كل انسان على وجه الارض له مبدأ يؤمن به . ومهما كان هذا المبدأ فهو لا يتعدى هذا النوعين من الأيمان, الا انه احيانا تنحرف طائبفة من النوع الاول لتدخل في تكوين النوع الثاني , واحيانا اخرى تدخل الثانية في تكوين النوع الاول, الذي يتمثل بالأيمان الحقيقي بالمباديء السامية التي تخضع للشرائع السماوية , وتسير ضمن حدودها وان حامل هذا النوع من الايمان لا يصل الى مبتغيه ما لم يفضل الشهادة على الحياة عندما يكون الخيار هكذا وعندها لا يكون الاستشهاد نهاية للمبدأ بل يصبح وسيلة للأستمرار و الديمومة او الانتظار اذا ما كان الشهيد قائد ولم يأتي بعده من يحل محله ويكون امتداد لفكره و مبادئه ومبلورا لها , عندها لا يملك الذين من بعده الا تمجيده!!!! ويدل الانتظار و القيام بالعمل بأسمه خلافا لفكره والمؤسف عدم استقبال اي فكر يطرح بعده حتى لو كان امتدادا له او ارجح منه بل محاربته بشتى الوسائل وهذا غالبا ما يحصل غالبا بعد وفاة اصحاب الدعوات الحق كما حصل بعد وفاة رسول الله(ص) فجاء متجسدا بقوله تعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} ال عمران 144 . ويستمر العمل بالروتين المألوف ويترك كل ما هو متجدد ومواكب للعصر , مما يؤدي الى الاضمحلال والضياع وليس هذا ذنب القائد لان القائد الحقيقي لايعلق الناس بشخصه, لان شخصه فان كبقية الناس فيدعوا الى التعلق بالمبدأ او العقيدة وهذا بالتاكيد لايفوت اي قائد محنك يدعوا الى الله عز وجل والا تصبح شهادته انانية ولا يصح ان يقال عنها شهادة اذا ماضاع عنه اتباعه بسببه من بعده واذا ما استمر الحال على هذا التراجع فسوف تكون النتيجة الانحراف , بعد تحول الهدى الى ضلالة ومن ثم الايمان يكون على ضلالة ليتكون هذا النوع من طائفتين ,
الاولى اصلا على ضلالة ويسيرون ضمن مباديء مخالفة لقوانين السماء ومنحدرة نحو منزلقات الشيطان والعياذ بالله, وغالبا ما تكون هذه الطائفة هي المتسلطة على رقاب الناس سواء من خلال كراسي الحكم او من خلال الاحزاب والاتجاهات المختلفة التي لا ترى الا مصالحها وعلى حساب حقوق المستضعفين , واما الطائفة الثانية فتنحدر من الايمان على هدى بعد تأسير افكارها واضمحلالها وتبعيتها بصورة عمياء لمن سبقها بالانتماء الى هذا المنحدر ويكون اصحاب هذا النوع تابعين الى الطائفة الاولى ويقبلون على انفسهم ان يكونوا تابعين لهم, غالبا ما يتكاتفون لقمع اي حركة دينية حقيقية بحجة عدم التوافق مع ما هو مألوف عندهم , متناسين ان هذا المألوف هو غير متوافق مع الاديان السماوية الحقة , ان هذا النوع من ( الايمان على ضلالة ) بفتيه يعملون للشيطان وتكون الثانية اكثر توهما بانها تعمل لله , وهؤلاء اشد خطرا و اكثر وبالا على الشعوب . ومن هذا النوع احيانا تتحرر طائفة بما هي عليه من الانحدار و التخلف لترتقي الى الافضل فيتحول ايمانهم بهدى بعد ان كان بضلال ويحدد هذا الامر عوامل عدة يبرز من بينها رعاية الباريء عز وجل بحكم النطفة التي خلقوا منها ولا بد من الاشارة هنا ونحن على اعتاب ابواب الظهور المقدس للمهدي النتظر(ع) الى قول سيد البلغاء و المتكلمين (ع) : ( لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه ) ففيه التحذير من السير الى الكثرة الباطلة على حساب القلة المؤمنة فكل دعوات الانبيا ء (ع) كانت تحتضنها قلة نادرة ومن الناس البسطاء , رغم استهزاء الناس بهم ومحاربتهم ويؤكد ذلك قوله تعالى {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} المؤمنون 70.
حيث ان الكثرة غالبا ما يجمعها الشيطان ويقودهم ويكره لهم الحق واصحابه ولو كان الامر بالكثرة والموالاة الظاهرة لظهر الأمام وقام منذ زمن بعيدi