دَرَجَاتٌ مُتَفَاضِلَاتٌ وَمَنَازِلُ مُتَفَاوِتَاتٌ لَا يَنْقَطِعُ نَعِيمُهَا وَلَا يَظْعَنُ مُقِيمُهَا1 وَلَا يَهْرَمُ خَالِدُهَا2 وَلَا يَبْأَسُ3 سَاكِنُهَا.4
فَلَوْ رَمَيْتَ بِبَصَرِ قَلْبِكَ نَحْوَمَا يُوصَفُ لَكَ مِنْهَا لَعَزَفَتْ نَفْسُكَ5 عَنْ بَدَائِعِ مَا أُخْرِجَ إِلَى الدنْيَا مِنْ شَهَوَاتِهَا وَلَذاتِهَا وَزَخَارِفِ مَنَاظِرِهَا وَلَذَهِلَتْ بِالْفِكْرِ فِي اصْطِفَاقِ أَشْجَارٍ غُيبَتْ عُرُوقُهَا فِي كُثْبَانِ الْمِسْكِ عَلَى سَوَاحِلِ أَنْهَارِهَا6 وَفِي تَعْلِيقِ كَبَائِسِ اللؤْلُؤِ الرطْبِ فِي عَسَالِيجِهَا وَأَفْنَانِهَا7وَطُلُوعِ تِلْكَ الثمَارِ مُخْتَلِفَةً فِي غُلُفِ أَكْمَامِهَا8 تُجْنَى مِنْ غَيْرِ تَكَلفٍ فَتَأْتِي عَلَى مُنْيَةِ مُجْتَنِيهَا9 وَيُطَافُ عَلَى نُزالِهَ
فِي أَفْنِيَةِ قُصُورِهَا بِالْأَعْسَالِ الْمُصَفقَةِ 10وَالْخُمُورِ الْمُرَوقَةِ 11 قَوْمٌ لَمْ تَزَلِ الْكَرَامَةُ تَتَمَادَى بِهِمْ حَتى حَلوا دَارَ الْقَرَارِ وَأَمِنُوا نُقْلَةَ الْأَسْفَارِ فَلَوْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ أَيهَا الْمُسْتَمِعُ بِالْوُصُولِ إِلَى مَا يَهْجُمُ عَلَيْكَ مِنْ تِلْكَ الْمَنَاظِرِ الْمُونِقَةِ12لَزَهِقَتْ نَفْسُكَ شَوْقاً إِلَيْهَا وَلَتَحَملْتَ مِنْ مَجْلِسِي هَذَا إِلَى مُجَاوَرَةِ أَهْلِ الْقُبُورِ اسْتِعْجَالًا بِهَاجَعَلَنَا اللهُ وَإِياكُمْ مِمنْ يَسْعَى بِقَلْبِهِ إِلَى مَنَازِلِ الْأَبْرَارِ بِرَحْمَتِهِ.13
1-لا يرحل المقيم فيها.
2-لا يصاب بالهرم من يخلد فيها.
3-لا يشقى.
4-نهج البلاغة، الخطبة 85.
5- لزهدت نفسك.
6- الصوت الحاصل من ضرب الأشجار بعضها ببعض، والكثبان هي التلال.
7- فروع الأشجار التامة بما فيه من ثمر، والعساليج هي الغصون، وكذلك الأفنان.
8-وعاء ثمرها.
9-كناية عن بقائه عاقلا يدرك ما يحيط به.
10-رغبة قاطفها.
11-ما يطالبه الناس من حقوق.
12-الجميلة، الخلابة
13-الخطبة 165.
المصدر:كتاب حياة القلوب (منقول)
تعليق