[بسم الله الرحمن الرحيم
حوار مع السيد الحسني في لبنان
علامة واسع المعرفة في أمور الدين والدنيا يتميز بمواقفه الفكرية والسياسية الخاصة والجريئة وناشط فاعل على الصعيد الاسلامي والعربي في لبنان والدول العربية تحولت حركته التي اطلقها قبل اربع سنوات الى كرة ثلج تكبر يوما بعد يوما .
بدأ المجلس الاسلامي العربي كمحاولة لايجاد قوة شيعية ثالثة في لبنان ، تلبي حاجة الاكثرية الصامتة من اللبنانيين الرافضين لمنطق الفتنة ودعاتها ، وسرعان ما تحول الى مرجعية سياسية لكل الشيعة العرب . واصبح مكتب السيد الحسيني في بيروت مقصدا للوفود والشخصيات العربية تأتيه طلبا للنصيحة والمشورة في قضايا تهم الشيعة في الدول العربية والاسلامية ، لا سيما منها مسألة الاندماج في هذه المجتمعات ، والتعاون مع السلطات القائمة .
عندما يتعلق الامر بأي مسالة داخلية في اي دولة عربية ، يدعو السيد الحسيني الى الحوار أولا ، والى الحوار ثانيا ، والى الحوار ثالثا . فالاساس هو الحفاظ على وحدة الصف الوطني ، والحفاظ على موحدة الصف العربي عموما ، لان الامة تواجه من التحديات ما يجعل وحدتها خيارا مصيريا لا يجوز العبث به .
على المستوى الاسلامي العام ينتقد السيد الحسيني بشدة ممارسات النظام الايراني المصر على العيش في "الاوهام الثورية" حتى آخر ايراني على قيد الحياة ، وعلى سياسة "تصدير الثورة" حتى آخر شيعي في آخر دولة على سطح الكرة الارضية . يستنكر ما يتعرض له الشعب الايراني من افقار واذلال وقمع خدمة للمشروع الاستبدادي الدكتاتوري الذي يمثله نظام ولاية الفقيه .
ويؤكد السيد الحسيني أن مستقبل ايران ليس لنظام يقتل ابناءه ، تماما كما حصل للنظام السابق في عهد آل بهلوي ، انما المستقبل هو لانتفاضة الشعب الايراني الطامح الى دولة مستقرة عزيزة ، تؤمن الرفاه والحياة الكريمة لابنائها وتحفظ لهم حقوقهم في التعبير والعمل السياسي الديمقراطي .
"ميدل ايست نيوز" التقى العلامة الحسيني وكان معه هذا الحوار :
-ما هو المجلس الاسلامي العربي ، وما هي أسباب تأسيسه ؟
-المجلس الاسلامي العربي هو اطار العمل الذي يجمع كل اللبنانيين والعرب المؤمنين بدينهم وبعروبتهم ، والذين يرفضون أن تهيمن القوى الخارجية على اختلافها على مقدرات بلادهم وأمتهم . ما دفعنا الى تأسيس المجلس قبل اربع سنوات، هو إيماننا العميق بخطورة الوضع الشيعي العربي جراء تداعيات وخلفيات وسلبيات المشروع السياسي الفكري الايراني المتمثل في نظام ولاية الفقيه . وقناعتنا بضرورة وجود مشروع عربي مضاد تماما لهذا المشروع المشبوه الذي يرمي الى توريط وإشغال الشيعة العرب بصراع خطير جدا يخوضونه ضد أنظمتهم الوطنية وضد مصالح شعوبهم خدمة لذلك المشروع التوسعي الايراني . من هنا فقد آلينا على أنفسنا أن نتصدى لهذا المخطط الخطير من خلال مشروع عربي الهوية والولاء والشكل والمضمون والاهداف .
-هل نجحتم في مهمتكم ؟
-لا يعود لنا شخصيا تقييم النجاح والفشل ، بل الامر عائد للناس . ما استطيع قوله أننا رغم كل الصعوبات والتحديات والمضايقات التي تعرضنا لها ، فرضنا أنفسنا ، في لبنان بداية ، وعلى الساحة الاسلامية والعربية تاليا . وقد تحول المجلس الى مرجعية سياسية للشيعة العرب ، يقصدنا الناس من كل حدب وصوب طالبين الموقف والنصيحة والمشورة السياسية في شؤون تخص بلدانهم واوضاعها الداخلية , وهذا بذاته دليل على نجاحنا .
بعد ان أطلقنا وثيقتنا التأسيسية الاولى وجدنا ان تطورات الوضع العربي والاسلامي تتطلب قراءة أكثر عمقا فوضعنا وثيقتنا السياسية الثانية التي تقدم كل الاجابات على تساؤلات كل المواطنين العرب من شيعة وغيرهم .
-بماذا تنصحونهم بالضبط ؟
-بالحوار أولا وثانيا وثالثا عندما يتعلق الامر بمشكلة داخلية في اي دولة عربية . نحن نعتقد أن الشيعة العرب في اي دولة من الدول هم جزء لا يتجزأ من نسيجها الاجتماعي ، ملتزمون بقوانين الدولة التي اختاروها لانفسهم . لا يعادونها ولا يكون لهم اي مشروع سياسي خاص بهم . اذا وجدت لهم بعض المطالب فيمكن نيلها بالحوار مع السلطة القائمة ، ومن خلال مؤسسات الدولة . يمكن للشيعة الانخراط في الاحزاب الموجودة في بلدهم اذا كانت شرعية وقانونية ، ويحظر عليهم الانتساب الى احزاب وتنظيمات وجمعيات هدامة تخالف القانون ، وتعتمد على التمويل الخارجي ، أو تنفذ مشروعا سياسيا خارجيا .
كما أننا حذرنا ونحذر الشيعة في كل الدول العربية في الانخراط في اي عمل أمني داخل دولهم ايا تكن المبررات والذرائع .الاساس هو وحدة الصف الوطني ، وبالتالي وحدة الصف العربي . فلا يجوز لاي طرف عربي أن يتدخل في الشؤون الخاصة لدولة عربية اخرى .
-ولكن الشيعة في اي مكان في العالم يشعرون برابطة تشدهم الى ايران ، هي الرابطة المذهبية ؟
-الرابطة المذهبية مع الشعب الايراني كانت موجودة على الدوام ولكنها لم تتحول في الماضي الى رابطة سياسية ، وبكلام آخر لم تكن هذه الرابطة مبررا للتدخل الايراني في الشؤون الداخلية العربية ، ولم تكن كذلك مبررا لاي شيعي عربي بان يجعل ايران مثاله السياسي . ما حدث في ايران بعد ثورة 1979 وقيام النظام الحالي أن طهران أطلقت "سياسة تصدير الثورة " الى الدول المجاورة ، وحاولت جعل الشيعة في هذا الدول موطىء قدم لها ، فجندت بعضهم في احزاب تعمل على زعزعة الاستقرار وربما اكثر ، أي الذهاب الى اسقاط النظام .
الواقع أن الشيعة العرب اتخذوا خيارهم منذ زمن طويل ، فبين الرابطة القومية والرابطة المذهبية اختاروا الاولى مع احترامهم واعتزازهم بانتمائهم الطائفي والمذهبي .
-وماذا عن ولاية الفقيه ، الا تربط الشيعة العرب ايضا ؟
-قبل سنة كانت الاجابة على هذا السؤال تبدو صعبة ، ولكنها اليوم واضحة لكل متابع لمجريات الامور في ايران وفي محيطها . لقد بينت الاحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية الايرانية ان ولاية الفقيه مرفوضة حتى داخل ايران . قد يقول قائل ان الشعب الايراني بايع السيد الخميني في الاستفتاء الشهير على قيام الجمهورية الاسلامية في العام 1979 حين أيده 98 في المئة من الشعب الايراني . ونحن نقول بداية أن ذلك حصل بعد ايام أو اسابيع قليلة على عودة الخميني الى ايران ، وفي وقت لم تكن هناك مؤسسات حقيقية للدولة بل لجان ثورية تدير الامور كيفما اتفق وکانت هنالك حالة فوران و غليان شعبي حيث کان الشارع الايراني متعطشا لأي تغيير وقد رأى في الخميني منقذا ومن هنا کان تجاوبه و تصويته لذلك الدستور المطروح في ذلك العام و الذي کان قد ضمن مشروع ولاية الفقيه.
وثانيا ان مفاعيل هذا الاستفتاء انتهت بعد أن تحول النظام الايراني عن مهمته الاساسية وهي تحرير الشعب الايراني من نظام القمع والاستغلال والفساد الذي مثله حكم الشاه ، وأصبح النظام الحالي مماثلا الى حد التطابق مع النظام البائد في أوجه عديدة .
-كيف ذلك ؟
-كان النظام السابق يسمى " شرطي الخليج " مستندا الى جيش قوي ، قيل عنه يوما أنه خامس جيوش العالم من حيث العديد والتسليح ( التقليدي ) . وحاول الشاه بالقوة العسكرية الهيمنة على الدول العربية أو على الاقل على قرارها . ولم يتوان عن احتلال اراض وجزر عربية . واليوم فان النظام الحالي يواصل احتلال هذه الاراضي والجزر رغم ادعائه الصداقة مع العرب . ويعمل بواسطة بعض المجموعات الشيعية على اختراق الدول العربية من الداخل ، من دون نسيان التلويح بالقوة العسكرية ، والتي يعمل على زيادتها وتضخيمها ، وصولا الى السعي لامتلاك السلاح النووي . ولم يخف محمود احمدي نجاد طموحات بلاده عندما قال : "ان ايران هي الدول الاقوى والاكثر تاثيرا في الشرق الاوسط ، وبالتالي الاكثر في العالم" .
أليس كل هذا استعادة لدور " شرطي الخليج " مع توسيع الدائرة لتشمل الدول العربية كلها ومنها امتدادا الى افريقيا وبعض مناطق آسيا . هذا على المستوى الخارجي .
أما في الداخل فان ما ميز حكم الشاه السابق هو قمع الشعب الايراني وحرمانه من حقوقه السياسية والمدنية ، استشراء الفساد في ادارات الدولة ، والخضوع لنوع من الحكم العسكري والمخابراتي ، وعزل علماء الدين ووضعهم في الاقامة الجبرية او قتلهم ، وتعذيب السجناء ، وانتهاك حرمة البيوت واماكن العبادة ، وملاحقة المعارضة حتى خارج البلاد . واليوم يتكرر السيناريو نفسه ، فالباسيج يطلق النار على المتظاهرين ، وتمنع وسائل الاعلام عن نقل وقائع المشهد الداخلي ، ويتم تزوير الانتخابات الرئاسية ، وتمتلىء ادارات الدولة بالفاسدين المحسوبين على هذه الشخصية النافذة او تلك ، ويرمى المعارضون في السجون ويعذبون حتى الموت ، وتفرض الاقامة الجبرية على مرجعيات دينية رفيعة مثل آية الله منتظري –قدسره-، الذي قتل في ظروف غامضة ، وتجري ملاحقة منظمة مجاهدي خلق ، التي لعبت دورا حاسما في اسقاط نظام الشاه ، حتى داخل ملجئها داخل الاراضي العراقية ، بطريقة وحشية بربرية .أليس في كل ذلك تكرار لتجربة النظام السابق ؟
-هل يعني كل ذلك أن ولاية الفقيه سقطت في ايران؟
-عندما يخرج ملايين الايرانيين للتظاهر ضد النظام القائم فان مشروعية ما يسمى ولاية الفقيه تكون قد سقطت بالفعل . والمطلوب مناصرة انتفاضة الشعب الايراني الذي لا يريد اسقاط نظام ولاية الفقيه فحسب بل انما يريد جعل ايران دولة ديمقراطية مستقرة قوية وغنية ، تستغل مورادها الطبيعية لخدمة ابنائها وليس للخوض في مشاريع انتحارية داخل وخارج البلاد .
-على الرغم من ذلك يعتقد بعض الشيعة خارج ايران بولاية الفقيه عليهم ؟
-هذا ما تروج له الدعاية الايرانية . ولتوضيح المسألة نقول : ان ولاية الفقيه هي مسألة فكرية سياسية ، او اجتهاد فقهي خاص باصحابه ، ولا يلزم احدا غيرهم . بمعنى انها ليست من صلب العقيدة الشيعية ، ولا يجوز اتهام من ينكر ولاية الفقيه بانه ليس شيعيا .يمكن اطلاق هذا الاتهام على من ينكر الامامة مثلا .
ما يجري مع الشيعة في بعض الدول العربية ليس ارتباطا او التزاما بولاية الفقيه من منطلق ديني . كل ما في الامر أن النظام الايراني وفور استقراره في العام 1979 شكل "المنظمة العالمية لحركات التحرير الإسلامية " ومركزها في مدينة قم ، وعملت هذه المنظمة على انشاء احزاب وتنظيمات موالية لطهران في الكثير من الدول العربية وغير العربية ، وزودتها بالمال والسلاح وبكل من تحتاجه من وسائل اعلام واتصال ، ووضعت لها أهدافا محددة تختلف باختلاف البلد المعني .ومن الطبيعي أن تتحرك هذه الاحزاب والتنظيمات لتحقيق أهداف مموليها ، وان تروج للكذبة الكبيرة المسماة
" طاعة ولي الفقيه" .
-ما هو مستقبل ايرأن برايكم ؟
- المستقبل في ايران ليس ملك النظام الحالي الذي خرج عن الدين والانسانية وعن القوانين الوضعية على حد سواء عندما اطلق النار على شعبه وقتله . المستقبل هو للشعب الايراني الذي كسر قبل أشهر حصار الصمت والخوف المفروض عليه من جلاوزة نظام ولاية الفقيه . وكما اسقط هذا الشعب نظام الشاه الفاسد والمجرم ، سيتمكن من اسقاط النظام الذي سرق منه انتصاره على حكم آل بهلوي ، وأقام نظاما أسوأ منه بكثير . وان موعدهم الصبح إليس الصبح بقريب . [/b][/size][/color]
حوار مع السيد الحسني في لبنان
علامة واسع المعرفة في أمور الدين والدنيا يتميز بمواقفه الفكرية والسياسية الخاصة والجريئة وناشط فاعل على الصعيد الاسلامي والعربي في لبنان والدول العربية تحولت حركته التي اطلقها قبل اربع سنوات الى كرة ثلج تكبر يوما بعد يوما .
بدأ المجلس الاسلامي العربي كمحاولة لايجاد قوة شيعية ثالثة في لبنان ، تلبي حاجة الاكثرية الصامتة من اللبنانيين الرافضين لمنطق الفتنة ودعاتها ، وسرعان ما تحول الى مرجعية سياسية لكل الشيعة العرب . واصبح مكتب السيد الحسيني في بيروت مقصدا للوفود والشخصيات العربية تأتيه طلبا للنصيحة والمشورة في قضايا تهم الشيعة في الدول العربية والاسلامية ، لا سيما منها مسألة الاندماج في هذه المجتمعات ، والتعاون مع السلطات القائمة .
عندما يتعلق الامر بأي مسالة داخلية في اي دولة عربية ، يدعو السيد الحسيني الى الحوار أولا ، والى الحوار ثانيا ، والى الحوار ثالثا . فالاساس هو الحفاظ على وحدة الصف الوطني ، والحفاظ على موحدة الصف العربي عموما ، لان الامة تواجه من التحديات ما يجعل وحدتها خيارا مصيريا لا يجوز العبث به .
على المستوى الاسلامي العام ينتقد السيد الحسيني بشدة ممارسات النظام الايراني المصر على العيش في "الاوهام الثورية" حتى آخر ايراني على قيد الحياة ، وعلى سياسة "تصدير الثورة" حتى آخر شيعي في آخر دولة على سطح الكرة الارضية . يستنكر ما يتعرض له الشعب الايراني من افقار واذلال وقمع خدمة للمشروع الاستبدادي الدكتاتوري الذي يمثله نظام ولاية الفقيه .
ويؤكد السيد الحسيني أن مستقبل ايران ليس لنظام يقتل ابناءه ، تماما كما حصل للنظام السابق في عهد آل بهلوي ، انما المستقبل هو لانتفاضة الشعب الايراني الطامح الى دولة مستقرة عزيزة ، تؤمن الرفاه والحياة الكريمة لابنائها وتحفظ لهم حقوقهم في التعبير والعمل السياسي الديمقراطي .
"ميدل ايست نيوز" التقى العلامة الحسيني وكان معه هذا الحوار :
-ما هو المجلس الاسلامي العربي ، وما هي أسباب تأسيسه ؟
-المجلس الاسلامي العربي هو اطار العمل الذي يجمع كل اللبنانيين والعرب المؤمنين بدينهم وبعروبتهم ، والذين يرفضون أن تهيمن القوى الخارجية على اختلافها على مقدرات بلادهم وأمتهم . ما دفعنا الى تأسيس المجلس قبل اربع سنوات، هو إيماننا العميق بخطورة الوضع الشيعي العربي جراء تداعيات وخلفيات وسلبيات المشروع السياسي الفكري الايراني المتمثل في نظام ولاية الفقيه . وقناعتنا بضرورة وجود مشروع عربي مضاد تماما لهذا المشروع المشبوه الذي يرمي الى توريط وإشغال الشيعة العرب بصراع خطير جدا يخوضونه ضد أنظمتهم الوطنية وضد مصالح شعوبهم خدمة لذلك المشروع التوسعي الايراني . من هنا فقد آلينا على أنفسنا أن نتصدى لهذا المخطط الخطير من خلال مشروع عربي الهوية والولاء والشكل والمضمون والاهداف .
-هل نجحتم في مهمتكم ؟
-لا يعود لنا شخصيا تقييم النجاح والفشل ، بل الامر عائد للناس . ما استطيع قوله أننا رغم كل الصعوبات والتحديات والمضايقات التي تعرضنا لها ، فرضنا أنفسنا ، في لبنان بداية ، وعلى الساحة الاسلامية والعربية تاليا . وقد تحول المجلس الى مرجعية سياسية للشيعة العرب ، يقصدنا الناس من كل حدب وصوب طالبين الموقف والنصيحة والمشورة السياسية في شؤون تخص بلدانهم واوضاعها الداخلية , وهذا بذاته دليل على نجاحنا .
بعد ان أطلقنا وثيقتنا التأسيسية الاولى وجدنا ان تطورات الوضع العربي والاسلامي تتطلب قراءة أكثر عمقا فوضعنا وثيقتنا السياسية الثانية التي تقدم كل الاجابات على تساؤلات كل المواطنين العرب من شيعة وغيرهم .
-بماذا تنصحونهم بالضبط ؟
-بالحوار أولا وثانيا وثالثا عندما يتعلق الامر بمشكلة داخلية في اي دولة عربية . نحن نعتقد أن الشيعة العرب في اي دولة من الدول هم جزء لا يتجزأ من نسيجها الاجتماعي ، ملتزمون بقوانين الدولة التي اختاروها لانفسهم . لا يعادونها ولا يكون لهم اي مشروع سياسي خاص بهم . اذا وجدت لهم بعض المطالب فيمكن نيلها بالحوار مع السلطة القائمة ، ومن خلال مؤسسات الدولة . يمكن للشيعة الانخراط في الاحزاب الموجودة في بلدهم اذا كانت شرعية وقانونية ، ويحظر عليهم الانتساب الى احزاب وتنظيمات وجمعيات هدامة تخالف القانون ، وتعتمد على التمويل الخارجي ، أو تنفذ مشروعا سياسيا خارجيا .
كما أننا حذرنا ونحذر الشيعة في كل الدول العربية في الانخراط في اي عمل أمني داخل دولهم ايا تكن المبررات والذرائع .الاساس هو وحدة الصف الوطني ، وبالتالي وحدة الصف العربي . فلا يجوز لاي طرف عربي أن يتدخل في الشؤون الخاصة لدولة عربية اخرى .
-ولكن الشيعة في اي مكان في العالم يشعرون برابطة تشدهم الى ايران ، هي الرابطة المذهبية ؟
-الرابطة المذهبية مع الشعب الايراني كانت موجودة على الدوام ولكنها لم تتحول في الماضي الى رابطة سياسية ، وبكلام آخر لم تكن هذه الرابطة مبررا للتدخل الايراني في الشؤون الداخلية العربية ، ولم تكن كذلك مبررا لاي شيعي عربي بان يجعل ايران مثاله السياسي . ما حدث في ايران بعد ثورة 1979 وقيام النظام الحالي أن طهران أطلقت "سياسة تصدير الثورة " الى الدول المجاورة ، وحاولت جعل الشيعة في هذا الدول موطىء قدم لها ، فجندت بعضهم في احزاب تعمل على زعزعة الاستقرار وربما اكثر ، أي الذهاب الى اسقاط النظام .
الواقع أن الشيعة العرب اتخذوا خيارهم منذ زمن طويل ، فبين الرابطة القومية والرابطة المذهبية اختاروا الاولى مع احترامهم واعتزازهم بانتمائهم الطائفي والمذهبي .
-وماذا عن ولاية الفقيه ، الا تربط الشيعة العرب ايضا ؟
-قبل سنة كانت الاجابة على هذا السؤال تبدو صعبة ، ولكنها اليوم واضحة لكل متابع لمجريات الامور في ايران وفي محيطها . لقد بينت الاحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية الايرانية ان ولاية الفقيه مرفوضة حتى داخل ايران . قد يقول قائل ان الشعب الايراني بايع السيد الخميني في الاستفتاء الشهير على قيام الجمهورية الاسلامية في العام 1979 حين أيده 98 في المئة من الشعب الايراني . ونحن نقول بداية أن ذلك حصل بعد ايام أو اسابيع قليلة على عودة الخميني الى ايران ، وفي وقت لم تكن هناك مؤسسات حقيقية للدولة بل لجان ثورية تدير الامور كيفما اتفق وکانت هنالك حالة فوران و غليان شعبي حيث کان الشارع الايراني متعطشا لأي تغيير وقد رأى في الخميني منقذا ومن هنا کان تجاوبه و تصويته لذلك الدستور المطروح في ذلك العام و الذي کان قد ضمن مشروع ولاية الفقيه.
وثانيا ان مفاعيل هذا الاستفتاء انتهت بعد أن تحول النظام الايراني عن مهمته الاساسية وهي تحرير الشعب الايراني من نظام القمع والاستغلال والفساد الذي مثله حكم الشاه ، وأصبح النظام الحالي مماثلا الى حد التطابق مع النظام البائد في أوجه عديدة .
-كيف ذلك ؟
-كان النظام السابق يسمى " شرطي الخليج " مستندا الى جيش قوي ، قيل عنه يوما أنه خامس جيوش العالم من حيث العديد والتسليح ( التقليدي ) . وحاول الشاه بالقوة العسكرية الهيمنة على الدول العربية أو على الاقل على قرارها . ولم يتوان عن احتلال اراض وجزر عربية . واليوم فان النظام الحالي يواصل احتلال هذه الاراضي والجزر رغم ادعائه الصداقة مع العرب . ويعمل بواسطة بعض المجموعات الشيعية على اختراق الدول العربية من الداخل ، من دون نسيان التلويح بالقوة العسكرية ، والتي يعمل على زيادتها وتضخيمها ، وصولا الى السعي لامتلاك السلاح النووي . ولم يخف محمود احمدي نجاد طموحات بلاده عندما قال : "ان ايران هي الدول الاقوى والاكثر تاثيرا في الشرق الاوسط ، وبالتالي الاكثر في العالم" .
أليس كل هذا استعادة لدور " شرطي الخليج " مع توسيع الدائرة لتشمل الدول العربية كلها ومنها امتدادا الى افريقيا وبعض مناطق آسيا . هذا على المستوى الخارجي .
أما في الداخل فان ما ميز حكم الشاه السابق هو قمع الشعب الايراني وحرمانه من حقوقه السياسية والمدنية ، استشراء الفساد في ادارات الدولة ، والخضوع لنوع من الحكم العسكري والمخابراتي ، وعزل علماء الدين ووضعهم في الاقامة الجبرية او قتلهم ، وتعذيب السجناء ، وانتهاك حرمة البيوت واماكن العبادة ، وملاحقة المعارضة حتى خارج البلاد . واليوم يتكرر السيناريو نفسه ، فالباسيج يطلق النار على المتظاهرين ، وتمنع وسائل الاعلام عن نقل وقائع المشهد الداخلي ، ويتم تزوير الانتخابات الرئاسية ، وتمتلىء ادارات الدولة بالفاسدين المحسوبين على هذه الشخصية النافذة او تلك ، ويرمى المعارضون في السجون ويعذبون حتى الموت ، وتفرض الاقامة الجبرية على مرجعيات دينية رفيعة مثل آية الله منتظري –قدسره-، الذي قتل في ظروف غامضة ، وتجري ملاحقة منظمة مجاهدي خلق ، التي لعبت دورا حاسما في اسقاط نظام الشاه ، حتى داخل ملجئها داخل الاراضي العراقية ، بطريقة وحشية بربرية .أليس في كل ذلك تكرار لتجربة النظام السابق ؟
-هل يعني كل ذلك أن ولاية الفقيه سقطت في ايران؟
-عندما يخرج ملايين الايرانيين للتظاهر ضد النظام القائم فان مشروعية ما يسمى ولاية الفقيه تكون قد سقطت بالفعل . والمطلوب مناصرة انتفاضة الشعب الايراني الذي لا يريد اسقاط نظام ولاية الفقيه فحسب بل انما يريد جعل ايران دولة ديمقراطية مستقرة قوية وغنية ، تستغل مورادها الطبيعية لخدمة ابنائها وليس للخوض في مشاريع انتحارية داخل وخارج البلاد .
-على الرغم من ذلك يعتقد بعض الشيعة خارج ايران بولاية الفقيه عليهم ؟
-هذا ما تروج له الدعاية الايرانية . ولتوضيح المسألة نقول : ان ولاية الفقيه هي مسألة فكرية سياسية ، او اجتهاد فقهي خاص باصحابه ، ولا يلزم احدا غيرهم . بمعنى انها ليست من صلب العقيدة الشيعية ، ولا يجوز اتهام من ينكر ولاية الفقيه بانه ليس شيعيا .يمكن اطلاق هذا الاتهام على من ينكر الامامة مثلا .
ما يجري مع الشيعة في بعض الدول العربية ليس ارتباطا او التزاما بولاية الفقيه من منطلق ديني . كل ما في الامر أن النظام الايراني وفور استقراره في العام 1979 شكل "المنظمة العالمية لحركات التحرير الإسلامية " ومركزها في مدينة قم ، وعملت هذه المنظمة على انشاء احزاب وتنظيمات موالية لطهران في الكثير من الدول العربية وغير العربية ، وزودتها بالمال والسلاح وبكل من تحتاجه من وسائل اعلام واتصال ، ووضعت لها أهدافا محددة تختلف باختلاف البلد المعني .ومن الطبيعي أن تتحرك هذه الاحزاب والتنظيمات لتحقيق أهداف مموليها ، وان تروج للكذبة الكبيرة المسماة
" طاعة ولي الفقيه" .
-ما هو مستقبل ايرأن برايكم ؟
- المستقبل في ايران ليس ملك النظام الحالي الذي خرج عن الدين والانسانية وعن القوانين الوضعية على حد سواء عندما اطلق النار على شعبه وقتله . المستقبل هو للشعب الايراني الذي كسر قبل أشهر حصار الصمت والخوف المفروض عليه من جلاوزة نظام ولاية الفقيه . وكما اسقط هذا الشعب نظام الشاه الفاسد والمجرم ، سيتمكن من اسقاط النظام الذي سرق منه انتصاره على حكم آل بهلوي ، وأقام نظاما أسوأ منه بكثير . وان موعدهم الصبح إليس الصبح بقريب . [/b][/size][/color]