تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
والفجر * وليالٍ عشر * والشفع والوتر * والليل اذا يسر * هل في ذلك قسمٌ لذي حجر * الم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد * وثمود الذين جابوا الصخر بالواد * وفرعون ذي الاوتاد * الذين طغوا في البلاد * فاكثروا فيها الفساد * فصبّ عليهم ربك سوط عذاب * ان ربك لبالمرصاد * فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه ونعمه فيقول ربي اكرمن * واما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي اهانن * كلا بل لاتكرمون اليتميم * ولاتحاظون على طعام المسكين * وتاكلون التراث اكلاً لماً * وتحبون المال حباً جماً * كلا اذا دكت الارض دكاً دكاً * وجاء ربك والملك صفاً صفاً * وجيئ يومئذٍ بجهنم يومئذٍ يتذكر الانسان وانى له الذكرى * يقول يالتيني قدمت لحياتي * فيومئذ لايعذب عذابه احد * ولايوثق وثاقه احد * يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية * فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي * صدق الله العلي العظيم
(والفجر) الفجر هو الامام المهدي(ع) اي معنى ظهوره (عج) فقد ورد عن جابر الجعفي عن الصادق(ع) قال:{(والفجر) هو القائم(ع) } والفجر هو انفجار النور مبدداً للظلام ، فينفجر نور دعوة الامام المهدي(ع) الى الافاق . وكما هو معلوم لدى الجميع فهناك فجران هما الفجر الصادق والفجر الكاذب ، فالفجر الصادق يكون نوره بشكل افقي وشامل فهو يمثل الدعوة الحقيقية للامام المهدي(ع) وانطلاق الرايات السود من خراسان بقيادة وزير الامام المهدي(ع) الذي يعود نسبه الى الامام الحسن المجتبى (ع) وهم الذين يدفعون بالامر الى الامام المهدي(ع) والذين امرنا رسول الله (ص) ان ناتيهم ولو حبواً على الثلج فقد ورد في الملاحم عن عبد الله عن رسول الله (ص) قال
.... حتى يخرج قوم من ها هنا وأومى بيده نحو المشرق معهم رايات سوداء يسالون الحق فلايُعطونه ويسالون فلا يُعطون فيقاتلون ويصبرون فيعطون ماسالوا فلايقبلونه حتى يدفعونها الى رجل من اهل بيتي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً فمن ادركهم فلياتهم ولو حبواً على الثلج) ، اما الفجر الكاذب فيكون نوره بشكل عمودي وجزئي وهو يمثل دولة بني العباس الظالمة والمعادية لدعوة الامام المهدي(ع) والتي تكون قائمة في وقتها ، فهم ايضاً اصحاب رايات سود وينطلقون من المشرق (خراسان) ويدعون لاهل البيت والامام المهدي(عليهم السلام) كذباً وزوراً ويدّعون كذلك ان انسابهم تعود لاهل البيت وهي دولة بني العباس الثانية التي تحكم في اخر الزمان وهم ياتون بنعي الاسلام وان رسول الله (ص) ينهانا من السير تحت لوائهم والانخراط في صفوفهم ويشدد على ذلك كثيراً بحرمانه من الشفاعة ، وهو عكس ما امرنا (ص) في امر الرايات السود الحقيقية التي فيها نصرة الامام المهدي(ع) حيث امرنا في الرواية السابقة ان ناتيهم ولو حبوا على الثلج ، فقد ورد في الملاحم عن عمر قال :سمعت رسول الله (ص) يقولاذا اقبلت رايات ولد العباس من عقبات خراسان جاؤوا بنعي الاسلام فمن سار تحت لوائهم لم تنلهم شفاعتي يوم القيامة). وهنا ستكون مرحلة الاختبار والابتلاء الحقيقي للناس بين الفجر الكاذب والصادق فلايعرف الفجر الصادق ويميزه الا من له خبرة في هذا الامر وهم المؤذنون الذين يكونون مقام الشاهدين والراعين فهم يقومون بدعوة الناس للامام المهدي(ع) وهنا سينقسم الناس الى عدة اقسام :
القسم الاول :- وهم اهل الدنيا النائمون الذين يكونون بعيدين عن الدين فهم حتى لايصلون وغارقون في النوم فقد ورد عن امير المؤمنين (ع)( الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا) فهم ليس لهم نصرة للامام المهدي(ع) .
القسم الثاني :- هم الذين ناموا واستيقظوا ورأ وا الفجر الصادق وقالوا كلا انه ليس بالفجر الصادق ثم ناموا وهم الشاكين والمترددين( فهم في ريبهم يترددون).
القسم الثالث:- وهم الذين يسهرون الليل ويصلون النوافل والناس نيام وينتظرون الفجر والأذان وهم الذين يبحثون عن ممهدي دعوة الامام المهدي(ع) والذين يوفقون للاتصال بهم والمشاركة في نشر دعوته (ع) وهم المنتظرين لامر الامام والذين يوفقهم الله تعالى لنصرة وليه القائم المنتظر(ع) .
(وليالٍ عشر) وهي ليالي عاشوراء العشر الاوائل التي يقسم بها الله جل وعلا ومعنى ذلك قسمه تبارك وتعالى بمرحلة التهيئة لقيام الامام المهدي(ع) حيث ان هذه الليالي العشرة تمثل تلك المرحلة التي تبدا من واحد محرم ولغاية العاشر من محرم والتي يبدا فيها الامام (ع) بالبكاء والنحيب وتذكر امر الحسين(ع) وواقعة الطف الاليمة استعداداً لقيامه المقدس في العاشر من محرم الحرام .
(والشفع والوتر) الوتر هو وزير الامام المهدي(ع) والشفع هم نقباء الامام والذين يكون بضمنهم وزيره ايضاً .
(والليل اذا يسر) هي انقضاء دولة الباطل والظلم دولة بني العباس والتي تسببت في نشر مستلزمات الظلام .
(هل في ذلك قسم لذي حجر) هل لكم عبره بهذه الاقسام؟ لماذا لاتعتبرون فهي عبره لكل ذي لب؟
(الم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد) ( ارم بغداد) و(ذات العماد) ان ابنيتها وقصورها محكمة بالعمد وهو مايعرف حالياً (بالدبل فاليوم) و(والتي لم يخلق مثلها في البلاد) هو قول اهلها ومدحهم لها ولما فيها كما ذكرت ذلك الروايات ، وقوله(الم تر كيف فعل ربك بعاد) هو دلالة على خراب بغداد التي تذكرها روايات اهل بيت العصمة (بالزوراء) وخرابها هو علامة من علامات الظهور المقدس، فقد ورد في بحار الانوار ج53- في ذيل صديق المفضل عن الصادق(ع) قال......والله لايبقى من اهلها في الدنيا حتى يقال : انها هي الدنيا، وان دورها وقصورها هي الجنة ، وان بناتها هن الحور العين ، وان ولدانها هم الولدان ، وليظن ان الله لم يقسم رزق العباد الابها ، وليظهرن فيها من الامراء على الله وعلى رسوله(ص) الحكم بغير كتابه ، ومن شهادات الزور ، وشرب الخمور واتيان الفجور ، واكل السحت وسفك الدماء لايكون في الدنيا كلها الا دونه ، ثم ليخربها الله بتلك الفتن وتلك الروايات ، حتى ليمر المار فيقول: ها هنا كانت الزوراء) .
(وثمود الذين جابوا الصخر بالواد) : ثمود هم قسم من الشيعة والواد هو الوادي المقدس في النجف الاشرف وهم (رجال الدين المنحرفين وعلماء السوء) الذي بنوا بيوتهم بالصخر ويزخرفونها بالمرمر، وقد ورد في الزام الناصب ج1- عن ابي عبد الله(ع) عن ثمود قالثمود رهط من الشيعة فان الله تعالى يقول (فاما ثمود فهديناهم فأستحبوا العمى على الهدى فاخذتهم صاعقة العذاب الهون) فهو السيف اذا قام القائم) .
(وفرعون ذي الاوتاد)فرعون هم بني العباس اي ان آل فرعون هم بني العباس ، وان فرعون ذو الاوتاد هو فرعون ذلك الزمان الذي كان يعذب المؤمنين اشد التعذيب وذلك بربطهم الى اشجار النخيل وغرس الاوتاد في افخاذهم وعضودهم ، وان حكومة بني العباس ستقوم بنفس المنهج مع اختلاف الطريقة وتوافق الشدة في الجور والتعذيب ، وقد ورد في دلائل الامامة عن عبد الله بن مسعود قالكنا حول رسول الله(ص) فأقبلت فتية من بني هاشم فلما نظر اليهم اغرورقت عيناه ، فقلنا: يارسول الله لانزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه ، فقال: إنا اهل بيت اختار الله لهم الاخرة ، وسيلقون بعدي تطريداً وتشريداً حتى يجيء قوم من ها هنا (واشار بيده الى المشرق) اصحاب رايات سود يسألون الحق فلايعطونه فاعادها ثلاثاً فيقاتلون حتى يدفعونها الى رجل من اهل بيتي فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً فمن ادرك ذلك منكم فليأته ولو حبواً) والمقصود بها دولة بني العباس التي تقوم قبل قيام الامام المهدي(ع) .
(الذين طغوا في البلاد فاكثروا فيها الفساد) هو طغيان دولة بني العباس وجورهم حيث انهم يمثلون الوزر والكفر وهم اصحاب مكر وخداع، فقد ورد في الملاحم عن عبد الله بن ابي الاشعثتخرج لبني العباس رايتان احدهما: اولها نصر، وآخرها وزر لاتنصروها لانصرها الله، والاخرى اولها وزر وآخرها كفر لاتنصروها لانصرها الله) كما ورد في غيبة النعماني عن علي بن ابي حمزة قالزاملت ابا الحسن موسى بن جعفر(ع) بين مكة والمدينة ، فقال لي يوماً : ياعلي لو ان اهل السماوات والارض خرجوا على بني العباس لسقيت الارض بدمائهم حتى يخرج السفياني ،قلت له: ياسيدي امره من المحتوم؟ قال(ع): نعم ، ثم اطرق هنيهه (اي مكث قليلاً) ثم رفع راسه وقال: ملك بني العباس مكر وخدع، يذهب حتى يقال: لم يبق منه شيء ، ثم يتجدد حتى يقال: مامر به(منه) شيء) .
(فصب عليهم ربك سوط عذاب ان ربك لبالمرصاد) هما السفياني واليماني اللذان يسلطهما الله تبارك وتعالى على دولة بني العباس الجائرة، برغم ان السفياني هو ظالم ايضاً فقد ورد الحديث القدسيالظالم سيفٌ انتقم به وانتقم منه) فيكون خراب دولتهم على يدي اليماني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب حتى تنتهي وتندثر هذه الدولة الظالمة بعد ان امهلهم الله تعالى على طغيانهم وجورهم الفاحش .
(فأما اانسان اذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن) اذا اعطى الله سبحانه الانسان قال ان الله اعطاني لكوني مستحق لهذا العطاء .
(واما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي اهانن) فيقول لقد اهانن الله كونه لم يرزقني كما رزق غيري، وهو دلالة على الامتحان الذي يكون قبل قيام الامام المهدي(ع).
(كلا بل لاتكرمون اليتيم) اي ان رجال الدين المنحرفين وعلماء السوء لايعطون اليتيم الا القليل القليل من الاموال المتكدسه عنهم فيعطونه فتاة لاتسد رمقه يوم واحد ، وهم يتبجحون كذباً بانهم سائرون على خطى امير المؤمنين(ع) كذباً وزور ويتعاملون مع الناس تعاملاً جائراً تدفعه الاهواء والمصالح الشخصية التي لاترضي الله ورسوله واهل بيته(ع).
(لاتحاضون على طعام المسكين وتحبون المال حباً جماً) اي لا انتم تطعمون المسكين ولاتحثون الاغنياء على اطعامهم وقضاء حوائجهم وهم يتكاثرون يوماً بعد اخر متشردون لا مأوى لهم الا في بعض الحضرات المقدسة و الاماكن الاخرى التي لاتمنع عنهم برد او قيض.
(وتأكلون التراث اكلاً لماً) اي تاكلون حق الامام المهدي(ع) بكل وقاحة وصلافة من دون خشية من الله او الامام المهدي(ع) ليملئون بطونهم الوسيعة ناراً فتطحنها رحى جهنم بعد ان يقطّع رؤوسهم المتحجرة الامام المهدي(عج) فهم ياكلون ميراث الامام المهدي(ع) وهو حي فقد ورد عن الصدوق في اكمال الدين بسنده عن جعفر بن محمد عن ابيه عن الحسين(ع) قال قائم هذه الامة هو التاسع من ولدي ، وهو صاحب الغيبة وهو الذي يقسم ميراثه وهو حي) وان حبهم الكبير للمال اعمى بصيرتهم فظلوا واظلوا ، وقد ورد في المستدرك عن الامام الصادق(ع) عن ابائه عن امير المؤمنين(ع) قالان في جهنم رحى تطحن خمساً افلا تسالون ماطحنها؟ فقيل له فما طحنها ياامير المؤمنين؟ قال: العلماء الفجرة والقراء الفسقة والجبابرة الظلمة والوزراء الخونة والعرفاء الكذبة)
(كلا اذا دكت الارض دكاً دكاً) اي ان الارض تخرب وتتكسر من كثرة الحروب التي تحدث .
(وجاء ربك والملائكة صفاً صفاً) وهو مجيء الامام المهدي(ع) وهو رب الارض ومربي الناس فقد ورد في تفسير قوله تعالى واشرقت الارض بنور ربها) قال الامام الصادق(ع) (اشرقت بنور المهدي(ع)) وهذا المعنى ورد اطلاقه في كثير من الحالات كرب الاسرة، ورب العمل ، ورب النعمة، فقد قال تعالى حكاية عن يوسف( وقال للذي ظن انه ناج منهما اذكرني عند ربك) فقد سمى يوسف (ع) وهو نبي من انبياء الله عزوجل عزيز مصر بالرب ، وقد اقر ذلك سبحانه وتعالى بذكره لهذه الاية الكريمة، فان المولى تبارك وتعالى هو رب الارباب ورب كل شيء ، وهنا ننصح الناس ان لايقعوا في نفس الانحراف الذي وقع فيه النصارى بخصوص نبي الله عيسى(ع) فلا عبوديه ولا الوهية . وان الامام المهدي (ع) هوسورة محمد(ص) خاتم النبيين حيث ان روحه سترجع مسددةً للامام المهدي(عج) . اما الملائكة فهي تصطف صفوف خلف الامام المهدي(ع) مؤتمرة بامره ونهيه فقد ورد في الاكمال ص629 عن الصادق(ع) كأني انظر الى القائم(ع)على ظهر النجف -الى ان قال - فاذا نشر راية رسول الله(ص) انحط اليه ثلاثة عشر الف ملك وثلاثة عشر ملكاً كلهم ينظرون (ينتظرون) الى القائم وهم الذين كانوا مع نوح(ع) في السفينة ، والذين كانوا مع ابراهيم الخليل(ع) حيث القي في النار، وكانوا مع عيسى(ع) حيث رفع، واربعة الاف مسومين ومردفين، ثلاثمائة وثلاثة عشر ملكاً يوم بدر ، واربعة الاف ملك الذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي(ع) الى يوم القيامة ومابين قبر الحسين الى السماء مختلف الملائكة).
(وجيء يومئذٍ بجهنم يومئذٍ يتذكر الانسان وانى له الذكرى) بعد مجيء جهنم يتذكر الانسان المكذب والمستزئ بدعوة الامام المهدي(ع) يتذكر النذير والبشير والداعي الى الامام المهدي(ع) ويتذكر رفضه وتكذيبه لذلك وهو نادم ومتحسد اما (جهنم) فهو سيف الامام المهدي(ع) فما ضرب به احد الا اسقطه في قعر جهنم وبئس المصير ، وهو يمثل امر الله تعالى فقد ورد في تفسير قوله تعالى (اتى امر الله فلا تستعجلوه) عن اهل بيت العصمة(ع)امر الله هو الامام المهدي(ع)) ، فتذكر هذا الانسان المكذب بالداعي الى المهدي الذي اتاه وذكره بالمهدي(ع) لافائدة منه فقد انقضت المهلة وانتهى الامر.
(يقول ياليتني قدمت لحياتي) ياليتني صدقت داعي الحق وصدقت دعوة الامام المهدي(ع) وكنت من انصاره وليس من اعدائه ومكذبي دعوته ، وهنا لابد من اعمال تقدمها لنصرة الامام المهدي(عج) لكي تنجو من جهنم (سيف الامام) وليس فقط التصديق بالقول من غير الفعل المطلوب لنصرة الامام ودعوته .
(فيومئذٍ لايعذب عذابه احد) فلا يعذب احد من الامم السابق كعذابه الذي يعذبه الامام المهدي(ع).
(ولايوثق وثاقه احد) فانه يوثق بالحجج الدامغة التي اوثقته اضافة الى العذاب الذي نزله فهو موثق بالحجج والعذاب.
(يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) ان النفوس ثلاثة وهي: النفس الامارة واللوامه والمطمئنة ، فالنفس الامارة هي اماره بالسوء والنفس واللوامة هي التي تلوم صاحبها حين المعصية ، اما النفس المطمئنة فهي التي وصلت الى درجة الاطمئنان واليقين لامر المعصوم وهؤلاء هم اصحاب الامام المهدي(ع). و(ارجعي الى ربك راضية مرضية) اي ارجعي الى مربيك الامام المهدي(ع) حيث ان الامام يرجي نفوس اصحابه فينالون الجزاء الاوفى .
من فكر السيد ابو عبد الله القحطاني
والفجر * وليالٍ عشر * والشفع والوتر * والليل اذا يسر * هل في ذلك قسمٌ لذي حجر * الم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد * وثمود الذين جابوا الصخر بالواد * وفرعون ذي الاوتاد * الذين طغوا في البلاد * فاكثروا فيها الفساد * فصبّ عليهم ربك سوط عذاب * ان ربك لبالمرصاد * فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه ونعمه فيقول ربي اكرمن * واما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي اهانن * كلا بل لاتكرمون اليتميم * ولاتحاظون على طعام المسكين * وتاكلون التراث اكلاً لماً * وتحبون المال حباً جماً * كلا اذا دكت الارض دكاً دكاً * وجاء ربك والملك صفاً صفاً * وجيئ يومئذٍ بجهنم يومئذٍ يتذكر الانسان وانى له الذكرى * يقول يالتيني قدمت لحياتي * فيومئذ لايعذب عذابه احد * ولايوثق وثاقه احد * يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية * فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي * صدق الله العلي العظيم
(والفجر) الفجر هو الامام المهدي(ع) اي معنى ظهوره (عج) فقد ورد عن جابر الجعفي عن الصادق(ع) قال:{(والفجر) هو القائم(ع) } والفجر هو انفجار النور مبدداً للظلام ، فينفجر نور دعوة الامام المهدي(ع) الى الافاق . وكما هو معلوم لدى الجميع فهناك فجران هما الفجر الصادق والفجر الكاذب ، فالفجر الصادق يكون نوره بشكل افقي وشامل فهو يمثل الدعوة الحقيقية للامام المهدي(ع) وانطلاق الرايات السود من خراسان بقيادة وزير الامام المهدي(ع) الذي يعود نسبه الى الامام الحسن المجتبى (ع) وهم الذين يدفعون بالامر الى الامام المهدي(ع) والذين امرنا رسول الله (ص) ان ناتيهم ولو حبواً على الثلج فقد ورد في الملاحم عن عبد الله عن رسول الله (ص) قال
.... حتى يخرج قوم من ها هنا وأومى بيده نحو المشرق معهم رايات سوداء يسالون الحق فلايُعطونه ويسالون فلا يُعطون فيقاتلون ويصبرون فيعطون ماسالوا فلايقبلونه حتى يدفعونها الى رجل من اهل بيتي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً فمن ادركهم فلياتهم ولو حبواً على الثلج) ، اما الفجر الكاذب فيكون نوره بشكل عمودي وجزئي وهو يمثل دولة بني العباس الظالمة والمعادية لدعوة الامام المهدي(ع) والتي تكون قائمة في وقتها ، فهم ايضاً اصحاب رايات سود وينطلقون من المشرق (خراسان) ويدعون لاهل البيت والامام المهدي(عليهم السلام) كذباً وزوراً ويدّعون كذلك ان انسابهم تعود لاهل البيت وهي دولة بني العباس الثانية التي تحكم في اخر الزمان وهم ياتون بنعي الاسلام وان رسول الله (ص) ينهانا من السير تحت لوائهم والانخراط في صفوفهم ويشدد على ذلك كثيراً بحرمانه من الشفاعة ، وهو عكس ما امرنا (ص) في امر الرايات السود الحقيقية التي فيها نصرة الامام المهدي(ع) حيث امرنا في الرواية السابقة ان ناتيهم ولو حبوا على الثلج ، فقد ورد في الملاحم عن عمر قال :سمعت رسول الله (ص) يقولاذا اقبلت رايات ولد العباس من عقبات خراسان جاؤوا بنعي الاسلام فمن سار تحت لوائهم لم تنلهم شفاعتي يوم القيامة). وهنا ستكون مرحلة الاختبار والابتلاء الحقيقي للناس بين الفجر الكاذب والصادق فلايعرف الفجر الصادق ويميزه الا من له خبرة في هذا الامر وهم المؤذنون الذين يكونون مقام الشاهدين والراعين فهم يقومون بدعوة الناس للامام المهدي(ع) وهنا سينقسم الناس الى عدة اقسام :القسم الاول :- وهم اهل الدنيا النائمون الذين يكونون بعيدين عن الدين فهم حتى لايصلون وغارقون في النوم فقد ورد عن امير المؤمنين (ع)( الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا) فهم ليس لهم نصرة للامام المهدي(ع) .
القسم الثاني :- هم الذين ناموا واستيقظوا ورأ وا الفجر الصادق وقالوا كلا انه ليس بالفجر الصادق ثم ناموا وهم الشاكين والمترددين( فهم في ريبهم يترددون).
القسم الثالث:- وهم الذين يسهرون الليل ويصلون النوافل والناس نيام وينتظرون الفجر والأذان وهم الذين يبحثون عن ممهدي دعوة الامام المهدي(ع) والذين يوفقون للاتصال بهم والمشاركة في نشر دعوته (ع) وهم المنتظرين لامر الامام والذين يوفقهم الله تعالى لنصرة وليه القائم المنتظر(ع) .
(وليالٍ عشر) وهي ليالي عاشوراء العشر الاوائل التي يقسم بها الله جل وعلا ومعنى ذلك قسمه تبارك وتعالى بمرحلة التهيئة لقيام الامام المهدي(ع) حيث ان هذه الليالي العشرة تمثل تلك المرحلة التي تبدا من واحد محرم ولغاية العاشر من محرم والتي يبدا فيها الامام (ع) بالبكاء والنحيب وتذكر امر الحسين(ع) وواقعة الطف الاليمة استعداداً لقيامه المقدس في العاشر من محرم الحرام .
(والشفع والوتر) الوتر هو وزير الامام المهدي(ع) والشفع هم نقباء الامام والذين يكون بضمنهم وزيره ايضاً .
(والليل اذا يسر) هي انقضاء دولة الباطل والظلم دولة بني العباس والتي تسببت في نشر مستلزمات الظلام .
(هل في ذلك قسم لذي حجر) هل لكم عبره بهذه الاقسام؟ لماذا لاتعتبرون فهي عبره لكل ذي لب؟
(الم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد) ( ارم بغداد) و(ذات العماد) ان ابنيتها وقصورها محكمة بالعمد وهو مايعرف حالياً (بالدبل فاليوم) و(والتي لم يخلق مثلها في البلاد) هو قول اهلها ومدحهم لها ولما فيها كما ذكرت ذلك الروايات ، وقوله(الم تر كيف فعل ربك بعاد) هو دلالة على خراب بغداد التي تذكرها روايات اهل بيت العصمة (بالزوراء) وخرابها هو علامة من علامات الظهور المقدس، فقد ورد في بحار الانوار ج53- في ذيل صديق المفضل عن الصادق(ع) قال
......والله لايبقى من اهلها في الدنيا حتى يقال : انها هي الدنيا، وان دورها وقصورها هي الجنة ، وان بناتها هن الحور العين ، وان ولدانها هم الولدان ، وليظن ان الله لم يقسم رزق العباد الابها ، وليظهرن فيها من الامراء على الله وعلى رسوله(ص) الحكم بغير كتابه ، ومن شهادات الزور ، وشرب الخمور واتيان الفجور ، واكل السحت وسفك الدماء لايكون في الدنيا كلها الا دونه ، ثم ليخربها الله بتلك الفتن وتلك الروايات ، حتى ليمر المار فيقول: ها هنا كانت الزوراء) .(وثمود الذين جابوا الصخر بالواد) : ثمود هم قسم من الشيعة والواد هو الوادي المقدس في النجف الاشرف وهم (رجال الدين المنحرفين وعلماء السوء) الذي بنوا بيوتهم بالصخر ويزخرفونها بالمرمر، وقد ورد في الزام الناصب ج1- عن ابي عبد الله(ع) عن ثمود قال
ثمود رهط من الشيعة فان الله تعالى يقول (فاما ثمود فهديناهم فأستحبوا العمى على الهدى فاخذتهم صاعقة العذاب الهون) فهو السيف اذا قام القائم) .(وفرعون ذي الاوتاد)فرعون هم بني العباس اي ان آل فرعون هم بني العباس ، وان فرعون ذو الاوتاد هو فرعون ذلك الزمان الذي كان يعذب المؤمنين اشد التعذيب وذلك بربطهم الى اشجار النخيل وغرس الاوتاد في افخاذهم وعضودهم ، وان حكومة بني العباس ستقوم بنفس المنهج مع اختلاف الطريقة وتوافق الشدة في الجور والتعذيب ، وقد ورد في دلائل الامامة عن عبد الله بن مسعود قال
كنا حول رسول الله(ص) فأقبلت فتية من بني هاشم فلما نظر اليهم اغرورقت عيناه ، فقلنا: يارسول الله لانزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه ، فقال: إنا اهل بيت اختار الله لهم الاخرة ، وسيلقون بعدي تطريداً وتشريداً حتى يجيء قوم من ها هنا (واشار بيده الى المشرق) اصحاب رايات سود يسألون الحق فلايعطونه فاعادها ثلاثاً فيقاتلون حتى يدفعونها الى رجل من اهل بيتي فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً فمن ادرك ذلك منكم فليأته ولو حبواً) والمقصود بها دولة بني العباس التي تقوم قبل قيام الامام المهدي(ع) .(الذين طغوا في البلاد فاكثروا فيها الفساد) هو طغيان دولة بني العباس وجورهم حيث انهم يمثلون الوزر والكفر وهم اصحاب مكر وخداع، فقد ورد في الملاحم عن عبد الله بن ابي الاشعث
تخرج لبني العباس رايتان احدهما: اولها نصر، وآخرها وزر لاتنصروها لانصرها الله، والاخرى اولها وزر وآخرها كفر لاتنصروها لانصرها الله) كما ورد في غيبة النعماني عن علي بن ابي حمزة قالزاملت ابا الحسن موسى بن جعفر(ع) بين مكة والمدينة ، فقال لي يوماً : ياعلي لو ان اهل السماوات والارض خرجوا على بني العباس لسقيت الارض بدمائهم حتى يخرج السفياني ،قلت له: ياسيدي امره من المحتوم؟ قال(ع): نعم ، ثم اطرق هنيهه (اي مكث قليلاً) ثم رفع راسه وقال: ملك بني العباس مكر وخدع، يذهب حتى يقال: لم يبق منه شيء ، ثم يتجدد حتى يقال: مامر به(منه) شيء) .(فصب عليهم ربك سوط عذاب ان ربك لبالمرصاد) هما السفياني واليماني اللذان يسلطهما الله تبارك وتعالى على دولة بني العباس الجائرة، برغم ان السفياني هو ظالم ايضاً فقد ورد الحديث القدسي
الظالم سيفٌ انتقم به وانتقم منه) فيكون خراب دولتهم على يدي اليماني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب حتى تنتهي وتندثر هذه الدولة الظالمة بعد ان امهلهم الله تعالى على طغيانهم وجورهم الفاحش .(فأما اانسان اذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن) اذا اعطى الله سبحانه الانسان قال ان الله اعطاني لكوني مستحق لهذا العطاء .
(واما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي اهانن) فيقول لقد اهانن الله كونه لم يرزقني كما رزق غيري، وهو دلالة على الامتحان الذي يكون قبل قيام الامام المهدي(ع).
(كلا بل لاتكرمون اليتيم) اي ان رجال الدين المنحرفين وعلماء السوء لايعطون اليتيم الا القليل القليل من الاموال المتكدسه عنهم فيعطونه فتاة لاتسد رمقه يوم واحد ، وهم يتبجحون كذباً بانهم سائرون على خطى امير المؤمنين(ع) كذباً وزور ويتعاملون مع الناس تعاملاً جائراً تدفعه الاهواء والمصالح الشخصية التي لاترضي الله ورسوله واهل بيته(ع).
(لاتحاضون على طعام المسكين وتحبون المال حباً جماً) اي لا انتم تطعمون المسكين ولاتحثون الاغنياء على اطعامهم وقضاء حوائجهم وهم يتكاثرون يوماً بعد اخر متشردون لا مأوى لهم الا في بعض الحضرات المقدسة و الاماكن الاخرى التي لاتمنع عنهم برد او قيض.
(وتأكلون التراث اكلاً لماً) اي تاكلون حق الامام المهدي(ع) بكل وقاحة وصلافة من دون خشية من الله او الامام المهدي(ع) ليملئون بطونهم الوسيعة ناراً فتطحنها رحى جهنم بعد ان يقطّع رؤوسهم المتحجرة الامام المهدي(عج) فهم ياكلون ميراث الامام المهدي(ع) وهو حي فقد ورد عن الصدوق في اكمال الدين بسنده عن جعفر بن محمد عن ابيه عن الحسين(ع) قال
قائم هذه الامة هو التاسع من ولدي ، وهو صاحب الغيبة وهو الذي يقسم ميراثه وهو حي) وان حبهم الكبير للمال اعمى بصيرتهم فظلوا واظلوا ، وقد ورد في المستدرك عن الامام الصادق(ع) عن ابائه عن امير المؤمنين(ع) قالان في جهنم رحى تطحن خمساً افلا تسالون ماطحنها؟ فقيل له فما طحنها ياامير المؤمنين؟ قال: العلماء الفجرة والقراء الفسقة والجبابرة الظلمة والوزراء الخونة والعرفاء الكذبة) (كلا اذا دكت الارض دكاً دكاً) اي ان الارض تخرب وتتكسر من كثرة الحروب التي تحدث .
(وجاء ربك والملائكة صفاً صفاً) وهو مجيء الامام المهدي(ع) وهو رب الارض ومربي الناس فقد ورد في تفسير قوله تعالى
واشرقت الارض بنور ربها) قال الامام الصادق(ع) (اشرقت بنور المهدي(ع)) وهذا المعنى ورد اطلاقه في كثير من الحالات كرب الاسرة، ورب العمل ، ورب النعمة، فقد قال تعالى حكاية عن يوسف( وقال للذي ظن انه ناج منهما اذكرني عند ربك) فقد سمى يوسف (ع) وهو نبي من انبياء الله عزوجل عزيز مصر بالرب ، وقد اقر ذلك سبحانه وتعالى بذكره لهذه الاية الكريمة، فان المولى تبارك وتعالى هو رب الارباب ورب كل شيء ، وهنا ننصح الناس ان لايقعوا في نفس الانحراف الذي وقع فيه النصارى بخصوص نبي الله عيسى(ع) فلا عبوديه ولا الوهية . وان الامام المهدي (ع) هوسورة محمد(ص) خاتم النبيين حيث ان روحه سترجع مسددةً للامام المهدي(عج) . اما الملائكة فهي تصطف صفوف خلف الامام المهدي(ع) مؤتمرة بامره ونهيه فقد ورد في الاكمال ص629 عن الصادق(ع) كأني انظر الى القائم(ع)على ظهر النجف -الى ان قال - فاذا نشر راية رسول الله(ص) انحط اليه ثلاثة عشر الف ملك وثلاثة عشر ملكاً كلهم ينظرون (ينتظرون) الى القائم وهم الذين كانوا مع نوح(ع) في السفينة ، والذين كانوا مع ابراهيم الخليل(ع) حيث القي في النار، وكانوا مع عيسى(ع) حيث رفع، واربعة الاف مسومين ومردفين، ثلاثمائة وثلاثة عشر ملكاً يوم بدر ، واربعة الاف ملك الذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي(ع) الى يوم القيامة ومابين قبر الحسين الى السماء مختلف الملائكة).(وجيء يومئذٍ بجهنم يومئذٍ يتذكر الانسان وانى له الذكرى) بعد مجيء جهنم يتذكر الانسان المكذب والمستزئ بدعوة الامام المهدي(ع) يتذكر النذير والبشير والداعي الى الامام المهدي(ع) ويتذكر رفضه وتكذيبه لذلك وهو نادم ومتحسد اما (جهنم) فهو سيف الامام المهدي(ع) فما ضرب به احد الا اسقطه في قعر جهنم وبئس المصير ، وهو يمثل امر الله تعالى فقد ورد في تفسير قوله تعالى (اتى امر الله فلا تستعجلوه) عن اهل بيت العصمة(ع)
امر الله هو الامام المهدي(ع)) ، فتذكر هذا الانسان المكذب بالداعي الى المهدي الذي اتاه وذكره بالمهدي(ع) لافائدة منه فقد انقضت المهلة وانتهى الامر.(يقول ياليتني قدمت لحياتي) ياليتني صدقت داعي الحق وصدقت دعوة الامام المهدي(ع) وكنت من انصاره وليس من اعدائه ومكذبي دعوته ، وهنا لابد من اعمال تقدمها لنصرة الامام المهدي(عج) لكي تنجو من جهنم (سيف الامام) وليس فقط التصديق بالقول من غير الفعل المطلوب لنصرة الامام ودعوته .
(فيومئذٍ لايعذب عذابه احد) فلا يعذب احد من الامم السابق كعذابه الذي يعذبه الامام المهدي(ع).
(ولايوثق وثاقه احد) فانه يوثق بالحجج الدامغة التي اوثقته اضافة الى العذاب الذي نزله فهو موثق بالحجج والعذاب.
(يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) ان النفوس ثلاثة وهي: النفس الامارة واللوامه والمطمئنة ، فالنفس الامارة هي اماره بالسوء والنفس واللوامة هي التي تلوم صاحبها حين المعصية ، اما النفس المطمئنة فهي التي وصلت الى درجة الاطمئنان واليقين لامر المعصوم وهؤلاء هم اصحاب الامام المهدي(ع). و(ارجعي الى ربك راضية مرضية) اي ارجعي الى مربيك الامام المهدي(ع) حيث ان الامام يرجي نفوس اصحابه فينالون الجزاء الاوفى .
من فكر السيد ابو عبد الله القحطاني
تعليق