تويت
فلسفة الانتظار
اختلف الباحثين في معنى الانتظار وفلسفته وتضاربت فيه الاراء والاطروحات فقد جاءت بعض الاراء مخالفة للقواعد العامة للدين الاسلامي وكل ذلك نتيجة للقصور في فهم الاحاديث والروايات الواردة عن الرسول الكريم محمد(ص) واهل بيته الائمة المعصومين(ع) فمنهم من قال ان على الفرد ان يكون منعزلا في بيته منشغلا بأصلا ح نفسه في زمن الغيبة الكبرى الى ان يقوم الامام المهدي(ع) ومنهم من رد هذا القول ولم يقبله لانه مخالف للقواعد الاسلامية العامة لكنه لم يأتي بما هو مقنع في معنى الانتظار ، وفي محاولة لفهم الانتظار وفلسفته أبدأ هذا البحث سائلا المولى تبارك وتعالى ان يسددنا في القول والعمل وان يهدينا الى الحق الذي لاتشوبه شائبة فاقول : ان الانتظار قسمين الاول (الانتظار السلبي) والثاني (الانتظار الايجابي ) والاول غير صحيح ومخالف للقواعد العامة للدين الاسلامي والثاني هو الصحيح الذي اراده الائمه(ع). وقبل البدء في الحديث عن كلا القسمين لابد اولاً من سرد الاخبار الدالة على الانتظار : ففي الكافي عن ابي الجارود قال:قلت لابي جعفر (ع) يا بن رسول الله ، هل تعرف مودتي لكم -الى ان يقول الامام- والله لأعطينك ديني ودين ابائي الذي ندين الله عز وجل به : شهادة ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله -الى ان يقول- وانتظار قائمنا .
فانظر عزيزي القارئ ما لأهمية انتظار القائم (ع) عند أهل البيت حيث عد الامام الباقر(ع) انتظار القائم(ع) من الدين الذي يدينون الله به . وعن امير المؤمنين(ع) قال : انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله فان احب الاعمال الى الله عز وجل انتظار الفرج . وروي عن الامام الصادق (ع) وهو يعد الدين الحق : الورع والعفة والصلاح -الى ان قال- وانتظار الفرج. وعن الامام الباقر (ع) في ذكر الدين الذي يقبل فيه العمل قال: شهادة ان لا اله الا الله وحده لا شريك له -الى ان قال - وانتظار قائمنا . وعن الامام الرضا (ع) قال: ما احسن الصبر وانتظار الفرج . هذه نبذة مختصرة من الروايات الحاثة على الصبر وانتظار فرج قائم ال محمد(ع) وسياتي في نهاية البحث سرد الاخبار والروايات التي تذكر فضل المنتظرين والانتظار لامر الامام(ع) . والان نتحدث عن كلا القسمين للانتظار ونبدأ بـ :
الانتظار السلبي :- وهو ما يقوم به بعض فئات المجتمع الامامي سواء كانوا علماء او باحثين او مثقفين ومتعلمين او من عامة الناس وهو جلوسهم في بيوتهم منعزلين عن الناس وقضايا الامة والمجتمع لا يتفاعلون مع ما يجري حولهم ولا يشعرون به ولا يحركون ساكنا مهما يجري كل ذلك بحجة انهم منتظرين لأمر الامام المهدي(ع) تاركين الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعيين مواطن الفساد في المجتمع ومعالجة قضايا الاخرين وحتى لو حصل وانهم تحركوا ودبت فيهم الحياة فانهم يتحركون ضمن نطاق خاص بهم ودائرة ضيقة لا تكاد تتعدى حدودها معارفهم ومصالحهم فان ناقشتهم سلقوك بالسنة حداد ومعتبرين انفسهم أهل الحق ودعاته المنتظرين لامر المهدي (ع) وهم في الحقيقة منشغلين بلذاتهم واهوائهم لاهثين وراء احلامهم المريضة التي سولتها لهم انفسهم الامارة بالسوء، مخالفين بعملهم هذا مبادئ الدين الحنيف وسيرة الرسول(ص) والائمة المعصومين(ع) وتاركين العمل بفروع الدين الاسلامي بعذر او اخر ينظرون الى المجتمع يهوى الى منحدر الرذيلة والتسافل وهم ساكتين لا هم احياء ولا اموات حيث تجد الفرد العادي منهم يرى اصدقائه واقربائه يعملون المنكر وهو ساكت لا يحرك ساكنا وعذره في ذلك اشغاله باصلاح نفسه وعدم التدخل في حياة الاخرين وتجد الباحث او المثقف او العالم يرى الفساد قد استشرى في المجتمع وهو لا يبالي غالقا بابه عليه ليس همه الا السمعة والجاه وكثرة الصلاة التي لا تنفع قال تعالى (( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ...)) فالصلاة التي لا تجعل من صاحبها ناهيا عن المنكر ليست بصلاة بصريح الاية المتقدمة فالمولى سبحانه وتعالى ليس بحاجه الى ركوعنا وسجودنا وذكرنا بل هو ينظر الى ما قدمنا من اصلاح المجتمع ومحاربة الفساد والرذيلة والمنكر ، لقد خرج الحسين(ع)بسبعين رجلا وهو يعلم انه مقتول ولم يجلس في داره متعبداً بل خرج من اجل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والاصلاح في امة جده رسول الله (ص)كما صرح هو بذلك .ثم ان هؤلاء لو حدثتهم او سئلتهم عن امر الامام المهدي(ع) تجدهم يجهلون الكثير عنه وعن كيفية ظهوره ودعوته وقيامه وما الى ذلك ولو طالبتهم بالتمهيد للامام(ع) لقالوا ان الامام ليس بحاجة الينا فهو منصور والله يحفه بالملائكة واذا ما خرج فاننا سوف ننصره هذا هو الانتظار السلبي الذي نراه اليوم في مجتمعنا الشيعي الامامي بكثرة فلا تجد من يحاول التمهيد لأمر الامام (ع) وتثقيف الناس بقضية الامام(ع)وان قاموا باصدار بعض الكتب والكتيبات نتيجة الضغط المتواصل من قبل الشباب المؤمن وجدت تلك المؤلفات سطحيه او تتحدث عن امور اصبحت من المسلمات التي لا حاجة للاطالة فيها وقد تناولها اكابر العلماء والمتقدمين واشبعوها تاليفاً وبحثا كغيبة الامام(ع) او طول العمر او انه من ولد الحسن العسكري(ع) او ما الى ذلك وقلما نجد من يؤلف لنا بحثا في معرفة علامات الامام(ع) وما تحقق منها وما لم يتحقق وما هي فائدتها وكيف يكون التمهيد للامام(ع) ومن هم الممهدين له وكيفية معرفة الدعاة الحقيقيون من الدعاة الكاذبون وكيفية الوصول للامام(ع) ونصرته وما الى ذلك من المواضيع التي يجهلها الاعم الاغلب من الناس بل حتى من المثقفين والعلماء انفسهم .
الانتظار الايجابي:- وهو العمل بما يوافق القواعد العامة للشريعة الاسلامية وعدم تعريض النفس للقتل او الخوض في الفتن التي لا طائل من ورائها ولا مصلحة للمجتمع فيها وليست من اهداف حقة وصحيحة فيها والانعزال عنها مع ملاحظة عدم مخالفة سيرة المصطفى(ص) والائمة المعصومين(ع) والعمل بما جاء عنهم في مثل هذه الاحداث والامور مع مراعاة عدم ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر . بل لا بد من التفاعل مع المجتمع وخاصة في قضاياه المصيرية والشعور بالمسؤوليةعلى كل فرد من افراد المجتمع وعدم الانعزال . وترك الاصلا ح في الامة الاسلامية لعذر واخر بل لابد لهؤلاء المتنظرين من التمهيد لقضية الامام(ع) والاعداد لنصرته وتثقيف المجتمع بامر الامام المهدي(ع) من خلال المحاضرات وتاليف الكتب واعداد الكتيبات وما الى ذلك من الامور التي تهم في عملية تسهيل خروج الامام(ع) وقيامه والاسراع بها ومحاولة اعداد النفس والاخرين لاجل نصرة الامام(ع) فانه كما جاء في الاخبار ان الامام(ع) لايقوم حتى يوجد ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاهم ممن يكونوا النواة الاولى لاعداد باقي الانصار ، وذلك من خلال فهمهم لامر الامام والتمهيد له في المجتمع ومواجهة الظلم والظالمين ولكن ليست المواجهة المقصودة هنا المواجهة العسكرية بل المواجهة الفكرية والعقائدية التي تكشف زيف الظلمة والمنحرفين المتزيين بزي الاسلام والايمان كما انه لابد من حفظ النفس وعدم الانخراط وراء كل ناعق والخوض في الفتن التي تسبق قيام الامام(ع) نعم قد وردت بعض الرويات التي تؤكد على الجلوس في البيت والانعزال عن المجتمع ففي حديث عن الفتنة سئل رسول الله(ص) من بعض الصحابة قالوا: فما تامرنا ؟ قال : كونوا احلاس بيوتكم . واخرج الصدوق في اكمال الدين عن الامام الباقر(ع) حين يساله الراوي فما افضل مايستعمله المؤمن في ذلك الزمان -يعني زمن الغيبة- قال: حفظ اللسان ولزوم البيت. واخرج النعماني في الغيبة عن الامام الباقر(ع) - في حديث - قال: واذا كان ذلك ، فكونوا احلاس بيوتكم. واخرج الشيخ الطوسي في غيبته عن الامام الصادق(ع) انه قال: فاذا كان ذلك فالزموا احلاس بيوتكم . وانما امروا بذلك وهو لزوم البيوت في حال الفتن التي تسبق قيام الامام(ع) وليس المقصود من ذلك طول زمن الغيبة فان ذلك مخالف للقواعد العامة الاسلامية كما اثبتنا . ولكن الحقيقة ان هذه الروايات تتحدث عن فترة معينة لاطول الغيبة فانه لايخفى على الله والامام ان الغيبة طويلة جدا فهل يعني ذلك ان على المسلمين ان يجلسوا في بيوتهم طوال هذه المدة من الزمن اي مدة الغيبة ويتركون المجتمع ينحدر الى مهاوي الظلم والفساد والرذيلة لايامرون بمعروف ولاينهون عن منكر ساكتين اتجاه ظلم الحكام وتغطرسهم وهذا منافي بطبيعة الحال للقواعد الاسلامية العامة ولكن الحق ان تلك الروايات تتحدث كما قلنا عن فترة معينة وهي الفترة التي تسبق قيام الامام المهدي(ع) بقليل والتي تنشب فيها الفتن كما ذكرت ذلك الاخبار الواردة عنهم(ع) ويكون الهرج والمرج وما الى ذلك من النزاعات والخلافات التي يكون جميع اطرافها من طلا ب الدنيا والمصالح الدنيوية واهل الباطل البعيدين كل البعد عن الحق ودعاته ففي هذه الفترة يجب على الانسان ان يكون حلسا من احلاس بيته في محاولة حفظ نفسه للامام(ع) جهد الامكان لينال بذلك رضا الله والامام(ع). واما الروايات في فضل الانتظار والمنتظرين فهي كثيرة نذكر منها:- مارواه الصدوق في اكمال الدين عن الامام علي بن الحسين(ع) في حديث له عن المهدي(ع)( ان اهل زمان غيبته القائلين بامامته والمنتظرين لظهوره افضل من اهل كل زمان لان الله تبارك وتعالى اعطاهم من العقول والافهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة العيان(اي هؤلاء المقصودون هم من يعمل على ذكر الامام دائما والتمهيد والاعداد له الذين يعيشون والامام نصب اعينهم دائما ولا يعملون عملا او يقولون قولا الا ان يتيقنوا من رضا الامام(ع)فيه) وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله بالسيف اولئك المخلصون حقا .. والدعاة الى دين الله سرا وجهرا ، فانظر عزيزي القارئ الى الفقرة الاخيرة من الرواية حيث قال الامام(ع) (اولئك المخلصون حقا ....والدعاة الى دين الله سرا وجهرا) فان الملاحظ ان هؤلاء وان كانوا قد لزموا احلاس بيوتهم الا انهم كانوا احلاس بيوتهم في حال ظهور الفتن ونشوب المعارك اما في باقي الاحوال والازمان فهم دعاة الى دين الله ونصرة الامام المهدي(ع) سواء كان ذلك في السر او الجهر وقد ذكر الشيخ الطوسي في الغيبة عن النبي(ص) انه قال
سياتي قوم من بعدكم الرجل الواحد منهم له اجر خمسين منكم قالوا: يارسول الله نحن كنا معك ببدر واحد وصفين ونزل فينا القران . فقال: انكم لو تحملون لما حملوا لم تصبروا صبرهم) وعن الامام الصادق(ع) قال: (من مات منكم على امرنا هذا فهو بمنزلة من ضرب فسطاطة الى رواق القائم ، بل بمنزلة من يضرب معه بالسيف ، بل بمنزلة من استشهد معه بل بمنزلة من استشهد مع رسول الله(ص). وقد اخرج ايضا من مات منكم على هذا الامر منتظرا له كان كمن كان في فسطاط القائم(ع)). وقبل ان اختم هذا البحث لابد من الاشارة الى ماجاء في الرواية الواردة في الكافي الجزء الاول عن يمان التمار قال كنا عند ابي عبد الله(ع) جلوسا فقال لناان لصاحب هذا الامر غيبة المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد - ثم قال: هكذا بيده - فايكم يمسك القتاد بيده؟ ثم اطرق مليا ، ثم قال : ان لصاحب هذا الامر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه). والظاهر ان المقصود بالتحديد من هذه الرواية هو الوقت الذي يسبق قيام الامام(ع) حيث تشتد الفتن والبلاءت على اصحاب الامام وانصاره والمنتظرين له(ع).
صحيفة القائم عليه السلام
اختلف الباحثين في معنى الانتظار وفلسفته وتضاربت فيه الاراء والاطروحات فقد جاءت بعض الاراء مخالفة للقواعد العامة للدين الاسلامي وكل ذلك نتيجة للقصور في فهم الاحاديث والروايات الواردة عن الرسول الكريم محمد(ص) واهل بيته الائمة المعصومين(ع) فمنهم من قال ان على الفرد ان يكون منعزلا في بيته منشغلا بأصلا ح نفسه في زمن الغيبة الكبرى الى ان يقوم الامام المهدي(ع) ومنهم من رد هذا القول ولم يقبله لانه مخالف للقواعد الاسلامية العامة لكنه لم يأتي بما هو مقنع في معنى الانتظار ، وفي محاولة لفهم الانتظار وفلسفته أبدأ هذا البحث سائلا المولى تبارك وتعالى ان يسددنا في القول والعمل وان يهدينا الى الحق الذي لاتشوبه شائبة فاقول : ان الانتظار قسمين الاول (الانتظار السلبي) والثاني (الانتظار الايجابي ) والاول غير صحيح ومخالف للقواعد العامة للدين الاسلامي والثاني هو الصحيح الذي اراده الائمه(ع). وقبل البدء في الحديث عن كلا القسمين لابد اولاً من سرد الاخبار الدالة على الانتظار : ففي الكافي عن ابي الجارود قال:قلت لابي جعفر (ع) يا بن رسول الله ، هل تعرف مودتي لكم -الى ان يقول الامام- والله لأعطينك ديني ودين ابائي الذي ندين الله عز وجل به : شهادة ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله -الى ان يقول- وانتظار قائمنا .
فانظر عزيزي القارئ ما لأهمية انتظار القائم (ع) عند أهل البيت حيث عد الامام الباقر(ع) انتظار القائم(ع) من الدين الذي يدينون الله به . وعن امير المؤمنين(ع) قال : انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله فان احب الاعمال الى الله عز وجل انتظار الفرج . وروي عن الامام الصادق (ع) وهو يعد الدين الحق : الورع والعفة والصلاح -الى ان قال- وانتظار الفرج. وعن الامام الباقر (ع) في ذكر الدين الذي يقبل فيه العمل قال: شهادة ان لا اله الا الله وحده لا شريك له -الى ان قال - وانتظار قائمنا . وعن الامام الرضا (ع) قال: ما احسن الصبر وانتظار الفرج . هذه نبذة مختصرة من الروايات الحاثة على الصبر وانتظار فرج قائم ال محمد(ع) وسياتي في نهاية البحث سرد الاخبار والروايات التي تذكر فضل المنتظرين والانتظار لامر الامام(ع) . والان نتحدث عن كلا القسمين للانتظار ونبدأ بـ :
الانتظار السلبي :- وهو ما يقوم به بعض فئات المجتمع الامامي سواء كانوا علماء او باحثين او مثقفين ومتعلمين او من عامة الناس وهو جلوسهم في بيوتهم منعزلين عن الناس وقضايا الامة والمجتمع لا يتفاعلون مع ما يجري حولهم ولا يشعرون به ولا يحركون ساكنا مهما يجري كل ذلك بحجة انهم منتظرين لأمر الامام المهدي(ع) تاركين الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعيين مواطن الفساد في المجتمع ومعالجة قضايا الاخرين وحتى لو حصل وانهم تحركوا ودبت فيهم الحياة فانهم يتحركون ضمن نطاق خاص بهم ودائرة ضيقة لا تكاد تتعدى حدودها معارفهم ومصالحهم فان ناقشتهم سلقوك بالسنة حداد ومعتبرين انفسهم أهل الحق ودعاته المنتظرين لامر المهدي (ع) وهم في الحقيقة منشغلين بلذاتهم واهوائهم لاهثين وراء احلامهم المريضة التي سولتها لهم انفسهم الامارة بالسوء، مخالفين بعملهم هذا مبادئ الدين الحنيف وسيرة الرسول(ص) والائمة المعصومين(ع) وتاركين العمل بفروع الدين الاسلامي بعذر او اخر ينظرون الى المجتمع يهوى الى منحدر الرذيلة والتسافل وهم ساكتين لا هم احياء ولا اموات حيث تجد الفرد العادي منهم يرى اصدقائه واقربائه يعملون المنكر وهو ساكت لا يحرك ساكنا وعذره في ذلك اشغاله باصلاح نفسه وعدم التدخل في حياة الاخرين وتجد الباحث او المثقف او العالم يرى الفساد قد استشرى في المجتمع وهو لا يبالي غالقا بابه عليه ليس همه الا السمعة والجاه وكثرة الصلاة التي لا تنفع قال تعالى (( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ...)) فالصلاة التي لا تجعل من صاحبها ناهيا عن المنكر ليست بصلاة بصريح الاية المتقدمة فالمولى سبحانه وتعالى ليس بحاجه الى ركوعنا وسجودنا وذكرنا بل هو ينظر الى ما قدمنا من اصلاح المجتمع ومحاربة الفساد والرذيلة والمنكر ، لقد خرج الحسين(ع)بسبعين رجلا وهو يعلم انه مقتول ولم يجلس في داره متعبداً بل خرج من اجل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والاصلاح في امة جده رسول الله (ص)كما صرح هو بذلك .ثم ان هؤلاء لو حدثتهم او سئلتهم عن امر الامام المهدي(ع) تجدهم يجهلون الكثير عنه وعن كيفية ظهوره ودعوته وقيامه وما الى ذلك ولو طالبتهم بالتمهيد للامام(ع) لقالوا ان الامام ليس بحاجة الينا فهو منصور والله يحفه بالملائكة واذا ما خرج فاننا سوف ننصره هذا هو الانتظار السلبي الذي نراه اليوم في مجتمعنا الشيعي الامامي بكثرة فلا تجد من يحاول التمهيد لأمر الامام (ع) وتثقيف الناس بقضية الامام(ع)وان قاموا باصدار بعض الكتب والكتيبات نتيجة الضغط المتواصل من قبل الشباب المؤمن وجدت تلك المؤلفات سطحيه او تتحدث عن امور اصبحت من المسلمات التي لا حاجة للاطالة فيها وقد تناولها اكابر العلماء والمتقدمين واشبعوها تاليفاً وبحثا كغيبة الامام(ع) او طول العمر او انه من ولد الحسن العسكري(ع) او ما الى ذلك وقلما نجد من يؤلف لنا بحثا في معرفة علامات الامام(ع) وما تحقق منها وما لم يتحقق وما هي فائدتها وكيف يكون التمهيد للامام(ع) ومن هم الممهدين له وكيفية معرفة الدعاة الحقيقيون من الدعاة الكاذبون وكيفية الوصول للامام(ع) ونصرته وما الى ذلك من المواضيع التي يجهلها الاعم الاغلب من الناس بل حتى من المثقفين والعلماء انفسهم .
الانتظار الايجابي:- وهو العمل بما يوافق القواعد العامة للشريعة الاسلامية وعدم تعريض النفس للقتل او الخوض في الفتن التي لا طائل من ورائها ولا مصلحة للمجتمع فيها وليست من اهداف حقة وصحيحة فيها والانعزال عنها مع ملاحظة عدم مخالفة سيرة المصطفى(ص) والائمة المعصومين(ع) والعمل بما جاء عنهم في مثل هذه الاحداث والامور مع مراعاة عدم ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر . بل لا بد من التفاعل مع المجتمع وخاصة في قضاياه المصيرية والشعور بالمسؤوليةعلى كل فرد من افراد المجتمع وعدم الانعزال . وترك الاصلا ح في الامة الاسلامية لعذر واخر بل لابد لهؤلاء المتنظرين من التمهيد لقضية الامام(ع) والاعداد لنصرته وتثقيف المجتمع بامر الامام المهدي(ع) من خلال المحاضرات وتاليف الكتب واعداد الكتيبات وما الى ذلك من الامور التي تهم في عملية تسهيل خروج الامام(ع) وقيامه والاسراع بها ومحاولة اعداد النفس والاخرين لاجل نصرة الامام(ع) فانه كما جاء في الاخبار ان الامام(ع) لايقوم حتى يوجد ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاهم ممن يكونوا النواة الاولى لاعداد باقي الانصار ، وذلك من خلال فهمهم لامر الامام والتمهيد له في المجتمع ومواجهة الظلم والظالمين ولكن ليست المواجهة المقصودة هنا المواجهة العسكرية بل المواجهة الفكرية والعقائدية التي تكشف زيف الظلمة والمنحرفين المتزيين بزي الاسلام والايمان كما انه لابد من حفظ النفس وعدم الانخراط وراء كل ناعق والخوض في الفتن التي تسبق قيام الامام(ع) نعم قد وردت بعض الرويات التي تؤكد على الجلوس في البيت والانعزال عن المجتمع ففي حديث عن الفتنة سئل رسول الله(ص) من بعض الصحابة قالوا: فما تامرنا ؟ قال : كونوا احلاس بيوتكم . واخرج الصدوق في اكمال الدين عن الامام الباقر(ع) حين يساله الراوي فما افضل مايستعمله المؤمن في ذلك الزمان -يعني زمن الغيبة- قال: حفظ اللسان ولزوم البيت. واخرج النعماني في الغيبة عن الامام الباقر(ع) - في حديث - قال: واذا كان ذلك ، فكونوا احلاس بيوتكم. واخرج الشيخ الطوسي في غيبته عن الامام الصادق(ع) انه قال: فاذا كان ذلك فالزموا احلاس بيوتكم . وانما امروا بذلك وهو لزوم البيوت في حال الفتن التي تسبق قيام الامام(ع) وليس المقصود من ذلك طول زمن الغيبة فان ذلك مخالف للقواعد العامة الاسلامية كما اثبتنا . ولكن الحقيقة ان هذه الروايات تتحدث عن فترة معينة لاطول الغيبة فانه لايخفى على الله والامام ان الغيبة طويلة جدا فهل يعني ذلك ان على المسلمين ان يجلسوا في بيوتهم طوال هذه المدة من الزمن اي مدة الغيبة ويتركون المجتمع ينحدر الى مهاوي الظلم والفساد والرذيلة لايامرون بمعروف ولاينهون عن منكر ساكتين اتجاه ظلم الحكام وتغطرسهم وهذا منافي بطبيعة الحال للقواعد الاسلامية العامة ولكن الحق ان تلك الروايات تتحدث كما قلنا عن فترة معينة وهي الفترة التي تسبق قيام الامام المهدي(ع) بقليل والتي تنشب فيها الفتن كما ذكرت ذلك الاخبار الواردة عنهم(ع) ويكون الهرج والمرج وما الى ذلك من النزاعات والخلافات التي يكون جميع اطرافها من طلا ب الدنيا والمصالح الدنيوية واهل الباطل البعيدين كل البعد عن الحق ودعاته ففي هذه الفترة يجب على الانسان ان يكون حلسا من احلاس بيته في محاولة حفظ نفسه للامام(ع) جهد الامكان لينال بذلك رضا الله والامام(ع). واما الروايات في فضل الانتظار والمنتظرين فهي كثيرة نذكر منها:- مارواه الصدوق في اكمال الدين عن الامام علي بن الحسين(ع) في حديث له عن المهدي(ع)( ان اهل زمان غيبته القائلين بامامته والمنتظرين لظهوره افضل من اهل كل زمان لان الله تبارك وتعالى اعطاهم من العقول والافهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة العيان(اي هؤلاء المقصودون هم من يعمل على ذكر الامام دائما والتمهيد والاعداد له الذين يعيشون والامام نصب اعينهم دائما ولا يعملون عملا او يقولون قولا الا ان يتيقنوا من رضا الامام(ع)فيه) وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله بالسيف اولئك المخلصون حقا .. والدعاة الى دين الله سرا وجهرا ، فانظر عزيزي القارئ الى الفقرة الاخيرة من الرواية حيث قال الامام(ع) (اولئك المخلصون حقا ....والدعاة الى دين الله سرا وجهرا) فان الملاحظ ان هؤلاء وان كانوا قد لزموا احلاس بيوتهم الا انهم كانوا احلاس بيوتهم في حال ظهور الفتن ونشوب المعارك اما في باقي الاحوال والازمان فهم دعاة الى دين الله ونصرة الامام المهدي(ع) سواء كان ذلك في السر او الجهر وقد ذكر الشيخ الطوسي في الغيبة عن النبي(ص) انه قال
سياتي قوم من بعدكم الرجل الواحد منهم له اجر خمسين منكم قالوا: يارسول الله نحن كنا معك ببدر واحد وصفين ونزل فينا القران . فقال: انكم لو تحملون لما حملوا لم تصبروا صبرهم) وعن الامام الصادق(ع) قال: (من مات منكم على امرنا هذا فهو بمنزلة من ضرب فسطاطة الى رواق القائم ، بل بمنزلة من يضرب معه بالسيف ، بل بمنزلة من استشهد معه بل بمنزلة من استشهد مع رسول الله(ص). وقد اخرج ايضا من مات منكم على هذا الامر منتظرا له كان كمن كان في فسطاط القائم(ع)). وقبل ان اختم هذا البحث لابد من الاشارة الى ماجاء في الرواية الواردة في الكافي الجزء الاول عن يمان التمار قال كنا عند ابي عبد الله(ع) جلوسا فقال لناان لصاحب هذا الامر غيبة المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد - ثم قال: هكذا بيده - فايكم يمسك القتاد بيده؟ ثم اطرق مليا ، ثم قال : ان لصاحب هذا الامر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه). والظاهر ان المقصود بالتحديد من هذه الرواية هو الوقت الذي يسبق قيام الامام(ع) حيث تشتد الفتن والبلاءت على اصحاب الامام وانصاره والمنتظرين له(ع).صحيفة القائم عليه السلام