الصبر وقوة التحمل
الصبر : هو حبس النفس عمّا تنازع إليه من ضد ما ينبغي أن يكون عليه ، وضده الجزع قال :
فَإنْ تَصبِرا فالصَّبْرُ خَيْرٌ مغبَّة وإِن تجزَعا فالامرُ ماتَريانِ (1)
ومما يدعو إلىٰ تماسك الشخصية وتوازنها الصبر علىٰ الأحداث وعدم الانهيار أمام محن الأيام وخطوبها ، وقد أكد الإسلام علىٰ هذه الظاهرة بصورة خاصة ، وحث المسلمين على التحلي بها وأن من يتخلق بها فإن الله يَمنحهُ الاجرَ بغير حساب ،
قال تعالىٰ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (2) ،
وقال تعالى إِنَّمَا يُوَفَّى الصّـَٰبِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (3) ،
وقال تعالى : ( وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ) (4) ،
وقال تعالى : ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) (5) ،
وقال تعالىٰ في مدحه لنبيه أيوبَ عليه السلام : ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) (6).
إنَّ الصبر نفحةٌ من نفحات الله ، يَعتصمُ به المۆمن فيتلقى المكارهَ والمصاعب بحزمٍ ثابت ونفسٍ مطمئنة ، ولولاهُ لانهارت نفسُه ، وتحطّمت قواه ، وأصبحَ عاجزاً عن السير في رَكب الحياة ، وقد دعا الإسلامُ إلى الاعتصام به لأنه من أهم الفضائل الخُلقية ، وقد ذكرهُ القرآنُ الكريم في سبعين آية ، ولم يذكر فضيلة أخرىٰ بهذا المقدار ، وما سببُ ذلك إلا لعظيم أمره ، ولأنه من مصادر النهوض الإجتماعي ، فالأمة التي لا صَبرَ لها لا يُمكن أن تصمُدَ في وجهِ الأعاصير ، مضافاً لذلك أنه يُربي ملكاتِ الخير في النفس فما فضيلة إلا وهي محتاجةٌ إليه.
وقد أثر عنهم في ذلك الشيء الكثير من الأخبار ، فقد قال الإمام أبو جعفرعليه السلام : الجنة محفوفةٌ بالمكاره والصبر ، فمن صَبَر على المكاره في الدُنيا دخل الجنة (7) ،
وقال الإمام زين العابدين عليه السلام : الصبرُ من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا إيمان لمن لا صبرَ له (8).
إن الصبر بلسمٌ للقلوب المكلومة التي أثكلها الخطب وجار عليها الزمانُ ، وهو عزاءٌ للنفوس الحزينة التي هامت بتيار الهواجس والهموم ، وهو تسليةٌ للمعذبين يجدون فيه الاطمئنان ، وتحت كنفه ينعَمون بالراحة والاستقرار ) (9).(منقول)