بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قلـــب صاحب الزمان
القلب الشيعي قلب مفعم، يبحث دائماً عن مواطن الأسى ليعبر عما في قلبه من آلام وأحزان قد أحاطت بالشيعه من كل جانب.
ولنتحدث في هذا اليوم عن أحزاننا وعن شجوننا وعمّا يمر بنا، ارتباطنا وعلاقتنا تحديداً بإمامنا، إمام زماننا، وعن غيبته التي كانت سبباً لهذا الحزن، ففراق الحبيب من أشد ما ابتلى الله به عباده.
ولكن حينما نمر على مكامن الأسى في هذا الحزن لابد أن نتذكر، ولابد أن نستحضر أن إمامنا وحبيب قلوبنا صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين هو الذي يسبقنا حتى في حزننا.
فتعالوا لنتأمل ولنتحسس بأحزانه، إذا كنا نحب ولينا وإمامنا وسيدنا صاحب العصر لابد أن نعيش أو نحاول أن نقترب مما يحمله ذلك القلب من حزن.
نحن نعيش حزن الغيبة، وهو عليه السلام مع كونه قائداً إلا أنه يعيش حزن الغيبة أيضاً، ولكن عندما يلتقي حزننا بحزنه، وعندما يكتوي يومنا بجمره، يزداد الجمر اتقاداً وتزداد العواطف التهاباً.
نحن نحزن ونحن نتألم لأن إمامنا وسيدنا غائب عنا ومفارق لنا.
ولكن هو أيضاً يحزن لأننا نحن مفارقون له.
وقد يغفل البعض عن هذه السنخية، عندما يكون شخص ما في ظروف معينة تستدعي منه الاختفاء عن بعض الرقباء، بحيث لا يريد لأحد أن يطلع على مكانه، حتى أقرب الناس إليه.
ويمر من بعيد أحد أعزائه، أو أحد أولاده، أو أحد أعوانه وهو يراه ولكن لا يتمكن من أن يخاطبه، وأن يحادثه، وأن يكاشفه بما يعتلج في قلبه.
هذا ألم قد يكون أشد ألماً من ذلك المفارق وأشد ألماً من ذلك الذي لا يعلم من أمر هذه الحقيقة شيئاً.
ولكن حينما نعيش هذا الألم، وحينما نكتوي بهذا الجمر هو أيضاً صلوات الله عليه
يتحسس بهذا الألم أكثر منا أضعافاً مضاعفة، ولكن نحن بحدودنا، بضعفنا،
بعجزنا تضيق صدورنا عن تحمل الألم فنبث هذه الشكوى التي يكون هو عليه
السلام صاحبها الحقيقي، فهو منشأ الشكوى الحقيقية وليس نحن، يخاطبه
شعراؤنا، وحق لهم أن يخاطبوه، فإلى من يشتكي المهموم إلا إلى إمامه؟
نحن نتضرر صحيح ونحن نتألم لأن السنن ضاعت، ولأن القيم اندثرت. ولكن هو يعيش هذا الألم أكثر منا.
رفقاً بإمامنا عندما نعاتبه.
رفقاً بذلك القلب الممتلئ بالحزن والألم.
صحيح نحن نعاتبه.
إذ لا ملجأ لنا إلا إليه.
صحيح هو إمامنا ولكن لا ننكأ الجراح التي في قلبه صلوات الله عليه.
لنعرف نحن لمن نخاطب. هذا إمامنا وهذا حبيب قلوبنا وهذا المتألم أكثر منا سلام الله عليه
ولكن ساعد الله قلبك يا سيدي يا صاحب الزمان، نحن نتألم بسبب طول المدة، وبسبب الثأر المعطل.
ولكن هو يتقدمنا في هذا الألم؟
إذا كنا نحب صاحب العصر حقيقة لابد أن نفكر ولو سويعة في هذا القلب الكبير، هذا قلب الإمام الذي هو إمام القلوب، هذا القلب ماذا يحمل في داخله من عذاب، ومن أحزان، ومن شجى؟
نتألم حينما نقول له: سيدي أحاطت بنا الأعداء من كل جانب، فحاصرونا وأعادوا لنا تأريخكم، وأعادوا لنا كربلاء كم. ونحن محاصرون من الداخل والخارج، ونحن مهددون في كل مكان. ولكن هل يغيب هذا عنه؟ هل هو بعيد عن هذا الأمر؟ إذا نحن نعيش غربة فهو يعيش غربة أكثر من أي منا.
وإذا نحن نعيش حزناً ونعيش وحشة فهو يعيش وحشة أكثر منا، صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين، وإذا نحن نطل من جانب وما جرى من مجازر وانتهاك للحرمات، فهو محيط بكل تفاصيلها ودقائقها، ويتحسّس كل أناتها وآهاتها الصغير منها والكبير.
هو يعيش هذا الألم، اكثر منا
هذه الآلام إذا نحن اطلعنا على شيء بسيط ومحدود وضئيل منها، فإنّ إمامنا يحيط بها كلها، ويعلم بدقائقها وتفاصيلها.
فرفقاً به ثم رفقاً حينما نبث شكوانا. هو يعيش آلامنا، يعيش فجائعنا، يعيش أحزان أيتامنا وأراملنا.
الآن لنتصوركم ذرف إمامنا وسيدنا صاحب الأمر من الدموع؟
وكم اختلجت في صدره من الآهات لما يشهده من العذابات التي أحاطت بشيعته من كل مكان.
يتحسّس هذه الأمور، يعلم بها وكلها تجعله يشتاق أشد الشوق لذلك اليوم الذي يقف فيه بين الركن والمقام وينادي بأصحابه فيخرجون ويلتحقون به من بقاع الأرض. ولكن ماذا بيده؟
بعض الناس يرون صاحب الأمر في المنام أو يتشرفون به.
أغلب الروايات والأخبار توصينا نحن الشيعة بالدعاء له بالفرج، هو في بلاء عظيم، هو في ضيق، هو في غربة، هو في وحشة. يطالبنا بالدعاء له بأن يعجل الله فرجه.
حينما نقول: اللهم عجل فرجه، فلا تحسب أن المعنى: اللهم عجل فرجنا. صحيح اللهم اجعل فرجه فرجنا، ولكن الفرج الحقيقي له.
فهو المظلوم الحقيقي.
عندما تشتد الفتن بنا، وعندما تعصف بساحتنا الخلافات فأول ما نتذكر حاجتنا الماسّة والحقيقية والأساسية لولينا الأول، لولينا الحقيقي، لإمامنا لقائدنا لسيدنا ومولانا.
عندما نختلف فيما بيننا ونتألم من اختلافنا ومن شدة اختلافنا، ومن تحارب بعضنا مع بعض من كيد بعضنا لبعض، ومن اعتداء بعضنا على بعض، ومن تهجم بعضنا على بعض، نتألم كثيراً ولكن إمامنا يتألم أكثر.
قد نتألم لأن هذا التحارب يمسنا، ويمس مشاعرنا بحدود معينة. ولكن هو يتألم لنا جميعاً، وهو يتألم لاختلافنا جميعاً، يتألم لكل فردٍ فرد منا.
يتألم إذا رأى أحداً منا يظلم أخاه، لماذا هذا من شيعتي.
أو يتمنى أن يكون من أنصاره، لماذا يتجاوز، لماذا لا يتمكن أن يقدر للاختلافات قدرها؟
فلنلتقي عنده، ولنجدد العهد معه مرة أخرى في أخوّتنا، في صفاء قلوبنا، في حسن ظنوننا بالآخرين، وعدم التسرع بإلقاء التهم وتوزيعها في كل مكان، وعلى أنفسنا.
إذا أردنا أن نعيش الارتباط بإمام زماننا حقيقة فلابد أن نفهم هذه الحقيقة لابد أن نعيش هذا الأمر.
ولكن نجد أننا نشترك مع إمامنا ونواسيه في هذه الآلام التي مررنا عليها واحداً واحداً.
هو غائب الآن عنا ونحن غائبون عنه، هو يعيش الهم لشريعة جدّه، ونحن نعيش الهم شيئاً ما لشريعة جدّه.
هو يتألم لما يصيبنا، ونحن نتألم أيضاً.
هو يتألم للظلم والبلاء الذي يعصف بنا، هو يتألم لنا حينما نختلف، هو يشاركنا الألم، بل هو دائماً يتقدّمنا في الألم.
ولكن يبقى ألم واحد في قلب صاحب الأمر، وهذا لا نشترك نحن معه فيه، وهذا الألم وهذا العذاب الذي يتعذب به ويتألم به إمامنا صاحب الأمر قد نكون نحن سبباً في زيادته، ما هو هذا الألم؟
حينما تعرض أعمالنا عليه.
ونحن نقرأ في روايات أهل البيت أن الأعمال تعرض على إمام الزمان، في بعض الروايات في كل ليلة جمعة.(4)
إنّ الإمام عجل الله فرجه يفرح لله.
والإمام يغضب لله.
والإمام يحزن لله،
والإمام يحب في الله ويبغض في الله.
فإذا وجد في صحيفة أحدنا سيئة أو ذنباً ارتكبه فكيف به وهو يعيش تلك الأكداس والجبال من الآلام.
هذا الألم يأتي إضافياً، ولسان حاله يقول:
أنتم لماذا؟!
فهمنا أن أعداء الزهراء يحقدون على الزهراء ويزيد وابن سعد يحقدون على الحسين، والظالمون لكم والمعادون لي ولكم يكونون سبباً في آلامي وأحزاني.
أنتم شيعتي أنا أريد أن أفرح بكم، لماذا أنتم تزيدون ألمي ألماً آخر؟
هذا ألم ذوي القربى، هذا ألم المقربين الأحبة الأعزة، لماذا هذه الذنوب؟
لماذا هذه الجرأة على المعاصي؟
لماذا لم نرأف لذلك القلب الذي أفعمته الآلام وملأته الجراح؟
لماذا لا نكون السبب في إدخال السرور عليه؟
لماذا لا نكون سبباً حينما يطّلع على بعض الأعمال لأن يقول: الحمد لله شيعتي شيعة حقيقيون،
لعل أشد ما يؤلم، بل يمكن أن نقول: إن أشد ما يؤلم أولياء الله، ما يجترح وينتهك من حرمات الله سبحانه وتعالى، لأنهم يعرفون عظمة الله.
نحن حينما نعرف عظمة الله شيئاً ما ونجد أن حرمة من حرمات الله تنتهك نتألم ونغضب أكثر مما نكون نعرف الله بهذا المقدار من المعرفة.
أما أهل البيت صلوات الله عليهم، الذين ما عرف الله أحد من العباد كما عرفوه سبحانه وتعالى، يغضبون لحرمات الله أكثر منا، يتألمون أكثر منا.
لماذا..
لماذا نشارك في زيادة ألمه صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين؟
فلنجدد في هذه الليلة العهد معه، ولنتب على يديه حباً له، ونعقد العزم من هذا
لنجدد العهد، لنعقد العزم على أن نقاطع ونهجر كل الذنوب، ونتمنى من الله
سبحانه وتعالى أن يعصمنا ببركة إمام زماننا من كل ذنب، حباً وشفقة وحناناً لسيدنا صاحب الأمر ومحبة له.
فلنؤكد ارتباطنا وانتماءنا وتلاحمنا واهتمامنا بأئمتنا صلوات الله عليهم في طاعتنا لله حباً لهم، من أجل أن يفرح مهدي هذا العصر.
نحن نعمل بعض الأعمال من أجل إدخال السرور على أحبتنا.
أنت تأتي بالهدية الصغيرة لأولادك حتى تدخل السرور على قلوبهم.
أنت ألا تفعل بعض المستحبات، وتأتي ببعض الأمور من أجل إدخال السرور على قلب المؤمن؟
وأهم ما يفرح إمام زماننا أن نعترف له بالتقصير لتشرق قلوبنا بنور التوبة، قبل أن لنجدد هذه التوبة حباً له، إخلاصاً له، من أجل إدخال السرور على قلبه الشريف صلوات الله عليه وعلى آبائه.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يؤكد هذه التوبة في قلوبنا، لنطل على شهره الكريم ونكون أهلاً لضيافته سبحانه وتعالى، ونكون ممن يستجيب الله دعاءهم في كشف هذه الغمة عن هذه الأمة، وتعجيل الفرج، ودفع البلاء وجمع الشمل، تحت تلك القباب الشاهقات العليات في مراقد أئمتنا في عراق أهل البيت صلوات الله عليهم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قلـــب صاحب الزمان
القلب الشيعي قلب مفعم، يبحث دائماً عن مواطن الأسى ليعبر عما في قلبه من آلام وأحزان قد أحاطت بالشيعه من كل جانب.
ولنتحدث في هذا اليوم عن أحزاننا وعن شجوننا وعمّا يمر بنا، ارتباطنا وعلاقتنا تحديداً بإمامنا، إمام زماننا، وعن غيبته التي كانت سبباً لهذا الحزن، ففراق الحبيب من أشد ما ابتلى الله به عباده.
ولكن حينما نمر على مكامن الأسى في هذا الحزن لابد أن نتذكر، ولابد أن نستحضر أن إمامنا وحبيب قلوبنا صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين هو الذي يسبقنا حتى في حزننا.
فتعالوا لنتأمل ولنتحسس بأحزانه، إذا كنا نحب ولينا وإمامنا وسيدنا صاحب العصر لابد أن نعيش أو نحاول أن نقترب مما يحمله ذلك القلب من حزن.
نحن نعيش حزن الغيبة، وهو عليه السلام مع كونه قائداً إلا أنه يعيش حزن الغيبة أيضاً، ولكن عندما يلتقي حزننا بحزنه، وعندما يكتوي يومنا بجمره، يزداد الجمر اتقاداً وتزداد العواطف التهاباً.
نحن نحزن ونحن نتألم لأن إمامنا وسيدنا غائب عنا ومفارق لنا.
ولكن هو أيضاً يحزن لأننا نحن مفارقون له.
وقد يغفل البعض عن هذه السنخية، عندما يكون شخص ما في ظروف معينة تستدعي منه الاختفاء عن بعض الرقباء، بحيث لا يريد لأحد أن يطلع على مكانه، حتى أقرب الناس إليه.
ويمر من بعيد أحد أعزائه، أو أحد أولاده، أو أحد أعوانه وهو يراه ولكن لا يتمكن من أن يخاطبه، وأن يحادثه، وأن يكاشفه بما يعتلج في قلبه.
هذا ألم قد يكون أشد ألماً من ذلك المفارق وأشد ألماً من ذلك الذي لا يعلم من أمر هذه الحقيقة شيئاً.
ولكن حينما نعيش هذا الألم، وحينما نكتوي بهذا الجمر هو أيضاً صلوات الله عليه
يتحسس بهذا الألم أكثر منا أضعافاً مضاعفة، ولكن نحن بحدودنا، بضعفنا،
بعجزنا تضيق صدورنا عن تحمل الألم فنبث هذه الشكوى التي يكون هو عليه
السلام صاحبها الحقيقي، فهو منشأ الشكوى الحقيقية وليس نحن، يخاطبه
شعراؤنا، وحق لهم أن يخاطبوه، فإلى من يشتكي المهموم إلا إلى إمامه؟
نحن نتضرر صحيح ونحن نتألم لأن السنن ضاعت، ولأن القيم اندثرت. ولكن هو يعيش هذا الألم أكثر منا.
رفقاً بإمامنا عندما نعاتبه.
رفقاً بذلك القلب الممتلئ بالحزن والألم.
صحيح نحن نعاتبه.
إذ لا ملجأ لنا إلا إليه.
صحيح هو إمامنا ولكن لا ننكأ الجراح التي في قلبه صلوات الله عليه.
لنعرف نحن لمن نخاطب. هذا إمامنا وهذا حبيب قلوبنا وهذا المتألم أكثر منا سلام الله عليه
ولكن ساعد الله قلبك يا سيدي يا صاحب الزمان، نحن نتألم بسبب طول المدة، وبسبب الثأر المعطل.
ولكن هو يتقدمنا في هذا الألم؟
إذا كنا نحب صاحب العصر حقيقة لابد أن نفكر ولو سويعة في هذا القلب الكبير، هذا قلب الإمام الذي هو إمام القلوب، هذا القلب ماذا يحمل في داخله من عذاب، ومن أحزان، ومن شجى؟
نتألم حينما نقول له: سيدي أحاطت بنا الأعداء من كل جانب، فحاصرونا وأعادوا لنا تأريخكم، وأعادوا لنا كربلاء كم. ونحن محاصرون من الداخل والخارج، ونحن مهددون في كل مكان. ولكن هل يغيب هذا عنه؟ هل هو بعيد عن هذا الأمر؟ إذا نحن نعيش غربة فهو يعيش غربة أكثر من أي منا.
وإذا نحن نعيش حزناً ونعيش وحشة فهو يعيش وحشة أكثر منا، صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين، وإذا نحن نطل من جانب وما جرى من مجازر وانتهاك للحرمات، فهو محيط بكل تفاصيلها ودقائقها، ويتحسّس كل أناتها وآهاتها الصغير منها والكبير.
هو يعيش هذا الألم، اكثر منا
هذه الآلام إذا نحن اطلعنا على شيء بسيط ومحدود وضئيل منها، فإنّ إمامنا يحيط بها كلها، ويعلم بدقائقها وتفاصيلها.
فرفقاً به ثم رفقاً حينما نبث شكوانا. هو يعيش آلامنا، يعيش فجائعنا، يعيش أحزان أيتامنا وأراملنا.
الآن لنتصوركم ذرف إمامنا وسيدنا صاحب الأمر من الدموع؟
وكم اختلجت في صدره من الآهات لما يشهده من العذابات التي أحاطت بشيعته من كل مكان.
يتحسّس هذه الأمور، يعلم بها وكلها تجعله يشتاق أشد الشوق لذلك اليوم الذي يقف فيه بين الركن والمقام وينادي بأصحابه فيخرجون ويلتحقون به من بقاع الأرض. ولكن ماذا بيده؟
بعض الناس يرون صاحب الأمر في المنام أو يتشرفون به.
أغلب الروايات والأخبار توصينا نحن الشيعة بالدعاء له بالفرج، هو في بلاء عظيم، هو في ضيق، هو في غربة، هو في وحشة. يطالبنا بالدعاء له بأن يعجل الله فرجه.
حينما نقول: اللهم عجل فرجه، فلا تحسب أن المعنى: اللهم عجل فرجنا. صحيح اللهم اجعل فرجه فرجنا، ولكن الفرج الحقيقي له.
فهو المظلوم الحقيقي.
عندما تشتد الفتن بنا، وعندما تعصف بساحتنا الخلافات فأول ما نتذكر حاجتنا الماسّة والحقيقية والأساسية لولينا الأول، لولينا الحقيقي، لإمامنا لقائدنا لسيدنا ومولانا.
عندما نختلف فيما بيننا ونتألم من اختلافنا ومن شدة اختلافنا، ومن تحارب بعضنا مع بعض من كيد بعضنا لبعض، ومن اعتداء بعضنا على بعض، ومن تهجم بعضنا على بعض، نتألم كثيراً ولكن إمامنا يتألم أكثر.
قد نتألم لأن هذا التحارب يمسنا، ويمس مشاعرنا بحدود معينة. ولكن هو يتألم لنا جميعاً، وهو يتألم لاختلافنا جميعاً، يتألم لكل فردٍ فرد منا.
يتألم إذا رأى أحداً منا يظلم أخاه، لماذا هذا من شيعتي.
أو يتمنى أن يكون من أنصاره، لماذا يتجاوز، لماذا لا يتمكن أن يقدر للاختلافات قدرها؟
فلنلتقي عنده، ولنجدد العهد معه مرة أخرى في أخوّتنا، في صفاء قلوبنا، في حسن ظنوننا بالآخرين، وعدم التسرع بإلقاء التهم وتوزيعها في كل مكان، وعلى أنفسنا.
إذا أردنا أن نعيش الارتباط بإمام زماننا حقيقة فلابد أن نفهم هذه الحقيقة لابد أن نعيش هذا الأمر.
ولكن نجد أننا نشترك مع إمامنا ونواسيه في هذه الآلام التي مررنا عليها واحداً واحداً.
هو غائب الآن عنا ونحن غائبون عنه، هو يعيش الهم لشريعة جدّه، ونحن نعيش الهم شيئاً ما لشريعة جدّه.
هو يتألم لما يصيبنا، ونحن نتألم أيضاً.
هو يتألم للظلم والبلاء الذي يعصف بنا، هو يتألم لنا حينما نختلف، هو يشاركنا الألم، بل هو دائماً يتقدّمنا في الألم.
ولكن يبقى ألم واحد في قلب صاحب الأمر، وهذا لا نشترك نحن معه فيه، وهذا الألم وهذا العذاب الذي يتعذب به ويتألم به إمامنا صاحب الأمر قد نكون نحن سبباً في زيادته، ما هو هذا الألم؟
حينما تعرض أعمالنا عليه.
ونحن نقرأ في روايات أهل البيت أن الأعمال تعرض على إمام الزمان، في بعض الروايات في كل ليلة جمعة.(4)
إنّ الإمام عجل الله فرجه يفرح لله.
والإمام يغضب لله.
والإمام يحزن لله،
والإمام يحب في الله ويبغض في الله.
فإذا وجد في صحيفة أحدنا سيئة أو ذنباً ارتكبه فكيف به وهو يعيش تلك الأكداس والجبال من الآلام.
هذا الألم يأتي إضافياً، ولسان حاله يقول:
أنتم لماذا؟!
فهمنا أن أعداء الزهراء يحقدون على الزهراء ويزيد وابن سعد يحقدون على الحسين، والظالمون لكم والمعادون لي ولكم يكونون سبباً في آلامي وأحزاني.
أنتم شيعتي أنا أريد أن أفرح بكم، لماذا أنتم تزيدون ألمي ألماً آخر؟
هذا ألم ذوي القربى، هذا ألم المقربين الأحبة الأعزة، لماذا هذه الذنوب؟
لماذا هذه الجرأة على المعاصي؟
لماذا لم نرأف لذلك القلب الذي أفعمته الآلام وملأته الجراح؟
لماذا لا نكون السبب في إدخال السرور عليه؟
لماذا لا نكون سبباً حينما يطّلع على بعض الأعمال لأن يقول: الحمد لله شيعتي شيعة حقيقيون،
لعل أشد ما يؤلم، بل يمكن أن نقول: إن أشد ما يؤلم أولياء الله، ما يجترح وينتهك من حرمات الله سبحانه وتعالى، لأنهم يعرفون عظمة الله.
نحن حينما نعرف عظمة الله شيئاً ما ونجد أن حرمة من حرمات الله تنتهك نتألم ونغضب أكثر مما نكون نعرف الله بهذا المقدار من المعرفة.
أما أهل البيت صلوات الله عليهم، الذين ما عرف الله أحد من العباد كما عرفوه سبحانه وتعالى، يغضبون لحرمات الله أكثر منا، يتألمون أكثر منا.
لماذا..
لماذا نشارك في زيادة ألمه صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين؟
فلنجدد في هذه الليلة العهد معه، ولنتب على يديه حباً له، ونعقد العزم من هذا
لنجدد العهد، لنعقد العزم على أن نقاطع ونهجر كل الذنوب، ونتمنى من الله
سبحانه وتعالى أن يعصمنا ببركة إمام زماننا من كل ذنب، حباً وشفقة وحناناً لسيدنا صاحب الأمر ومحبة له.
فلنؤكد ارتباطنا وانتماءنا وتلاحمنا واهتمامنا بأئمتنا صلوات الله عليهم في طاعتنا لله حباً لهم، من أجل أن يفرح مهدي هذا العصر.
نحن نعمل بعض الأعمال من أجل إدخال السرور على أحبتنا.
أنت تأتي بالهدية الصغيرة لأولادك حتى تدخل السرور على قلوبهم.
أنت ألا تفعل بعض المستحبات، وتأتي ببعض الأمور من أجل إدخال السرور على قلب المؤمن؟
وأهم ما يفرح إمام زماننا أن نعترف له بالتقصير لتشرق قلوبنا بنور التوبة، قبل أن لنجدد هذه التوبة حباً له، إخلاصاً له، من أجل إدخال السرور على قلبه الشريف صلوات الله عليه وعلى آبائه.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يؤكد هذه التوبة في قلوبنا، لنطل على شهره الكريم ونكون أهلاً لضيافته سبحانه وتعالى، ونكون ممن يستجيب الله دعاءهم في كشف هذه الغمة عن هذه الأمة، وتعجيل الفرج، ودفع البلاء وجمع الشمل، تحت تلك القباب الشاهقات العليات في مراقد أئمتنا في عراق أهل البيت صلوات الله عليهم.
تعليق