أعداءه الفقهاء
روى الطبرسي في الاحتجاج عن أبي محمد العسكري عليه السلام في قوله تعالى: (ومنهم اميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني) ان الامي منسوب إلى (امه) أي: هو كما خرج من بطن امه، لا يقرأ ولا يكتب، (لا يعلمون الكتاب) المنزل من السماء ولا المتكذب به، ولا يميزون بينهما (إلا أماني) أي: إلا أن يقرأ عليهم ويقال لهم: ان هذا كتاب الله وكلامه، لا يعرفون ان قرأ من الكتاب خلاف ما فيه، (وان هم إلا يظنون) أي ما يقرأ عليهم رؤساؤهم من تكذيب محمد صلى الله عليه وآله في نبوته وامامة علي سيد عترته، وهم يقلدونهم مع انه (محرم عليهم) تقليدهم، (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله تعالى.. الخ) هذا: القوم اليهود، كتبوا صفة زعموا انها صفة محمد صلى الله عليه وآله، وهي خلاف صفته، وقالوا للمستضعفين منهم: هذه صفة النبي المبعوث في آخر الزمان انه: طويل عظيم البدن والبطن، اهدف، أصهب الشعر، ومحمد صلى الله عليه وآله بخلافه، وهو يجئ بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة، وانما أرادوا بذلك أن تبقى لهم على ضعفائهم رياستهم، وتدوم لهم اصاباتهم، ويكفوا انفسهم مؤنة خدمة رسول الله صلى الله عليه وآله وخدمة علي عليه السلام وأهل بيته وخاصته، فقال الله عزوجل: (فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) من هذه الصفات المحرفات والمخالفات لصفة محمد صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام: الشدة لهم من العذاب في أسوء بقاع جهنم، وويل لهم: الشدة في العذاب ثانية مضافة إلى الاولى، بما يكسبونه من الاموال التي يأخذونها إذا ثبتوا عوامهم على الكفر بمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله، والحجة لوصيه وأخيه علي بن أبي طالب عليه السلام ولي الله.
والان نقول ما هو حكم من يوهم الناس عن الامام المهدي (ع) وما سيصنعه بعد ظهوره فهناك من المعممين من ينفي ان الامام (ع) سيحارب الفقهاء وان اشد اعدائه هم مقلدة الفقهاء كما ورد اذا خرج الامام المهدي فليس له عدو مبين الا الفقهاء خاصة ، ولولا السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله )بيان الائمة عليهم السلام ج3 ص 99
وايضاً ورد ( اعداؤءه الفقهاء المقلدون ، يدخلون تحت حكمه خوفاً من سيفه وسطوته ، ورغبه فيما لديه ) يوم الخلاص ص 279
( .. فاذا خرج القائم من كربلاء وارد النجف والناس حوله ، قتل بين كربلاء والنجف ستة عشر الف فقيه ، فيقول من حوله من المنافقين : انه ليس من ولد فاطمة والا لرحمهم ، فأذا دخل النجف وبات فيه ليلة واحدة : فخرج منه من باب النخيلة محاذي قبر هود وصالح استقبله سبعون الف رجل من اهل الكوفة يريدون قتله فيقتلهم جميعاً فلا ينجي منهم احد ) كتاب نور الانوار المجلد الثالث (ص 345 )
نكمل الرواية (ثم قال عليه السلام: قال رجل للصادق عليه السلام: فإذا كان هؤلاء القوم من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره، فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم، وهل عوام اليهود الا كعوامنا يقلدون علماءهم ؟ فقال عليه السلام: بين عوامنا وعلمائنا وعوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة. اما من حيث استووا: فان الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علمائهم كما ذم عوامهم. واما من حيث افترقوا فلا. قال: بين لي يابن رسول الله ! قال عليه السلام: ان عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، وبأكل الحرام والرشاء، وبتغيير الاحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات، وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم، وانهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه وأعطوا ما لا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم، وظلموهم من أجلهم، وعرفوهم يقارفون المحرمات، واضطروا بمعارف قلوبهم إلى ان من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز ان يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله، فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوه ومن قد علموا انه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه في حكايته، ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلى الله عليه وآله، إذ كانت دلائله اوضح من أن تخفى، وأشهر من أن لا تظهر لهم. وكذلك عوام امتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر، والعصبية الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها، واهلاك من يتعصبون عليه وان كان لاصلاح أمره مستحقا، وبالترفرف بالبر والاحسان على من تعصبوا له وان كان للاذلال والاهانة مستحقا، فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة فقهائهم، فاما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لامر مولاه، فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم، فانه من ركب من القبايح والفواحش مراكب فسقة العامة فلا تقبلوا منا عنه شيئا، ولا كرامة، وانما كثر التخليط فيما يتحمل عنا أهل البيت لذلك لان الفسقة يتحملون عنا فيحرفونه بأسره بجهلهم، ويضعون الاشياء على غير وجهها لقلة معرفتهم، وآخرون يتعمدون الكذب علينا ليجروا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنم، ومنهم قوم (نصاب) لا يقدرون على القدح فينا، يتعلمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجهون به عند شيعتنا، وينتقصون بنا عند نصابنا، ثم يضيفون إليه أضعاف وأضعاف أضعافه من الاكاذيب علينا التي نحن براء منها، فيتقبله المستسلمون من شيعتنا، على انه من علومنا، فضلوا وأضلوا وهم أضر على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد على الحسين بن علي عليه السلام وأصحابه، فانهم يسلبونهم الارواح والاموال، وهؤلاء علماء السوء الناصبون المتشبهون بأنهم لنا موالون، ولاعدائنا معادون، ويدخلون الشك والشبهة على ضعفاء شيعتنا فيضلونهم ويمنعونهم عن قصد الحق المصيب، لا جرم ان من علم الله من قلبه من هؤلاء القوم انه لا يريد الا صيانة دينه وتعظيم وليه لم يتركه في يد هذا المتلبس الكافر، ولكنه يقيض له مؤمنا يقف به على الصواب، ثم يوفقه الله للقبول منه، فيجمع الله له بذلك خير الدنيا والاخرة، ويجمع على من أضله لعنا في الدنيا وعذاب الاخرة.
ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تسليما: (أشرار علماء امتنا: المضلون عنا، القاطعون للطرق الينا، المسمون اضدادنا بأسمائنا، الملقبون أضدادنا بألقابنا، يصلون عليهم وهم للعن مستحقون، ويلعنونا ونحن بكرامات الله مغمورون، وبصلوات الله وصلوات ملائكته المقربين علينا عن صلواتهم علينا مستغنون).
ثم قال: قيل لامير المؤمنين عليه السلام: من خير خلق الله بعد أئمة الهدى، ومصابيح الدجى ؟ قال: العلماء إذا صلحوا. قيل: فمن شرار خلق الله بعد ابليس، وفرعون، ونمرود، وبعد المتسمين بأسمائكم، والمتلقبين بألقابكم، والاخذين لامكنتكم، والمتأمرين في ممالككم ؟ قال: العلماء إذا فسدوا، هم المظهرون للاباطيل، الكاتمون للحقايق، وفيهم قال الله عزوجل: (اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا.. الاية) .
من هو الفقيه عند أهل البيت (عليهم السلام)
عن محمد بن أحمد ابن حماد المروزي، رفعه قال: قال الصادق عليه السلام: اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنا، فإنا لا نعد الفقيه منهم فقيها حتى يكون محدثا، فقيل له: أو يكون المؤمن محدثا ؟ قال: يكون مفهما، والمفهم محدث.
اما موالي متبع او مناد مبتدع
وقال أمير المؤمنين (ع) في وصيته لكميل أبن زياد : ( يا كميل هي نبوة ورسالة وإمامة وليس بعد ذلك إلا موالين متبعين أو منادين مبتدعين إنما يتقبل الله من المتقين يا كميل لا تاخذ إلا منا تكن منا )
هل يجوز تقليد الرجال
عن الإمام الصادق أنه قال إياكم و التقليد فإنه من قلد في دينه هلك ، إن الله تعالى يقول (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ) فلا و الله ما صلوا لهم و لا صاموا و لكنهم أحلوا لهم حراماً و حرموا عليهم حلالاً ، فقلدوهم في ذلك فعبدوهم وهم لا يشعرون
رأي الفقهاء بهذه الرواية
-1 الحرّ العاملي في كتابه (وسائل الشيعة ج18 ص94 - 95)، قال بعد نقله للرواية: ((أقول: التقليد المرخّص فيه هنا إنّما هو قبول الرواية لا قبول الرأي والاجتهاد والظنّ، وهذا واضح، وذلك لا خلاف فيه... على أنّ هذا الحديث لا يجوز عند الأُصوليين الاعتماد عليه في الأُصول ولا في الفروع؛ لأنّه خبر واحد مرسل، ظنّي السند والمتن ضعيفاً عندهم، ومعارضه متواتر قطعي السند والدلالة، ومع ذلك يحتمل الحمل على التقية)).
2- السيّد الخميني في كتابه (الاجتهاد والتقليد ص97)، قال بعد كلام طويل في إثبات ونفي حجّية هذه الرواية: ((...كما ترى، فالرواية مع ضعفها سنداً، واغتشاشها متناً، لا تصلح للحجّية...)).
((فكان (عليه السلام) يدرّس الطالب بحسب ما يراه مناسباً مع فهمه، وكان الطالب يتلقّى عنه ويكتب ما يفهمه منه. ومن هنا جاء مستوى التفسير منخفضاً عن مستوى الإمام بكثير. على أن روايته ضعيفة, ولا تصلح للإثبات التاريخي))، انتهى.(تاريخ الغيبة الصغرى للسيّد محمّد الصدر: 197
المحقّق الخوئي في كتابه (الاجتهاد والتقليد ص81)، قال بعد كلام طويل: ((...ثمّ إنّ التكلّم في مفهوم التقليد لا يكاد أن يترتّب عليه ثمرة فقهية، اللّهمّ إلاّ في النذر؛ وذلك لعدم وروده في شيء من الروايات. نعم ورد في رواية الاحتجاج: (فأمّا مَن كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه)، إلاّ أنّها رواية مرسلة غير قابلة للاعتماد عليها)).
وقال في ص221: ((إنّ الرواية ضعيفة السند؛ لأنّ التفسير المنسوب إلى العسكري(عليه السلام) لم يثبت بطريق قابل للاعتماد عليه، فإنّ في طريقه جملة من المجاهيل، كمحمّد بن القاسم الاسترآبادي، ويوسف بن محمّد بن زياد، وعلي بن محمّد بن سيار؛ فليلاحظ!)).
4- محمّد سعيد الحكيم في كتابه (مصباح المنهاج - التقليد - ص13)، قال بعد كلام طويل: ((نعم قد يستفاد العموم من التوقيع الشريف: (وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم، وأَنا حجّة اللّه عليهم). ومثله ما عن الاحتجاج من قوله (عليه السلام): (فأمّا مَن كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه). وما عن أبي الحسن(عليه السلام): (اعتمدوا في دينكم على كلّ مسنّ في حبّنا، كثير القدم في أمرنا
مضافاً إلى الإشكال في الجميع بضعف السند، خصوصاً الأخيرين، وعدم وضوح الانجبار بعمل الأصحاب، ومفروغيّتهم عن الحكم؛ لقرب احتمال اعتمادهم على الأدلّة الأُخرى، فلا مجال للتعويل عليها في استفادة العموم))، انتهى.
والان نخرج من كل ذلك بما يلي
ان الرواية ضعيفة
ان الفقيه هو عند اهل البيت (عليهم السلام ) هو المبلغ عنهم والراوي لحديثهم
وان سلمنا بصحة متن الرواية فان التقليد المشار اليه في الرواية هو اتباع الفقيه الذي يروي احاديث اهل البيت وليس الفقيه المبتدع المتبع لهواه في استخراج الاحكام التي تبتني على الظن فالامام ميز في الرواية بين الفقيه الذي يخالف هواه متبع لامر مولاه (الامام) كما هو يفهم من الروايه
ان الرواية تذم التقليد والمقلدين من الامم السالفة كاليهود فالامام لا يدعوا الى تقليد الفقهاء الذين اتبعوا اهوائهم بل تدعوا الى اتباع الفقهاء الذين اتبعوا اهل البيت ورووا عنهم وليس الفقهاء الذين اجتهدوا برأيهم كما فعل فقعاء اليهود
روى الطبرسي في الاحتجاج عن أبي محمد العسكري عليه السلام في قوله تعالى: (ومنهم اميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني) ان الامي منسوب إلى (امه) أي: هو كما خرج من بطن امه، لا يقرأ ولا يكتب، (لا يعلمون الكتاب) المنزل من السماء ولا المتكذب به، ولا يميزون بينهما (إلا أماني) أي: إلا أن يقرأ عليهم ويقال لهم: ان هذا كتاب الله وكلامه، لا يعرفون ان قرأ من الكتاب خلاف ما فيه، (وان هم إلا يظنون) أي ما يقرأ عليهم رؤساؤهم من تكذيب محمد صلى الله عليه وآله في نبوته وامامة علي سيد عترته، وهم يقلدونهم مع انه (محرم عليهم) تقليدهم، (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله تعالى.. الخ) هذا: القوم اليهود، كتبوا صفة زعموا انها صفة محمد صلى الله عليه وآله، وهي خلاف صفته، وقالوا للمستضعفين منهم: هذه صفة النبي المبعوث في آخر الزمان انه: طويل عظيم البدن والبطن، اهدف، أصهب الشعر، ومحمد صلى الله عليه وآله بخلافه، وهو يجئ بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة، وانما أرادوا بذلك أن تبقى لهم على ضعفائهم رياستهم، وتدوم لهم اصاباتهم، ويكفوا انفسهم مؤنة خدمة رسول الله صلى الله عليه وآله وخدمة علي عليه السلام وأهل بيته وخاصته، فقال الله عزوجل: (فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) من هذه الصفات المحرفات والمخالفات لصفة محمد صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام: الشدة لهم من العذاب في أسوء بقاع جهنم، وويل لهم: الشدة في العذاب ثانية مضافة إلى الاولى، بما يكسبونه من الاموال التي يأخذونها إذا ثبتوا عوامهم على الكفر بمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله، والحجة لوصيه وأخيه علي بن أبي طالب عليه السلام ولي الله.
والان نقول ما هو حكم من يوهم الناس عن الامام المهدي (ع) وما سيصنعه بعد ظهوره فهناك من المعممين من ينفي ان الامام (ع) سيحارب الفقهاء وان اشد اعدائه هم مقلدة الفقهاء كما ورد اذا خرج الامام المهدي فليس له عدو مبين الا الفقهاء خاصة ، ولولا السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله )بيان الائمة عليهم السلام ج3 ص 99
وايضاً ورد ( اعداؤءه الفقهاء المقلدون ، يدخلون تحت حكمه خوفاً من سيفه وسطوته ، ورغبه فيما لديه ) يوم الخلاص ص 279
( .. فاذا خرج القائم من كربلاء وارد النجف والناس حوله ، قتل بين كربلاء والنجف ستة عشر الف فقيه ، فيقول من حوله من المنافقين : انه ليس من ولد فاطمة والا لرحمهم ، فأذا دخل النجف وبات فيه ليلة واحدة : فخرج منه من باب النخيلة محاذي قبر هود وصالح استقبله سبعون الف رجل من اهل الكوفة يريدون قتله فيقتلهم جميعاً فلا ينجي منهم احد ) كتاب نور الانوار المجلد الثالث (ص 345 )
نكمل الرواية (ثم قال عليه السلام: قال رجل للصادق عليه السلام: فإذا كان هؤلاء القوم من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره، فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم، وهل عوام اليهود الا كعوامنا يقلدون علماءهم ؟ فقال عليه السلام: بين عوامنا وعلمائنا وعوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة. اما من حيث استووا: فان الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علمائهم كما ذم عوامهم. واما من حيث افترقوا فلا. قال: بين لي يابن رسول الله ! قال عليه السلام: ان عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، وبأكل الحرام والرشاء، وبتغيير الاحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات، وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم، وانهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه وأعطوا ما لا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم، وظلموهم من أجلهم، وعرفوهم يقارفون المحرمات، واضطروا بمعارف قلوبهم إلى ان من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز ان يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله، فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوه ومن قد علموا انه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه في حكايته، ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلى الله عليه وآله، إذ كانت دلائله اوضح من أن تخفى، وأشهر من أن لا تظهر لهم. وكذلك عوام امتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر، والعصبية الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها، واهلاك من يتعصبون عليه وان كان لاصلاح أمره مستحقا، وبالترفرف بالبر والاحسان على من تعصبوا له وان كان للاذلال والاهانة مستحقا، فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة فقهائهم، فاما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لامر مولاه، فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم، فانه من ركب من القبايح والفواحش مراكب فسقة العامة فلا تقبلوا منا عنه شيئا، ولا كرامة، وانما كثر التخليط فيما يتحمل عنا أهل البيت لذلك لان الفسقة يتحملون عنا فيحرفونه بأسره بجهلهم، ويضعون الاشياء على غير وجهها لقلة معرفتهم، وآخرون يتعمدون الكذب علينا ليجروا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنم، ومنهم قوم (نصاب) لا يقدرون على القدح فينا، يتعلمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجهون به عند شيعتنا، وينتقصون بنا عند نصابنا، ثم يضيفون إليه أضعاف وأضعاف أضعافه من الاكاذيب علينا التي نحن براء منها، فيتقبله المستسلمون من شيعتنا، على انه من علومنا، فضلوا وأضلوا وهم أضر على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد على الحسين بن علي عليه السلام وأصحابه، فانهم يسلبونهم الارواح والاموال، وهؤلاء علماء السوء الناصبون المتشبهون بأنهم لنا موالون، ولاعدائنا معادون، ويدخلون الشك والشبهة على ضعفاء شيعتنا فيضلونهم ويمنعونهم عن قصد الحق المصيب، لا جرم ان من علم الله من قلبه من هؤلاء القوم انه لا يريد الا صيانة دينه وتعظيم وليه لم يتركه في يد هذا المتلبس الكافر، ولكنه يقيض له مؤمنا يقف به على الصواب، ثم يوفقه الله للقبول منه، فيجمع الله له بذلك خير الدنيا والاخرة، ويجمع على من أضله لعنا في الدنيا وعذاب الاخرة.
ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تسليما: (أشرار علماء امتنا: المضلون عنا، القاطعون للطرق الينا، المسمون اضدادنا بأسمائنا، الملقبون أضدادنا بألقابنا، يصلون عليهم وهم للعن مستحقون، ويلعنونا ونحن بكرامات الله مغمورون، وبصلوات الله وصلوات ملائكته المقربين علينا عن صلواتهم علينا مستغنون).
ثم قال: قيل لامير المؤمنين عليه السلام: من خير خلق الله بعد أئمة الهدى، ومصابيح الدجى ؟ قال: العلماء إذا صلحوا. قيل: فمن شرار خلق الله بعد ابليس، وفرعون، ونمرود، وبعد المتسمين بأسمائكم، والمتلقبين بألقابكم، والاخذين لامكنتكم، والمتأمرين في ممالككم ؟ قال: العلماء إذا فسدوا، هم المظهرون للاباطيل، الكاتمون للحقايق، وفيهم قال الله عزوجل: (اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا.. الاية) .
من هو الفقيه عند أهل البيت (عليهم السلام)
عن محمد بن أحمد ابن حماد المروزي، رفعه قال: قال الصادق عليه السلام: اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنا، فإنا لا نعد الفقيه منهم فقيها حتى يكون محدثا، فقيل له: أو يكون المؤمن محدثا ؟ قال: يكون مفهما، والمفهم محدث.
اما موالي متبع او مناد مبتدع
وقال أمير المؤمنين (ع) في وصيته لكميل أبن زياد : ( يا كميل هي نبوة ورسالة وإمامة وليس بعد ذلك إلا موالين متبعين أو منادين مبتدعين إنما يتقبل الله من المتقين يا كميل لا تاخذ إلا منا تكن منا )
هل يجوز تقليد الرجال
عن الإمام الصادق أنه قال إياكم و التقليد فإنه من قلد في دينه هلك ، إن الله تعالى يقول (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ) فلا و الله ما صلوا لهم و لا صاموا و لكنهم أحلوا لهم حراماً و حرموا عليهم حلالاً ، فقلدوهم في ذلك فعبدوهم وهم لا يشعرون
رأي الفقهاء بهذه الرواية
-1 الحرّ العاملي في كتابه (وسائل الشيعة ج18 ص94 - 95)، قال بعد نقله للرواية: ((أقول: التقليد المرخّص فيه هنا إنّما هو قبول الرواية لا قبول الرأي والاجتهاد والظنّ، وهذا واضح، وذلك لا خلاف فيه... على أنّ هذا الحديث لا يجوز عند الأُصوليين الاعتماد عليه في الأُصول ولا في الفروع؛ لأنّه خبر واحد مرسل، ظنّي السند والمتن ضعيفاً عندهم، ومعارضه متواتر قطعي السند والدلالة، ومع ذلك يحتمل الحمل على التقية)).
2- السيّد الخميني في كتابه (الاجتهاد والتقليد ص97)، قال بعد كلام طويل في إثبات ونفي حجّية هذه الرواية: ((...كما ترى، فالرواية مع ضعفها سنداً، واغتشاشها متناً، لا تصلح للحجّية...)).
((فكان (عليه السلام) يدرّس الطالب بحسب ما يراه مناسباً مع فهمه، وكان الطالب يتلقّى عنه ويكتب ما يفهمه منه. ومن هنا جاء مستوى التفسير منخفضاً عن مستوى الإمام بكثير. على أن روايته ضعيفة, ولا تصلح للإثبات التاريخي))، انتهى.(تاريخ الغيبة الصغرى للسيّد محمّد الصدر: 197
المحقّق الخوئي في كتابه (الاجتهاد والتقليد ص81)، قال بعد كلام طويل: ((...ثمّ إنّ التكلّم في مفهوم التقليد لا يكاد أن يترتّب عليه ثمرة فقهية، اللّهمّ إلاّ في النذر؛ وذلك لعدم وروده في شيء من الروايات. نعم ورد في رواية الاحتجاج: (فأمّا مَن كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه)، إلاّ أنّها رواية مرسلة غير قابلة للاعتماد عليها)).
وقال في ص221: ((إنّ الرواية ضعيفة السند؛ لأنّ التفسير المنسوب إلى العسكري(عليه السلام) لم يثبت بطريق قابل للاعتماد عليه، فإنّ في طريقه جملة من المجاهيل، كمحمّد بن القاسم الاسترآبادي، ويوسف بن محمّد بن زياد، وعلي بن محمّد بن سيار؛ فليلاحظ!)).
4- محمّد سعيد الحكيم في كتابه (مصباح المنهاج - التقليد - ص13)، قال بعد كلام طويل: ((نعم قد يستفاد العموم من التوقيع الشريف: (وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم، وأَنا حجّة اللّه عليهم). ومثله ما عن الاحتجاج من قوله (عليه السلام): (فأمّا مَن كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه). وما عن أبي الحسن(عليه السلام): (اعتمدوا في دينكم على كلّ مسنّ في حبّنا، كثير القدم في أمرنا
مضافاً إلى الإشكال في الجميع بضعف السند، خصوصاً الأخيرين، وعدم وضوح الانجبار بعمل الأصحاب، ومفروغيّتهم عن الحكم؛ لقرب احتمال اعتمادهم على الأدلّة الأُخرى، فلا مجال للتعويل عليها في استفادة العموم))، انتهى.
والان نخرج من كل ذلك بما يلي
ان الرواية ضعيفة
ان الفقيه هو عند اهل البيت (عليهم السلام ) هو المبلغ عنهم والراوي لحديثهم
وان سلمنا بصحة متن الرواية فان التقليد المشار اليه في الرواية هو اتباع الفقيه الذي يروي احاديث اهل البيت وليس الفقيه المبتدع المتبع لهواه في استخراج الاحكام التي تبتني على الظن فالامام ميز في الرواية بين الفقيه الذي يخالف هواه متبع لامر مولاه (الامام) كما هو يفهم من الروايه
ان الرواية تذم التقليد والمقلدين من الامم السالفة كاليهود فالامام لا يدعوا الى تقليد الفقهاء الذين اتبعوا اهوائهم بل تدعوا الى اتباع الفقهاء الذين اتبعوا اهل البيت ورووا عنهم وليس الفقهاء الذين اجتهدوا برأيهم كما فعل فقعاء اليهود
تعليق