وبقى باب مسجد الكوفة مغلقاً
روى آية الله الشيخ النوري (رضوان الله عليه) في كتابيه (جنة المأوى) و (النجم الثاقب) عن السيد محمد بن معصوم القطيفي وهو من الأتقياء الصالحين والعلماء الأبرار أنه دخل مسجد الكوفة مع أحد طلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف، وكان ذلك في إحدى ليالي الجمع، وكان ذلك في زمان مخوف لا يتردد على المسجد أحد دون عدّة وعدد وذلك لكثرة اللصوص في أطراف الكوفة يومذاك.
فلمّا دخلاً المسجد لم يجدا فيه سوى رجل واحد مشتغل بالعبادة فأخذا بأداء الصلوات المندوبة في مقامات مسجد الكوفة وأدعيتها فلما غربت الشمس أغلقا باب المسجد ووضعا خلفه ماوجدا من أحجار وأخشاب بحيث لا يمكن لأحد فتحه من الخارج.
يقول السيد محمد القطيفي في بيان ما جرى إغلاق باب مسجد الكوفة: لما فرغنا من الصلاة والدعاء جلسنا عند دكّة القضاء، وكان ذلك الرجل الصالح مشغولاً بقراءة دعاء كميل، فبينا نحن كذلك فإذا بطيب قد إنتشر في الهواء أحسن من المسك الأذفي وأروح للقلب من النسيم، فألتفتّ فاذا أنا بشخص جليل قد دخل المسجد من ذلك الباب المغلق وكان يرتدي زيّ أهل الحجاز، كان يمشي في سكينة ووقار وعليه هيبة وجلال وهو يقصد باب مرقد مسلم بن عقيل (عليه السّلام) فلما صار بجذائنا من طرف القبلة سلّم علينا.
أما رفيقي فلم يتمكن من الردّ وأما أنا فاجتهدت كثيراً الى أن رددت في غاية المشقة، فلّما غاب عنّا قلنا: من كان هذا ومن اين دخل فمشينا الى ذلك الرجل فرأيناه يبكي بكاء الواله الحزين فسألناه عن حقيقة الحال فقال: واظبت أربعين ليلة جمعة على زيارة هذا المسجد طلباً للتشرف بلقاء خليفة العصر وهذه الليله هي تمام الأربعين، ولم أتزود من لقائه، كنت مشغولاً بقراءة الدعاء فاذا به (عليه السّلام) واقفاً على رأسي فسألني: ماذا أقرأ، فلم أتمكن من الجواب فمضى عني كما شهدتموه.
يقول السيد القطيفي: فذهبنا الى باب المسجد فوجدناه مغلقاً على النحو الذي أغلقناه.(منقول)