البعد الالهي في شخصية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
الشيخ ابراهيم الانصاري
البعد الإلهي المعنوي في شخصية الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلّم
فهو أعلى مستوى ممّا نتصوّر ولا يقاس باحد من الناس وتكفي لذلك أسماءه الثلاثة(أحمد ، محمّد ، محمود). وهذه السماء الثلاثة ترجع إلى أصل واحد ولكنّ لكلّ منها سرّ خاص فما هو السر في هذه التسمية ؟
* الحمّد خاص بالله تعالى:
قال في أطيب البيان:" إن غير الواجب الوجود من الممكنات، ليست مؤهلة لأن تحمد لا من حيث الصفات ولا من حيث الأفعال، لأنّها جميعاً صرف الحاجة والفقر والفاقة" ثم قال :"ولو أردنا أن نتنزل من هذا المستوى إلى مستوى أدنى، وأردنا أن نسري الحمد في الممكنات، فمقام الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الكرام هم الذين يستحقون الحمد"
وأمّا أصل هذه التسمية فهو راجع إلى بداية خلق نوره، فالأحاديث تؤكّد على ذلك. فقد ورد في تفسير فرات ابن إبراهيم الكوفي:
(( عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك و تعالى كان و لا شئ فخلق خمسة من نور جلاله و اشتق لكل واحد منهم اسما من أسمائه المنزلة فهو الحميد وسمّاني محمَّدا...)) بحار الأنوار ج 37 ص 62
* أحمد :
وهذا الإسم يرجع إلى العالم العلوي وقد ورد ذكره في قوله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِــحْرٌ مُبِينٌ )
فكأنَّ الآية تريد القول بأنَّه صلى الله عليه وآله هو أحمد (أي أكثر حمداً)من عيسى و غيره من الأنبياء ، وكلُّ ذلك لا ينافي أن يكون هذا الإسن علماً للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله و سلَّم.
* محمّد :
وهو يدلّ على الكثرة والمبالغة في الحمد فله ارتباط بعالم الظاهر فالنبي الأكرم قد وقع في معرض الحمد الإلهي الصادر من الأنبياء والملائكة و البشر والجن وسائر الموجودات حتّى الجمادات .
* محمود :
في دعاء جوشن الكبير( يا خير ذاكر ومذكور يا خير شاكر ومشكور يا خير حامد ومحمود يا خير شاهد ومشهود يا خير داع ومدعو يا خير مجيب ومجاب يا خير مونس وأنيس يا خير صاحب وجليس يا خير مقصود ومطلوب يا خير حبيب ومحبوب ))
وأيضاً ورد في مقطعٍ آخر من الدعاء(يا خير الحامدين)) فمن أراد أن يحمد الله بقوله:" الحمد لله رب العالمين "، ينبغي أن يقصد من هذا الحمد، نفس حمد الله تعالى الذي حمد به نفسه. وفي دعاء الإمام السجّاد عليه السلام(بسم الله كلمه المعتصمين و مقالة المتحرزين و أعوذ بالله من جور الجائرين و كيد الحاسدين و بغى الطاغين و أحمده فوق حمد الحامدين...)) وأيُّ حمد هو فوق حمد الحامدين؟ ليس هو إلا حمده لنفسه تعالى شأنه .وفي دعاء آخر (حمدا يفوق على جميع حمد الحامدين، و يعلو على حمد كل شيء، و يفخم و يعظم على ذلك كلّه و كلمّا حمد الله شيء، و الحمد لله كما يحب الله أن يحمد ))
و أمّا السر في أنَّه سبحانه صار خير الحامدين و خير حامد و محمود و خير ذاكر و مذكور، هو إن الحمد مادام أنَّه يرتبط بمعرفة كمال المحمود ولا يعلم كمال ذاته تعالى إلا هو، فهو خير حامد ومحمود وعلى هذا يكون خير شاهد ومشهود ومن هنا قد فسّر قوله تعالى "و شاهدٍ و مشهود" بذلك.
ولكن قد ورد في القرآن في بيان شأن نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلّم ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا )(الإسراء/79).وذلك لأن كل فيض نازل على الممكنات في الدنيا والآخرة فهو من هذا البيت وهم العلّة الغائية للموجودات، ولا يخفى أن الشفاعة الكبرى من جملة مصاديق المقام المحمود ولهذا سمّي بأحمد ومحمود ومحمّد ").(منقول)