علة غيبة الإمام المهدي (عج)
بسم الله الرحمن الرحيم
إن السبب الرئيسي والأساسي لغيبه الإمام والمانع لظهوره عليه السلام، هو: عدم وجود الأنصار وهذا يحتاج إلى توضيح:
س: هل السبب في غيبه الإمام عليه السلام يرجع إلى الإمام؟؟
أم إلى الله؟؟
أم إلى الناس؟؟
هل الله تعالى هو الذي أراد الغيبة للإمام، أم الإمام هو يريدها لنفسه، أم الناس سببها؟
فيما يلي نقف علي هذه الاحتمالات الثلاثة:
سبب الغيبة هل يعود إلى الإمام؟
يمكن للبعض أن يقول بان المشكلة التي أوصلت الإمام إلى الغيبة سببها الإمام نفسه، علىسبيل المثال ما هو معلوم من إن عمر الإمام المهدي - عجل الله فرجه - كان عند شهادة أبيه الإمام العسكري عليه السلام خمس سنوات، وطفل بهذا العمر لا يمكن له أن يتولي أداره الأمة وشوونها ولذا غاب الإمام حتى يحصل علي الكفاءة التي تؤهله لقياده مشروعه! وفي مقام الاجابه عن ذلك نقول:
أولا: الإمام المعصوم معصوم ومؤيد أيا كان عمره، وإذا كان الإمام صغيرا فهذا لا يدل علي عدم قدرته علي الحكم والتاريخ يحدثنا عن الإمام الجواد حيث كان له من العمر في أوسط الأقوال 8 سنين عند شهادة أبيه الرضا عليه السلام، ومع ذلك كان حجه الله علي خلقه وله المواقف المشهورة التي أدخلت الرعب إلى قلوب أعداء ألائمه.
ثانيا: لو كانت المشكلة في عمر الإمام المهدي - عجل الله فرجه - فلماذا قبض الله الإمام العسكري عليه السلام إليه وأخذه من هذه الدنيا وتركها لإمام لا يمكن له تولي زمام الأمور؟ ولماذا أيضا غاب الإمام المهدي - عجل الله فرجه - مئات السنين فيمكن له أن يغيب الثلاثين سنه ثم يظهر وهو في ريعان شبابه!
ثالثا: للإمام المهدي - عجل الله فرجه - كلمات من الواضح لقارئها إن هذا الإمام يتألم لغيبته فقد ورد عنه - عجل الله فرجه - يقول:
اللهم احجبني عن عيون أعدائي، واجمع بيني وبين أوليائي، وأنجز لي ما وعدتني، واحفظني في غيبتني إلى أن تأذن لي في ظهوري، واحيي بي ما درس من فروضك وسننك، وعجل فرجي وسهل مخرجي، واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.(6)
بل إن الإمام المهدي يدعو الله عز وجل لهذه الأمور في اللحظة الأولي التي جاء فيها إلى هذه الدنيا حيث تقول ألسيده حكيمة عمه الإمام العسكري عليه السلام وكانت حاضره عند ولادة الإمام المهدي - عجل الله فرجه - تقول:
وإذا أنا بالصبي (الإمام المهدي -عجل الله فرجه -) ساجدا لوجهه، جاثيا علي ركبتيه، رافعا سبابته وهو يقول: اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وان جدي محمدا رسول الله وان أبي أمير المؤمنين عليه السلام ثم عد إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه ثم قال:
اللهم انجز لي ما وعدتني واتمم لي أمري وثبت وطأتي وأملا الأرض بي عدلا وقسطا.(7)
إذن الإمام المهدي -عجل الله فرجه - يدعو الله لظهوره منذ الولادة وعمره ليس عائقا أمام ذلك، بل يوجد مانع آخر.
الله عز وجل يريد الغيبة أم الناس؟
تبين إن غيبه الإمام المهدي ليس هو سببها، وبقي احتمالان: هل يريد الله الغيبة للإمام أم الناس هم سبب ذلك؟
هل الناس اختاروا غيبه الإمام المهدي - عجل الله فرجه - أم أن الله تعالى أجبرهم علي العيش دون رويه إمامهم؟
هذا البحث لا ينفك عن بحث الجبر والتفويض الذي يبحث في علم الكلام، وفي روايه عن الصادق عليه السلام: لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين(8) من معنى الأمر بين الأمرين إن الإنسان مفوض له اختيار الفعل ولكنه مجبر علي تحمل أثره!
علي سبيل المثال الإنسان مفوض له صله الرحم فان قطعها فهو مجبر علي قصر عمره، فالاختيار من الإنسان والله تعالى هو المهيمن علي هذا القول وقد وضع له نظاما يلزم الفاعل علي تحمل آثار أفعاله.
وفي الروايات الشريفة بيان لآثار الأفعال، فلصلة الرحم طول العمر، ولليقظة بين الطلوعين سعه الرزق، ولقيام الليل طول العمر، وللصدقة دفع البلاء وهكذا...
في الرواية عن الصادق عليه السلام يقول: من يموت بالذنوب أكثر مما يموت بالآجال،(9) أي يمكن لإنسان لم يأت اجله بعد ولكنه بارتكابه الذنوب يعجل موته.
الإنسان لا يتحكم بمصيره فقط بل يتحكم بالبر والبحر أيضا فالله تعالى يقول: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا).(10)
هذه الآية تشير إلى وجوده علاقة بين فعل الإنسان وبين البر والبحر، فقد ظهر الفساد والخراب فيهما بسبب أفعال الناس.
أما قوله تعالى: (ليذيقهم بعض الذي عملوا) أي يذوقوا بعض إعمالهم، والله تعالى لم يقل ليذيقهم عقوبة بعض الذي عملوا بل إعمالهم بنفسها يذوقونها، فان كان عملهم صدقه يذوقونها فإذا هي دفع بلاء، وان كان صله رحم يذوقونها فإذا هي طول في العمر وهكذا.
إذن تبين إن فعل الله عز وجل يكون جوابا لأفعال الناس كما هو واضح من الآية الكريمة ومثلها في القرآن الكثير من الآيات منها:
قوله تعالى: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنه مطمئنه يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون)(11) أهل القرية كان يأتيهم رزقهم من كل مكان ولكن عندما كفروا بأنعم الله أذاقهم الله لباس الجوع والخوف.
قوله تعالى: (لو إن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون).(12)
بما إن أهل القرى لم يؤمنوا ولم يتقوا لم تفتح عليهم بركات من السماء.
قوله تعالى: (والو استقاموا علي ألطريقه لا سقيناهم ماء غدقا).(13)
وغير ذلك من الآيات التي تدل بشكل واضح علي ما تقدم، فالله عز وجل يتعامل مع خلقه بحسب أعمالهم، فمن يعمل مثقال ذره خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذره شرا يره.
بالعودة إلى غيبه الإمام المهدي - عجل الله فرجه - فقد تبين انه عليه السلام لا يريدها ويدعو الله بالفرج، وبما إن الله لا يجبر الناس علي حرمانهم من إمامهم فقد تبين إن الناس وبسبب أعمالهم غاب الإمام عنهم، وقد ورد عن الإمام الكاظم عليه السلام: إذا غضب الله تبارك وتعالي علي خلقه نحانا عن جوارهم.(14)
إذن كما ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس كذلك غاب الإمام المهدي - عجل الله فرجه - بما كسبت أيديهم.
من كتاب المنتظر والمنتظرون
بسم الله الرحمن الرحيم
إن السبب الرئيسي والأساسي لغيبه الإمام والمانع لظهوره عليه السلام، هو: عدم وجود الأنصار وهذا يحتاج إلى توضيح:
س: هل السبب في غيبه الإمام عليه السلام يرجع إلى الإمام؟؟
أم إلى الله؟؟
أم إلى الناس؟؟
هل الله تعالى هو الذي أراد الغيبة للإمام، أم الإمام هو يريدها لنفسه، أم الناس سببها؟
فيما يلي نقف علي هذه الاحتمالات الثلاثة:
سبب الغيبة هل يعود إلى الإمام؟
يمكن للبعض أن يقول بان المشكلة التي أوصلت الإمام إلى الغيبة سببها الإمام نفسه، علىسبيل المثال ما هو معلوم من إن عمر الإمام المهدي - عجل الله فرجه - كان عند شهادة أبيه الإمام العسكري عليه السلام خمس سنوات، وطفل بهذا العمر لا يمكن له أن يتولي أداره الأمة وشوونها ولذا غاب الإمام حتى يحصل علي الكفاءة التي تؤهله لقياده مشروعه! وفي مقام الاجابه عن ذلك نقول:
أولا: الإمام المعصوم معصوم ومؤيد أيا كان عمره، وإذا كان الإمام صغيرا فهذا لا يدل علي عدم قدرته علي الحكم والتاريخ يحدثنا عن الإمام الجواد حيث كان له من العمر في أوسط الأقوال 8 سنين عند شهادة أبيه الرضا عليه السلام، ومع ذلك كان حجه الله علي خلقه وله المواقف المشهورة التي أدخلت الرعب إلى قلوب أعداء ألائمه.
ثانيا: لو كانت المشكلة في عمر الإمام المهدي - عجل الله فرجه - فلماذا قبض الله الإمام العسكري عليه السلام إليه وأخذه من هذه الدنيا وتركها لإمام لا يمكن له تولي زمام الأمور؟ ولماذا أيضا غاب الإمام المهدي - عجل الله فرجه - مئات السنين فيمكن له أن يغيب الثلاثين سنه ثم يظهر وهو في ريعان شبابه!
ثالثا: للإمام المهدي - عجل الله فرجه - كلمات من الواضح لقارئها إن هذا الإمام يتألم لغيبته فقد ورد عنه - عجل الله فرجه - يقول:
اللهم احجبني عن عيون أعدائي، واجمع بيني وبين أوليائي، وأنجز لي ما وعدتني، واحفظني في غيبتني إلى أن تأذن لي في ظهوري، واحيي بي ما درس من فروضك وسننك، وعجل فرجي وسهل مخرجي، واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.(6)
بل إن الإمام المهدي يدعو الله عز وجل لهذه الأمور في اللحظة الأولي التي جاء فيها إلى هذه الدنيا حيث تقول ألسيده حكيمة عمه الإمام العسكري عليه السلام وكانت حاضره عند ولادة الإمام المهدي - عجل الله فرجه - تقول:
وإذا أنا بالصبي (الإمام المهدي -عجل الله فرجه -) ساجدا لوجهه، جاثيا علي ركبتيه، رافعا سبابته وهو يقول: اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وان جدي محمدا رسول الله وان أبي أمير المؤمنين عليه السلام ثم عد إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه ثم قال:
اللهم انجز لي ما وعدتني واتمم لي أمري وثبت وطأتي وأملا الأرض بي عدلا وقسطا.(7)
إذن الإمام المهدي -عجل الله فرجه - يدعو الله لظهوره منذ الولادة وعمره ليس عائقا أمام ذلك، بل يوجد مانع آخر.
الله عز وجل يريد الغيبة أم الناس؟
تبين إن غيبه الإمام المهدي ليس هو سببها، وبقي احتمالان: هل يريد الله الغيبة للإمام أم الناس هم سبب ذلك؟
هل الناس اختاروا غيبه الإمام المهدي - عجل الله فرجه - أم أن الله تعالى أجبرهم علي العيش دون رويه إمامهم؟
هذا البحث لا ينفك عن بحث الجبر والتفويض الذي يبحث في علم الكلام، وفي روايه عن الصادق عليه السلام: لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين(8) من معنى الأمر بين الأمرين إن الإنسان مفوض له اختيار الفعل ولكنه مجبر علي تحمل أثره!
علي سبيل المثال الإنسان مفوض له صله الرحم فان قطعها فهو مجبر علي قصر عمره، فالاختيار من الإنسان والله تعالى هو المهيمن علي هذا القول وقد وضع له نظاما يلزم الفاعل علي تحمل آثار أفعاله.
وفي الروايات الشريفة بيان لآثار الأفعال، فلصلة الرحم طول العمر، ولليقظة بين الطلوعين سعه الرزق، ولقيام الليل طول العمر، وللصدقة دفع البلاء وهكذا...
في الرواية عن الصادق عليه السلام يقول: من يموت بالذنوب أكثر مما يموت بالآجال،(9) أي يمكن لإنسان لم يأت اجله بعد ولكنه بارتكابه الذنوب يعجل موته.
الإنسان لا يتحكم بمصيره فقط بل يتحكم بالبر والبحر أيضا فالله تعالى يقول: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا).(10)
هذه الآية تشير إلى وجوده علاقة بين فعل الإنسان وبين البر والبحر، فقد ظهر الفساد والخراب فيهما بسبب أفعال الناس.
أما قوله تعالى: (ليذيقهم بعض الذي عملوا) أي يذوقوا بعض إعمالهم، والله تعالى لم يقل ليذيقهم عقوبة بعض الذي عملوا بل إعمالهم بنفسها يذوقونها، فان كان عملهم صدقه يذوقونها فإذا هي دفع بلاء، وان كان صله رحم يذوقونها فإذا هي طول في العمر وهكذا.
إذن تبين إن فعل الله عز وجل يكون جوابا لأفعال الناس كما هو واضح من الآية الكريمة ومثلها في القرآن الكثير من الآيات منها:
قوله تعالى: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنه مطمئنه يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون)(11) أهل القرية كان يأتيهم رزقهم من كل مكان ولكن عندما كفروا بأنعم الله أذاقهم الله لباس الجوع والخوف.
قوله تعالى: (لو إن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون).(12)
بما إن أهل القرى لم يؤمنوا ولم يتقوا لم تفتح عليهم بركات من السماء.
قوله تعالى: (والو استقاموا علي ألطريقه لا سقيناهم ماء غدقا).(13)
وغير ذلك من الآيات التي تدل بشكل واضح علي ما تقدم، فالله عز وجل يتعامل مع خلقه بحسب أعمالهم، فمن يعمل مثقال ذره خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذره شرا يره.
بالعودة إلى غيبه الإمام المهدي - عجل الله فرجه - فقد تبين انه عليه السلام لا يريدها ويدعو الله بالفرج، وبما إن الله لا يجبر الناس علي حرمانهم من إمامهم فقد تبين إن الناس وبسبب أعمالهم غاب الإمام عنهم، وقد ورد عن الإمام الكاظم عليه السلام: إذا غضب الله تبارك وتعالي علي خلقه نحانا عن جوارهم.(14)
إذن كما ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس كذلك غاب الإمام المهدي - عجل الله فرجه - بما كسبت أيديهم.
من كتاب المنتظر والمنتظرون
تعليق