال له : من الافلام في التلفزيون ؟ مشهد قصير وبحوار مكثف مع طفل بريء يدين فيه صانعو الفيلم الدور التربوي السيئ للتلفزيون والسينما التي تحرض على العنف واستخدام السلاح في المجتمع ".
ان التاكيد على سهولة القتل وبساطة مسوغاته عندما يكون الهدف ساميا ( وهو ما يراه كل ذي دافع في دوافعه مهما كانت سخيفة ) من خلال مايراه في تلك الافلام حول تعظيم الدوافع رغم تفاهتها كافلام التحديات ( بالترويج للقتال الاعزل الذي يبيح القتل على انه مسابقة او تنافس ) – حتى ذكر احدهم بعد متابعته لاحد تلك الافلام انه خرج من دار العرض معتقدا بقدرته على استخدام تلك الحركات وهو للتاكيد ينظر في وجوه المارة عسى يجد من يطبق فيه قدراته الحديثة، وهو يشير في هذا الموقف الى مدى اندفاعه لاستخدام العنف دون التفكير بمسوغ حقيقي لذلك – ولعل هذه من ابسط النتائج التي كان منتجو هذه الافلام يدفعون الشباب الغر نحوها دفعا، ناهيك عن جدية الطرح الذي يبتدعه هؤلاء ( المنتجين ) في تسويغ المبادئ الخاطئة كسرقة المصارف والمتاحف مع التعاطف الشديد مع السارق بحجة ان صاحب المال قد اخذ حبيبته اثناء اقامته في الحبس او شيئ من هذا القبيل والبعض الاخر تطوعوا لبيان طرق صناعة القنابل والعبوات ومختلف الاسلحة مع بيانات مفصلة للمواد الموجودة فعلا في الاسواق العالمية للحصول على التاثير الاشد فتكا بالضحايا مع تهوين سقوط الابرياء مقابل سمو الاهداف التي هي في الحقيقة غاية في التفاهة والنتيجة ؟
نرى التخريب في جميع بقاع الارض مبنيا على اراء غاية في السخف لدرجة ( ضرورة محاسبة من يخلط - الخيار مع الطماطة - بحجة ان الاول مذكر والاخر مؤنث علما ان مفرد خيار هو خيارة وهي مؤنث ايضا ) ومثل ذلك الكثير..
متى بدأ العنف ؟؟
من الثابت ان العنف يمثل حالة لا انسانية ولا حضارية مهما بحثنا لها من المسوغات والمبررات فهي من السمات الحيوانية التي تبرر للحيوانات مبدأ الصراع من اجل البقاء والحصول على كل الاحتياجات الحياتية بمبدأ قانون الغاب او ما يعرف بـ ( البقاء للأقوى ) مع إن هذه الصفة وحتى في المخلوقات البهيمية ارتبطت ( كما تشير روايات أهل البيت عليهم السلام ) ببداية العنف بين بني البشر ( قابيل وهابيل ) فهي في نظرهم ( سلام الله عليهم وسلم تسليما ) ترتبط ارتباطا وثيقا بأخلاق البشر قبل كل شيء أو بمعنى أدق بمدى الارتقاء في سلم النقاء القلبي، فغضب المرء وميله للعنف على الأغلب يعود لوجود جرثومة الحسد في بناء شخصيته ومن بعد ذلك ما يمكن أن يبنى من النتائج التي تولدها هذه الصفة من ضيق الصدر الى الاحساس بالحرمان مقارنة بالغير الى ان تنتهي بالاعتقاد بظلم الله ( تعالى عما يصفون ) بتفضيل مخلوق على آخر.
روى العياشي في تفسيره عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) ورد فيها: "ان الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم (ع) ان يدفع الوصية واسم الله الأعظم إلى هابيل، وكان قابيل أكبر منه فبلغ ذلك قابيل فغضب فقال: أنا أولى بالكرامة والوصية، فأمرهما أن يقرِّبا قرباناً بوحيٍّ من الله ففعلا، فقَبِلَ الله قربان هابيل فحسده قابيل فقتله..."، تفسير العياشي- محمد بن مسعود العياشي- ج1 ص301. ورواه مسنداً في بصائر الدرجات
روى الكليني بسنده عن أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) قال: "... ثم إنَّ هبة الله لما دفن أباه -آدم (ع)- أتاه قابيل فقال: يا هبة الله إني قد رأيت أبي قد خصَّك من العلم بما لم أُخص به أنا وهو العلم الذي دعى به أخوك فتُقبل قربانه... فإنك إن أظهرت العلم الذي اختصك به أبوك قتلتُك كما قتلتُ أخاك هابيل " الكافي- الشيخ الكليني- ج8 ص114، كمال الدين وتمام النعمة- الشيخ الصدوق- 214، تفسير أبي حمزة الثمالي- أبو حمزة الثمالي– ص125.
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، ووكيع، قالا: حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله : « لا تقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه كان أول من سن القتل ». ورواه الجماعة سوى أبي داود، من حديث الأعمش به.
وتتفق الفلسفة الشعبية في مجتمعاتنا منذ القدم مع هذا المفهوم فهي ترى ان هذه الحالة تعتمد بالدرجة الأساس على لون قلب الانسان، واقصد بذلك صفة الاتساع للرحمة والأناة والحلم او الضيق بالنقمة وسرعة الغضب وهو ما يكنى عنه في موروثنا الشعبي بـ( القلب الأبيض والأسود ) فالأول يتفضل بطول البال وسعة الصدر وعدم الانجرار وراء الغضب اللحظي ثم أنه ينسى تلك الضغائن بمرور الأيام بينما يتشبث الآخر بدواعي النفور والغضب ويستسلم بسهولة لتداعياتها وهو من بعد ذلك لا ينسى ضغينته الا ما ندر ولاجل ذلك اكثر الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم تسليما من الاشارة الى عدم تمكين الغضب من النفس وبالتالي تجنب دوافع العنف فما بالك بالعنف نفسه؟؟.
«جاءَ رجُلٌ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم تسليما مِن بَينِ يَديهِ فقالَ: يا رسولَ اللهِ، ما الدِّينُ؟ فقالَ: حُسنُ الخُلقِ. ثُمَّ أتاهُ عن يَمينِهِ فقالَ: ما الدِّينُ؟ فقالَ: حُسنُ الخُلقِ. ثُمَّ أتاهُ مِن قِبَلِ شِمالِهِ فقالَ: ما الدِّينُ؟ فقالَ: حُسنُ الخُلقِ. ثُمَّ أتاهُ مِن وَرائهِ فقالَ: ما الدِّينُ؟ فالْتَفَتَ إلَيهِ وقالَ: أمَا تَفْقَهُ؟! الدِّينُ هُو أنْ لا تَغْضَبَ». (تنبيه الخواطر: ص89. ميزان الحكمة: ج3، ص1076، ح5030).
والمراد بحسن الخلق هنا عدم الغضب كما يظهر من خاتمة الحديث
هناك تلازم بين الخلق الحسن والعقل، وبين الخلق السيئ والجهل فلذا نجد أمير المؤمنين عليه السلام يؤكد على ذلك بقوله: «الخُلقُ المَحمودُ مِن ثِمارِ العقلِ، الخُلقُ المَذمومُ مِن ثِمارِ الجَهلِ». (غرر الحكم: 1280 ــ1281. ميزان الحكمة: ج3، ص1072، ح4993).
إذا كانت صورة المؤمن جميلة فليحافظ على جمالها بحسن الخلق، يقولون جميلا في الظاهر والباطن كما ورد ذلك في سفينة البحار عن جرير بن عبد الله قال: قالَ لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما:«ّ إنكَ امْرءٌ قَد أحْسَنَ اللهُ خَلْقَكَ فأحْسِنْ خُلقَكَ». (سفينة البحار: ج1، ص410. ميزان الحكمة: ج3، ص1073، ح4998).
إذا ادعى شخص الإيمان فانظر إلى ما يستند عليه هذا لإيمان فإن كان له خلق حسن فنعم السند وإلا فلا، وهذا أشار إليه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم تسليما: «لَمّا خَلقَ اللهُ تعالى الإيمانَ قالَ: اللّهُمَّ قَوِّني، فَقَوّاهُ بحُسنِ الخُلقِ والسَّخاءِ ولَمّا خَلقَ اللهُ الكُفرَ قالَ: أللّهُمَّ قَوِّني، فَقَوّاهُ بالبُخلِ وسُوءِ الخُلقِ». (المحجّة البيضاء: ج5، ص90. ميزان الحكمة: ج3، ص1072، ح4986).
إذا رغبت في ثواب القائمين والصائمين عليك بالخلق الحسن لتنال درجتهم وهذا ما أشار إليه نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم تسليما: «مَن حَسَّنَ خُلقَهُ بَلّغَهُ اللهُ درَجَةَ الصّائمِ القائمِ». (عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج2، ص71، ح328. ميزان الحكمة: ج3، ص1074، ح5009).
إذا ضعفت نفسك عن العبادة ولم تتوفر لك مستلزماتها كصحة البدن وعدم الغفلة والنشاط البدني والإقبال القلبي، ليس لك دواء لدائك إلاّ حسن الخلق فلذا اسمع قول سيد المرسلين في ذلك إذ يقول: «إنّ العَبدَ لَيَبلُغُ بحُسنِ خُلقِهِ عَظيمَ دَرَجاتِ الآخِرَةِ وشَرَفَ المَنازِل، وإنَّهُ لَضَعيفُ العِبادَةِ». (المحجّة البيضاء: ج5، ص93. ميزان الحكمة: ج3، ص1074، ح5010).
إذا أردت لميزانك أن يكون ثقيلا يوم توضع الموازين عليك بالتحلي بالخلق الحسن، وهذا ما صرح به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما بقوله: «ما مِن شَيءٍ أثقَلُ ما يُوضَعُ في المِيزانِ مِن خُلقٍ حَسنٍ». (ميزان الحكمة: ج3، ص1074، ح5016. بحار الأنوار: ج71، ص383، ح17).