إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بركات الاشهر الثلاثة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بركات الاشهر الثلاثة



    بركاتُ الأشهُر الثّلاثة
    تَنعمُ الإنسانيّةُ في هذه الأشهر الثّلاثة -رجب، وشعبان، وشهر رمضان المبارَك- ببركاتٍ كثيرة، وبِوِسْع النّاس الاستفادة من هذه البركات. وبطبيعة الحال يُعتَبر المبعثُ النّبويُّ الشَّريف مَبْدَأ جميع هذه البركات ".." ولا شكَّ أنَّ مِن بركات هذه الأشهر الأدعية الوارِدة فيها. «المُناجاة الشّعبانيّة» تُعتَبَر مِن أعظم المُناجاة والمعارِف الإلهيّة الّتي بِوسْعِ المُهتمِّين بها النَّهْلَ منها على قدرِ وَعيِهم واستيعابِهم.
    إنَّ عناوينَ المسائل الإلهيّة والعرفانيّة عناوينُ سهلة، بِوسعِ كلّ شخصٍ فَهمها. وهكذا المسائل الاستدلاليّة والبرهانيّة؛ فهي وإنْ كانت تَتَّسِم بالدِّقّة، إلَّا أنَّها سهلةُ الإدراك. وإذا ما تحقَّق البُرهانُ والنّتيجةُ المَرْجُوَّة منه، فإنَّ البرهانَ بالقلبِ يكون أكثر صعوبة، وهذا ما يُطلَق عليه «الإيمان». فَكَم من أصحاب البُرهان لم يوفَّقُوا للوصول إلى هذه المرتبة من الإيمان، وهذه مسألةٌ لا تَنفذُ إلى القلب إلَّا من خلال التَّلقين والتّكرار والرّياضة الرُّوحيّة. انظُروا إلى المَيْت؛ المَيْتُ غيرُ قادرٍ على إلحاقِ الضَّرَر بالإنسان، ولكنَّ الإنسان إذا ما كان وحيداً في مقبرةٍ والى جوارِ المَوْتى، يَنتابُه الخوف، لأنَّ ذلك البُرهان وتلك الضَّرورة العقليّة لم يَصِلا إلى القلب. المعنى الّذي أَدْرَكَه العقلُ ويَتَّسِم بالضّرورة، لم يَستقرّ في القلب، ولكنّ بالنّسبة لهؤلاء الّذين يعملون -على سبيل المثال- في غَسْلِ المَوْتى وعلى اتِّصالٍ دائمٍ بالمَوتى، ولأنَّه عَمَلُهم اليوميّ، فإنَّ هذا الأمر قد دَخل قلوبَهم، ولن تَجِد عندهم أيّ خوفٍ أو رَهبةٍ.
    وفي المسائل الإسلاميّة والمسائل العقليّة، فإنّ الأمرَ على هذا النَّحو أيضاً. كم مِن المسائلِ العقليّة ثبُتَتْ بالدَّليل القويّ إلَّا أنَّها لا تؤثِّر في الإنسان، لأنَّ نتيجةَ البُرهان وَصَلَت إلى العقل ولكنَّها لم تدخل القلب، لا يُوجد إيمان بها. العقلُ يُدركها ولكنَّ القلبَ لم يؤمِن بها.
    كَم مِن المسائل العرفانيّة في القرآن الكريم وفي مناجاة الأئمّة عليهم السلام، لا سيَّما «المناجاة الشّعبانيّة»، غيرَ أنَّ الأشخاصَ والفلاسفة والعرفاء الّذين بوسعهم استيعابها إلى حدٍّ ما، غير قادرين على تجسيدِها في الوجدان بسبب غياب التَّوجُّه العرفانيّ. لاحظوا قوله تعالى: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾النّجم:8-9. لقد تحدَّث المفسِّرون والفلاسفة عن هذا الموضوع، غير أنَّ الذَّوق العرفانيّ بات قليلاً..
    «إلهي واجْعَلْنِي مِمَّن ناديْتَهُ فَأَجابَك وناجَيْتَهُ فصَعِقَ لِجَلالِكَ». هذه عناوين تبدو للإنسان سهلةٌ مُتَصوَّرة. غير أنَّ أيّاً من العارِف والفيلسوف والعالِم ليس بِوسعِه أنْ يدركَ كُنْهَ المسألة، مسألةَ «فَصَعِقَ لِجلالِكَ»، الّتي مَبدؤها القرآن. وكذلك ﴿..وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا..﴾الأعراف:143، حيث يَتَصوَّر الإنسان بأنَّه سَقَط وأُغميَ عليه: «صَعِقَ». ولكن ماذا كان الصَّعق؟ ما هو صَعْقُ النّبيّ موسى؟ هذه مسألة لا يفهمُها غير النّبيّ موسى عليه السلام. وكذلك مسألة ﴿..دَنَا فَتَدَلَّى﴾ النّجم:8الّتي ليسَ بوسعِ أحدٍ أنْ يَفهمها ويُدركها ويَذوبَ فيها غير الّذي حصلَ له «الدُنُوّ». الإنسانُ بحاجةٍ إلى رياضاتٍ كثيرة حتّى يَتَسنَّى له فَهْمُ «ناجَيْتَه» بِفَتْح التَّاء، وليس «ناجيتُه» بِضَمِّ التّاء. ".."
    أسألُ الله تعالى أنْ يوفِّقَنا في هذا الشَّهرِ الكريم وكذلك شهر رمضان المبارَك، لِتَحقيقِ ولو لَمحة بسيطة من هذه الأمور في قلوبنا. على الأقلّ أن نؤمن بما تعنيه قضيّة «الصَّعْق». أنْ نؤمن بِماهِيَّة مناجاة الله مع الإنسان. أنْ نؤمن على الأقلّ بالمناجاة ولا نَقول عنها بأنَّها كلامُ دراويش.(منقول)
يعمل...
X