عن الإمام العسكري عليه السلام
أوصيكم بتقوى اللَّه والورع في دينكم والاجتهاد... وطول السجود
مستدرك سفينة البحار، ج10، ص356
أ- مع الوصية
في هذه الفقرة المباركة جملة أمور، اخترنا الحديث عن الأخير منها وهو طول السجود. والسجود بالغ الأهمية في الحياة العبادية للبشر وله مداليل قد يغفل عنها الإنسان بالرغم من ممارسته لهذا الخضوع التام للخالق المسجود له، وهو بحاجة إلى نظرة عميقة الابعاد تكشف عن حقيقته وتفسيره، وللإطالة بالسجود آفاق روحية لها سماتها وآثارها في النفس والعبادة والجنة
وما وصية مولانا العسكري عليه السلام وأئمة أهل البيت عليهم السلام بطول السجود إلا لما فيه من فضل وكرامة ومكانة في الانقياد الصادق والكامل للمعبود تعالى وهو بحد ذاته منتهى العبادة، كما يقول الصادق عليه السلام
السجود منتهى العبادة من بني آدم
الدعوات للراوندي، ص33
وعن الرضا عليه السلام
أقرب ما يكون العبد من اللَّه عزَّ وجلَّ وهو ساجد وذلك قوله تبارك وتعالى
واسجد واقترب
عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج2، ص7
وفي بعض الأخبار أن المؤمن إذا أراد الدعاء فليسجد لأن الدعاء حالة السجود أفضل من الدعاء حالة القيام أو الركوع أو القعود وأقرب للإجابة
جاء عن أبي عبد اللَّه الصادق عليه السلام لما سأله سعيد بن يسار أدعو وأنا راكع أو ساجد؟ فقال
نعم ادع وأنت ساجد، فإن أقرب ما يكون العبد إلى اللَّه وهو ساجد، ادع اللَّه عزَّ وجلَّ لدنياك وآخرتك
البحار، ج85، ص131
ب- حقيقة السجود
إن للسجود حقيقة مجهولة لدى الكثيرين، وقد يتفق أن لا يأتي بها الإنسان لمرة واحدة في عمره مكتفياً بظاهر أفعال السجود وحركاته من وضع الجبهة على الأرض ورفع الرأس والاستراحة بين السجدتين دون أن يدرك أن لكل حركة من هذه الحركات معنى عميقاً يرتبط بأصل وجوده ونشوره وبعثه وغير ذلك ودون أن يعيش هذه المعاني والحقائق أثناء السجود مع ما تتركه من آثار روحية وتساهم فيه من توطيد الصلة باللَّه تعالى والتقرب إليه
فما هي حقيقة السجود يا ترى؟
سوف نحمل هذا التساؤل إلى باب مدينة العلم المحمدي صلى الله عليه وآله وسلم إلى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ليكون جوابه التالي
حيث قال عليه السلام لما سئل عن معنى السجود
معناه منها خلقتني يعني من التراب، ورفع رأسك من السجود معناه منها أخرجتني والسجدة الثانية وإليها تعيدني، ورفع رأسك من السجدة الثانية ومنها تخرجني تارة أخرى، ومعنى قوله سبحان ربي الأعلى، فسبحان أنفة للَّه وربي خالقي، والأعلى أي علا وارتفع في سماواته، حتى صار العباد كلهم دونه، وقهرهم بعزته ومن عنده التدبير وإليه تعرج المعارج
البحار، ج85، ص139
ويحدثنا مولانا الصادق عليه السلام عمن يحسن التقرّب في السجود ويأتي بحقيقته مراعياً آدابه مستحضراً أبعاده غير غافل عما أعدّه اللَّه تعالى للساجدين، ملتفتاً إلى المعاني التي تقدمت في حديث مولى المتقين عليه السلام قائلاً: "ما خسر واللَّه من أتى بحقيقة السجود ولو كان في العمر مرة واحدة، وما أفلح من خلا بربّه في مثل ذلك الحال شبيهاً بمخادع لنفسه، غافل لاهٍ عما أعدّ اللَّه للساجدين، من البشر العاجل وراحة الآجل، ولا بعد عن اللَّه أبداً من أحسن تقرّبه في السجود، ولا قرب إليه أبداً من أساء أدبه، وضيّع حرمته، ويتعلق قلبه بسواه، فاسجد سجود متواضع للَّه ذليل علم أنه خلق من تراب يطأه الخلق، وأنه اتخذك من نطفة يستقذرها كل أحد وكوِّن ولم يكن. وقد جعل اللَّه معنى السجود سبب التقرب إليه بالقلب والسرّ والروح، فمن قرب منه بعد من غيره، ألا ترى في الظاهر أنه لا يستوي حال السجود إلا بالتواري عن جميع الأشياء والاحتجاب عن كل ما تراه العيون كذلك أراد اللَّه تعالى الأمر الباطن
مصباح الشريعة، ص108
إطالة السجود وآثارها
تعرّفنا في بداية المقال على أهمية طول السجود ودوام الخضوع والخشوع للخالق عزَّ وجلَّ، لكن لم نفصّل في الآثار المترتبة على ذلك ونعني بها هنا ما أعدّه اللَّه سبحانه لمن يطيل سجوده ملتزماً بسنة الأوّابين كما في الحديث
عليك بطول السجود فإن ذلك من سنن الأوّابين
ميزان الحكمة، حديث: 8281
والآثار عديدة نذكر منها
1- ضمان الجنة
في الحديث
إن قوماً أتوا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم اضمن لنا على ربك الجنة فقال
على أن تعينوني بطول السجود
م.ن. حديث: 8282
2- الحشر مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم
عنه صلى الله عليه وآله وسلم
إذا أردت أن يحشرك اللَّه معي فأطل السجود بين يدي اللَّه الواحد القهّار
البحار، ج85، ص164
أوصيكم بتقوى اللَّه والورع في دينكم والاجتهاد... وطول السجود
مستدرك سفينة البحار، ج10، ص356
أ- مع الوصية
في هذه الفقرة المباركة جملة أمور، اخترنا الحديث عن الأخير منها وهو طول السجود. والسجود بالغ الأهمية في الحياة العبادية للبشر وله مداليل قد يغفل عنها الإنسان بالرغم من ممارسته لهذا الخضوع التام للخالق المسجود له، وهو بحاجة إلى نظرة عميقة الابعاد تكشف عن حقيقته وتفسيره، وللإطالة بالسجود آفاق روحية لها سماتها وآثارها في النفس والعبادة والجنة
وما وصية مولانا العسكري عليه السلام وأئمة أهل البيت عليهم السلام بطول السجود إلا لما فيه من فضل وكرامة ومكانة في الانقياد الصادق والكامل للمعبود تعالى وهو بحد ذاته منتهى العبادة، كما يقول الصادق عليه السلام
السجود منتهى العبادة من بني آدم
الدعوات للراوندي، ص33
وعن الرضا عليه السلام
أقرب ما يكون العبد من اللَّه عزَّ وجلَّ وهو ساجد وذلك قوله تبارك وتعالى
واسجد واقترب
عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج2، ص7
وفي بعض الأخبار أن المؤمن إذا أراد الدعاء فليسجد لأن الدعاء حالة السجود أفضل من الدعاء حالة القيام أو الركوع أو القعود وأقرب للإجابة
جاء عن أبي عبد اللَّه الصادق عليه السلام لما سأله سعيد بن يسار أدعو وأنا راكع أو ساجد؟ فقال
نعم ادع وأنت ساجد، فإن أقرب ما يكون العبد إلى اللَّه وهو ساجد، ادع اللَّه عزَّ وجلَّ لدنياك وآخرتك
البحار، ج85، ص131
ب- حقيقة السجود
إن للسجود حقيقة مجهولة لدى الكثيرين، وقد يتفق أن لا يأتي بها الإنسان لمرة واحدة في عمره مكتفياً بظاهر أفعال السجود وحركاته من وضع الجبهة على الأرض ورفع الرأس والاستراحة بين السجدتين دون أن يدرك أن لكل حركة من هذه الحركات معنى عميقاً يرتبط بأصل وجوده ونشوره وبعثه وغير ذلك ودون أن يعيش هذه المعاني والحقائق أثناء السجود مع ما تتركه من آثار روحية وتساهم فيه من توطيد الصلة باللَّه تعالى والتقرب إليه
فما هي حقيقة السجود يا ترى؟
سوف نحمل هذا التساؤل إلى باب مدينة العلم المحمدي صلى الله عليه وآله وسلم إلى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ليكون جوابه التالي
حيث قال عليه السلام لما سئل عن معنى السجود
معناه منها خلقتني يعني من التراب، ورفع رأسك من السجود معناه منها أخرجتني والسجدة الثانية وإليها تعيدني، ورفع رأسك من السجدة الثانية ومنها تخرجني تارة أخرى، ومعنى قوله سبحان ربي الأعلى، فسبحان أنفة للَّه وربي خالقي، والأعلى أي علا وارتفع في سماواته، حتى صار العباد كلهم دونه، وقهرهم بعزته ومن عنده التدبير وإليه تعرج المعارج
البحار، ج85، ص139
ويحدثنا مولانا الصادق عليه السلام عمن يحسن التقرّب في السجود ويأتي بحقيقته مراعياً آدابه مستحضراً أبعاده غير غافل عما أعدّه اللَّه تعالى للساجدين، ملتفتاً إلى المعاني التي تقدمت في حديث مولى المتقين عليه السلام قائلاً: "ما خسر واللَّه من أتى بحقيقة السجود ولو كان في العمر مرة واحدة، وما أفلح من خلا بربّه في مثل ذلك الحال شبيهاً بمخادع لنفسه، غافل لاهٍ عما أعدّ اللَّه للساجدين، من البشر العاجل وراحة الآجل، ولا بعد عن اللَّه أبداً من أحسن تقرّبه في السجود، ولا قرب إليه أبداً من أساء أدبه، وضيّع حرمته، ويتعلق قلبه بسواه، فاسجد سجود متواضع للَّه ذليل علم أنه خلق من تراب يطأه الخلق، وأنه اتخذك من نطفة يستقذرها كل أحد وكوِّن ولم يكن. وقد جعل اللَّه معنى السجود سبب التقرب إليه بالقلب والسرّ والروح، فمن قرب منه بعد من غيره، ألا ترى في الظاهر أنه لا يستوي حال السجود إلا بالتواري عن جميع الأشياء والاحتجاب عن كل ما تراه العيون كذلك أراد اللَّه تعالى الأمر الباطن
مصباح الشريعة، ص108
إطالة السجود وآثارها
تعرّفنا في بداية المقال على أهمية طول السجود ودوام الخضوع والخشوع للخالق عزَّ وجلَّ، لكن لم نفصّل في الآثار المترتبة على ذلك ونعني بها هنا ما أعدّه اللَّه سبحانه لمن يطيل سجوده ملتزماً بسنة الأوّابين كما في الحديث
عليك بطول السجود فإن ذلك من سنن الأوّابين
ميزان الحكمة، حديث: 8281
والآثار عديدة نذكر منها
1- ضمان الجنة
في الحديث
إن قوماً أتوا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم اضمن لنا على ربك الجنة فقال
على أن تعينوني بطول السجود
م.ن. حديث: 8282
2- الحشر مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم
عنه صلى الله عليه وآله وسلم
إذا أردت أن يحشرك اللَّه معي فأطل السجود بين يدي اللَّه الواحد القهّار
البحار، ج85، ص164
تعليق