بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياكريم
كرامة النفس.. أساس البناء الأخلاقي
إنّ كرامة النفس تمثل أساس البناء الأخلاقي في الإسلام وهي رجوع الإنسان إلى ذاته وشرفه وكرامة نفسه.
- عزة النفس:
لقد ورد في كثير من التعاليم الإسلامية بيان حالة المناعة النفسية والإحساس بالشرف تحت عنوان (عزة النفس) وعلى رأسها تعبير القرآن الكريم (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (المنافقون/ 8)، يعني انّ المؤمن يجب أن يعلم أنّ العزة منحصرة بالمؤمنين، فلابدّ ولأن يكون عزيزاً، فالعزة لا تليق به وهو يليق بالعزة وهذا نوع من الاهتمام.
وكذلك الحديث النبوي الذي يقول: (اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس)، فإذا كانت لديك حاجة عند الآخرين فلا ينبغي ان تذل نفسك لدى الآخرين وتحقرها، بل يجب أن تطلب ما تريد مع عزة النفس وحفظ كرامتها، وكذلك الجملة المعروفة في نهج البلاغة حيث يقول الامام (ع) مخاطباً أصحابه: (الموت في حياتكم مقهورين والحياة في موتكم قاهرين).
فهنا نجد انّ العزة والسيادة ومسألة كرامة النفس لها قيمة عظيمة جدّاً بحيث انّ الإنسان إذا حصل عليها فلا يهم أن يكون بدنه حيا أو ميتاً، ولو فقدها فحركة البدن على الأرض لا تعني الحياة.
وكذلك قوله (هيهات منا الذلة) والتي كانت شعارا آخر في ذلك اليوم، وهناك عبارات أخرى قالها في يوم عاشوراء تتدفق بالحيوية والعزة وهي من أروع ما قيل في باب العزة كقوله (ع): "إني لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما". وكذلك ورد في كلماته (موت في عز خير من حياة في ذل). وهناك تعبير آخر أقرب حيث يقول: (الصدق عز والكذب ذل) فلابدّ أن يكون الإنسان صادقاً من جهة انّ الصدق عز للإنسان (هنا كان الصدق أساساً للعزة) والكذب ضعف وعجز والشخص الضعيف يكذب، اما الشخص القوي فلا يكذب.
ورد في نهج البلاغة في الحكمة الثانية: (ازرى بنفسه من استشعر الطمع ورضي بالذل من كشف عن ضره، وهانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه). يعني انّ الشخص الذي جعل الطمع شعاراً له فقد اشترى بذلك حقارة نفسه، فهنا ذم الطمع لأنه يورث الذل للإنسان، فالأساس في الطمع هو حقارة النفس وذلتها، ومن المكروه شرعاً أن يذكر الشخص مشكلاته لكل شخص لأن ذلك يجعل الشخص حقيراً وذليلاً. وهناك عبارة أخرى وردت في نهج الامام (ع) يقول: "المنية ولا الدنية والتقلل ولا التوسل"، وهنا أيضاً نلاحظ عزة النفس والإباء ظاهرة في هذا الحديث، فلماذا يمد الإنسان يده إلى الآخرين ولا يرضى بالقليل.
مر أمير المؤمنين (ع) أمام دكان قصاب فقال القصاب: (ان لديه لحماً جيِّداً الا أن الامام أجاب بالرفض، وانه لا يملك المال لشراء اللحم، فأجاب القصاب: اصبر حتى يحصل لديك المال، فقال الامام (ع): وأنا أقول لنفسي بأن تصبر على اللحم.
وفي حديث آخر ورد عن الإمام الصادق (ع): "لا تكن فظا غليظاً يكره الناس قربك، ولا تكن واهنا يحقرك من عرفك". "فلا تكن غليظاً ولا ضعيفاً".
يجب أن يشعر الإنسان باحساسين متضادين دائماً: أن يعرف انه محتاج للناس، وكذلك يجب أن يشعرهم بعدم الحاجة إليهم فيسلك معهم سلوك المستغني عنهم ولكن هذا المعنى لا يجتمع في وقت واحد فلابدّ وأن يكون بالنسبة إلى شيئين ومن وجهتين، والامام (ع) يوضح ذلك ويقول: "فيكون افتقارك إليهم في لين كلامك وحس بشرك ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزك".
فعندما تكون المسألة متعلقة بالعزة والكرامة فلو تنازلت قليلاً فسوف تفقد عرضك وعزتك، فهنا لا محل للاحتياج بل يجب أن تسلك معهم سلوك الاستغناء واللامبالاة وعدم الاهتمام.
وهناك بعض العبارات الواردة تحت عنوان (العلو) كما يقول القرآن الكريم: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران/ 139). والعبارة الأخرى هي تعبير عن القوة والقدرة ونوع من العودة إلى الذات وهي العبارة الواردة في حديث الامام الحسين (ع) يقول: "الصدق عز والكذب عجز"، وهنا يلتفت الإنسان إلى هذه النكتة وانه يجب أن يشعر بالقوة، وانّ الكذب والغيبة وامثال ذلك من العجز والضعف، واللين والجبن كما يقول الحديث في باب الغيبة: (الغيبة جهد العاجز) فالشخص القوي لا يبيح لنفسه أن يتحدث عن الآخرين بسوء في غيابهم.
وفي حديث آخر يقول (ع): "ليكن طلبك للمعيشة فوق كسب المضيع وترفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف).
فينبغي عليك أن تظهر بمظهر القوة ولا تظهر بمظهر الفرد الضعيف، ويقول انّ الإنسان يجب أن يذهب بنفسه لطلب المعيشة فمن الجهة الأخلاقية يعتبر قوة للشخص وعدم ذهابه دليل على ضعفه وعدم قدرته وهو المذموم في هذا الحديث.
- نفاسة النفيس:
التعبير الآخر هو (نفاسة النفيس) يعني انّ الإنسان لابدّ وان يعتبر نفسه وروحه بمنزلة الشيء النفيس الثمين، ويرى الأخلاق الحسنة متناسبة مع هذا الشيء النفيس، والأخلاق الرذيلة غير مناسبة له بل تحط من قيمته وفي هذا التعبير يجد الإنسان نفسه مالكا لرأس مال عظيم وثمين جدّاً وهو ذاته، ويقول للإنسان: احذر ان تضيع نفسك أو تلوثها لأنها ثمينة جدّاً.
يقول أمير المؤمنين (ع): "اكرم نفسك عن كل دنية فانك لن تعتاظ بما تبذل من نفسك عوضا"، إذا النفس جوهرة ثمينة فإذا استبدلتها بأي شيء فأنت مغبون، لا شيء أثمن من نفسك فهي أمر نفيس هذا يعني ان قيمة النفس فوق جميع القيم والاثمان فلا يقع شيء ثمنا لها كما لو كان شيء يمثل رمزاً لكرامة قوم أو شعب فإنه يكون فوق جميع القيم، يعني ان كل شعب لو وصل إلى الموت من الفقر فإنه غير مستعد للتنازل عنها.
وهناك أبيات من الشعر منسوبة إلى الامام علي
اثامن بالنفس النفيسة ربها وليس لها في الخلق كلهم ثمن
ويعني الامام انه جعل ثمن نفسه الله عزّ وجلّ ولا يوجد ثمن لها في جميع مخلوقات الله.
الصفة الأخرى هي الغيرة: يعني ان بعض المسائل الأخلاقية تستوحي وجودها بمقتضى غيرة الإنسان.
يقول أمير المؤمنين (ع): "قدر الرجل على قدر همته، وشجاعته على قدر انفته، وعفته على قدر غيرته".
يعني انّ الإنسان بنفس النسبة التي يغار بها على عرضه يغار على أعراض الناس، فغيرته لا تسمح له مطلقاً بالتجاوز والاعتداء على أعراض البقية.
منقول
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياكريم
كرامة النفس.. أساس البناء الأخلاقي
إنّ كرامة النفس تمثل أساس البناء الأخلاقي في الإسلام وهي رجوع الإنسان إلى ذاته وشرفه وكرامة نفسه.
- عزة النفس:
لقد ورد في كثير من التعاليم الإسلامية بيان حالة المناعة النفسية والإحساس بالشرف تحت عنوان (عزة النفس) وعلى رأسها تعبير القرآن الكريم (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (المنافقون/ 8)، يعني انّ المؤمن يجب أن يعلم أنّ العزة منحصرة بالمؤمنين، فلابدّ ولأن يكون عزيزاً، فالعزة لا تليق به وهو يليق بالعزة وهذا نوع من الاهتمام.
وكذلك الحديث النبوي الذي يقول: (اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس)، فإذا كانت لديك حاجة عند الآخرين فلا ينبغي ان تذل نفسك لدى الآخرين وتحقرها، بل يجب أن تطلب ما تريد مع عزة النفس وحفظ كرامتها، وكذلك الجملة المعروفة في نهج البلاغة حيث يقول الامام (ع) مخاطباً أصحابه: (الموت في حياتكم مقهورين والحياة في موتكم قاهرين).
فهنا نجد انّ العزة والسيادة ومسألة كرامة النفس لها قيمة عظيمة جدّاً بحيث انّ الإنسان إذا حصل عليها فلا يهم أن يكون بدنه حيا أو ميتاً، ولو فقدها فحركة البدن على الأرض لا تعني الحياة.
وكذلك قوله (هيهات منا الذلة) والتي كانت شعارا آخر في ذلك اليوم، وهناك عبارات أخرى قالها في يوم عاشوراء تتدفق بالحيوية والعزة وهي من أروع ما قيل في باب العزة كقوله (ع): "إني لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما". وكذلك ورد في كلماته (موت في عز خير من حياة في ذل). وهناك تعبير آخر أقرب حيث يقول: (الصدق عز والكذب ذل) فلابدّ أن يكون الإنسان صادقاً من جهة انّ الصدق عز للإنسان (هنا كان الصدق أساساً للعزة) والكذب ضعف وعجز والشخص الضعيف يكذب، اما الشخص القوي فلا يكذب.
ورد في نهج البلاغة في الحكمة الثانية: (ازرى بنفسه من استشعر الطمع ورضي بالذل من كشف عن ضره، وهانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه). يعني انّ الشخص الذي جعل الطمع شعاراً له فقد اشترى بذلك حقارة نفسه، فهنا ذم الطمع لأنه يورث الذل للإنسان، فالأساس في الطمع هو حقارة النفس وذلتها، ومن المكروه شرعاً أن يذكر الشخص مشكلاته لكل شخص لأن ذلك يجعل الشخص حقيراً وذليلاً. وهناك عبارة أخرى وردت في نهج الامام (ع) يقول: "المنية ولا الدنية والتقلل ولا التوسل"، وهنا أيضاً نلاحظ عزة النفس والإباء ظاهرة في هذا الحديث، فلماذا يمد الإنسان يده إلى الآخرين ولا يرضى بالقليل.
مر أمير المؤمنين (ع) أمام دكان قصاب فقال القصاب: (ان لديه لحماً جيِّداً الا أن الامام أجاب بالرفض، وانه لا يملك المال لشراء اللحم، فأجاب القصاب: اصبر حتى يحصل لديك المال، فقال الامام (ع): وأنا أقول لنفسي بأن تصبر على اللحم.
وفي حديث آخر ورد عن الإمام الصادق (ع): "لا تكن فظا غليظاً يكره الناس قربك، ولا تكن واهنا يحقرك من عرفك". "فلا تكن غليظاً ولا ضعيفاً".
يجب أن يشعر الإنسان باحساسين متضادين دائماً: أن يعرف انه محتاج للناس، وكذلك يجب أن يشعرهم بعدم الحاجة إليهم فيسلك معهم سلوك المستغني عنهم ولكن هذا المعنى لا يجتمع في وقت واحد فلابدّ وأن يكون بالنسبة إلى شيئين ومن وجهتين، والامام (ع) يوضح ذلك ويقول: "فيكون افتقارك إليهم في لين كلامك وحس بشرك ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزك".
فعندما تكون المسألة متعلقة بالعزة والكرامة فلو تنازلت قليلاً فسوف تفقد عرضك وعزتك، فهنا لا محل للاحتياج بل يجب أن تسلك معهم سلوك الاستغناء واللامبالاة وعدم الاهتمام.
وهناك بعض العبارات الواردة تحت عنوان (العلو) كما يقول القرآن الكريم: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران/ 139). والعبارة الأخرى هي تعبير عن القوة والقدرة ونوع من العودة إلى الذات وهي العبارة الواردة في حديث الامام الحسين (ع) يقول: "الصدق عز والكذب عجز"، وهنا يلتفت الإنسان إلى هذه النكتة وانه يجب أن يشعر بالقوة، وانّ الكذب والغيبة وامثال ذلك من العجز والضعف، واللين والجبن كما يقول الحديث في باب الغيبة: (الغيبة جهد العاجز) فالشخص القوي لا يبيح لنفسه أن يتحدث عن الآخرين بسوء في غيابهم.
وفي حديث آخر يقول (ع): "ليكن طلبك للمعيشة فوق كسب المضيع وترفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف).
فينبغي عليك أن تظهر بمظهر القوة ولا تظهر بمظهر الفرد الضعيف، ويقول انّ الإنسان يجب أن يذهب بنفسه لطلب المعيشة فمن الجهة الأخلاقية يعتبر قوة للشخص وعدم ذهابه دليل على ضعفه وعدم قدرته وهو المذموم في هذا الحديث.
- نفاسة النفيس:
التعبير الآخر هو (نفاسة النفيس) يعني انّ الإنسان لابدّ وان يعتبر نفسه وروحه بمنزلة الشيء النفيس الثمين، ويرى الأخلاق الحسنة متناسبة مع هذا الشيء النفيس، والأخلاق الرذيلة غير مناسبة له بل تحط من قيمته وفي هذا التعبير يجد الإنسان نفسه مالكا لرأس مال عظيم وثمين جدّاً وهو ذاته، ويقول للإنسان: احذر ان تضيع نفسك أو تلوثها لأنها ثمينة جدّاً.
يقول أمير المؤمنين (ع): "اكرم نفسك عن كل دنية فانك لن تعتاظ بما تبذل من نفسك عوضا"، إذا النفس جوهرة ثمينة فإذا استبدلتها بأي شيء فأنت مغبون، لا شيء أثمن من نفسك فهي أمر نفيس هذا يعني ان قيمة النفس فوق جميع القيم والاثمان فلا يقع شيء ثمنا لها كما لو كان شيء يمثل رمزاً لكرامة قوم أو شعب فإنه يكون فوق جميع القيم، يعني ان كل شعب لو وصل إلى الموت من الفقر فإنه غير مستعد للتنازل عنها.
وهناك أبيات من الشعر منسوبة إلى الامام علي
اثامن بالنفس النفيسة ربها وليس لها في الخلق كلهم ثمن
ويعني الامام انه جعل ثمن نفسه الله عزّ وجلّ ولا يوجد ثمن لها في جميع مخلوقات الله.
الصفة الأخرى هي الغيرة: يعني ان بعض المسائل الأخلاقية تستوحي وجودها بمقتضى غيرة الإنسان.
يقول أمير المؤمنين (ع): "قدر الرجل على قدر همته، وشجاعته على قدر انفته، وعفته على قدر غيرته".
يعني انّ الإنسان بنفس النسبة التي يغار بها على عرضه يغار على أعراض الناس، فغيرته لا تسمح له مطلقاً بالتجاوز والاعتداء على أعراض البقية.
منقول