إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المجتمع الأسلامي تحت الأختبار والتمحيص

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المجتمع الأسلامي تحت الأختبار والتمحيص

    المجتمع تحت الإختبار والتمحيص
    ________________________________________
    إن من أهم السمات التي تؤطر المنهج الإصلاحي للإمام المهدي (عليه السلام) هو التمحيص أو الامتحان المهدوي للأمة بإختلاف مستوياتها ، وهو احد أهم الظواهر التي يتميز بها الظهور المقدس لصاحب الطلعة البهية قائم آل محمد (عليه السلام) وتشتد وتيرة هذا المنهج التمحيصي كلما زادت وقربت ساعة الظهور المقدس ، وتستهدف أعلى المستويات والنتائج التي يتمخض عنها التمحيص ، ولا يدع هذا المنهج الصارم أحدا دون غربلة وامتحان إلا ووصل إلى أعماق ذاته واخرج ما كان مضمورا ومستورا ، فإن خيرا فهو في جانب الدولة المهدوية العالمية العادلة ، ومن المستحقين لنيل شرف المشاركة في بنائها وإدارتها والعيش في كنفها ، وإن كان شراً فلن تكون هناك حاجة الى بقائه في مجتمع العدل والإنصاف والخير والرفاه والسعادة .
    ولابد هنا من الإشارة الى أن من أهم القضايا التي يستهدفها التمحيص الإلهي المهدوي ، هي ردة الفعل والتعامل للفرد المسلم تجاه القضايا والأمور التي تخص دينه ومذهبه وانتمائه سواء كان انتماءا قوميا أو اجتماعيا ، فلكل منا بوصلة (لو صح التعبير) توجهه نحو الموقف أو القرار أو الحركة تجاه ما يحصل ويدور ، لغرض التعامل أو الإجابة عن سؤال يطرحه الذهن بإستمرار من قبيل ، ما هو الموقف تجاه حالة التردي الاجتماعي على المستويين العقائدي والأخلاقي ؟ أو ماذا يريد منا الإسلام أو المذهب أو الإمام المهدي (عليه السلام) ؟
    وكيف نرضيه أو نساعد على تقليص أمد الغيبة المؤلمة ؟ كل هذه التساؤلات هي بمثابة غربلة وتمحيص وابتلاء (والتساؤلات هي من باب الأمثلة ) له مدخلية وعلاقة عضوية بدنو ساعة الفرج الموعود . هذا من جانب الفرد أم من جانب مصدر أو جهة التمحيص التي أوكل اليها الإشراف والتطبيق ، وجني الثمار ، فهو بالتأكيد الإمام صاحب العصر والزمان(عليه السلام) أو من ينوب عنه ، فهو (عليه السلام) المدير والمدبر والمخطط بإذن الله تعالى ، لمراحل التمحيص المتقدم
    ، لما يمتلكه من خصائص ومراتب عظيمة في الكمال والرقي العلمي والإنساني ، مما يؤهله وبجدارة الاطلاع على كافة المستويات الذهنية للمجتمع ، والتعامل الدقيق ، والترتيب والإبداع المتقن ، في التخطيط للأمتحانات والاختبارات التي هدفها تهيئة العقول والنفوس للتعامل مع المشروع الإصلاحي الإلهي بنجاح وتحمل تلك القوانين والعلاجات لما آلت اليه البشرية من وضع كارثي ومأساوي ، وان كان الظاهر في بعض قطاعاتها براقا المعي !! إلا انه يحوي باطنا سوداويا تدميريا .فالمسيرة المحتومة الوصول لهدفها شئنا أم أبينا لا تقبل بالضعفاء والمرجفين والمتشككين في صفوفها مطلقا ،لان الواقع الستراتيجي لتلك المسيرة يستهدف بالأساس استئصال هؤلاء جذريا، لكي يضمن النتائج الطيبة التي يتمخض عنها ،كون عملية الاستهداف كما أسلفنا تصل إلى أعماق الفرد شاء أم أبى شعر بذلك أم لم يشعر (وهي مصيبة عظيمة إذا لم يشعر الفرد أنه أخرج ما في سريرته وكشف ما بجعبته ) بداعي التصور الوهمي أنه اتخذ موقفا بناءا يتماشى مع الثوابت الإسلامية الواضحة التي يعتقد أنها لايمكن لأحد (حتى لو كان الإمام المهدي (عليه السلام) ) أن يغيرها أو يضيف عليها ، ومن المناسب هنا أن نورد ما كتبه الشهيد الصدر الثاني _قدس سره) في موسوعته المهدوية ، ج3 ص518قائلا(( إننا لو نظرنا إلى الشخص المتدين الملتزم ، نرى موقفه من تمحيص عصر ما قبل الظهور واضحا إلى حد كبير من حيث فهمه التام بأن كل الأوضاع العالمية سياسية واجتماعية وإقتصادية ، قائمة على الظلم والانحراف ....... إذن فمن اللازم على هذا الفرد المتدين أن يصمد تجاه التيار ......)
    وأردف قائلا في نفس الصفحة (ولكن هذا الفرد المتدين الملتزم ، حين يواجه دولة الحق وهو خالي الذهن عن احتمالات تصرفات الإمام المهدي (عليه السلام) وأقواله ........ وهو أيضا يحمل عن دولة الحق وعن تصرفات رئيسها مسبقات ذهنية معينة ...... إذن فمن الطبيعي أن يكون له توقعات معينة عن سيرة الإمام وقضائه ...... فمثلا يجد هذا الفرد المتدين انه من الواضح جدا في الإسلام أن يحكم القاضي طبقا لقانون البينة واليمين فسوف يمنى بالصدمة العقائدية الشديدة حين يرى إمامه وقائده يخالف قواعد القضاء ويخالف -بإعتقاده- واضحات الشريعة الإسلامية ) انتهى .
    إن ما كتبه السيد الشهيد الصدر (قدس سره) بخصوص الموقف تجاه التصرفات والأقوال والحوادث والتحركات والإصلاحات ومراحلها القاسية ، يعبر عن ظاهرة قابلة للوقوع ، وإن كان في مقام الطرح الافتراضي لإيضاح الصورة المحتلمة لردة الفعل تلك ، وعليه فإنه لابد أن يترتب على ذلك الموقف أثر أو نتيجة مأساوية مفادها الاعتراض والوقوع في هاوية الفشل العقائدي والعلمي والنفسي في هذا الامتحان العسير وكل هذا الانحراف المبطن الغير معلن ، وان كان في صورته القشرية لايشير الى ذلك الخبث والحقد والاعتراض ، لايخرج عن كونه نتيجة من نتائج حركة التمحيص المستمرة الدؤوبة ، ويترتب على ذلك نتيجة متطرفة (بمعنى من المعاني) تتخذ في بعض الأحيان عدة صور منها ،
    الصورة الأولى : فئة نجحت نجاحا باهرا بفضل القراءة الصحيحة وردة الفعل الموافقة للقانون الشرعي المتطور الذي استندت عليه عملية الغربلة والاختبار ، إن كان نجاح بعض أفرادها غير متوقع ، بحسب المنظور البسيط لأهل الفكر السطحي الهش ، علما أن هذا النجاح لايمثل نهاية النفق ، بل هو تأهيل لمرتبة متقدمة صوب نيل ارفع الدرجات التي تبشر بالنجاح وبالتالي الكشف لكل ماهو مستهدف بصورة دقيقة وشاملة . وتترشح عن هذا النجاح أيضا ارتفاعا مثيرا لمؤشر الطاعة للجهة الشرعية ، ولا ننسى أن إمكانية الفشل في القابل تبقى قائمة بحسب مستوى رقي الفرد وإدراكه لأهمية الموقف المراد اتخاذه تجاه أمامه .
    الصورة الثانية: فئة فشلت فشلا ذريعا في اختبار استهدف مستوى معين من مستويات عصر الظهور لدى أفراد وأصحاب التداخل الذهني بالذات ، لمسألة القبول والتأييد ، والرفض والاعتراض ، واعني الذين تاهوا في دوامة الأنا المظلمة التي استحوذ عليها الشيطان ، وتسلل اليها من نافذة القبول والتأييد الهشة المتهشمة ، وبالفعل ينجح(أي الشيطان) بتعظيم جانب الاعتراض والنقاش العقيم ، الذي يخفي خلف قضبانه أنياب الحقد والانتقام العقائدي ، ولعاب الجهل المطبق والغباء التام.
    والسبب يعود في ذلك الى عدم معايشة الفرد للوقائع وقلة الوعي والنباهة ومحاربة الشكوك والظنون التي تعتري النفس من جهة وتسويلات شياطين الإنس والجن من جهة أخرى والتخلف عن ركب التطور في مراحل الظهور المقدس لصاحب الطلعة البهية الإمام المهدي (عليه السلام) وإهمال فهم التقدم والانفتاح المرحلي لعجلة الظهور الميمون ، والإصرار على عدم إقحام العقل بصورة كافية للإندماج مع الحركة العصرية الموافقة لمتطلبات النجاح ، ولكن بما أن التصورات التي اعتمدها الفرد المسلم المتدين في فترة من الفترات وهي وان كانت صحيحة بعض الشيء إلا أنها لاتنفع في التعامل مع عملية الاستهداف العميق للتمحيص أو الامتحان الإلهي المقدس ، بل لن تتمكن من فهم وفك رموز ذلك الاستهداف المتطور ، والذي لديه القدرة والإمكانية للتوغل في أعماق النفس الإنسانية ، فالبقاء على تلك الذهنية البسيطة ، وذلك الانجرار خلف تأويلات النفس الأمارة بالسوء للثوابت الإسلامية الشرعية (والتي من المؤكد أنها سوف تضع صياغات معينة لتلك الثوابت تتلائم مع ما هو مخبوء في ضميمتها وان لم تفصح عنه ) ولعمري من يستطيع إخراج تلك الشوائب الشيطانية وإنهائها غير ذلك الاستهداف الذي يشرف عليه الإمام المعصوم (عليه السلام) .
    إذن فالمطلوب هو التفاعل والتطور وسرعة التكيف مع الحركة العصرية الحضارية الإسلامية بصورة عامة وما يشهده مذهبنا المقدس من تطورا ت عقائدية وعلمية في الأفكار والآراء والمواقف نابعة من واقف وافكار ومباديء اهل البيت(ع) ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، يجب تربية النفس وترويضها ، والمداومة على ترويضها في مسألة التعامل مع المواقف والأوامر الشرعية حتى لو كانت استباقية غير متوقعة ، أو ذات طابع غرائبي غير معهود ، وأن نعي دائما انه ليس كل ما نحمله من تصورات يمكن أن يتلائم أو يتوافق مع الغرض الحقيقي والشرعي من عملية التمحيص والتنقية الإلهية الشرعية .
    ويطيب لي هنا أن اختم البحث بكلمة للشهيد الصدر (قدس سره) في موسوعته الموسومة ج3 ص519(وحيث لايعرف هذا الفرد وجوه التصحيح ، فسوف يحتج انتصاراً لإعتقاده بل قد يؤول موقفه الى الشك بصدق المهدي (عليه السلام) ، إذ لو كان هو المهدي المنتظر لكان مطبقا للشريعة في حدود ضرورياتها الواضحة !!!...) .
    ولابد من النظر الى أن الدنيا في حالة سير نحو الكمال أو نحو المجتمع الإسلامي المعصوم الذي سيديره الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) .
    ولا نجعل أنفسنا ألعوبة بيد الأهواء الشيطانية ووقودا رخيصا لمن ابتعد روحا وجسدا عن الركب الحضاري والإيماني لقافلة الوعي والنباهة والإخلاص
    .
    قال الامام علي {ع} {إعرف الحق تعرف أهله}
يعمل...
X