من أفسد الارض ؟؟؟
ياترى من افسد الارض؟
ان صادفنا هذا السؤال, فلربما تأتي اجابته بسهولة وهي تقول: الذي افسد الأرض هم هؤلاء الطغاة والمستبدون والمستكبرون الذين يريدون أن يستأثروا بكل شيء على حساب أي شيء.
وهنا يطرح سؤال يقول: وهل الجماعات والمؤسسات العاملة في إطار الإصلاح ومنع الاحتكار والاستئثار قادرة على لعب هذا الدور اي (أن تملأ الأرض قسطا وعدلا وسلاما)؟
والإجابة بالطبع لا .
والسؤال الواجب الإجابة عليه هو: ولماذا ؟
نقول بما أن هذا الفساد ليس بالفساد المحدود في جماعة أو مساحة جغرافية ، وحتى ولو تعددت مساحات الشر القديم فإنها كانت وما تزال مختلفة عما يحدث اليوم, حيث أن أهل الشر والباطل اليوم مجتمعون على قلب رجل واحد وان بينهم من الروابط ما يعجز الأفراد والجماعات والدول عن الاصلاح, ولذا فان الأمر اليوم يحتاج إلى معالجة فوق قدرات اهل الباطل وتقنياتهم, وهذا مالا يتوفر للضعفاء, حيث الضعف سمة غالبة للذين يطلبون الاصلاح، ولان هؤلاء المصلحين مهما تعددت أشكالهم وألوانهم ومذاهبهم وطرائقهم هم واحد من ثلاثة:
الأول: ضعيف ذو قيم وأخلاق ودين يبحث لنفسه ولغيره عن مكان تحت الشمس وعن دولة الحق والعدل مناديا بأن قانون الله هو دعوة للمستضعفين ضد المستكبر، لأن المستكبر لا يمكن أن يستكبر ما لم يكن حوله من يعبده. لهذا لا بد من التوجه إلى الناس حتى لا يعبدوا الطغيان، ومشكلتنا لن تحل بدون أن ينتشر الوعي بين الناس بالتاريخ وسننه. وهؤلاء هم الممهدون .
الثاني: قوي يدعى أنه صاحب قيم حسنة ويحاول أن يفرغ دعوة المستضعفين من مضامينها ويفرق بين الناس.
الثالث: ضعيف ينشر الإصلاح والخير ومقارعة الظالمين, بيد انه ضل عن طريقه واتخذ منهجا لا يدفع شرا ولا يجلب خيرا, وهؤلاء هم أصحاب المدارس التي اتبعت السبل.
ولان الفريقين الثاني والثالث لن يقدما لهذه الإنسانية شيئاً من قليل أو كثير من النفع, فضلا عن أنهما يشاركان ايجابيا في الضر.
وأننا هنا سوف نقتصر في حديثنا على الفريق الأول (الممهدون), الذين يرفعون شعار (ان الفرج قريب وان الصبر مفتاح الفرج).
هؤلاء الذين وصفهم الله في كتابه العزيز(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ). وهم المنتظرون من عباد الله الصالحين الذين يأتون مع صاحب العصر والزمان وخاتم الأئمة مولانا المهدي عليه السلام, وينطبق عليهم قوله تعالى (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ).
هؤلاء الممهدون الذين سيمهدون السبيل لدولة صاحب الزمان الامام المهدي المنتظر عليه السلام من أجل إقامة الدولة الإنسانية أو المجتمع العالمي الخير الذي حلم به البشر وتجلى في رؤى الأنبياء والمبشرين والأوصياء والفلاسفة والمصلحين ، ذلك المجتمع الذي سينعم فيه الإنسان بالخيرية المطلقة والعدالة الكلية ، وستنتهي معه كل مظاهر الخلل البشرى وكل تعاليم مدارس التيه ، والرؤى الجزئية والمبتسرة ، حينها يأتي الحق ويزهق الباطل ويصبح صبح الحق الأبلج كما هو يوم أن خلق الله السماوات والأرض.
ان العالم بأجمعه، أغنيائه و فقرائه ، شعوبه و بلدانه ، شبابه و شيوخه ، معني بما هو متوقع من انتقال إلى مرحلة جديدة, و انخراط في نظام عالمي جديد ، و التفاعل مع مقدمات و إفرازات تلك الحركة السريعة.
كل ذلك بمثابة القدر المحتوم, لا مفر منه و لا مناص عنه و لا خيار للبشرية إلا في أطرها ، خاصة وأن تلك التطورات تتناول كل جوانب الحياة الاقتصادية و الاجتماعية ،و الثقافية و الحياتية ، والحاضرة و المستقبلية.
وهي عملية تاريخية مستمرة في حياة البشرية ،لن تتوقف إلا بتوقف الإنسان عن الحياة و العيش على الكرة الأرضية
اللهم عجل لوليك الفرج