البرق وخطف البصر إشارات طبية وهندسية
يقول سبحانه وتعالى في محكم الذكر متحدثاً عن البرق وتأثيراته:
(وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِه ِيَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) [النور: 43].
جاء في تفسير ابن كثير: يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِأي يكاد ضوء برقه يخطف الأبصار. (هُوَ الَّذِي يُرِيكُم ُالْبَرْقَخَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ)[الرعد: 12).
(أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْق ٌيَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُم ْكُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[البقرة: 19-20).
(وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)[الروم: 24).
تفسير الآية
يقول القرطبي في تفسيره التفسير قوله تعالىيكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير). قوله تعالى(يكاد البرق يخطف أبصارهم ( يكاد معناه يقارب، يقال: كاد يفعل كذا إذا قارب ولم يفعل.
ومن كلام العرب: كاد النعام يطير، وكاد العروس يكون أميراً، لقربهما من تلك الحال. وكاد فعل متصرف على فعل يفعل. وقد جاء خبره بالاسم وهو قليل، قال: وما كدت آئبا . ويجري مجرى كاد كرب وجعل وقارب وطفق، في كون خبرها بغير أن، قال الله عز وجل: (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) لأنها كلها بمعنى الحال والمقاربة، والحال لا يكون معها أن، فأعلم.
قوله تعالىيخطف أبصارهم) الخطف: الأخذ بسرعة، ومنه سمي الطير خطافاً لسرعته. فمن جعل القرآن مثلا للتخويف فالمعنى أن خوفهم مما ينزل بهم يكاد يذهب أبصارهم. ومن جعله مثلاً للبيان الذي في القرآن فالمعنى أنهم جاءهم من البيان ما بهرهم. ويخطف ويخطف لغتان قرىء بهما. وقد خطفه (بالكسر) يخطفه خطفاً.
قلت: وروي عن الحسن أيضاً و أبي رجاء يخطف . قال ابن مجاهد: وأظنه غلطا، واستدل على ذلك بأن (خطف الخطفة) لم يقرأه أحد بالفتح. (أبصارهم) جمع بصر، وهي حاسة الرؤية. والمعنى: تكاد حجج القرآن وبراهينه الساطعة تبهرهم. ومن جعل البرق مثلا للتخويف فالمعنى أن خوفهم مما ينزل بهم يكاد يذهب أبصارهم.
أما في تفسير ابن كثير (يكاد البرق يخطف أبصارهم) أي لشدته وقوته في نفسه، وضعف بصائرهم وعدم ثباتها للإيمان، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (يكاد البرق يخطف أبصارهم) يقول يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين وقال ابن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس (يكاد البرق يخطف أبصارهم) أي لشدة ضوء الحق كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا أي كلما ظهر لهم من الإيمان شيء استأنسوا به واتبعوه وتارة تعرض لهم الشكوك أظلمت قلوبهم فوقفوا حائرين.
تأثير البرق على العين
يمكن القول بأن العين أهم أجزاء الجسم الذي جذب انتباه الأطباء والعلماء في مختلف التخصصات... وبالإضافة إلى تنافس الأطباء في معرفة أمراض العيون وعلاجها، تنافس أيضاً علماء النفس في البحث في العين ومدى تعبيرها عن العواطف وكوامن النفس ، إذ أن لمحة واحدة قد تفصح عما يفكر فيه الإنسان مهما حاول إخفاءه، ولذلك قالوا: العين مرآة النفس.
قالوا أيضاً: عندما يتكلم الإنسان فأصغ إلى عينيه! ناهيك عما أبدعه الشعراء والكُتَّاب في وصف العين وسحرها وفتنتها ومدى تأثيرها في النفوس ... وسنذكره في موضوعه بإذن الله تعالى. وإذا اعتبرنا أن العين جزء من المخ وأن المخ هو قمة الرأس فإن المكان فعلاً يكون أعلى بقعة في الجسد ، ولا شك أن الخالق جل وعلا أراد بذلك أن يكون لها السبق والميزة على غيرها من الحواس لتلقى المؤثرات الخارجية وإدراك كنهها والتفاعل تجاهها، وهذه الخصائص الثلاثة: التلَّقي والإدراك والتفاعل، لا تكون في أوج الأداء إلا مع نعمة البصر، وذلك لحماية الجسد واستمرار الحياة كما أن كل الحواس الأخرى وخاصة السمع مسخرة لخدمة البصر.
ولقد ذكر المولى عز وجل في محكم آياته السمع دائماً قبل البصر، وليس معنى ذلك أن السمع أهم من البصر، إنما هذا الذكر من ناحية الخلق فقط وليس من ناحية الفائدة ... وبالفعل خلق الله تعالى السمع قبل البصر وهذا ما أثبته علم الأجنة وعلم تطور الأجناس. يقول تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ)المؤمنون : 78. ويقول أيضاً: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ)الملك: 23 وغيرها الكثير
والمعنى واضح وهو أن الله عز وجل خلق أولاً السمع وهو الحاسة الوحيدة التي يولد بها الطفل مكتملة ، في حين أن نعمة الإبصار لا تكتمل قبل ستة أشهر من الولادة ، أما من ناحية الفائدة فإن الله عز وجل لم يذكر السمع مثلما ذكر البصر. قال تعالى: (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ)الأنعام : 50. (أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم)الملك: 22.
إذن فالعين أهم حاسة في جسم الإنسان، وضعت في أعلى مكان منه ، وقد وفر الله سبحانه وتعالى لها الحماية الكاملة لأهميتها، فوضعها في تجويف متين (المحجر) حدوده الأمامية ذات قوة وبأس يستطيع أن يقيها إذا حُشرت فيه وضُغط عليها) ولأهمية البصر فقد خلق الله تعالى للإنسان عينان، فأصبحت نعمة البصر حصيلة للازدواج الخلقي للعين وعلى أتم ما تكون من ناحية الأداء ، إذ يمكن تمييز البعد الثالث وهو "العمق" فتكون الصورة ذات جسم واضح طوله وعرضه وعمقه.
ويقال أنه كانت هناك عيناً ثالثة تقع في الخلف عند اتصال مؤخرة الجمجمة بالعنق ولكنها بمرور السنين انقرضت وأصبحت تمثل الآن ما يسمى بالجسم الصنوبري "Pineal ****" داخل الجمجمة عند اتصال المخ بالمخيخ. وتقوم العين بوظائف ثلاثة
أولها:تقوم بعمل النافذة التي منها يستطيع الجسم أن يطل على العالم فهي جواز السفر لمشاهدة العالم وتقليب صفحاته والوقوف على مواطن الجمال فيه كما أن العالم يستطيع أن يطل منها على الجسم فيعلم حالته بالتفصيل ، فالعين توضح وتنبئ عن الشخص ، كذلك حالته الصحية يمكن الاستدلال عليها من فحص قاع العين مثل داء البول السكري والدم المرتفع وأورام المخ واضطرابات الدورة الدموية والحميات وغير ذلك ... فالعين مرآة الجسم كما قيل. وبمعنى أخر فإن الإنسان يتلخص كله ويرتكز في العين والتي تعتبر صورة مصغرة لما يدور بداخل الإنسان.
ثانيها:تقوم العين بالتعبير عن إحساسات الشخص الداخلية بما فيها من مشاعر سواء أكانت إيجابية أو سلبية. فلمعان العين يظهر عند الحب والفرح والأمل، وانطفائها يظهر عند الكره والحزن والألم. كل هذه المعاني لا يمكن التعبير عنها إلا من خلال العينين. كذلك حركتها ونظرتها وتغيراتها الكونية، كل ذلك له معنى يمكن الاستفادة منه.
ثالثها:تقوم العين بالتأثير فى الغير بافتعال شعور خارجي وإحساس معين يقصد به الإيحاء بفكرة ما أو عمل ما، وهذه النقطة تجرنا للحديث عن العلاقة بين العين والروح.
البقعة العمياء Blind Spot
هناك في وسط الشبكية في المنطقة المقابلة للحدقة منطقة رقيقة من الشبكية تسمى البقعة الصفراء Macula Lutea وتوجد في وسطها نقطة منخفضة تسمى الحفيرة المركزية (Fovea) وتقع هذه النقطة على المحور البصري للعين وهذا المحور يمر من وسط الحدقة والعدسة في آن واحد وتوجد في الحفيرة المركزية مستقبلات مخروطية فقط ، وهى نقطة حساسة جداً وعليها تركز الصور الدقيقة حيث تتبين المرئيات.
وعلى الجهة الداخلية (الأنفية) من هذه النقطة وبحوالي 3 ملليمتر توجد منطقة عديمة الرؤية لانعدام مستقبلات الحس الضوئي عليها، وهى المنطقة التي تخرج منها ألياف العصب العيني، وتسمى النقطة العمياء Blind Spot أو القرص البصر (Optic disc) إن كل نقطة حساسة في الشبكية ترى نقطة في المشهد أمام العين. ومجموع هذه النقط يمثل مجال الإبصار، ولكن هناك المنطقة التي تخرج منها الألياف لعصبية القادمة من الشبكية ومتوجهة إلى العصب البصري ثم إلى المخ.
هذه المنطقة من الشبكية لا تحتوى على أية نهايات عصبية ، أي لا تحتوى على أقماع أو عصيات ... ولذلك فإن أي صورة تقع عليها لا تراها العين. وفى لحياة اليومية لا يشعر الإنسان بذلك ، والسبب هو التأقلم وعوامل أخرى.
وهناك تجربة بسيطة يمكن لأي إنسان أن يقوم بها لاكتشاف النقطة العمياء فى العين وهى أن يرسم مثلثاً ومربعاً على ورقة بيضاء بحيث يكون المثلث على يمين المربع وبحيث يبعد الأول عن الثاني بمسافة 2.5سم ، ثم يغلق الشخص عينه اليسرى وينظر بالعين اليمنى إلى المربع ثم يقرب ويبعد الورقة عن العين حتى يلاحظ أنه لا يرى المثلث ، هنا تكون الصورة قد وقعت على حلمة العصب البصري أي النقطة العمياء (Blind Spot).
تأثير البرق على العين
قال تعالى: (يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير)، لما كانت قوه الضوء المنبعثة من البرق عظيمة وهائلة فان الطاقة الضوئية الواصلة تتحول إلى طاقة حرارية تتسبب في تلف منطقة الماقولة والقرص البصري، و تتطور مع الوقت وتحلل النسيج الموجود بمركز الماقولة وتتحول إلى ثقب يؤدى بدوره إلى فقد البصر المركزي بصفة دائمة . أما جوانب الشبكية فلا يتأثر بفعل الضوء بل يظل سليما وبه يستطيع المصاب رؤية الأشياء الموجودة حول البقعة المركزية المعتمة في حقل النظر وفى ذلك التوضيح تفسير علمي لمعنى كلمة (يكاد)... فالله سبحانه وتعالى رفق بعباده وجعل أثر البرق جزئيا ... وكان باستطاعته أن يعمي العين كاملا إن أراد.
كيف يحدث البرق؟
يحدث نتيجة شحنات كهربائية تتولد عندما يتحول الماء من حال إلى حال: من الماء شديد البرودة إلى البرد أو إلى الثلج, كما تتولد عند تصادم أو ملامسة أي من هذه الحالات بعضها مع بعض, وكلما طرأ علي كل حالة من حالات الماء الصلبة والسائلة والغازية طاريء يغير من شكلها أو حجمها, أو كتلتها, أو درجة حرارتها .
كيف يخطف ضوء البرق البصر؟
خطف البصر أو العمى الناتج عن بريق الضوء الشديد: Flash blindnessهذا النوع من العمى ينتج من مصادر ضوء ساطع ومفاجئ مثل: البرق، الليزر، انعكاس الضوء من المباني العالية الزجاجية.
الضوء الشديد يسبب بقعة في مركز مجال الرؤية و يحدث تثبيطاً في عمل المستقبلات الضوئية في الشبكية تستمر لثوان معدودة وأحيانا دقيقة متسببا في جعل الشخص غير مبصر. أحيانا لا يحدث رجوع للقدرة على الإبصار.
ليس هذا فحسب بل إن الصاعقة - التفريغ الكهربائي الذي يحصل بين الغيوم والأرض (الصاعقة)- [عمليات التفريغ هذه تحصل في فترات وجيزة جداً (بمستوى مايكرو ثانية) ما بين 2000 أمبير إلى 200.000 أمبير] والتي تصيب بعض الأشخاص قد تؤدي في 50% من المصابين بأضرار في البصر وهذا يكون بوسائل منها:
1- مرور الصاعقة الكهربية مباشرة في الشخص.
2- أو أن الصاعقة تصيب شيئا قريبا من الشخص ثم تنتقل الشحنة الكهربية إلى الشخص الملامس (مثل شجرة).
3- أو أن الصاعقة تصيب الأرض ثم تنتشر الى الضحية القريبة.
4- حرق ثانوي ينتج من اشتعال النار في الملابس.
5- أو ارتطام ثانوي ينتج من صدمة الصاعقة.
الأضرار التي تصيب العين
1- جرح في القرنية.
2- مياه بيضاء في العدسة بعد أيام وأحيانا سنين بعد التعرض للصاعقة.
3- حدوث نزيف في الشبكية أو انفصال.
4- ضمور أو التهاب في العصب البصري.
5- نزيف في الجسم الزجاجي.
التأثيرات الهندسية للبرق
يتسبب البرق أو الصواعق البرقية بالكثير من الأضرار للمباني والتجهيزات الكهربائية. ولذلك نجد أن المباني عادة ما تُجهَّز بمانعات الصواعق، وهي وسائل لتفريغ الشحنة الكهربائية الضخمة الناتجة عن البرق.
وبما أن البرق عبارة عن ضوء فإنه يسير بسرعة الضوء، أي بحدود ثلاث مئة ألف كيلو متر في الثاني الواحدة. وهذه السرعة الكبيرة يناسبها التعبير بكلمة (يخطف)، التي تشير للمباغتة والمفاجأة والسرعة.
حتى إن تأثيرات الومضات البراقة تصل إلى رواد الفضاء، فقد تبين أن رواد الفضاء يعانون من مشاكل في الرؤيا عندهم وتصبح ضبابية بعد عدد معين من رحلات الفضاء، ويعود سبب ذلك إلى تعرضهم لضوء الشمس المباشر وللإشعاعات الكونية.
وإذا علمنا بأن البرق يحتوي الضوء المرئي بالإضافة إلى الأشعة الخطيرة بأنواع متعددة، فإننا ربما ندرك السر في قوله تعالى: (يكاد) أي يقارب، فالكمية الضخمة من الإشعاعات والتي يطلقها البرق خلال زمن قصير جداً ذات تأثير كبير على البصر.
لمحة إعجازية في آية
إن القرآن الكريم تحدث عن خطف البصر نتيجة التعرض لضوء البرق، وكما رأينا من خلال الحقائق العلمية كيف تتم عملية إفراغ الشحنات الكهربائية خلال زمن قصير جداً (أي أجزاء ضئيلة من الثانية)، وهذا يتناسب مع مدلول كلمة (يخطف) التي تعني الأخذ بسرعة كما ورد في التفسير.
إذن في كلمة (يَخْطَفُ) إشارة إلى سرعة البرق وسرعة أخذه للبصر، وهذا ما تم إثباته حديثاً، حيث نعلم أن سرعة هذا البرق بحدود 300 ألف كيلو متر في الثانية، وإذا حدث هذا البرق على مسافة عدة كيلو مترات في الغيوم، فإن الزمن اللازم لوصول هذا البرق إلى الشخص الذي سيصيبه هو أقل من جزء من مئة ألف جزء من الثانية! أي أقل من 1/100000 من الثانية. إن هذا الزمن المتناهي في الصغر يناسب قوله تعالى: (يَخْطَفُ أَبْصَارَهُم).
صحيفة القائم (ع)
يقول سبحانه وتعالى في محكم الذكر متحدثاً عن البرق وتأثيراته:
(وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِه ِيَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) [النور: 43].
جاء في تفسير ابن كثير: يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِأي يكاد ضوء برقه يخطف الأبصار. (هُوَ الَّذِي يُرِيكُم ُالْبَرْقَخَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ)[الرعد: 12).
(أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْق ٌيَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُم ْكُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[البقرة: 19-20).
(وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)[الروم: 24).
تفسير الآية
يقول القرطبي في تفسيره التفسير قوله تعالىيكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير). قوله تعالى(يكاد البرق يخطف أبصارهم ( يكاد معناه يقارب، يقال: كاد يفعل كذا إذا قارب ولم يفعل.
ومن كلام العرب: كاد النعام يطير، وكاد العروس يكون أميراً، لقربهما من تلك الحال. وكاد فعل متصرف على فعل يفعل. وقد جاء خبره بالاسم وهو قليل، قال: وما كدت آئبا . ويجري مجرى كاد كرب وجعل وقارب وطفق، في كون خبرها بغير أن، قال الله عز وجل: (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) لأنها كلها بمعنى الحال والمقاربة، والحال لا يكون معها أن، فأعلم.
قوله تعالىيخطف أبصارهم) الخطف: الأخذ بسرعة، ومنه سمي الطير خطافاً لسرعته. فمن جعل القرآن مثلا للتخويف فالمعنى أن خوفهم مما ينزل بهم يكاد يذهب أبصارهم. ومن جعله مثلاً للبيان الذي في القرآن فالمعنى أنهم جاءهم من البيان ما بهرهم. ويخطف ويخطف لغتان قرىء بهما. وقد خطفه (بالكسر) يخطفه خطفاً.
قلت: وروي عن الحسن أيضاً و أبي رجاء يخطف . قال ابن مجاهد: وأظنه غلطا، واستدل على ذلك بأن (خطف الخطفة) لم يقرأه أحد بالفتح. (أبصارهم) جمع بصر، وهي حاسة الرؤية. والمعنى: تكاد حجج القرآن وبراهينه الساطعة تبهرهم. ومن جعل البرق مثلا للتخويف فالمعنى أن خوفهم مما ينزل بهم يكاد يذهب أبصارهم.
أما في تفسير ابن كثير (يكاد البرق يخطف أبصارهم) أي لشدته وقوته في نفسه، وضعف بصائرهم وعدم ثباتها للإيمان، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (يكاد البرق يخطف أبصارهم) يقول يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين وقال ابن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس (يكاد البرق يخطف أبصارهم) أي لشدة ضوء الحق كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا أي كلما ظهر لهم من الإيمان شيء استأنسوا به واتبعوه وتارة تعرض لهم الشكوك أظلمت قلوبهم فوقفوا حائرين.
تأثير البرق على العين
يمكن القول بأن العين أهم أجزاء الجسم الذي جذب انتباه الأطباء والعلماء في مختلف التخصصات... وبالإضافة إلى تنافس الأطباء في معرفة أمراض العيون وعلاجها، تنافس أيضاً علماء النفس في البحث في العين ومدى تعبيرها عن العواطف وكوامن النفس ، إذ أن لمحة واحدة قد تفصح عما يفكر فيه الإنسان مهما حاول إخفاءه، ولذلك قالوا: العين مرآة النفس.
قالوا أيضاً: عندما يتكلم الإنسان فأصغ إلى عينيه! ناهيك عما أبدعه الشعراء والكُتَّاب في وصف العين وسحرها وفتنتها ومدى تأثيرها في النفوس ... وسنذكره في موضوعه بإذن الله تعالى. وإذا اعتبرنا أن العين جزء من المخ وأن المخ هو قمة الرأس فإن المكان فعلاً يكون أعلى بقعة في الجسد ، ولا شك أن الخالق جل وعلا أراد بذلك أن يكون لها السبق والميزة على غيرها من الحواس لتلقى المؤثرات الخارجية وإدراك كنهها والتفاعل تجاهها، وهذه الخصائص الثلاثة: التلَّقي والإدراك والتفاعل، لا تكون في أوج الأداء إلا مع نعمة البصر، وذلك لحماية الجسد واستمرار الحياة كما أن كل الحواس الأخرى وخاصة السمع مسخرة لخدمة البصر.
ولقد ذكر المولى عز وجل في محكم آياته السمع دائماً قبل البصر، وليس معنى ذلك أن السمع أهم من البصر، إنما هذا الذكر من ناحية الخلق فقط وليس من ناحية الفائدة ... وبالفعل خلق الله تعالى السمع قبل البصر وهذا ما أثبته علم الأجنة وعلم تطور الأجناس. يقول تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ)المؤمنون : 78. ويقول أيضاً: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ)الملك: 23 وغيرها الكثير
والمعنى واضح وهو أن الله عز وجل خلق أولاً السمع وهو الحاسة الوحيدة التي يولد بها الطفل مكتملة ، في حين أن نعمة الإبصار لا تكتمل قبل ستة أشهر من الولادة ، أما من ناحية الفائدة فإن الله عز وجل لم يذكر السمع مثلما ذكر البصر. قال تعالى: (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ)الأنعام : 50. (أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم)الملك: 22.
إذن فالعين أهم حاسة في جسم الإنسان، وضعت في أعلى مكان منه ، وقد وفر الله سبحانه وتعالى لها الحماية الكاملة لأهميتها، فوضعها في تجويف متين (المحجر) حدوده الأمامية ذات قوة وبأس يستطيع أن يقيها إذا حُشرت فيه وضُغط عليها) ولأهمية البصر فقد خلق الله تعالى للإنسان عينان، فأصبحت نعمة البصر حصيلة للازدواج الخلقي للعين وعلى أتم ما تكون من ناحية الأداء ، إذ يمكن تمييز البعد الثالث وهو "العمق" فتكون الصورة ذات جسم واضح طوله وعرضه وعمقه.
ويقال أنه كانت هناك عيناً ثالثة تقع في الخلف عند اتصال مؤخرة الجمجمة بالعنق ولكنها بمرور السنين انقرضت وأصبحت تمثل الآن ما يسمى بالجسم الصنوبري "Pineal ****" داخل الجمجمة عند اتصال المخ بالمخيخ. وتقوم العين بوظائف ثلاثة
أولها:تقوم بعمل النافذة التي منها يستطيع الجسم أن يطل على العالم فهي جواز السفر لمشاهدة العالم وتقليب صفحاته والوقوف على مواطن الجمال فيه كما أن العالم يستطيع أن يطل منها على الجسم فيعلم حالته بالتفصيل ، فالعين توضح وتنبئ عن الشخص ، كذلك حالته الصحية يمكن الاستدلال عليها من فحص قاع العين مثل داء البول السكري والدم المرتفع وأورام المخ واضطرابات الدورة الدموية والحميات وغير ذلك ... فالعين مرآة الجسم كما قيل. وبمعنى أخر فإن الإنسان يتلخص كله ويرتكز في العين والتي تعتبر صورة مصغرة لما يدور بداخل الإنسان.
ثانيها:تقوم العين بالتعبير عن إحساسات الشخص الداخلية بما فيها من مشاعر سواء أكانت إيجابية أو سلبية. فلمعان العين يظهر عند الحب والفرح والأمل، وانطفائها يظهر عند الكره والحزن والألم. كل هذه المعاني لا يمكن التعبير عنها إلا من خلال العينين. كذلك حركتها ونظرتها وتغيراتها الكونية، كل ذلك له معنى يمكن الاستفادة منه.
ثالثها:تقوم العين بالتأثير فى الغير بافتعال شعور خارجي وإحساس معين يقصد به الإيحاء بفكرة ما أو عمل ما، وهذه النقطة تجرنا للحديث عن العلاقة بين العين والروح.
البقعة العمياء Blind Spot
هناك في وسط الشبكية في المنطقة المقابلة للحدقة منطقة رقيقة من الشبكية تسمى البقعة الصفراء Macula Lutea وتوجد في وسطها نقطة منخفضة تسمى الحفيرة المركزية (Fovea) وتقع هذه النقطة على المحور البصري للعين وهذا المحور يمر من وسط الحدقة والعدسة في آن واحد وتوجد في الحفيرة المركزية مستقبلات مخروطية فقط ، وهى نقطة حساسة جداً وعليها تركز الصور الدقيقة حيث تتبين المرئيات.
وعلى الجهة الداخلية (الأنفية) من هذه النقطة وبحوالي 3 ملليمتر توجد منطقة عديمة الرؤية لانعدام مستقبلات الحس الضوئي عليها، وهى المنطقة التي تخرج منها ألياف العصب العيني، وتسمى النقطة العمياء Blind Spot أو القرص البصر (Optic disc) إن كل نقطة حساسة في الشبكية ترى نقطة في المشهد أمام العين. ومجموع هذه النقط يمثل مجال الإبصار، ولكن هناك المنطقة التي تخرج منها الألياف لعصبية القادمة من الشبكية ومتوجهة إلى العصب البصري ثم إلى المخ.
هذه المنطقة من الشبكية لا تحتوى على أية نهايات عصبية ، أي لا تحتوى على أقماع أو عصيات ... ولذلك فإن أي صورة تقع عليها لا تراها العين. وفى لحياة اليومية لا يشعر الإنسان بذلك ، والسبب هو التأقلم وعوامل أخرى.
وهناك تجربة بسيطة يمكن لأي إنسان أن يقوم بها لاكتشاف النقطة العمياء فى العين وهى أن يرسم مثلثاً ومربعاً على ورقة بيضاء بحيث يكون المثلث على يمين المربع وبحيث يبعد الأول عن الثاني بمسافة 2.5سم ، ثم يغلق الشخص عينه اليسرى وينظر بالعين اليمنى إلى المربع ثم يقرب ويبعد الورقة عن العين حتى يلاحظ أنه لا يرى المثلث ، هنا تكون الصورة قد وقعت على حلمة العصب البصري أي النقطة العمياء (Blind Spot).
تأثير البرق على العين
قال تعالى: (يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير)، لما كانت قوه الضوء المنبعثة من البرق عظيمة وهائلة فان الطاقة الضوئية الواصلة تتحول إلى طاقة حرارية تتسبب في تلف منطقة الماقولة والقرص البصري، و تتطور مع الوقت وتحلل النسيج الموجود بمركز الماقولة وتتحول إلى ثقب يؤدى بدوره إلى فقد البصر المركزي بصفة دائمة . أما جوانب الشبكية فلا يتأثر بفعل الضوء بل يظل سليما وبه يستطيع المصاب رؤية الأشياء الموجودة حول البقعة المركزية المعتمة في حقل النظر وفى ذلك التوضيح تفسير علمي لمعنى كلمة (يكاد)... فالله سبحانه وتعالى رفق بعباده وجعل أثر البرق جزئيا ... وكان باستطاعته أن يعمي العين كاملا إن أراد.
كيف يحدث البرق؟
يحدث نتيجة شحنات كهربائية تتولد عندما يتحول الماء من حال إلى حال: من الماء شديد البرودة إلى البرد أو إلى الثلج, كما تتولد عند تصادم أو ملامسة أي من هذه الحالات بعضها مع بعض, وكلما طرأ علي كل حالة من حالات الماء الصلبة والسائلة والغازية طاريء يغير من شكلها أو حجمها, أو كتلتها, أو درجة حرارتها .
كيف يخطف ضوء البرق البصر؟
خطف البصر أو العمى الناتج عن بريق الضوء الشديد: Flash blindnessهذا النوع من العمى ينتج من مصادر ضوء ساطع ومفاجئ مثل: البرق، الليزر، انعكاس الضوء من المباني العالية الزجاجية.
الضوء الشديد يسبب بقعة في مركز مجال الرؤية و يحدث تثبيطاً في عمل المستقبلات الضوئية في الشبكية تستمر لثوان معدودة وأحيانا دقيقة متسببا في جعل الشخص غير مبصر. أحيانا لا يحدث رجوع للقدرة على الإبصار.
ليس هذا فحسب بل إن الصاعقة - التفريغ الكهربائي الذي يحصل بين الغيوم والأرض (الصاعقة)- [عمليات التفريغ هذه تحصل في فترات وجيزة جداً (بمستوى مايكرو ثانية) ما بين 2000 أمبير إلى 200.000 أمبير] والتي تصيب بعض الأشخاص قد تؤدي في 50% من المصابين بأضرار في البصر وهذا يكون بوسائل منها:
1- مرور الصاعقة الكهربية مباشرة في الشخص.
2- أو أن الصاعقة تصيب شيئا قريبا من الشخص ثم تنتقل الشحنة الكهربية إلى الشخص الملامس (مثل شجرة).
3- أو أن الصاعقة تصيب الأرض ثم تنتشر الى الضحية القريبة.
4- حرق ثانوي ينتج من اشتعال النار في الملابس.
5- أو ارتطام ثانوي ينتج من صدمة الصاعقة.
الأضرار التي تصيب العين
1- جرح في القرنية.
2- مياه بيضاء في العدسة بعد أيام وأحيانا سنين بعد التعرض للصاعقة.
3- حدوث نزيف في الشبكية أو انفصال.
4- ضمور أو التهاب في العصب البصري.
5- نزيف في الجسم الزجاجي.
التأثيرات الهندسية للبرق
يتسبب البرق أو الصواعق البرقية بالكثير من الأضرار للمباني والتجهيزات الكهربائية. ولذلك نجد أن المباني عادة ما تُجهَّز بمانعات الصواعق، وهي وسائل لتفريغ الشحنة الكهربائية الضخمة الناتجة عن البرق.
وبما أن البرق عبارة عن ضوء فإنه يسير بسرعة الضوء، أي بحدود ثلاث مئة ألف كيلو متر في الثاني الواحدة. وهذه السرعة الكبيرة يناسبها التعبير بكلمة (يخطف)، التي تشير للمباغتة والمفاجأة والسرعة.
حتى إن تأثيرات الومضات البراقة تصل إلى رواد الفضاء، فقد تبين أن رواد الفضاء يعانون من مشاكل في الرؤيا عندهم وتصبح ضبابية بعد عدد معين من رحلات الفضاء، ويعود سبب ذلك إلى تعرضهم لضوء الشمس المباشر وللإشعاعات الكونية.
وإذا علمنا بأن البرق يحتوي الضوء المرئي بالإضافة إلى الأشعة الخطيرة بأنواع متعددة، فإننا ربما ندرك السر في قوله تعالى: (يكاد) أي يقارب، فالكمية الضخمة من الإشعاعات والتي يطلقها البرق خلال زمن قصير جداً ذات تأثير كبير على البصر.
لمحة إعجازية في آية
إن القرآن الكريم تحدث عن خطف البصر نتيجة التعرض لضوء البرق، وكما رأينا من خلال الحقائق العلمية كيف تتم عملية إفراغ الشحنات الكهربائية خلال زمن قصير جداً (أي أجزاء ضئيلة من الثانية)، وهذا يتناسب مع مدلول كلمة (يخطف) التي تعني الأخذ بسرعة كما ورد في التفسير.
إذن في كلمة (يَخْطَفُ) إشارة إلى سرعة البرق وسرعة أخذه للبصر، وهذا ما تم إثباته حديثاً، حيث نعلم أن سرعة هذا البرق بحدود 300 ألف كيلو متر في الثانية، وإذا حدث هذا البرق على مسافة عدة كيلو مترات في الغيوم، فإن الزمن اللازم لوصول هذا البرق إلى الشخص الذي سيصيبه هو أقل من جزء من مئة ألف جزء من الثانية! أي أقل من 1/100000 من الثانية. إن هذا الزمن المتناهي في الصغر يناسب قوله تعالى: (يَخْطَفُ أَبْصَارَهُم).
صحيفة القائم (ع)