الدليل التاريخي لإثبات ولادة الإمام المهدي عليه السلام
لقد ادَّعى أحمد الكاتب في بعض المحطات الفضائية أنه لم يجد دليلاً واحداً تاريخياً يدل على ولادة الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكريl،ومراده بالدليل التاريخي هو ثبوت الولادة بروايات صحيحة، وان الكاتب قد أعرض عن الأدلة العقلية التي تحتم ولادته ووجوده عليه السلام، وزعم أنه تحدَّى علماء الشيعة في ذلك، ولم يحصل منهم على جواب.
وبغض النظر عن المزاعم التي لا شأن لنا بها، فإنا نجيب على كلامه بأمور:
أولاً: أنه يجب الأخذ في إثبات ولادة الإمام المهدي عليه السلام بكل دليل تام صحيح، ولا معنى للاقتصار على الدليل التاريخي فقط، لأن كل دليل يجب التسليم به، ولا ميزة للدليل التاريخي على غيره من الأدلة، وصاحب الزمان عليه السلام قد ثبتت ولادته بالأدلة التاريخية والأدلة العقلية معاً كما سيتضح.
ثانياً: أن الأدلة الأخرى هي إما أدلة عقلية قطعية، أو أدلة ثبتت بالأحاديث الصحيحة، فهي في الحقيقة أهم من الدليل التاريخي الذي قد يناقَش فيه، لأنه مع ثبوت الدليل العقلي القطعي لا يُحتاج إلى الدليل التاريخي الظني، ومع ثبوت الروايات الصحيحة لا يعوَّل على أقوال المؤرِّخين.
ثالثاً: أن ثبوت ولادة أي شخص لا يُحتاج فيه إلى دليل تاريخي قطعي، وإلا لانتفى ثبوت وجود كثير من الشخصيات المعروفة في التاريخ، فإن ولادتهم لم تثبت بدليل تاريخي قطعي متواتر.
رابعاً: أن ثبوت الولادات لعموم الأشخاص يُرجَع فيه إلى والد الشخص نفسه، فإذا ثبت عنه برواية واحدة صحيحة أنه قد اعترف بأنه قد وُلد له مولود، فحينئذ لا بد من تصديقه والإقرار له به، وسيأتي أن الإمام العسكري عليه السلام أقرَّ بأنه قد وُلد له الخلَف من بعده.
خامساً: إنا إذا لم نقل بولادة الإمام المهدي عليه السلام فإنه تلزم محاذير كثيرة لا يمكن التهرب منها، مثل خلو هذا العصر وما قبله من إمام صالح للإمامة، وخلو هذا العصر من إمام من العترة الطاهرة عليهم السلام، ووقوع كل المسلمين في الإثم لعدم بيعتهم لإمام في هذا العصر... وغير ذلك من المحاذير الكثيرة التي لا يمكن التسليم بها.
سادساً: إنا إذا لم نقل بولادة المهدي عليه السلام وبقائه، فلا يكون أي مصداق في هذا العصر لحديث الثقلين، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما).
فإذا لم يكن الإمام المهدي عليه السلام موجوداً فلا إمام من العترة الطاهرة عليهم السلام يصلح للتمسك به، فلا يكون لهذا الحديث أي معنى في عصرنا، فيكون باطلاً، وهذا لا يمكن القول به، فإن جمعاً من علماء أهل السنة استفادوا من الحديث ـ كما هو الصحيح ـ وجود متأهِّل من أهل البيت عليهم السلام يصلح للإمامة إلى أن تقوم الساعة، وإلا لافترق الكتاب عن العترة، وهذا ما نفاه الحديث.
سابعاً: إنَّا إذا لم نقل بولادة الإمام المهدي عليه السلام ووجوده فلا بد من القول بأن كل المسلمين في عصرنا وفي العصور السابقة لعصرنا ميتتهم ميتة جاهلية، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ مات وليس في عنقه بيعة فميتته ميتة جاهلية).
ثامناً: أن الأدلة التاريخية (الروائية) تدل على ولادته عليه السلام، وهذه الأدلة نقسمها إلى طوائف:
الطائفة الأولى: الروايات الدالة على أن المهدي عليه السلام هو التاسع من ولد الإمام الحسين عليه السلام:
فقد روى الصدوق في كتاب الخصال 2/475، وكمال الدين 1/262 بسند في غاية الصحة، عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبان بن تغلب، عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان الفارسي رحمه الله قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإذا الحسين عليه السلام على فخذيه وهو _النبي_ يقبِّل عينيه ويلثم فاه وهو يقول: (أنت سيِّد ابن سيِّد، أنت إمام ابن إمام أبو الأئمة، أنت حجة ابن حجة أبو حُجَج تسعة من صلبك، تاسعهم قائمهم).
وروى الكليني قدس سره في كتاب الكافي 1/533 بسند صحيح عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي، تاسعهم قائمهم).
ورواه الصدوق في الخصال 2/480 عن أبيه، عن علي بن إبراهيم كما في الكافي سنداً ومتناً.
والنتيجة أن هذه الرواية صحيحة السند، وهي دالة بوضوح على أن المهدي عليه السلام هو التاسع من ولد الحسين عليه السلام، ولا تاسع من ولد الحسين عليه السلام صالح للإمامة إلا الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليه السلام.
الطائفة الثانية : التي دلَّت على ولادة الإمام المهدي عليه السلام.
فقد روى الكليني رحمه الله في الكافي 1/329 عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال: خرج عن أبي محمد عليه السلام حين قتل الزبيري لعنه الله: هذا جزاء من اجترأ على الله في أوليائه، يزعم أنه يقتلني وليس لي عقب، فكيف رأى قدرة الله فيه، وولد له ولد سماه (م ح م د) في سنة ست وخمسين ومائتين.
وقد روى هذا الحديث أيضاً الصدوق في إكمال الدين ص 395، وكل الرواة وثقهم السيد الخوئي في معجم رجال الحديث، فراجع.
كما روى الشيخ الكليني قدس سره في الكافي أيضاً 1/328 عن علي بن محمد، عن محمد بن علي بن بلال قال: خرج إلي من أبي محمد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثم خرج إلي من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده.
وروى أيضاً في الكافي 1/328 عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق، عن أبي هاشم الجعفري قال: قلت لأبي محمد عليه السلام: جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سل. قلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم. فقلت: فإن حدث بك حدث فأين أسأل عنه؟ فقال: بالمدينة.
وهذا الحديث أيضاً سنده صحيح.
منقول
لقد ادَّعى أحمد الكاتب في بعض المحطات الفضائية أنه لم يجد دليلاً واحداً تاريخياً يدل على ولادة الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكريl،ومراده بالدليل التاريخي هو ثبوت الولادة بروايات صحيحة، وان الكاتب قد أعرض عن الأدلة العقلية التي تحتم ولادته ووجوده عليه السلام، وزعم أنه تحدَّى علماء الشيعة في ذلك، ولم يحصل منهم على جواب.
وبغض النظر عن المزاعم التي لا شأن لنا بها، فإنا نجيب على كلامه بأمور:
أولاً: أنه يجب الأخذ في إثبات ولادة الإمام المهدي عليه السلام بكل دليل تام صحيح، ولا معنى للاقتصار على الدليل التاريخي فقط، لأن كل دليل يجب التسليم به، ولا ميزة للدليل التاريخي على غيره من الأدلة، وصاحب الزمان عليه السلام قد ثبتت ولادته بالأدلة التاريخية والأدلة العقلية معاً كما سيتضح.
ثانياً: أن الأدلة الأخرى هي إما أدلة عقلية قطعية، أو أدلة ثبتت بالأحاديث الصحيحة، فهي في الحقيقة أهم من الدليل التاريخي الذي قد يناقَش فيه، لأنه مع ثبوت الدليل العقلي القطعي لا يُحتاج إلى الدليل التاريخي الظني، ومع ثبوت الروايات الصحيحة لا يعوَّل على أقوال المؤرِّخين.
ثالثاً: أن ثبوت ولادة أي شخص لا يُحتاج فيه إلى دليل تاريخي قطعي، وإلا لانتفى ثبوت وجود كثير من الشخصيات المعروفة في التاريخ، فإن ولادتهم لم تثبت بدليل تاريخي قطعي متواتر.
رابعاً: أن ثبوت الولادات لعموم الأشخاص يُرجَع فيه إلى والد الشخص نفسه، فإذا ثبت عنه برواية واحدة صحيحة أنه قد اعترف بأنه قد وُلد له مولود، فحينئذ لا بد من تصديقه والإقرار له به، وسيأتي أن الإمام العسكري عليه السلام أقرَّ بأنه قد وُلد له الخلَف من بعده.
خامساً: إنا إذا لم نقل بولادة الإمام المهدي عليه السلام فإنه تلزم محاذير كثيرة لا يمكن التهرب منها، مثل خلو هذا العصر وما قبله من إمام صالح للإمامة، وخلو هذا العصر من إمام من العترة الطاهرة عليهم السلام، ووقوع كل المسلمين في الإثم لعدم بيعتهم لإمام في هذا العصر... وغير ذلك من المحاذير الكثيرة التي لا يمكن التسليم بها.
سادساً: إنا إذا لم نقل بولادة المهدي عليه السلام وبقائه، فلا يكون أي مصداق في هذا العصر لحديث الثقلين، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما).
فإذا لم يكن الإمام المهدي عليه السلام موجوداً فلا إمام من العترة الطاهرة عليهم السلام يصلح للتمسك به، فلا يكون لهذا الحديث أي معنى في عصرنا، فيكون باطلاً، وهذا لا يمكن القول به، فإن جمعاً من علماء أهل السنة استفادوا من الحديث ـ كما هو الصحيح ـ وجود متأهِّل من أهل البيت عليهم السلام يصلح للإمامة إلى أن تقوم الساعة، وإلا لافترق الكتاب عن العترة، وهذا ما نفاه الحديث.
سابعاً: إنَّا إذا لم نقل بولادة الإمام المهدي عليه السلام ووجوده فلا بد من القول بأن كل المسلمين في عصرنا وفي العصور السابقة لعصرنا ميتتهم ميتة جاهلية، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ مات وليس في عنقه بيعة فميتته ميتة جاهلية).
ثامناً: أن الأدلة التاريخية (الروائية) تدل على ولادته عليه السلام، وهذه الأدلة نقسمها إلى طوائف:
الطائفة الأولى: الروايات الدالة على أن المهدي عليه السلام هو التاسع من ولد الإمام الحسين عليه السلام:
فقد روى الصدوق في كتاب الخصال 2/475، وكمال الدين 1/262 بسند في غاية الصحة، عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبان بن تغلب، عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان الفارسي رحمه الله قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإذا الحسين عليه السلام على فخذيه وهو _النبي_ يقبِّل عينيه ويلثم فاه وهو يقول: (أنت سيِّد ابن سيِّد، أنت إمام ابن إمام أبو الأئمة، أنت حجة ابن حجة أبو حُجَج تسعة من صلبك، تاسعهم قائمهم).
وروى الكليني قدس سره في كتاب الكافي 1/533 بسند صحيح عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي، تاسعهم قائمهم).
ورواه الصدوق في الخصال 2/480 عن أبيه، عن علي بن إبراهيم كما في الكافي سنداً ومتناً.
والنتيجة أن هذه الرواية صحيحة السند، وهي دالة بوضوح على أن المهدي عليه السلام هو التاسع من ولد الحسين عليه السلام، ولا تاسع من ولد الحسين عليه السلام صالح للإمامة إلا الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليه السلام.
الطائفة الثانية : التي دلَّت على ولادة الإمام المهدي عليه السلام.
فقد روى الكليني رحمه الله في الكافي 1/329 عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال: خرج عن أبي محمد عليه السلام حين قتل الزبيري لعنه الله: هذا جزاء من اجترأ على الله في أوليائه، يزعم أنه يقتلني وليس لي عقب، فكيف رأى قدرة الله فيه، وولد له ولد سماه (م ح م د) في سنة ست وخمسين ومائتين.
وقد روى هذا الحديث أيضاً الصدوق في إكمال الدين ص 395، وكل الرواة وثقهم السيد الخوئي في معجم رجال الحديث، فراجع.
كما روى الشيخ الكليني قدس سره في الكافي أيضاً 1/328 عن علي بن محمد، عن محمد بن علي بن بلال قال: خرج إلي من أبي محمد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثم خرج إلي من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده.
وروى أيضاً في الكافي 1/328 عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق، عن أبي هاشم الجعفري قال: قلت لأبي محمد عليه السلام: جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سل. قلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم. فقلت: فإن حدث بك حدث فأين أسأل عنه؟ فقال: بالمدينة.
وهذا الحديث أيضاً سنده صحيح.
منقول