عن الإمام زين العابدين عليه السلام قال : يا أبا خالد إنَّ أهل زمان غيبته والقائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره عليه السلام أفضل من أهل كل زمان، لأنَّ الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسيف أولئك المخلصون حقاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله سرّاً وجهراً)(8).
وغير هذا من الأحاديث الواردة في هذا الباب.
إنَّ المتأمل في ألفاظ هذه الأحاديث ومضامينها يخلص إلى نتيجة عامة ظاهرة وهي شدة الامتحان والاختبار وعظمة المسؤولية الملقاة على عاتق المؤمنين في زمن غيبته عليه السلام والدور الكبير المطلوب منهم تجاه إمامهم لأنه وكما ورد في الحديث الشريف (مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْرِف إمامَ زَمَانِهِ مَات ميتَةً جاهليَّةً) فإنه من اليقين ليس المراد من معرفته هو معرفة الاسم والرسم، كلا فليس ذلك هو المراد!!.
إنَّ الأمر المتوجه إلينا هو في غاية الأهمية ويجب علينا معرفته والإحاطة به لنكون على يقين من المعتقد تجاه إمام زماننا ولذا أشارت الرواية الأولى إلى عظمة هذا الأمر بقوله عليه السلام: (إنما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه) وقال عليه السلام في الرواية الثانية: (فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه) وقال في الرواية الثالثة: (والدعاة إلى دين الله سراً وجهراً ...) فعلينا أنْ نتأمل أيها الأخوة المؤمنين في ذلك في كل آنٍ لنرى ما نحن عليه.
يظهر كذلك من هذه الروايات صعوبة هذا الأمر وخطره وما يستوجب علينا من الحزم والشدة والقوة والبصيرة لتعدِّي ذلك الاختبار دون التردد والشك والسقوط في حزب المعاندين أو المنكرين لأمره عليه السلام كما ذكرت الروايات ذلك: (فالله الله في أديانكم لا يزيلكم عنها أحد .... حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به) وكذا (.. حتى يقال مات؟ قتل؟ بأي وادٍ سلك؟...).
أشارت كذلك إلى الصبر حيث روي عن الإمام الصادق عليه السلام: (إنّا صُبَّر وشيعتنا أصبر منا)، قلت: جعلت فداك كيف صار شيعتكم أصبر منكم؟
قال: لأنّا نصبر على ما نعلم وشيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون، فالصبر هنا في هذه الرواية هو السلاح لمقارعة فتن هذا الزمان والنجاة منها، ولكن الرواية تذكر بأنَّ الشيعة يصبرون على ما لا يعلمون، فإنَّ الصبر على أمرٍ مجهولٍ قد لا تكون فيه من الآثار المحمودة -كما قد يُقال- وللإجابة على ذلك يكون في أنه يمكن فهم الرواية على نحوِ انَّ الأئمة عليهم السلام يصبرون على الأمور وهم يعلمون بها تفصيلاً وتحقيقاً وتدقيقاً، وأما غيرهم فيصبرون وهم لا يعلمون تلك المعرفة التي لديهم ولكنهم إجمالاً يعلمون بأنهم على الحق ويتبعون أهل الحق، والحق أحق أنْ يُتَّبَع.العمل الجاد الدؤوب الذي لا تواني فيه أبداً بل الاستعداد المطلق للتضحية بهوى النفس وشهواتها أمام الأمر الإلهي وطاعة الله تعالى، وأخيراً نُذكِّر أنفسنا بما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: (مَنْ سَرَّه أنْ يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر فإنْ مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل مَنْ أدركه ......) اللهم اجعلنا من المنتظرين المخلصين
تعليق