السيد القحطاني يناقش الشيخ علي الكوراني في قضية الإمام المهدي
كثيراً ما نطالع ما يكتبه العلماء والباحثون حول الامام المهدي (مكن الله له في الارض) الا اننا وللأسف الشديد نجد الكثير منهم قد كتب عن الامام عليه السلام وبدلاً من أن يظهر أمر الامام ويُعّرف قضيته للناس ويوضح ما إلتبس عليهم في أمر إمامهم وقائدهم نجدهم قد أبعدوا الناس أكثر مما يقربونهم وجعلوا الامر عليهم ملتبساً خافياً متناقضاً حيث نراهم ينقلون بعض الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة التي ظاهرها التناقض لأول وهلة وغالباً ما يجمعون تلك الاحاديث والروايات في باب واحد بل ربما في صفحة واحدة مما يجعل القاريء في حيرة من أمره وتشتت في فكره فتختلط عليه الاوراق وتختطفه الظنون والاوهام. ومن هؤلاء العلماء الذين كتبوا في قضية الإمام المهدي (ع) هو الشيخ علي الكوراني .
الشيخ الكوراني ومسألة وحشة الامام المهدي(ع)
لقد قام الشيخ الكوراني بنقل بعض الروايات الشريفة التي ظاهرها التناقض في بعض كتبه وأبحاثه فجعل قراء كتبه في حيرة من أمرهم بأي كلام يتمسكون أو يأخذون ولم يحاول الكشف عن سر تلك الروايات ولعله يجهل حلها وعلمها ومن هذه الروايات ما أوردها في كتابه في عصر الظهور فقد ورد في صفحة (191) ما هذا نصه : ( ومن أجل ان نتصور عمله في فترة الظهور الصغرى هذه ، نتعرض باختصار لعمله في غيبته ، فقد ذكرت بعض الروايات انه روحي فداه يسكن المدينة المنورة ، ويلتقي بثلاثين فعن الامام الصادق (ع) قال : ( لابد لصاحب هذا الامر من غيبة ولابد له في غيبته من عزلة ونعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة )بحار الانوار ج52.
وبعد أن أتم هذه الرواية أكمل قائلاً : ( وتدل روايات أخرى على أنه يعيش مع الخضر عليهما السلام فعن الامام الرضا عليه السلام قال : ( ان الخضر شرب من ماء الحياة فهو حي لا يموت حتى ينفخ في الصور وأنه ليأتينا فيسلم علينا فنسمع صوته ولا نرى شخصه وانه ليحضر حين يُذكر ، فمن ذكره منكم فليسلم عليه ،وانه ليحضر المواسم فيقضي جميع المناسك ويقف في عرفة فيؤمن على دعاء المؤمنين ، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا عليه السلام ويصل به وحدته ) البحار ج52 . ثم قال : (ويبدو من هذه الرواية المتقدمة وغيرها ان هؤلاء الثلاثين من أصحاب المهدي عليه السلام أبدال يتجددون دائماً ، فكلما توفي منهم واحد حل محله آخر).
والحقيقة ان الشيخ الكوراني بعمله هذا ترك الناس في حيرة من أمرهم بل انه قد وضعهم في دائرة لا يعرفون ولا يهتدون الى الخروج منها فأن الناس صاروا بين أمرين هل ان الامام المهدي عليه السلام معه ثلاثين شخصاً يستأنس بهم في وحشته اثناء غيبته أم انه عليه السلام لا يستأنس الا بالخضر عليه السلام في غيبته ، فلا أدري ألم يرى الشيخ الكوراني ما يكتب أم انه لا يتفكر في ما يكتبه ام انه يعتقد ان الناس سذج يفوتهم مثل هذا التناقض الواضح ام انه لا يعرف معنى ما يكتبه وكان الأولى له في مثل هذا ان لا يكتب شيئاً لا يعرفه لأنه لابد ان يُسئل يوماً عنه ثم ما ذنب الناس البسطاء الذين يثقون بما يكتبه وما يؤلفه من أبحاث ويصدره من كتب فهل يعقل ان أحداً يقول اننا نعمل بهاتين الروايتين وهذا يعني لو حملناهما على الامام المهدي عليه السلام كان هناك تناقضاً في كلام الأئمة الطاهرين عليهم السلام وهذا مما لا يصح نسبته اليهم حاشاهم من التناقض والحقيقة ان من يصنع التناقض هم اولئك الذين يكتبون الكتب ولا يعلمون ما يكتبون ويدعون الحبل على الغارب .
والصحيح ان هاتين الروايتين تتحدثان عن شخصين لا شخص واحد فأن الذي يستأنس بالثلاثين رجلاً ليس الامام المهدي(مكن الله له في الارض) بل هو شخص آخر يطلق عليه صاحب هذا الامر وسوف تكون له غيبة كما ان للامام غيبة وانه في غيبته تلك سوف يكون في عزلة من الناس الا عن ثلاثين شخصاً من أصحابه سوف يكونون معه في غيبته يستأنس عن وحشته اما الامام المهدي (ع) فليس معه في غيبته الا الخضر عليه السلام يستانس به في وحشته .
ولو تتبعنا مفردات الرواية الاولى لتبين لنا ان صاحب هذا الامر سيغيب عن أهله ووطنه وفي تلك الغيبة عن الاهل والوطن سيمر بمرحلة من العزلة التي تسبب الوحشة له الا ان المولى لن يدعه بهذا الحال بل انه سوف يؤنس وحشته بثلاثين شخصاً من أصحابه . اما الرواية الثانية التي تتحدث عن الخضر عليه السلام فتؤكد ان الإمام المهدي عليه السلام يعيش حالة من الوحدة ونتيجة لتلك الوحدة سيمر بمرحلة من الوحشة الا ان المولى تبارك وتعالى سوف يؤنس وحشته بالخضر (ع) .
ومن هذا المعنى يتضح لنا ان الرواية الثانية تتحدث عن الامام المهدي وتصفه بالوحدة فعليه لا يمكن ان نحمل الرواية الاولى على الامام لأنها لا تدل على الوحدة اطلاقاً بل يؤكد منطوقها على ان معه في غيبته ثلاثين شخصاً فأين هي الوحدة يا ترى ؟ و بهذا فلا يمكن ولا يعقل ان يأتي احد ليحمل الروايتين على شخص الامام المهدي (ع)ثم ان سماحة الشيخ ايده الله يأتي وبعد صفحة واحد فقط من ذكره لهذه الروايات ليذكر رواية اخرى مناقضة للرواية الثانية التي تؤكد على ان الامام يعيش في وحدة ومعزل عن الناس ويحملها ايضاً على الامام عليه السلام فيزداد القارئ بذلك حيرة وتشتت وضياع وابتعاد عن ادراك الحقيقة حيث قال ما هذا نصه : ( وعن الامام الصادق (ع) قال : وما تنكر هذه الامة ان يكون الله يفعل بحجته ما فعل بيوسف ؟ ان يكون في اسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتى يأذن الله عز وجل ان يعرفهم نفسه ، كما اذن ليوسف حين قال {قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي}البحار ج51 ) . ثم ذكر الشيخ معلقاً على هذه الرواية فقال : ( وبناء على هذه الروايات وأمثالها فان حالته (ع) في غيبته تشبه حالة يوسف (ع) ) . انتهى كلام الشيخ -واقول :ساعد الله قلب القارئ فاي الكلام سوف يعمل ويعتقد به هل انه الامام يعيش في وحدة ليس معه الا الخضر (ع) ام انه موجود بيننا ويمشي في اسواقنا ويطأ بسطنا وهذا حتماً مناقضاً لحالة الوحدة التي تكلمت عنها الرواية السابقة لو حملنا هذه الرواية على الامام (ع) ثم اننا لو رجعنا الى قصة يوسف (ع) وانه مر بحالة غيبة الا انه (ع) كان يعيش بين الناس ويمشي في الاسواق ويجلس مع الاخرين على فراشهم فكيف نوجد شبهاً بين يوسف والامام المهدي (عليهما السلام) في هكذا موضوع اللهم الا ان يكون المقصود والمراد من الشخص الذي له شبه من يوسف هو شخص آخر غير الامام عليه السلام ويسمى صاحب هذا الامر وهذا ما لم يتوصل اليه الشيخ لحل تلك الروايات التي جعلها متناقضة فاصبح القارئ ينظر الى كلام المعصومين وكأنه كلام متناقض والعياذ بالله .
الشيخ الكوراني ومسألة السفارة في اخر الزمان
ولم ينتهي الامر عند هذا الحد فقد تكلم الشيخ علي الكوراني عن السفارة وانقطاعها وتجددها مرة اخرى فقد اورد في الصفحة (190) من كتابه عصر الظهور التوقيع الذي خرج على يد السفير الرابع محمد بن علي السمري والذي جاء فيه : ( وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة الا ومن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم) البحار ج51 . وقد ذكر الشيخ تعليقاً على هذا التوقع قال فيه: ( والمقصود بمن يدعي المشاهدة قبل هذين الحدثين من يدعي السفارة لصاحب الامر (ع) ، وليس بمجرد التشرف برؤيته دون ادعاء أو نيابة أو التحدث بذلك فقد استفاضت الروايات برؤيته (ع) من قبل العديد من العلماء والاولياء الثقاة الصلحاء ولعل هذا سبب التعبير بنفي المشاهدة لا الرؤية .ويدل التوقيع الشريف على ان الغيبة التامة الكبرى تنتهي بخروج السفياني والصيحة وان الغيبة بعدها يكون أختفاء شبيها بالغيبة الصغرى مقدمة للظهور وان الامام (ع) يتصل فيها بأنصاره ويتشرف العديد منهم بلقاءه وانه ينصب سفراء يكونون واسطة بينه وبين الناس ) .
لقد حمل الشيخ الكوراني لفظ المشاهدة في التوقيع السالف على السفارة ولو تنزلنا جدلاً وقبلنا بذلك يبقى هناك اشكالا مستمسكاً لا يمكن حله وهو ما معنى ان ادعاء المشاهدة يكون محلاً للتكذيب الا ان يكون بعد السفياني والصيحة كما ينسب الى الامام المهدي(ع) انه قال بذلك علماً ان السفياني يفترق زماناً عن الصيحة فان خروج السفياني وقيامه العسكري يكون في رجب كما دلت عليه الروايات الشريفة فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن المعلى بن خنيس عن ابي عبد الله (ع) قال : ( ان امر السفياني من الامر المحتوم وخروجه في رجب ) بحار الانوار ج52 . وعن خلاد الصائغ عن ابي عبد الله (ع) انه قال : ( السفياني لابد منه ولا يخرج الا في رجب ...) بحار الانوار ج52
اذن فالسفياني يخرج في رجب بينما تخبرنا الروايات الشريفة ان الصيحة تكون في شهر رمضان وبالضبط في الليلة الثالثة والعشرون منه بعد خروج السفياني فقد جاء في الرواية الواردة عن الحارث بن المغيرة ، عن ابي عبد الله (ع) قال : الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان . بحار الانوار ج52.
وجاء ايضاً في الرواية الوارد عن عباية الاسدي عن امير المؤمنين(ع) انه قال : صيحة في شهر رمضان تفزع اليقظان وتوقظ النائم وتخرج الفتاة من خدرها . غيبة النعماني .
اذن لما تبين ان خروج السفياني لا يوافق وقوع الصيحة زماناً وان السفياني يكون خروجه قبل وقوع الصيحة بشهرين على اقل التقادير فما معنى ان الامام المهدي (ع) لو سلمنا ان التوقيع صدر منه يعلق مسألة المشاهدة على خروج السفياني والصيحة وهذا الكلام فيه إضطرابا واضحاً لا يمكن نسبته للأمام (ع) فقد كان من الاولى والاجدر ان يقول : ( قبل خروج السفياني ) ويسكت ويكون المعنى تاماً أو انه يقول قبل وقوع الصيحة فيكون المعنى أتم وأكثر وضوحاً وفهماً وبلاغة اما ان الامر يبقى متردداً بين خروج السفياني ووقوع الصيحة فهذا مما لا يرضى فيه اقل موالي للأمام (ع) الذي هو من اهل بيت هم اهل البلاغة والفصاحة اضف الى اننا نعتقد بعصمة الامام (ع) في اقل الامور فكيف في هكذا امر يتوقف عليه مصير الامة بكاملها .
يتبع
كثيراً ما نطالع ما يكتبه العلماء والباحثون حول الامام المهدي (مكن الله له في الارض) الا اننا وللأسف الشديد نجد الكثير منهم قد كتب عن الامام عليه السلام وبدلاً من أن يظهر أمر الامام ويُعّرف قضيته للناس ويوضح ما إلتبس عليهم في أمر إمامهم وقائدهم نجدهم قد أبعدوا الناس أكثر مما يقربونهم وجعلوا الامر عليهم ملتبساً خافياً متناقضاً حيث نراهم ينقلون بعض الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة التي ظاهرها التناقض لأول وهلة وغالباً ما يجمعون تلك الاحاديث والروايات في باب واحد بل ربما في صفحة واحدة مما يجعل القاريء في حيرة من أمره وتشتت في فكره فتختلط عليه الاوراق وتختطفه الظنون والاوهام. ومن هؤلاء العلماء الذين كتبوا في قضية الإمام المهدي (ع) هو الشيخ علي الكوراني .
الشيخ الكوراني ومسألة وحشة الامام المهدي(ع)
لقد قام الشيخ الكوراني بنقل بعض الروايات الشريفة التي ظاهرها التناقض في بعض كتبه وأبحاثه فجعل قراء كتبه في حيرة من أمرهم بأي كلام يتمسكون أو يأخذون ولم يحاول الكشف عن سر تلك الروايات ولعله يجهل حلها وعلمها ومن هذه الروايات ما أوردها في كتابه في عصر الظهور فقد ورد في صفحة (191) ما هذا نصه : ( ومن أجل ان نتصور عمله في فترة الظهور الصغرى هذه ، نتعرض باختصار لعمله في غيبته ، فقد ذكرت بعض الروايات انه روحي فداه يسكن المدينة المنورة ، ويلتقي بثلاثين فعن الامام الصادق (ع) قال : ( لابد لصاحب هذا الامر من غيبة ولابد له في غيبته من عزلة ونعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة )بحار الانوار ج52.
وبعد أن أتم هذه الرواية أكمل قائلاً : ( وتدل روايات أخرى على أنه يعيش مع الخضر عليهما السلام فعن الامام الرضا عليه السلام قال : ( ان الخضر شرب من ماء الحياة فهو حي لا يموت حتى ينفخ في الصور وأنه ليأتينا فيسلم علينا فنسمع صوته ولا نرى شخصه وانه ليحضر حين يُذكر ، فمن ذكره منكم فليسلم عليه ،وانه ليحضر المواسم فيقضي جميع المناسك ويقف في عرفة فيؤمن على دعاء المؤمنين ، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا عليه السلام ويصل به وحدته ) البحار ج52 . ثم قال : (ويبدو من هذه الرواية المتقدمة وغيرها ان هؤلاء الثلاثين من أصحاب المهدي عليه السلام أبدال يتجددون دائماً ، فكلما توفي منهم واحد حل محله آخر).
والحقيقة ان الشيخ الكوراني بعمله هذا ترك الناس في حيرة من أمرهم بل انه قد وضعهم في دائرة لا يعرفون ولا يهتدون الى الخروج منها فأن الناس صاروا بين أمرين هل ان الامام المهدي عليه السلام معه ثلاثين شخصاً يستأنس بهم في وحشته اثناء غيبته أم انه عليه السلام لا يستأنس الا بالخضر عليه السلام في غيبته ، فلا أدري ألم يرى الشيخ الكوراني ما يكتب أم انه لا يتفكر في ما يكتبه ام انه يعتقد ان الناس سذج يفوتهم مثل هذا التناقض الواضح ام انه لا يعرف معنى ما يكتبه وكان الأولى له في مثل هذا ان لا يكتب شيئاً لا يعرفه لأنه لابد ان يُسئل يوماً عنه ثم ما ذنب الناس البسطاء الذين يثقون بما يكتبه وما يؤلفه من أبحاث ويصدره من كتب فهل يعقل ان أحداً يقول اننا نعمل بهاتين الروايتين وهذا يعني لو حملناهما على الامام المهدي عليه السلام كان هناك تناقضاً في كلام الأئمة الطاهرين عليهم السلام وهذا مما لا يصح نسبته اليهم حاشاهم من التناقض والحقيقة ان من يصنع التناقض هم اولئك الذين يكتبون الكتب ولا يعلمون ما يكتبون ويدعون الحبل على الغارب .
والصحيح ان هاتين الروايتين تتحدثان عن شخصين لا شخص واحد فأن الذي يستأنس بالثلاثين رجلاً ليس الامام المهدي(مكن الله له في الارض) بل هو شخص آخر يطلق عليه صاحب هذا الامر وسوف تكون له غيبة كما ان للامام غيبة وانه في غيبته تلك سوف يكون في عزلة من الناس الا عن ثلاثين شخصاً من أصحابه سوف يكونون معه في غيبته يستأنس عن وحشته اما الامام المهدي (ع) فليس معه في غيبته الا الخضر عليه السلام يستانس به في وحشته .
ولو تتبعنا مفردات الرواية الاولى لتبين لنا ان صاحب هذا الامر سيغيب عن أهله ووطنه وفي تلك الغيبة عن الاهل والوطن سيمر بمرحلة من العزلة التي تسبب الوحشة له الا ان المولى لن يدعه بهذا الحال بل انه سوف يؤنس وحشته بثلاثين شخصاً من أصحابه . اما الرواية الثانية التي تتحدث عن الخضر عليه السلام فتؤكد ان الإمام المهدي عليه السلام يعيش حالة من الوحدة ونتيجة لتلك الوحدة سيمر بمرحلة من الوحشة الا ان المولى تبارك وتعالى سوف يؤنس وحشته بالخضر (ع) .
ومن هذا المعنى يتضح لنا ان الرواية الثانية تتحدث عن الامام المهدي وتصفه بالوحدة فعليه لا يمكن ان نحمل الرواية الاولى على الامام لأنها لا تدل على الوحدة اطلاقاً بل يؤكد منطوقها على ان معه في غيبته ثلاثين شخصاً فأين هي الوحدة يا ترى ؟ و بهذا فلا يمكن ولا يعقل ان يأتي احد ليحمل الروايتين على شخص الامام المهدي (ع)ثم ان سماحة الشيخ ايده الله يأتي وبعد صفحة واحد فقط من ذكره لهذه الروايات ليذكر رواية اخرى مناقضة للرواية الثانية التي تؤكد على ان الامام يعيش في وحدة ومعزل عن الناس ويحملها ايضاً على الامام عليه السلام فيزداد القارئ بذلك حيرة وتشتت وضياع وابتعاد عن ادراك الحقيقة حيث قال ما هذا نصه : ( وعن الامام الصادق (ع) قال : وما تنكر هذه الامة ان يكون الله يفعل بحجته ما فعل بيوسف ؟ ان يكون في اسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتى يأذن الله عز وجل ان يعرفهم نفسه ، كما اذن ليوسف حين قال {قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي}البحار ج51 ) . ثم ذكر الشيخ معلقاً على هذه الرواية فقال : ( وبناء على هذه الروايات وأمثالها فان حالته (ع) في غيبته تشبه حالة يوسف (ع) ) . انتهى كلام الشيخ -واقول :ساعد الله قلب القارئ فاي الكلام سوف يعمل ويعتقد به هل انه الامام يعيش في وحدة ليس معه الا الخضر (ع) ام انه موجود بيننا ويمشي في اسواقنا ويطأ بسطنا وهذا حتماً مناقضاً لحالة الوحدة التي تكلمت عنها الرواية السابقة لو حملنا هذه الرواية على الامام (ع) ثم اننا لو رجعنا الى قصة يوسف (ع) وانه مر بحالة غيبة الا انه (ع) كان يعيش بين الناس ويمشي في الاسواق ويجلس مع الاخرين على فراشهم فكيف نوجد شبهاً بين يوسف والامام المهدي (عليهما السلام) في هكذا موضوع اللهم الا ان يكون المقصود والمراد من الشخص الذي له شبه من يوسف هو شخص آخر غير الامام عليه السلام ويسمى صاحب هذا الامر وهذا ما لم يتوصل اليه الشيخ لحل تلك الروايات التي جعلها متناقضة فاصبح القارئ ينظر الى كلام المعصومين وكأنه كلام متناقض والعياذ بالله .
الشيخ الكوراني ومسألة السفارة في اخر الزمان
ولم ينتهي الامر عند هذا الحد فقد تكلم الشيخ علي الكوراني عن السفارة وانقطاعها وتجددها مرة اخرى فقد اورد في الصفحة (190) من كتابه عصر الظهور التوقيع الذي خرج على يد السفير الرابع محمد بن علي السمري والذي جاء فيه : ( وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة الا ومن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم) البحار ج51 . وقد ذكر الشيخ تعليقاً على هذا التوقع قال فيه: ( والمقصود بمن يدعي المشاهدة قبل هذين الحدثين من يدعي السفارة لصاحب الامر (ع) ، وليس بمجرد التشرف برؤيته دون ادعاء أو نيابة أو التحدث بذلك فقد استفاضت الروايات برؤيته (ع) من قبل العديد من العلماء والاولياء الثقاة الصلحاء ولعل هذا سبب التعبير بنفي المشاهدة لا الرؤية .ويدل التوقيع الشريف على ان الغيبة التامة الكبرى تنتهي بخروج السفياني والصيحة وان الغيبة بعدها يكون أختفاء شبيها بالغيبة الصغرى مقدمة للظهور وان الامام (ع) يتصل فيها بأنصاره ويتشرف العديد منهم بلقاءه وانه ينصب سفراء يكونون واسطة بينه وبين الناس ) .
لقد حمل الشيخ الكوراني لفظ المشاهدة في التوقيع السالف على السفارة ولو تنزلنا جدلاً وقبلنا بذلك يبقى هناك اشكالا مستمسكاً لا يمكن حله وهو ما معنى ان ادعاء المشاهدة يكون محلاً للتكذيب الا ان يكون بعد السفياني والصيحة كما ينسب الى الامام المهدي(ع) انه قال بذلك علماً ان السفياني يفترق زماناً عن الصيحة فان خروج السفياني وقيامه العسكري يكون في رجب كما دلت عليه الروايات الشريفة فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن المعلى بن خنيس عن ابي عبد الله (ع) قال : ( ان امر السفياني من الامر المحتوم وخروجه في رجب ) بحار الانوار ج52 . وعن خلاد الصائغ عن ابي عبد الله (ع) انه قال : ( السفياني لابد منه ولا يخرج الا في رجب ...) بحار الانوار ج52
اذن فالسفياني يخرج في رجب بينما تخبرنا الروايات الشريفة ان الصيحة تكون في شهر رمضان وبالضبط في الليلة الثالثة والعشرون منه بعد خروج السفياني فقد جاء في الرواية الواردة عن الحارث بن المغيرة ، عن ابي عبد الله (ع) قال : الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان . بحار الانوار ج52.
وجاء ايضاً في الرواية الوارد عن عباية الاسدي عن امير المؤمنين(ع) انه قال : صيحة في شهر رمضان تفزع اليقظان وتوقظ النائم وتخرج الفتاة من خدرها . غيبة النعماني .
اذن لما تبين ان خروج السفياني لا يوافق وقوع الصيحة زماناً وان السفياني يكون خروجه قبل وقوع الصيحة بشهرين على اقل التقادير فما معنى ان الامام المهدي (ع) لو سلمنا ان التوقيع صدر منه يعلق مسألة المشاهدة على خروج السفياني والصيحة وهذا الكلام فيه إضطرابا واضحاً لا يمكن نسبته للأمام (ع) فقد كان من الاولى والاجدر ان يقول : ( قبل خروج السفياني ) ويسكت ويكون المعنى تاماً أو انه يقول قبل وقوع الصيحة فيكون المعنى أتم وأكثر وضوحاً وفهماً وبلاغة اما ان الامر يبقى متردداً بين خروج السفياني ووقوع الصيحة فهذا مما لا يرضى فيه اقل موالي للأمام (ع) الذي هو من اهل بيت هم اهل البلاغة والفصاحة اضف الى اننا نعتقد بعصمة الامام (ع) في اقل الامور فكيف في هكذا امر يتوقف عليه مصير الامة بكاملها .
يتبع