قال روى محمد بن صدقة أنه سأل أبو ذر الغفاري سلمان الفارسي c فقال : يا أبا عبد الله ما معرفة أمير المؤمنين (عليه السلام) بالنورانية ؟
قال : يا جندب فامض بنا حتى نسأله عن ذلك .
قال : فأتيناه فلم نجده قال فانتظرناه حتى جاء ، قال صلوات الله عليه : ما جاء بكما ؟
قالا : جئناك يا أمير المؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانية .
قال (عليه السلام) : مرحبا بكما من وليين متعاهدين لدينه لستما بمقصرين لعمري إن ذلك الواجب على كل مؤمن ومؤمنة ، ثم قال (عليه السلام) : يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين .
قال (عليه السلام) : إنه لا يستكمل أحد الإيمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فإذا عرفني بهذه المعرفة امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وصار عارفا مستبصرا ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاك ومرتاب ، يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين.
قال (عليه السلام) : معرفتي بالنورانية معرفة الله عز وجل ومعرفة الله { معرفتي بالنورانية وهو الدين الخالص الذي قال الله تعالى ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة﴾ الآية ، يقول ما أمروا إلا بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الدين الحنفية المحمدية السمحة ، وقوله ﴿ويقيموا الصلاة﴾ فمن أقام ولايتي فقد أقام الصلاة وإقامة ولايتي صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، فالملك إذا لم يكن مقربا لم يحتمله ، والنبي إذا لم يكن مرسلا لم يحتمله ، والمؤمن إذا لم يكن ممتحنا لم يحتمله.
قلت : يا أمير المؤمنين من المؤمن وما نهايته وما حده حتى أعرفه؟
قال (عليه السلام) : يا أبا عبد الله قلت لبيك يا أخا رسول الله قال المؤمن الممتحن هو الذي لا يرد من أمرنا إليه شيء إلا شرح الله صدره لقبوله ولم يشك ولم يرتد (يرتب) ، اعلم يا أبا ذر أنا عبد الله وخليفته على عباده لا تجعلونا أربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم فإنكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته فإن الله { قد أعطانا أكبر وأعظم مما يصفه واصفكم أو يخطر على قلب أحدكم فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون.
قال سلمان : قلت يا أخا رسول الله، ومن أقام ولايتك أقام الصلاة؟
قال : نعم يا سلمان تصديق ذلك قوله تعالى في كتابه العزيز ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين﴾ فالصبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والصلاة إقامة ولايتي ، فمنها قال الله تعالى ﴿وإنها لكبيرة﴾ ولم يقل وإنهما لكبيرة لأن الولاية كبيرة حملها إلا على الخاشعين ، والخاشعون هم الشيعة المستبصرون وذلك لأن أهل الأقاويل من المرجئة والقدرية والخوارج وغيرهم من الناصبة يقولون لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنبوة ليس بينهم خلاف وهم مختلفون في ولايتي منكرون لذلك جاحدون بها إلا القليل وهم الذين وصفهم الله في كتابه العزيز فقال ﴿وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين﴾ ، وقال الله تعالى في موضع آخر في كتابه العزيز في نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي ولايتي ﴿وبئر معطلة وقصر مشيد﴾ فالقصر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والبئر المعطلة ولايتي عطلوها وجحدوها ومن لم يقر بولايتي لم ينفعه الإقرار بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنهما مقرونان وذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نبي مرسل وهو إمام الخلق وعلي من بعده وصيه وإمام الخلق كما قال له النبي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وأولنا محمد وأوسطنا محمد وآخرنا محمد فمن استكمل معرفتي فهو على الدين القيم كما قال الله تعالى ﴿وذلك دين القيمة﴾ وسأبين ذلك بعون الله وتوفيقه. يا سلمان ويا جندب .
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين .
قال : كنت أنا ومحمد نورا واحدا من نور الله عز وجل فأمر الله تبارك وتعالى ذلك النور أن ينشق فقال للنصف كن محمدا وللنصف كن عليا لذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا علي وقد وجه أبا بكر ببراءة إلى مكة فنزل جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد ، قال : لبيك ، قال : إن الله يأمرك أن تؤدي أنت أو رجل منك، فوجهني في استرداد أبي بكر فرددته فوجد في نفسه وقال يا رسول الله أنزل في قرآن قال لا ولكن لا يؤدي عني إلا علي، يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أخا رسول الله.
قال : يا سلمان ويا جندب، فأنا ورسول الله كنا نورا واحدا صار رسول الله المصطفى وصرت أنا وصيه المرتضى وصار محمد الناطق وصرت أنا الصامت وإنه لا بد في كل عصر من الأعصار أن يكون فيه ناطق وصامت، يا سلمان،صار محمد المنذر وصرت أنا الهادي وذلك قوله عز وجل ﴿إنما أنت منذر ولكل قوم هاد﴾ فرسول الله المنذر وأنا الهادي ﴿الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار * عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال * سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار * له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله﴾.
قال : فضرب بيده على أخرى وقال صار محمد صاحب الجمع وصرت أنا صاحب النشر وصار محمد صاحب الجنة وصرت أنا صاحب النار أقول لها خذي هذا وذري هذا وصار محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) صاحب الرجفة وصرت أنا صاحب الهدة وأنا صاحب اللوح المحفوظ ألهمني الله { علم ما فيه.
يا سلمان ويا جندب ، وصار محمد ﴿يس * والقرآن الحكيم﴾ وصار محمد ﴿ن والقلم وما يسطرون﴾ وصار محمد ﴿طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى﴾ وصار محمد صاحب الدلالات وصرت أنا صاحب المعجزات والآيات وصار محمد خاتم النبيين وصرت أنا خاتم الوصيين وأنا الصراط المستقيم وأنا النبأ العظيم ﴿الذي هم فيه مختلفون﴾ ولا أحد اختلف إلا في ولايتي وصار محمد صاحب الدعوة وصرت أنا صاحب السيف وصار محمد نبيا مرسلا وصرت أنا صاحب أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الله { ﴿يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده﴾ وهو روح الله لا يعطيه ولا يلقي هذا الروح إلا على ملك مقرب أو نبي مرسل أو وصي منتجب فمن أعطاه الله هذا الروح فقد أبانه من الناس وفوض إليه القدرة وأحيى الموتى وعلم بها ما كان وما يكون وسار من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق في لحظة عين وعلم ما في الضمائر والقلوب وعلم ما في السماوات والأرض.
يا سلمان ويا جندب ، وصار محمد الذكر الذي قال الله { ﴿قد أنزل الله إليكم ذكرا * رسولا يتلو عليكم آيات الله﴾ إني أعطيت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب واستودعت علم القرآن وما هو كائن إلى يوم القيامة ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أقام الحجة وصرت أنا حجة الله عز وجل جعل الله لي ما لم يجعل لأحد من الأولين والآخرين لا لنبي مرسل ولا لملك مقرب يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين.
قال : أنا الذي حملت نوحا في السفينة بأمر ربي وأنا الذي أخرجت يونس من بطن الحوت بإذن ربي وأنا الذي جاوزت بموسى بن عمران البحر بأمر ربي وأنا الذي أخرجت إبراهيم من النار بإذن ربي وأنا الذي أجريت أنهارها وفجرت عيونها وغرست أشجارها بإذن ربي وأنا عذاب يوم الظلة وأنا المنادي من مكان قريب قد سمعه الثقلان الجن والإنس وفهمه قوم وإني لأسمع كل قوم الجبارين والمنافقين بلغاتهم وأنا الخضر عالم موسى وأنا معلم سليمان وأنا ذو القرنين وأنا قدرة الله {، يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين.
قال : أنا محمد ومحمد أنا وأنا من محمد ومحمد مني قال الله تعالى﴿مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان﴾ يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين قال إن ميتنا لم يمت وغائبنا لم يغب وإن قتلانا لم يقتلوا ،يا سلمان ويا جندب .
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين.
قال : أنا أمير كل مؤمن ومؤمنة ممن مضى وممن بقي وأيدت بروح العظمة وأنا تكلمت على لسان عيسى في المهد وأنا آدم وأنا نوح وأنا إبراهيم وأنا موسى وأنا عيسى وأنا محمد أتقلب في الصور كيف أشاء من رآني فقد رآهم ومن رآهم فقد رآني ولو ظهرت للناس في صورة واحدة لهلك في الناس وقالوا هو لا يزول ولا يتغير وإنما أنا عبد من عبيد الله عز وجل لا تسمونا أربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم فإنكم لن تبلغوا من فضلنا كنه ما جعله الله لنا ولا معشار العشر لأنا آيات الله ودلائله وحجج الله وخلفاؤه وأمناء الله وأئمته ووجه الله وعين الله ولسان الله بنا يعذب الله عباده وبنا يثيب ومن بين خلقه طهرنا واختارنا واصطفانا ولو قال قائل لم وكيف وفيم لكفر وأشرك لأنه لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون، يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين، قال من آمن بما قلت وصدق بما بينت وفسرت وشرحت وأوضحت ونورت وبرهنت فهو مؤمن ممتحن امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وهو عارف مستبصر قد انتهى وبلغ وكمل ومن شك وعند وجحد ووقف وتحير وارتاب فهو مقصر وناصب، يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين .
قال : أنا أحيي وأميت بإذن ربي وأنا أنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم بإذن ربي وأنا عالم بضمائر قلوبكم والأئمة من أولادي يعلمون ويفعلون هذا إذا أحبوا وأرادوا لأنا كلنا واحد، أولنا محمد وآخرنا محمد وأوسطنا محمد وكلنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا تفرقوا بيننا فإنا نظهر في كل زمان ووقت وأوان في أي صورة شئنا بإذن الله عز وجل ونحن إذا شئنا شاء الله وإذا كرهنا كره الله الويل كل الويل لمن أنكر فضلنا وخصوصيتنا وما أعطانا الله ربنا لأن من أنكر شيئا مما أعطانا الله فقد أنكر قدرة الله عز وجل ومشيته فينا ، يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك.
قال : لقد أعطانا الله ربنا ما هو أجل وأعظم وأعلى وأكبر من هذا كله، قلنا يا أمير المؤمنين ما الذي أعطاكم ما هو أعظم وأجل من هذا كله؟ قال قد أعطانا ربنا عز وجل وعلمنا الاسم الأعظم الذي لو شئنا خرقنا السماوات والأرض والجنة والنار ونعرج به إلى السماء ونهبط به الأرض ونغرب ونشرق وننتهي به إلى العرش فنجلس عليه بين يدي الله عز وجل ويطيعنا كل شيء حتى السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والبحار والجنة والنار أعطانا الله ذلك كله بالاسم الأعظم الذي علمنا وخصنا به ومع هذا كله نأكل ونشرب ونمشي في الأسواق ونعمل هذه الأشياء بأمر ربنا ونحن عباد الله المكرمون الذين ﴿لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون﴾ وجعلنا معصومين مطهرين وفضلنا على كثير من عباده المؤمنين فنحن نقول﴿الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله﴾ و﴿حقت كلمة العذاب على الكافرين﴾ أعني الجاحدين بكل ما أعطانا الله من الفضل والإحسان ، يا سلمان ويا جندب ، فهذا معرفتي بالنورانية فتمسك بها راشدا فإنه لا يبلغ أحد من شيعتنا حد الاستبصار حتى يعرفني بالنورانية فإذا عرفني بها كان مستبصرا بالغا كاملا قد خاض بحرا من العلم وارتقى درجة من الفضل واطلع على سر من سر الله ومكنون خزائنه)
قال : يا جندب فامض بنا حتى نسأله عن ذلك .
قال : فأتيناه فلم نجده قال فانتظرناه حتى جاء ، قال صلوات الله عليه : ما جاء بكما ؟
قالا : جئناك يا أمير المؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانية .
قال (عليه السلام) : مرحبا بكما من وليين متعاهدين لدينه لستما بمقصرين لعمري إن ذلك الواجب على كل مؤمن ومؤمنة ، ثم قال (عليه السلام) : يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين .
قال (عليه السلام) : إنه لا يستكمل أحد الإيمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فإذا عرفني بهذه المعرفة امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وصار عارفا مستبصرا ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاك ومرتاب ، يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين.
قال (عليه السلام) : معرفتي بالنورانية معرفة الله عز وجل ومعرفة الله { معرفتي بالنورانية وهو الدين الخالص الذي قال الله تعالى ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة﴾ الآية ، يقول ما أمروا إلا بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الدين الحنفية المحمدية السمحة ، وقوله ﴿ويقيموا الصلاة﴾ فمن أقام ولايتي فقد أقام الصلاة وإقامة ولايتي صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، فالملك إذا لم يكن مقربا لم يحتمله ، والنبي إذا لم يكن مرسلا لم يحتمله ، والمؤمن إذا لم يكن ممتحنا لم يحتمله.
قلت : يا أمير المؤمنين من المؤمن وما نهايته وما حده حتى أعرفه؟
قال (عليه السلام) : يا أبا عبد الله قلت لبيك يا أخا رسول الله قال المؤمن الممتحن هو الذي لا يرد من أمرنا إليه شيء إلا شرح الله صدره لقبوله ولم يشك ولم يرتد (يرتب) ، اعلم يا أبا ذر أنا عبد الله وخليفته على عباده لا تجعلونا أربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم فإنكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته فإن الله { قد أعطانا أكبر وأعظم مما يصفه واصفكم أو يخطر على قلب أحدكم فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون.
قال سلمان : قلت يا أخا رسول الله، ومن أقام ولايتك أقام الصلاة؟
قال : نعم يا سلمان تصديق ذلك قوله تعالى في كتابه العزيز ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين﴾ فالصبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والصلاة إقامة ولايتي ، فمنها قال الله تعالى ﴿وإنها لكبيرة﴾ ولم يقل وإنهما لكبيرة لأن الولاية كبيرة حملها إلا على الخاشعين ، والخاشعون هم الشيعة المستبصرون وذلك لأن أهل الأقاويل من المرجئة والقدرية والخوارج وغيرهم من الناصبة يقولون لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنبوة ليس بينهم خلاف وهم مختلفون في ولايتي منكرون لذلك جاحدون بها إلا القليل وهم الذين وصفهم الله في كتابه العزيز فقال ﴿وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين﴾ ، وقال الله تعالى في موضع آخر في كتابه العزيز في نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي ولايتي ﴿وبئر معطلة وقصر مشيد﴾ فالقصر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والبئر المعطلة ولايتي عطلوها وجحدوها ومن لم يقر بولايتي لم ينفعه الإقرار بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنهما مقرونان وذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نبي مرسل وهو إمام الخلق وعلي من بعده وصيه وإمام الخلق كما قال له النبي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وأولنا محمد وأوسطنا محمد وآخرنا محمد فمن استكمل معرفتي فهو على الدين القيم كما قال الله تعالى ﴿وذلك دين القيمة﴾ وسأبين ذلك بعون الله وتوفيقه. يا سلمان ويا جندب .
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين .
قال : كنت أنا ومحمد نورا واحدا من نور الله عز وجل فأمر الله تبارك وتعالى ذلك النور أن ينشق فقال للنصف كن محمدا وللنصف كن عليا لذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا علي وقد وجه أبا بكر ببراءة إلى مكة فنزل جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد ، قال : لبيك ، قال : إن الله يأمرك أن تؤدي أنت أو رجل منك، فوجهني في استرداد أبي بكر فرددته فوجد في نفسه وقال يا رسول الله أنزل في قرآن قال لا ولكن لا يؤدي عني إلا علي، يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أخا رسول الله.
قال : يا سلمان ويا جندب، فأنا ورسول الله كنا نورا واحدا صار رسول الله المصطفى وصرت أنا وصيه المرتضى وصار محمد الناطق وصرت أنا الصامت وإنه لا بد في كل عصر من الأعصار أن يكون فيه ناطق وصامت، يا سلمان،صار محمد المنذر وصرت أنا الهادي وذلك قوله عز وجل ﴿إنما أنت منذر ولكل قوم هاد﴾ فرسول الله المنذر وأنا الهادي ﴿الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار * عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال * سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار * له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله﴾.
قال : فضرب بيده على أخرى وقال صار محمد صاحب الجمع وصرت أنا صاحب النشر وصار محمد صاحب الجنة وصرت أنا صاحب النار أقول لها خذي هذا وذري هذا وصار محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) صاحب الرجفة وصرت أنا صاحب الهدة وأنا صاحب اللوح المحفوظ ألهمني الله { علم ما فيه.
يا سلمان ويا جندب ، وصار محمد ﴿يس * والقرآن الحكيم﴾ وصار محمد ﴿ن والقلم وما يسطرون﴾ وصار محمد ﴿طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى﴾ وصار محمد صاحب الدلالات وصرت أنا صاحب المعجزات والآيات وصار محمد خاتم النبيين وصرت أنا خاتم الوصيين وأنا الصراط المستقيم وأنا النبأ العظيم ﴿الذي هم فيه مختلفون﴾ ولا أحد اختلف إلا في ولايتي وصار محمد صاحب الدعوة وصرت أنا صاحب السيف وصار محمد نبيا مرسلا وصرت أنا صاحب أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الله { ﴿يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده﴾ وهو روح الله لا يعطيه ولا يلقي هذا الروح إلا على ملك مقرب أو نبي مرسل أو وصي منتجب فمن أعطاه الله هذا الروح فقد أبانه من الناس وفوض إليه القدرة وأحيى الموتى وعلم بها ما كان وما يكون وسار من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق في لحظة عين وعلم ما في الضمائر والقلوب وعلم ما في السماوات والأرض.
يا سلمان ويا جندب ، وصار محمد الذكر الذي قال الله { ﴿قد أنزل الله إليكم ذكرا * رسولا يتلو عليكم آيات الله﴾ إني أعطيت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب واستودعت علم القرآن وما هو كائن إلى يوم القيامة ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أقام الحجة وصرت أنا حجة الله عز وجل جعل الله لي ما لم يجعل لأحد من الأولين والآخرين لا لنبي مرسل ولا لملك مقرب يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين.
قال : أنا الذي حملت نوحا في السفينة بأمر ربي وأنا الذي أخرجت يونس من بطن الحوت بإذن ربي وأنا الذي جاوزت بموسى بن عمران البحر بأمر ربي وأنا الذي أخرجت إبراهيم من النار بإذن ربي وأنا الذي أجريت أنهارها وفجرت عيونها وغرست أشجارها بإذن ربي وأنا عذاب يوم الظلة وأنا المنادي من مكان قريب قد سمعه الثقلان الجن والإنس وفهمه قوم وإني لأسمع كل قوم الجبارين والمنافقين بلغاتهم وأنا الخضر عالم موسى وأنا معلم سليمان وأنا ذو القرنين وأنا قدرة الله {، يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين.
قال : أنا محمد ومحمد أنا وأنا من محمد ومحمد مني قال الله تعالى﴿مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان﴾ يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين قال إن ميتنا لم يمت وغائبنا لم يغب وإن قتلانا لم يقتلوا ،يا سلمان ويا جندب .
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين.
قال : أنا أمير كل مؤمن ومؤمنة ممن مضى وممن بقي وأيدت بروح العظمة وأنا تكلمت على لسان عيسى في المهد وأنا آدم وأنا نوح وأنا إبراهيم وأنا موسى وأنا عيسى وأنا محمد أتقلب في الصور كيف أشاء من رآني فقد رآهم ومن رآهم فقد رآني ولو ظهرت للناس في صورة واحدة لهلك في الناس وقالوا هو لا يزول ولا يتغير وإنما أنا عبد من عبيد الله عز وجل لا تسمونا أربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم فإنكم لن تبلغوا من فضلنا كنه ما جعله الله لنا ولا معشار العشر لأنا آيات الله ودلائله وحجج الله وخلفاؤه وأمناء الله وأئمته ووجه الله وعين الله ولسان الله بنا يعذب الله عباده وبنا يثيب ومن بين خلقه طهرنا واختارنا واصطفانا ولو قال قائل لم وكيف وفيم لكفر وأشرك لأنه لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون، يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين، قال من آمن بما قلت وصدق بما بينت وفسرت وشرحت وأوضحت ونورت وبرهنت فهو مؤمن ممتحن امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وهو عارف مستبصر قد انتهى وبلغ وكمل ومن شك وعند وجحد ووقف وتحير وارتاب فهو مقصر وناصب، يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين .
قال : أنا أحيي وأميت بإذن ربي وأنا أنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم بإذن ربي وأنا عالم بضمائر قلوبكم والأئمة من أولادي يعلمون ويفعلون هذا إذا أحبوا وأرادوا لأنا كلنا واحد، أولنا محمد وآخرنا محمد وأوسطنا محمد وكلنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا تفرقوا بيننا فإنا نظهر في كل زمان ووقت وأوان في أي صورة شئنا بإذن الله عز وجل ونحن إذا شئنا شاء الله وإذا كرهنا كره الله الويل كل الويل لمن أنكر فضلنا وخصوصيتنا وما أعطانا الله ربنا لأن من أنكر شيئا مما أعطانا الله فقد أنكر قدرة الله عز وجل ومشيته فينا ، يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك.
قال : لقد أعطانا الله ربنا ما هو أجل وأعظم وأعلى وأكبر من هذا كله، قلنا يا أمير المؤمنين ما الذي أعطاكم ما هو أعظم وأجل من هذا كله؟ قال قد أعطانا ربنا عز وجل وعلمنا الاسم الأعظم الذي لو شئنا خرقنا السماوات والأرض والجنة والنار ونعرج به إلى السماء ونهبط به الأرض ونغرب ونشرق وننتهي به إلى العرش فنجلس عليه بين يدي الله عز وجل ويطيعنا كل شيء حتى السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والبحار والجنة والنار أعطانا الله ذلك كله بالاسم الأعظم الذي علمنا وخصنا به ومع هذا كله نأكل ونشرب ونمشي في الأسواق ونعمل هذه الأشياء بأمر ربنا ونحن عباد الله المكرمون الذين ﴿لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون﴾ وجعلنا معصومين مطهرين وفضلنا على كثير من عباده المؤمنين فنحن نقول﴿الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله﴾ و﴿حقت كلمة العذاب على الكافرين﴾ أعني الجاحدين بكل ما أعطانا الله من الفضل والإحسان ، يا سلمان ويا جندب ، فهذا معرفتي بالنورانية فتمسك بها راشدا فإنه لا يبلغ أحد من شيعتنا حد الاستبصار حتى يعرفني بالنورانية فإذا عرفني بها كان مستبصرا بالغا كاملا قد خاض بحرا من العلم وارتقى درجة من الفضل واطلع على سر من سر الله ومكنون خزائنه)