نحن والكبرياء والمجاملات..إلى أين؟!
من أسوأ الصّفات في كثير منّا أنهُ لا يُحبّ من يُوجهه وينصحه !
حتّى انقلبتْ الموازين في هذا الزّمان، وأصبحَ النّاصح من الناس مكروه مبغوضٌ عند كثير من النّاس،
في حين أصبح السَّاكتُ عن الأخطاء والمُنكرات مُجاملةً لغيره محبوب في نظر الكثيرين!
بحيث صارتْ المُجاملات والإبتسامات المُزيّفة ، هي ميزان المحبة والمودة عند الكثيرين،
فبمقدار ما تُجاملني بإبتساماتٍ مُصطنعة ، وتسكتْ عن أخطائي، فأنتَ محبوب عندي،،
وإن شخصّتَ أخطائي وعيوبي فأنتَ مبغوضي الذَّي لا أطيق..!
والأسوأ .. من ذلك
أنَّ هُناك من يُبرر سببَ رفضّه للنَّصيحة، وعدم قبوله لها، حينما يتذرّع بأنها قد صدرتْ علناً وليستْ سرّاً،
و يجعل من ذلك شمّاعة هروب من قبول محتوى النَّصيحة والتفكّر فيها،
بحيث يصب كل تركيزه على توافه ظنية تضر ولا تنفع(لماذا نصحني أمام فلان ، لماذا سعى لإحراجي...إلخ)..
وغيرها من التساؤلات القائمة على الظنون فقط..ويُغفِل الأمر الأهم وهو نفس محتوى النصيحة!
في محاولة هروب من إعترافه بالخطأ
بل ويبذل جهداً في تقوية كلامهِ وتبريراتهِ بالإستشهاد بكلمات آل محمد عليهم السلام، مثلاً حين يقول جوادهم عليه السّلام:
[من نصحَ أخاه سراً فقد زانه، ومن نصحَ أخاهُ جهراً فقد شانه].[أعلام الهداية-ج11]
وهنا نقول:
نعم هذا الكلام صحيح، لا غبار عليه..
ولكنّ !!
الرواية السّابقة ليستْ هيَ الرّواية الوحيدة التّي تحدّث بها آل محمد عليهم السّلام،، حتّى نتعلق بها وحدها وفقاً لأمزجتنا وأهوائنا،
فنتمسّك من كلماتهم بما وافق المِزاج، ونترك ما خالف المزاج
ما هكذا يكون التعامل مع روايات آل محمد عليهم السّلام..!
من المُفترض أن نقرأ جميع ترآثهم، لمعرفة أي المواطن نطبّق فيها الرواية الفلانية وأيّها لا..
فليستْ النصيحة سرّاً هي الطريق الصحيح في جميع الظروف والأحوال..،
قد تكون نصيحة السِّر مناسبة ومؤثرة في مواطن وفي أشخاص،
وقد لا تُؤثر في أشخاص آخرين، فلا يرتدعوا عن الإستمرار في الخطأ..
فهل يتم السكوت عن الخطأ في مثل هذه الحالات..؟!
-أعني: النصيحة سرا-؟!
يقول إمامنا أمير المؤمنين في وصيته للإمام الحسن عليهما السلام بشأن النَّصيحة والتناصح:
"امحض أخاك النصيحة , حسنة كانت أو قبيحة".[بحار الأنوار-ج71]
فهلا تأملنا العبارة جيّداً وتدبّرنا في معانيها .. وتساءلنا:
هل تُوجد نصيحة قبيحة..؟!
أم ماهو المقصود أصلاً..؟!
من جملة المعاني التي يذكرها العلماء لعبارة الإمام هو التالي،، يقولون:
[[هو وصيته إيّاه أن يُمحِّض أخاه النَّصيحة سواء كانت مما لا يُستحيا من ذكرها و شياعها، أو كانتْ مما يُستحيا من ذكرها و استفاضتها بين النَّاس]]
ولا يُوجد تعارض بين الرواية الأولى في نصيحة السّر، وهذه الرّواية
فإنهُ لكلّ منهما ظروفها التّي تُطبّق بها، ويحتمل فيها التأثير كما أسلفنا..
لأنها - أي النصيحة - في الأخير هي منهج متغير وليس ثابت؛ لأن أسلوبها وطريقتها محكوم بالظروف والمعطيات..
فالأصل في بذل النَّصيحة للآخر أن يجعلها سرّاً ، إذا احتمل التأثير
ولكن إذا كان النُّصح في السّر لا يؤثر، ولا يردع صاحبهُ عن الخطأ وعن الإستمرار فيه،
فهنا يأتي دور النصيحة في العلانية، وإن كانت ثقيلة على نفس المُتلّقي لها، مادامت تضع حداً للتمادي في الخطأ..
لأنّ الهدف هو قطع دابر الخطأ، وتصويبه..
فلا مكان (للمُجاملات) في مقام تصويب الأخطاء ، لأنها تُعيق هذا الهدف..
❄ ❄
فهذا إمامنا الباقر عليه السلام يحكي عن جدّه أميرُ المؤمنين عليهما السلام، يقول:
"خيرُ الإخوان أقلُّهم مُصانعةً في النَّصيحة".[ميزان الحكمةج1]
ومعنى مُصانعة أي مُجاملة..
يعني :لا يُجامل في مقام النصيحة..
وفي موضع آخر يقول:
"خير إخوانك من كثر إغضابهُ لكَ في الحق".[ميزان الحكمة-ج1]
ويقولُ صادق العترة عليه السلام:
" أحبُّ إخواني إليَّ من أهدى عيوبي إلي ".[بحار الأنوار-ج74]
فهل نملك "شجاعة" للتّخلص من آفة الكبرياء بدواخلنا والمانعة لنا من قبول الحقّ؟❓❗ (منقول)
تعليق