حواري عظيم؛ وركن من أركان دين الله الذي كان متمثلاً بخط السيد المسيح عليه السلام؛ وذلك هو شمعون ابن حمون بن عامه؛ الملقب بالصفا
.
والصفا كلمة عربية تعني الحجر الأملس؛ كما جا في كتاب العين ؛ ويقابلها باليونانية : بطرس؛ وبالآرمية : كيفا؛ ومعناها الحجر أو الصخر .ويسلّم المسعودي في كتابه التنبيه والإشراف بأنّ شمعون الصفا هو بطرس الحواري المعروف عند النصارى؛ فيقول : "بطرس ويسمى شمعون وسمعان وهو خليفة أيشوع الناصري".
وورد في بحار الأنوار: "والنصارى يسمّونه بطرس باليونانية وبالسريانية كيفاس وهما بمعنى الحجر".إذاً لشمعون الصفا أسماء أخرى يعرف بها منها: "بطرس - كيفا أو كيفاس - سِمْعَان أو سَمْعَان أو شمعان الصفا" .
أمّا في المصادر والكتب المسيحية؛ فقد ورد ذكر شمعون الصفا باسم: سمعان؛ بطرس؛ كيفا؛ صفا. ففي العهد الجديد: " نظر إليه يسوع وقال: أنت سمعان بن يونا؛ أنت تدعى صفا الذي تفسيره بطرس".وذكر بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس: "وإنه (أي المسيخ) ظهر لصفا".
وفي قاموس الكتاب المقدس: "بطرس إسم يوناني؛ ومعناه صخرة أو حجر؛ وكان هذا الرسول يسمّى أولاً سمعان... فلمّا اتبع يسوع سمي كيفا وهي كلمة آرمية معناها صخرة؛ يقابلها في العربية صفا أي صخرة وقد سمّاه المسيخ بهذا الاسم؛ والصخرة باليونانية بيتروس ومنها بطرس".
وممّا تقدّم نعلم أن شمعون الصفا؛ كان يعرف قديماً بسمعان الصفا.. وسمعان كلمة عبرية؛ يقابلها شيمون بالسريانية؛ التي هي شمعون بالعربية الملقب بطرس
.
نشأته الأولىمن قرية مشرفة على شاطئ البحر؛ وفي منطقة كانت تعرف بجليل الأمم ؛ أطلّ نور من الأنوار الإلهية بولادة شمعون الصفا سنة 10 ق.م.وبالحق يعتبر سليل الأنبياء من ناحية الأب والأم معاً؛ فوالده حمون بن عامه؛ يعود في نسبه إلى النبي سليمان بن داود عليه السلام
؛ وهو من مواليد بلدة جسكالا؛ المعروفة - اليوم - ببلدة الجش شمال فلسطين كما ذكر إدوارد روبنصون نقلاً عن القديس جيروم.
وأمّه سيّدة جليلة؛ تربّت في بيت من بيوتات الأنبياء والذين ضرب الله المثل برفعة شأنهم وصدق إيمانهم؛ فهي أخت النبي عمران والد السيّدة مريم العذراء عليه السلام الذي خصّه الله وآله بسورة في القرآن الكريم؛ فقال تعالى: " إنَّ الله اصطفى ادم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين* ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) .
وعندما تزوّج حمون من أخت النبي عمران أنجبا شمعون الصفا ( الذي يعتبر ابن عمة مريم) .والقرابة بين المسيح وبعض تلامذته كانت معروفة في كتب النصارى الأوائل؛ فقد نقل الدكتور فردريك فارار في كتابه حياة المسيح ص 229 عن النصارى الأوائل أن بعضاً من التلاميذ الاثني عشر كانوا أولاد خؤولة لعيسى .
وهذا ما وجدناه في حديث للإمام علي عليه السلام لجاثليق الروم؛ يقول: "أوما تعلمون أن وصي عيسى شمعون بن حمون الصفا ابن خاله اختلفت عليه أمة عيسى...".وبناءً على ما تقدّم تكون قرابة شمعون الصفا عليه السلام بالسيدة مريم عليها السلام من ناحية الاب والأم معاً؛ فهو ابن خالها وابن عمتها في الوقت نفسه. أما بالنسبة لمنطقة سكنهم؛ فالمصادر لا تذكر شيئاً سوى أن شمعون كان يسكن في بلدة كفر ناحوم على بحيرة طبريا؛ لكننا نرجّح أن يكون والده قد سكن بالقرب من الناقورة في منقطة حامول
.
وحامول هذا تل بالقرب من الناقورة يبعد عن مقام شمعون حوالي خمسة كيلومترات من الناحية الجنوبية الغربية؛ ويعتقد أهالي المنقطة أن قبر أحد الأنبياء أو الصالحين موجود على سفحه الغربي؛ ويعتقد البعض أن والد شمعون الصفا حمون مدفون فيه. ونحن نرجّح ذلك لأنّ لفظة حمون؛ قد تكون حرفت نونها لاماً لتقارب المخارج الصوتية؛ وقد ذكر روبنصون في كتابه يوميات في لبنان تعريفاً لحامول فقال: "وتحتنا وادي حامول القصيرة؛ وهو يشق الجبل ويخرج من ثغرة ضيقة إلى الشاطئ شمال الناقورة؛ وفي هذه الوادي أطلال حامول؛ وربما كانت حمون".
وورد في كتاب ولاية بيروت المكتوب باللغة التركية؛ وصف للطريق بين صور وعكا؛ يقول: "وأمّا النهر فيأتي من حامول واسمها القديم
Hammon".هذه المنطقة المميزة بمياهها العذبة وتربتها الخصبة؛ وقربها من البحر؛ أتاحت لشمعون عليه السلام أن يعمل صياداً للسمك على شاطئها بعد زواجه ؛ لكن مرحلة طفولته يكتنفها الغموض التام فلا حديث ولا رواية تتعلق به في هذه الفترة.