عيد الغدير:مناسبة تتجدد
قال الرسول الأعظم محمد(صلى الله عليه وآله) : من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي فليوال عليا بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي، رزقوا فهما وعلما، وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي، وقال(كاريل)وهو احد المستشرقين بحق أمير المؤمنين علي بن ابي طالب :أما علي (عليه السلام) فلا يسعنا إلا أن نحبه ونتعشّقه.. فإنه فتى شريف القدر، عالي النفس.. يفيض وجدانه رحمة وبراً.. ويتلظّى فؤاده نجدة وحماسة.
هذه الكلمات البسيطة التي تقرأ من خلالها العفوية بالحديث.. وهذا يعني أن هذا الرجل جاء عفو الخاطر ودون تصنع وهذا لا يأتي إلا بالاضطلاع الواسع لشخصية الإمام علي في بعض جوانبها. وأمير المؤمنين نور بعيد المنال وقمة باسقة رفيعة لا تطال.. إذ هو ولي الله الأعظم وحجته الكبرى على أهل الدنيا.. وبولايته أكمل الله فيه الدين الإسلامي الحنيف.. وأتم النعمة على أهل الدنيا كافة وعلى المؤمنين خاصة وذلك بقوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس).. فبلّغ الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وبمحضر من ما يقارب 90 ألف حاج كانوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع وفي موقع يكون فيه مفترق الطرق ويتوزع الحجيج إلى بلدانهم المختلفة فجمعهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذاك الموقف العظيم وبلّغهم أمر الله بشأن الولاية ونصّب أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) إماماً لهم وللأمة جمعاء.. وأخذ البيعة من جميع من حضر، وبخبخ له الصحابة كما هو معروف ومشهور في كتب التاريخ المعتبرة.. ومنذ ذلك اليوم - وخاصة بعد انتقال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الرفيق الأعلى - مازال أمير المؤمنين (عليه السلام) مظلوماً مدفوعاً عن حقه ومبعداً عن منصبه الذي وضعه فيه وهيّأه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليه ومنذ نعومة أظافرهُ.فظلمه التاريخ والمؤرخون حين لم يدونوا لنا كل كلماته النورانية ودقائق حياته الشريفة فغمض علينا الكثير من القضايا العلمية من نهجه المبارك... والإمام علي (عليه السلام) ليس إمام للشيعة فقط وإنما إمام لجميع المسلمين وإمام العالمين بالحقيقة..وكما ذكر في مسند احمد( كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) تحت شجرتين، فصلى الظهر وأخذ بيد علي (رضي الله تعالى عنه)، فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: فأخذ بيد علي فقال: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه"، قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: هنيئاً يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة...وهو (عليه السلام) أكبر من أن نحجمه بهذا الحجم أو أن نحصره في دائرة التشيع أو حتى الإسلام فقط بل يجب علينا أن ننظر إليه نظرة إنسانية كونية شاملة.. وظلموا أنفسهم أعداءه إذ راموا أن يطفئوا نوره أو ذكره الزكي أو أن يشوهوا صورته - حاشاه - فانطفئوا وخبا ذكرهم، لأن الله يأبى له ذلك ورسوله والمؤمنون.وفي ذكرى عيد الغدير علينا أن نظهره عيداً إلهياً عظيماً ونظهر فيه الفرح والسرور ونتبادل التهاني والتبريكات على أنه يوم عيد لا بل هو من أعظم الأعياد الإسلامية على الإطلاق.