إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حسد الفتنة وحسد الغفلة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حسد الفتنة وحسد الغفلة

    حسد الفتنة وحسد الغفلة :
    لقد ذكرت روايات الأئمة الطاهرين بأن الله سبحانه وتعالى عندما أراد أن يخلق آدم (عليه السلام) ، وذلك بعد مضي سبعة آلاف سنة للجن والنسناس على الأرض .
    عندها قال عز وجل للملائكة أُنظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجن والنسناس ، فلما رأوا ما يعملون من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الأرض بغير الحق ، عظم ذلك عليهم وغضبواْ لله وتأسفواْ على أهل الأرض .
    وكبر عليهم الأمر وتساءلواْ عن نكرانهم ( الجن والنسناس ) لنعمة الله التي أنعمها عليهم وهم يتنعمون بها عاصين غير شاكرين لمولى النعمة ومنزلها ، وعجبواْ من حلم الله عليهم ، فلما سمع الله تعالى منهم ذلك قال :
    {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} يكون حجة في أرضي على خلقي ، فقالت الملائكة : {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا} كما أفسد بنو الجان ويسفكون الدماء كما سفك بنو الجان ، ويتحاسدون ويتباغضون ، فاجعل هذا الخليفة منا ، فإنا لا نتحاسد ولا نتباغض ولا نسفك الدماء {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} فقال عز وجل :
    {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} إني أريد أن أخلق خلقاً بيدي وأجعل من ذريته أنبياء ومرسلين وعباداً صالحين وأئمة مهتدين أجعلهم خلفاء على خلقي في أرضي ينهونهم عن معصيتي وينذرونهم من عذابي ويهدونهم إلى طاعتي ويسلكون بهم سبيلي وأجعلهم لي حجة عليهم وعذراً ونذراً .
    وأبين النسناس عن أرضي ، وأطهرها وأنقل مردة الجن العصاة عن بريتي وخلقي وخيرتي ، وأجعل بينهم وبين خلقي حجاباً فلا يرى نسل خلقي الجن ولا يجالسونهم ولا يخالطونهم ، فمن عصاني من نسل خلقي الذين اصطفيتهم أسكنتهم مساكن العصاة وأوردتهم مواردهم ولا أبالي ، فقالت الملائكة يا ربنا إفعل ما شئت :
    {لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} فباعدهم الله من العرش مسيرة خمسمائة عام نتيجة لما بدر منهم من حسد غافلين غير فاتنين ، فلاذواْ بالعرش فأشارواْ بالأصابع فنظر الرب جل جلاله إليهم ونزلت الرحمة فوضع لهم البيت المعمور ، وقال طوفواْ به ودعواْ العرش فإنه لي رضاً ، فطافواْ به وهو البيت المعمور الذي وضعه الله توبة لأرض السماء كما وضع الكعبة المشرفة توبة لأهل الأرض .
    إن هذا الأمر الذي قامت به الملائكة هو ما يسمى بـ( حسد الغفلة ) فهم عند قولهم : {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} وطلبهم من الله تعالى أن يجعل منهم ذلك الخليفة ، وبذلك هم فضلواْ أنفسهم على آدم وذريته لما رأواْ من أعمال الجن والنسناس وهي أعمال غير مرضية لله معتقدين أن هذا الخلق الجديد الذي سيخلقه الله سبحانه سيكون شأنه شأن ( الجن والنسناس ) في الظلم والإفساد .
    وعندما قالواْ اجعل هذا الخليفة منّا ، إن قولهم هذا ليس حسداً لآدم من جهة الفتنة والرد على الله والجحود بنعمته ، والذي وقع فيه إبليس ، فجعله يقيس نفسه بآدم فقال :
    {خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} ، وفات اللعين أنه لو قاس الجوهر الذي خلق الله منه آدم بالنار كان ذلك أكثر نوراً وضياءً من النار التي خلق منها إبليس ، ولو أنه قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل مابين النورين وصفاء أحدهما على الآخر ، ونتيجة هذا الحسد الذي وقع في نفس إبليس رفض اللعين الإنصياع لطاعة الله سبحانه بالسجود لآدم (عليه السلام) فرفض مستكبراً متنكراً لنعمة الله عليه فكانت نتيجته الكفر والطرد من رحمة الله تعالى ، وهو عكس ما قامت به الملائكة من تنفيذ الأمر الإلهي ، قال عز وجل :
    {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}( ) .
    ولقد ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذان النوعان من الحسد بقوله : ( الحسد حسدان حسد فتنة وحسد غفلة ، فأما حسد الغفلة فكما قالت الملائكة حين قال :
    {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} أي اجعل ذلك الخليفة منا ولم يقولوا حسداً لآدم من جهة الفتنة والرد والجحود .
    والحسد الثاني الذي يصير به العبد إلى الكفر والشرك فهو حسد إبليس في رده على الله وإبائه عن السجود لآدم (عليه السلام)( ) .
    ويحل لنا هذا الحديث الشريف لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الكثير من الاشكاليات ، فيتوضح لنا مثلاً الكيفية التي يقوم بها الأب بحسد أبنائه ، وهو يحسدهم لا من حيث البغض وتمني زوال النعمة ، بل هو في نفس نطاق حسد الغفلة .
    (منقول من كتاب الحسد/من فكر السيد القحطاني)

  • #2


    احسنت اختنا الفاضلة شكرآ لك على تواصلك في نشر علوم آل محمد عليهم السلام

    تعليق

    يعمل...
    X