بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
مع غرة شهر رجب تشرق شمس زاهرة بضياء العلم والمعرفة ، لتُضيء بشعاعها الوضاء أفكاراً طيبة تزودت بغذاء الروح والفكر من خلال الإهتداء بها لتنموا وتحمل ثماراً طيبة يؤتى أُكلها في كل حين بإذن ربها
نعم أيها المؤمنون: في اليوم الأول من شهر رجب الأصب سنة 56هـ تنورت الأرض بإشراقة سابع الأنوار المحمدية وباقر علومها الإمام محمد بن علي الباقر عليهما السلام هذا الإمام الجليل وذو المقام الرفيع الذي سلم عليه خير المرسلين قبل ولادته بعددٍ من السنين بحسب الرواية الواردة عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، حيث كان رضوان الله عليه يُردد يا باقر العلم ، يا باقر العلم فكان أهل المدينة يتعجبون مما يسمعون منه حتى وصموه بالهجر فكان يُجيبهم قائلاً: والله ما أهجر ولكني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إنك ستدرك رجلاً مني اسمه اسمي وشمائله شمائلي يبقر العلم بقراً ، وقد أوصل جابر سلام رسول الله صلى الله عليه وآله حينما رآه ذات يوم في بعض طرق المدينة ولمح فيه شمائل جده المصطفى صلى الله عليه وآله ، ولما تيقن بأنه محمد الباقر قبل ما بين عينيه وقال له بأبي أنت وأمي أبوك رسول الله صلى الله عليه وآله يُقرؤك السلام فقال الإمام عليه السلام وعلى رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته
ونحن في هذا اليوم السعيد نقرن سلامنا بسلام خير الأنام ونبعثه هدية واصلة وتحفة شاملة إلى روح وضريح مولانا باقر علوم آل محمد عليه وعليهم السلام ..
ولد عليه السلام من صلب شامخ ووعاء طاهر فأبوه سيد الساجدين وزين العابدين وسادس المعصومين الإمام علي بن الحسين عليه السلام ، وأمه السيدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى عليه وعليها السلام ، وهو أول إمام من ذرية الحسنين عليهما السلام ..
تربى عليه السلام في أحضان الإمامة فنشأ نشأة طيبة مُعطرة بعظيم الخلق ومضيئة بأنوارا لعلم المحمدي الأصيل ..
تسلم الإمامة بعد وفاة والده الإمام السجاد وكانت مدة إمامته 19 سنة زين خلالها الدنيا بجمال خلقه وطيبها بعظيم صفاته وأضاء خلالها العقول بنور علمه الزاخر فهو عيبة علم الله ومستودع علوم جده المصطفى صلى الله عليه وآله ..
عاصر عليه السلام 5 من حكام بني أمية وهم على التوالي: الوليد بن عبد الملك ، سليمان بن عبد الملك ، عمر بن عبد العزيز ، يزيد بن عبد الملك ، هشام بن عبد الملك ..
شهد عصر الإمام عليه السلام نشوء فرقاً مختلفاً وأحزاباً متصارعة وعاد كثير من الناس في عصره إلى الجاهلية والتفاخر بالأنساب وعادت الصراعات القبلية بتشجيع من حكام بني أمية ليسيطروا على العقول والأفكار ويتسيدوا على النفوس ، بنشر الفساد قولاً وفعلاً ، فما كان منه عليه السلام إلا أن تصدى لذلك كله بعلمه الزاخر والوضاء ، فأقام مجالس الوعظ والإرشاد ليحفظ به دين جده صلى الله عليه وآله ليبقى نقياً صافياً بلا شوائب ولا أكدار ، صب عليه السلام جل اهتمامه على رعاية المدرسة العلوية التي أنشأها جده أمير المؤمنين عليه السلام والتي بقيت زاهرة من خلال آبائه الأطياب ، فتمكن بذلك من جذب النفوس الطيبة لينهلوا من ينابيع العلم الصافية ، ويتخرجوا علماء في العقيدة والفقه والتفسير وعلوم الكلام ، رغماً عن أنوف أهل الضلال ..(منقول)