بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وال محمد وعجل فرجهم ياكريم
الحرص واليأس؛ دليلان على (عجز الإنسان)
هناك منهجان رئيسيّان لمعرفة الله تبارك وتعالى؛ الأول هو النظر في آفاق الكون، والثاني هو التوغّل في أعماق النفس. فهذا الكون الرحيب بما فيه من مجرّات ضخمة يُعادَلْ في منهجيّة معرفة الله بهذه النفس البشريّة.
والسبب في ذلك أن نفس الإنسان هي أقرب شيء إليه، وفي هذه النفس آفاق لعلّها تكون في مستوى آفاق الكون. فهذه النفس التي يزعم الإنسان أنها مخلوق بسيط تنطوي على عالم كبير ينعكس فيها كما قيل:
أتزعـم أنّك جـرم صغيــر وفيك انطوى العالم الأكبـر؟
فعلى الرغم من أن جسم الإنسان يعتبر آية من آيات الله العظمى، إلاّ أن نفسه أعظم دلالة، وأقوى شهوداً.
والملاحظ أنّ القرآن الكريم عندما يحدّثنا عن الإنسان كإنسان، أو عن طبيعتـه الإنسانيـة فإنـه يستخـدم كلمـة (الإنسـان)، وعندمـا يحدّثنـا عنـه كمجموعة فانه يستعمل كلمة (الناس). أما عندما يتحدّث عنه بصفاته الخيّرة فانّه يعمد إلى استخدام كلمة (بشر) في كثير من الأحيان.
وهكذا؛ فان مراد القرآن من توظيف كلمة (الإنسان) هو التأكيد على الطبيعة الإنسانية، وفي هذا المجال يشير ربنا سبحانه وتعالى الى طبيعتين مهمّتين في الإنسان؛ أحدهما الحرص، والثانية اليأس. ونحن لو أمعنا النظر لاكتشفنا أنّ هاتين الحالتين تقفان على طرفي نقيض في نفس الإنسان.
والمعروف في هذا المجال أن حرص الإنسان لا يمكن أن ينتهي، فان ملك الأرض تراه يفكّر كيف يمتلك السماء. فالانسان يبقى حريصاً متطلعاً الى المزيد من متاع الحياة الدنيا حتّى يدفن تحت التراب. فالتراب وحده هو الذي يقطع طموحات الإنسان في الحياة الدنيا، ويحدّ من حرصه فيها.
وإلى هذه الحقيقة أشار القرآن الكريم في قوله: «لاَ يَسْأَمُ الإِنسَانُ مِن دُعَآءِ الْخَيْرِ» (فصلت/49). والمراد بالدعاء هنا هو طلب الخير، والبحث عن المزيد منه.
ومن جانب آخر؛ فانّ هذا الإنسان الذي لا تحدّ مطامحه وأطماعه، نراه عند مواجهة الشدائد والابتلاء بالمصائب سرعان ما يتحوّل الى كائن ضيّق الصدر، شديد اليأس، حتى تضيق الدنيا بما رحبت في عينيه. وقد بيّـن القرآن الكريم هذه الحقيقــة في قوله: «وَإِن مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ» (فصلت/49) أي أن هذه النفس التي كانت قبل لحظات تعيش الدنيا، نراها فجأة وقد ضاقت الدنيا بها لتعيش في سجن ضيّق.
وفي الحقيقة؛ فانّ اليأس والقنوط هما مثلان للضيق والانحسار، ودليلان على عجز الإنسان، وشدّة فاقتة. لأن الحرص يدلّ على الحاجة، وعدم الاستغناء؛ فأكبر الغنا وأعظمه هو غنا النفس، لأن الإنسان الذي يحرص في سبيل الحصول على المزيد من الدنيا يعيش الفقر الحاضر، لأن معنى الفقر هو التحسّس بالحاجة، والنفس الحريصة فقيرة لأنها تتحسّس بالحاجة، وتنتظر المزيد، والحاجة هي دليل المخلوقية، فالنفس إذن- هي مخلوق محتاج.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وال محمد وعجل فرجهم ياكريم
الحرص واليأس؛ دليلان على (عجز الإنسان)
هناك منهجان رئيسيّان لمعرفة الله تبارك وتعالى؛ الأول هو النظر في آفاق الكون، والثاني هو التوغّل في أعماق النفس. فهذا الكون الرحيب بما فيه من مجرّات ضخمة يُعادَلْ في منهجيّة معرفة الله بهذه النفس البشريّة.
والسبب في ذلك أن نفس الإنسان هي أقرب شيء إليه، وفي هذه النفس آفاق لعلّها تكون في مستوى آفاق الكون. فهذه النفس التي يزعم الإنسان أنها مخلوق بسيط تنطوي على عالم كبير ينعكس فيها كما قيل:
أتزعـم أنّك جـرم صغيــر وفيك انطوى العالم الأكبـر؟
فعلى الرغم من أن جسم الإنسان يعتبر آية من آيات الله العظمى، إلاّ أن نفسه أعظم دلالة، وأقوى شهوداً.
والملاحظ أنّ القرآن الكريم عندما يحدّثنا عن الإنسان كإنسان، أو عن طبيعتـه الإنسانيـة فإنـه يستخـدم كلمـة (الإنسـان)، وعندمـا يحدّثنـا عنـه كمجموعة فانه يستعمل كلمة (الناس). أما عندما يتحدّث عنه بصفاته الخيّرة فانّه يعمد إلى استخدام كلمة (بشر) في كثير من الأحيان.
وهكذا؛ فان مراد القرآن من توظيف كلمة (الإنسان) هو التأكيد على الطبيعة الإنسانية، وفي هذا المجال يشير ربنا سبحانه وتعالى الى طبيعتين مهمّتين في الإنسان؛ أحدهما الحرص، والثانية اليأس. ونحن لو أمعنا النظر لاكتشفنا أنّ هاتين الحالتين تقفان على طرفي نقيض في نفس الإنسان.
والمعروف في هذا المجال أن حرص الإنسان لا يمكن أن ينتهي، فان ملك الأرض تراه يفكّر كيف يمتلك السماء. فالانسان يبقى حريصاً متطلعاً الى المزيد من متاع الحياة الدنيا حتّى يدفن تحت التراب. فالتراب وحده هو الذي يقطع طموحات الإنسان في الحياة الدنيا، ويحدّ من حرصه فيها.
وإلى هذه الحقيقة أشار القرآن الكريم في قوله: «لاَ يَسْأَمُ الإِنسَانُ مِن دُعَآءِ الْخَيْرِ» (فصلت/49). والمراد بالدعاء هنا هو طلب الخير، والبحث عن المزيد منه.
ومن جانب آخر؛ فانّ هذا الإنسان الذي لا تحدّ مطامحه وأطماعه، نراه عند مواجهة الشدائد والابتلاء بالمصائب سرعان ما يتحوّل الى كائن ضيّق الصدر، شديد اليأس، حتى تضيق الدنيا بما رحبت في عينيه. وقد بيّـن القرآن الكريم هذه الحقيقــة في قوله: «وَإِن مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ» (فصلت/49) أي أن هذه النفس التي كانت قبل لحظات تعيش الدنيا، نراها فجأة وقد ضاقت الدنيا بها لتعيش في سجن ضيّق.
وفي الحقيقة؛ فانّ اليأس والقنوط هما مثلان للضيق والانحسار، ودليلان على عجز الإنسان، وشدّة فاقتة. لأن الحرص يدلّ على الحاجة، وعدم الاستغناء؛ فأكبر الغنا وأعظمه هو غنا النفس، لأن الإنسان الذي يحرص في سبيل الحصول على المزيد من الدنيا يعيش الفقر الحاضر، لأن معنى الفقر هو التحسّس بالحاجة، والنفس الحريصة فقيرة لأنها تتحسّس بالحاجة، وتنتظر المزيد، والحاجة هي دليل المخلوقية، فالنفس إذن- هي مخلوق محتاج.