وصايا الرسول الاكرم (ص) لأبي ذر الغفاري (رض)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللَهٌمَ صَل ِعَلى مُحَمْدٍ وَآل ِ مُحَمْدٍ الْطَيّبْينَ الْطَاهِرّيْنَ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال ابو ذر (رضي الله عنه) : دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في مسجده فلم ار في المسجد احدا من الناس الا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وعلي الى جانبه جالس فاغتنمت خلوة المسجد فقلت : يا رسول الله بابي انت وامي اوصني بوصية ينفعني الله بها ، فقال : نعم واكرم بك يا ابا ذر انك منا اهل البيت واني موصيك بوصية فاحفظها فانها جامة لطرق الخير وسبله ، فانك ان حفظتها كان لك بها كفلان .
واعلم يا ابا ذر ان الله عز وجل جعل اهل بيتي في امتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن رغب عنها غرق ، ومثل باب حطة في بني اسرائيل من دخله كان امنا .
يا ابا ذر احفظ ما اوصيك به تكن سعيدا في الدنيا والاخرة .
يا ابا ذر نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ .
يا ابا ذر اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك .
يا ابا ذر اياك والتسويف باملك فانك بيومك ، ولست بما بعده فان يكن غد لك فكن في الغد كما كنت في اليوم ، وان لم يكن غد لك لم تندم على ما فرطت في اليوم .
يا ابا ذر كم من مستقبل يوما لا يستكمله ، ومنتظر غدا لا يبلغه .
يا ابا ذر كن كانك في الدنيا غريب ، او كعابر سبيل ، وعد نفسك من اصحاب القبور .
يا ابا ذر ان شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه ، ومن طلب علما ليصرف به وجوه الناس اليه لم يجد ريح الجنة .
يا ابا ذر اذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل : لا اعلمه تنج من تبعته ، ولا تفت بما لا علم لك به تنج من عذاب الله يوم القيامة .
يا ابا ذر يطلع قوم من اهل الجنة على قوم من اهل النار فيقولون : ما ادخلكم النار وقد دخلنا الجنة لفضل تاديبكم وتعليمكم ؟ فيقولون انا كنا نامر بالخير ولا نفعله .
يا ابا ذر انكم في ممر الليل والنهار في اجال منقوصة واعمال محفوظة والموت ياتي بغتة ، ومن يزرع خيرا يوشك ان يحصد خيرا ، ومن يزرع شرا
يوشك ان يحصد ندامة ، ولكل زارع مثل ما زرع .
يا ابا ذر ان الله تبارك وتعالى اذا اراد بعبد خيرا جعل ذنوبه بين عينيه ممثلة والاثم عليه ثقيلا وبيلا واذا اراد بعبد شرا انساه ذنوبه .
يا ابا ذر طوبى لاحصاب الالوية يوم القيامة يحملونها فيسبقون الناس الى الجنة الا وهم السابقون الى المساجد بالاسحار وغير الاسحار .
يا ابا ذر من استطاع ان يبكي فليبك ، ومن لم يستطع فليشعر قلبه الحزن وليتباك ، ان القلب القاسي بعيد من الله تعالى ولكن لا تشعرون .
يا ابا ذر يقول الله تبارك وتعالى : «لا اجمع على عبد خوفين ولا اجمع له امنين فاذا امنني في الدنيا اخفته يوم القيامة واذا خافني في الدنيا امنة يوم القيامة .
يا ابا ذر ان العبد ليذنب الذنب فيدخل به الجنة فقلت : وكيف ذلك بابي انت وامي يا رسول الله ؟ قال : يكون ذلك الذنب نصب عينيه تائبا منه ، فارا الى الله عز وجل حتى يدخل الجنة .
يا ابا ذر اني البس الغليظ ، واجلس على الارض ، والعق اصابعي ، واركب الحمار بغير سرج ، واردف خلفي ، فمن رغب عن سنتي فليس مني .
يا ابا ذر اني قد دعوت الله جل ثناوه ان يجعل رزق من يحبني الكفاف وان يعطي من يبغضني كثرة المال والولد .
وقال : فقلت : يا رسول الله اي المؤمنين اكيس قال : اكثرهم للموت ذكرا واحسنهم له استعدادا .
يا ابا ذر اذا اتبعت جنازة فليكن عقلك فيها مشغولا بالتفكر والخشوع واعلم انك لا حق به .
يا ابا ذر ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه .
يا ابا ذر الحق ثقيل مر والباطل خفيف حلو ، ورب شهوة ساعة توثر حزنا طويلا .
يا ابا ذر حاسب نفسك قبل ان تحاسب فهو اهون لحسابك غدا ، وزن نفسك قبل ان توزن ، وتجهز للعرض الا كبر يوم تعرض لا تخفى على الله خافيه .
يا ابا ذر الكلمة الطيبة صدقة وكل خطوة تخطوها الى الصلاة صدقة ، يا ابا ذر ان الله تعالى يعطيك ما دمت جالسا في المسجد بكل نفس تنفست درجة في الجنة وتصلي عليك الملائكة وتكتب لك بكل نفس تنفست فيه عشر حسنات وتمحى عنك عشر سيئات يا ابا ذر ان الله تبارك وتعالى لا ينظر الى صوركم ولا الى اموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم .
يا ابا ذر من ملك ما بين فخذيه وبين لحييه دخل الجنة ، قلت يا رسول الله انا لنؤخذ بما ينطق به السنتنا ، قال : يا ابا ذر وهل يكب الناس على مناخرهم في النار الا حصائد السنتهم ، انك لا تزال سالما ما سكت فاذا تكلمت كتب لك او عليك .
يا ابا ذر اياك والغبية فان الغبية اشد من الزنا ، قلت : يا رسول الله لم ذاك بابي انت وامي ؟ قال : لان الرجل يزني فيتوب الى الله فيتوب الله عليه ، والغبية لا تغفر حتى يغفرها صاحبها .
يا ابا ذر من اغتيب عند اخوه المسلم وهو يستطيع نصره فنصره نصره الله عز وجل في الدنيا والاخرة ، فان خذله وهو يستطيع نصره خذله الله في الدنيا والاخرة .
1ـ البحار : ج77 ص 44 .(منقول)
تعليق