إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في أوصافه (ص) وشمائله وخاتم النبوة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في أوصافه (ص) وشمائله وخاتم النبوة

    4 - عيون أخبار الرضا (ع): الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز (1)، عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، بمدينة الرسول صلى الله عليه وآله، قال: حدثني علي بن موسى بن جعفر بن محمد عليهم السلام عن موسى بن جعفر عليه السلام عن جعفر بن محمد عليه السلام عن أبيه، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: قال الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام سألت خالي هند بن أبي هالة (2) عن حلية رسول الله صلى الله عليه وآله وكان وصافا للنبي صلى الله عليه وآله، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله فخما مفخما، يتلألؤ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذب، عظيم الهامة (1) رجل الشعر، إن انفرقت عقيقته (2) فرق، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة اذنيه، إذا هو وفرة، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب (3)، سوابغ في غير قرن، بينهما له (4) عرق يدره الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم (5)، كث اللحية، سهل الخدين ضليع الفم، أشنب مفلج الأسنان، دقيق المسربة، كأن عنقه جيد دمية (6) في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادنا متماسكا، سواء البطن والصدر (7)، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين، وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، شثن الكفين والقدمين، سائل الأطراف، سبط القصب، خمصان الأخمصين، مسيح القدمين، ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفؤا، ويمشي هونا، ذريع المشية (8)، إذا مشى كأنما ينحط في صبب، وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يبدر (9) من لقيه بالسلام.
    قال: قلت: فصف لي منطقه، فقال: كان صلى الله عليه وآله مواصل (10) الأحزان، دائم الفكر، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، (1) يفتتح الكلام، ويختمه بأشداقه (2)، يتكلم بجوامع الكلم فصلا، لا فضول فيه ولا تقصير، دمثا ليس بالجافي ولا بالمهين، تعظم عنده النعمة وإن ذقت، لا يذم منها شيئا غير أنه كان لا يذم ذواقا (3) ولا يمدحه ولا تغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له (4) إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها، يضرب (5) براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه (6)، جل ضحكه التبسم، يفتر عن مثل حب الغمام (7).
    قال الحسن: فكتمتها (8) الحسين زمانا، ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه، وسأله عما سألته عنه، ووجدته (9) قد سأل أباه عن مدخل النبي صلى الله عليه وآله ومخرجه، و مجلسه وشكله، فلم يدع منه شيئا، قال الحسين عليه السلام: سألت أبي عليه السلام عن مدخل رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك، فإذا آوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء لله. وجزء لأهله، وجزء لنفسه، ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة، ولا يدخر (10) عنهم منه شيئا، وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألته عنهم (1)، وإخبارهم بالذي ينبغي (2)، ويقول: " ليبلغ الشاهد منكم الغائب، و أبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته (3)، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على إبلاغها (4) ثبت الله قدميه يوم القيامة " لا يذكر عنده إلا ذلك، ولا يقيد (5) من أحد عثرة يدخلون روادا، ولا يفترقون إلا عن ذواق، ويخرجون أدلة. فسألته (6) عن مخرج رسول الله صلى الله عليه وآله كيف كان يصنع فيه؟ فقال: كان صلى الله عليه وآله (7) يخزن لسانه إلا عما يعنيه، ويؤلفهم ولا ينفرهم (8)، ويكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، ويحذر الناس (9) ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس (10)، ويحسن الحسن ويقويه، ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل الامر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا (11)، ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم أفضلهم عنده أعمهم نصيحة للمسلمين، و أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة وموازرة.
    قال: وسألته (1) عن مجلسه، فقال: كان صلى الله عليه وآله لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر (2)، ولا يوطن الأماكن (3) وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه، ولا يحسب أحد من جلسائه أن أحدا (4) أكرم عليه منه، من جالسه صابره (5) حتى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها (6) أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه، وصار لهم أبا (7)، وصاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن (8) فيه الحرم، ولا تنثى فلتأته، متعادلين (9) متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة، ويحفظون الغريب (10).
    فقلت: فكيف كانت سيرته في جلسائه؟ فقال: كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب: ليس بفظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والاكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا، ولا يعيره، ولا يطلب عورته ولا عثراته ، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، وإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم انصتوا له حتى يفرغ ، حديثهم عنده حديث أوليهم ، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم، ويقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه ، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ، ولا يقطع على أحد كلامه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام.
    قال: فسألته عن سكوت رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: كان سكوته على أربع: على الحلم، والحذر، والتقدير، والتفكير ، فأما التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس، وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى، وجمع له الحلم في الصبر، فكان لا يغضبه شئ ولا يستفزه، وجمع له الحذر في أربع أخذه الحسن ليقتدى به، وتركه القبيح لينتهى عنه، واجتهاده الرأي في صلاح أمته، والقيام فيما جمع لهم خير الدنيا و الآخرة .
يعمل...
X