ثورة القيم والمعاني السامية
بسم الله الرحمن الرحيم
واضح لمن يستعرض أحداث ودوافع ثورة الإمام الحسين(ع) ,أن الثورة الصحيحة هي الاحتجاج النهائي
والحاسم على الواقع المعاش,فبعد أن تخفق جميع الوسائل في تطوير الواقع المتدهور تصبح الثورة قدرا
حتميا لابد منه.
والقائمون بالثورة الصحيحة هم دائما أصح أجزاء الأمة
وهم الطليعة والنخبة التي لم يأسرها الواقع المعاش
وإنما بقيت في مستوى أعلى منه, وان كانت تدركه وتعيه
وترصده وتتعذب بسببه, وإلا فإن هذه النخبة تفقد مبررات وجودها إن لم تثر في وجه الواقع الفاسد.
ولذلك قامت ثورة الامام الحسين(ع) تصحيحا للواقع
المزري الذي عاشه المجتمع الاسلامي حين قام الحكم الاموي واضطهد المسلمين ومزق وحدتهم وبث العداوة
والبغضاء في صفوفهم, هذا الحكم الذي شجع القبيلة على
حساب الكيان الاجتماعي للأمة الإسلامية , ولم يجن
المسلمون منه سوى الانحطاط في القيم والمبادئ.
وقدم الإمام الحسين(ع) في ثورته ضد الباطل المتمثل
بيزيد وحكمه الجائر, روحه وأهله وأنصاره من أجل
إعلاء كلمة الحق وإحياء الدين الإسلامي, وتغيير الواقع
الفاسد, وهو على علم بمصيره ومن معه.
صحيح إن الثورة لم تحقق أهدافا آنية,ولم تصل إلى الحكم
ولم تغير من الواقع الإسلامي في الفترة التي قامت فيها,
لكنها خلفت مخزونا عظيما وعنوانا مضيئا في تاريخ
الثورات والبطولات تستقي منه الأجيال اللاحقة حب
التضحية ونكران الذات من أجل تحقيق العدل وإحياء
القيم والمبادئ الإسلامية النبيلة, كذلك كان للثورة
الأثر الأكبر في تعرية الحكم الأموي, حيث حطمت
الإطار الديني المزيف الذي كان الأمويين وأعوانهم
يحيطون به سلطانهم, وفضحت الروح العنصرية
الجاهلية التي كانت توجه الحكم الأموي, وبثت الشعور
بالإثم في نفس كل فرد لعدم مشاركته في الثورة ولتقاعسه عن نصرة الإمام الحسين(ع).
والأثر الأهم لمكاسب الثورة أنها بعثت الروح النضالية
لدي الإنسان المسلم من أجل إرساء المجتمع على قواعد
جديدة وسليمة ومن أجل رد اعتباره الإنساني إليه.
ويمكن القول أن ثورة الإمام الحسين(ع) قامت لتخدم مستقبل الإنسان المسلم,فهي أول ثورة عبأت النخب الواعية ودفعت بهم في الطريق الدامي الطويل,
طريق النضال ضد الطواغيت من أهل الكفر وأعداء
الإسلام , بعد أن كادوا ليفقدوا روحهم النضالية بفعل
سياسة الأمويين المضللة والجائرة, وهي الأساس
القويم لتشييد دولة الإسلام الكبرى في حال تمسكنا
بمنهج الإمام الحسين (ع) الهادف الى تحقيق الوحدة
الإسلامية على أسس قوية ومتينة تحسب حسابها أعتى الدول وأكبرها.