قال تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }الأحزاب21- فقد أمر المولى تبارك وتعالى عباده في هذه الآية الشريفة بوجوب الإقتداء بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن هنا وجب علينا الإطلاع والتعرف على سيرة النبي (ص) وخُلُقه لكي يتسنى لنا العمل بما جاء في هذا النص القرآني أي الإقتداء والتأسي بالرسول الأكرم (ص) والواقع الذي يملي نفسه هنا والمفروض ، إن العلماء هم أدرى الناس بسيرة الرسول (ص) وأعرفهم بذلك وللأسف الشديد نرى بعض العلماء بعيدين عن سيرة الرسول وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين وهذا حتماً يرجع إلى أحد سببين لا ثالث لهما ، أما إن هؤلاء العلماء جاهلون بسيرة النبي وسيرة الأئمة الطاهرين (ع) وهذا حتماً أمراً ليس باليسير بل إنه إن دل على شيء فإنه يدل على إن هؤلاء العلماء لا يحملون من هذا اللقب إلا اللفظ الظاهري وهم في الواقع لا علم لهم . وأما أن يكونوا عالمين بتلك السيرة لكنهم معرضين عنها وعن العمل بها وبالتالي فهم لا يريدون الإقتداء بسيرة النبي الأكرم (ص) وسيرة الأئمة المعصومين (ع) ، وهذا أشد من سابقه ومما دعانا إلى كتابة هذا الموضوع هو وجود بعض الظواهر السلبية في المجتمعات العلمية وللأسف الشديد . وبصورة أدق وجود بعض العلماء الذين يخالفون سيرة النبي الخاتم (ص) وسيرة أهل بيته (ع) حيث نرى البعض من العلماء حينما يخرجون إلى الشارع يسير خلفهم الكثير من الناس بشكل ملفت للنظر وهذا الأمر في الواقع مخالف لما جاء في سيرة النبي (ص) وأمير المؤمنين (ع) والأئمة من ولده (ع) ثم إن له مردوداً سلبياً على الشخص مهما كان مقامه لأنه يؤدي شيئاً فشيئاً ومن دون أن يشعر ذلك العالم إلى عدة أمراض أخلاقية كالعجب والتكبر وغيرها وقد نهى النبي (ص) في أكثر من مورد عن سير المسلمون خلفه إذ كان أمير المؤمنين (ع) الذي هو نفس النبي (ص) في آية المباهلة {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ }آل عمران61 -وقد نهى عن هذا الفعل في أحلك الظروف وأشدها حيث كانت الكوفة تضطرب من الفتن التي كانت تعصف بها يومئذ وقد كثر المتربصون بأمير المؤمنين (ع) الذين كانوا يحاولون قتله وكان أصحاب الإمام (ع) يومها في أشد الألم والحزن ويمرون بأصعب الساعات حينما يخرج الإمام (ع) ليقضي حوائج المؤمنين ويعض الناس وما إلى ذلك من شدة خوفهم عليه مع ذلك فإن الإمام (ع) كان يرفض أن يسير أحد خلفه فضلاً عن جماعة وهذا الأمر ليس غريباً فقد شهدنا في حياة السيد الشهيد الصدر (قدس) نفس الأمر الذي نراه في وقتنا هذا معه إلا إنه لم يرضى أو يسكت على هذا التصرف بل رفضه بشدة ونهر من كان يسير خلفه من طلبة العلوم الدينية وغيرهم وقد ذكر في وقتها ما قد يصيب المرء من أمراض أخلاقية نتيجة هذا الفعل الذي يخالف السيرة المحمدية العلوية التي ندعي نحن اليوم إننا نسير عليها وملتزمون بها ، في الحقيقة إن على هؤلاء العلماء أن يتركوا هذا الفعل وأن ينهوا من يحاول أن يظهر هذه الأفعال التي تدعوا إلى الجاهلية لا إلى الإسلام كما إن على الناس ان ينتبهوا لأفعالهم هذه وأن يسألوا عن كل صغيرة وكبيرة شاردة أو واردة لأنهم لن ينفعهم هذا العمل الذي يتقرب به من فلان وفلان فهذا لا يرضي الله ورسوله وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين وليس صحيحاً ما يشاع من قول (ذبهة براس عالم واطلع منها سالم ) فكلنا مسؤولون عن أفعالنا ومأمورون بالتعلم والمعرفة لا الاعتماد على ما يقوله زيد وعمر حتى وإن كان زيد وعمر عالمان لأن العالم كما أكد ذلك العلماء أنفسهم معرض للخطأ والصواب لأنه ليس معصوماً والصواب حتماً من الله عز وجل لأنه حق والحق لا يصدر منه إلا الحق أما الخطأ فهو من الشيطان لأنه باطل والباطل مرده ومرجعه الشيطان فنحن إن أطعنا أحد في خطأ وعملنا على ضوء ذلك فإننا قد أطعنا الشيطان والعياذ بالله.