الفصل الرابع
الحمد لله ب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد:
***
أوصاف القحطاني في التوراة .
وقبل أن اذكر أوصاف القحطاني في التوراة والإنجيل لا بد أن أنبه إلى أن أخبار أهل الكتاب تنقسم إلى ثلاثة أقسام وهي كالآتي :
أولا : الصحيح وهو ما وافق الكتاب والسنة فيكون صحيحا ونجزم بصحته لذالك .
ثانيا : المنسوخ أو المحرف وهو ما خالف الكتاب والسنة فيكون بذلك منسوخا أو محرفا .
ثالثا : ما لم يخالف الكتاب والسنة ولا يوجد نص يعارضه وهذا لا نصدقهم فيه ولا نكذبهم وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في التحديث عن بني إسرائيل فقال (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) وقال ( لا تصدقوهم ولا تكذبوهم) .
وبالتالي فان ما سنذكره من أوصاف القحطاني عن أهل الكتاب هي مما يستأنس به وبعضه يجزم بصحته وهو ما وافق السنة والبعض الآخر لا نصدقهم فيه ولا نكذبهم والله اعلم والآن إلى ما ورد عن القحطاني في التوراة والإنجيل :
ما ورد في التوراة :
النص الأول:
سفر اشعياء إصحاح 10 / 11 (يخرج قضيب من جذع يسي وينبت غصن من أصوله ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب ولذته تكون في مخافة الرب فلا يقضي بحسب نظر عينيه ولا يحكم بحسب نظر أذنيه بل يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لباسى الأرض ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه ويكون البر منطقة متنه والأمانة منطقة حقويه ) (ويكون في ذالك اليوم أن أصل يسي القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم ويكون محله مجد ا ) .
قال صاحب الفتح الرباني (بتصرف ) قضيب هي التسمية الرمزية للقحطاني في التوراة فقد سمي هنا بالقضيب وفي مكان آخر من نفس السفر سفر اشعياء , إشارة إلى التسمية والدليل على كونه القحطاني ( ويل لآشور قضيب غضبي والعصا في يده سخطي ) , فقضيب غضب الله هو القحطاني وقد وصف هنا بنفس وصفه في السنة المطهرة (يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه ) متفق عليه .
ومن المعلوم أن من تفقد أبواب الفتن والملاحم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرمز إلى شخصية معها العصا غير شخصية القحطاني , وما جاء في السنة والتوراة جاء موافقا لهما مافي الإنجيل قال ( فسأعطيه سلطانا على الأمم فيرعاهم بعصا من حديد ) فقد تبين التوافق بين اللفظ النبوي ولفظي التوراة والإنجيل .
مما يزيد ذالك قوة ووضوحا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (يسوق الناس ) فكلمة الناس تعم جميع البشر والأمم والشعوب وهو ما يوافق ما جاء في الإنجيل ( فسأعطيه سلطانا على الأمم) .
وفي موضع آخر (وهو الذي سيحكم الأمم كلها بعصا من حديد)
وفي التوراة ( فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة ) , فتبين من ذالك مدى التوافق بين السنة النبوية وهذه النصوص من التوراة والإنجيل فلا داعي إذن لإنكار هذه النصوص الصريحة الواضحة .
أما قوله في الأثر الأول (من جذع يسي )
فكلمة يسي تحتمل احد وجهين :
الوجه الأول :
أن تكون اسم منطقة كانت تعرف قديما فيكون ابتداء خروج القحطاني منها .
الوجه الثاني :
أن يسي هو جد سليمان عليه السلام فهو سليمان بن داوود بن يسي (ويسى ) ( هو الملك داوود عليه السلام واحد أجداد عيسى عليه السلام ) متى 1 / 605 , فيكون على هذا الوجه أن القحطاني له نسب لذالك النبي الكريم , والله اعلم .
وقوله (ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب ولذته تكون في مخافة الرب)
قلت هذه من الأمور التي يتصف بها القحطاني وهي من فضل الله ونعمته عليه فكما ذكرت في الفصل الأول أن من أراد الله أن يجعله ملكا فلا بد أن يهيئ له الأسباب ويمتن عليه بالصفات التي تؤهله للملك , والمقصود بروح الرب هنا هو الإلهام والله اعلم ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم أناس محدثون فان يك في أمتي احد منهم فهو عمر بن الخطاب ) , فالمراد بروح الرب هو التحديث والإلهام كما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويدخل فيه أيضا صدق الرؤيا والله اعلم ففي صحيح مسلم ( إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا ) وعنده كذالك (رؤيا المؤمن جزء من ست وأربعين جزءا من النبوة ) , وقد نص على ذالك سفر اشيعياء إصحاح 10/11 قال ( فيرشده بالحق يعلمه إلهه ) وقال في موضع آخر ( هذا أيضا خرج من قبل رب الجنود عجيب الرأي عظيم الفهم (, فالقحطاني شخص ملهم من قبل الله يعرف نفسه .
وهو الذي سيعرف المهدي ويقيمه للبيعة وهذا سنأتي إليه إن شاء الله فلا يمكن مبايعة المهدي من غير القحطاني والله اعلم .
إذن فالقحطاني رجل ملهم ومكلم صادق الرؤيا والحديث , وكذالك من صفاته انه يؤتى روح الحكمة والفهم والمشورة والقوة وروح المعرفة ومخافة الرب ولذته تكون في مخافة الرب , فهو يتميز بخوفه الشديد من الله ومراعاته لحدود الله وحرماته ولذالك قال ولذته تكون في مخافة الرب والله اعلم .
أما قوله (فلا يقضي بحسب نظر عينيه ولا يحكم بحسب نظر أذنيه بل يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لباسى الأرض ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه ويكون البر منطقه متنه والأمانة منطقه حقويه)
وهذه أيضا من صفات القحطاني فهو يعمل بالعدل ويقضي بالعدل للمساكين فهو يحب المساكين وهو رجل عامة , وكذالك يتصف بالأمانة والبر ويكون شديد ا على المنافقين والكفار والله اعلم .
أما قوله( ويضرب الأرض بقضيب فمه ) , هذه الفقرة جاء تفسيرها في إنجيل يوحنا قال ( ويخرج من فمه سيف مسنون ليضرب به الأمم ) فقد حباه الله لسانا فصيحا قويا ناطقا بالحق داعيا إليه فهو قوال بالحق لا يخاف في الله لومة لائم .
وأما قوله (فيميت المنافق بنفخة شفتيه ) , هذه الفقرة جاءت مفسرة في موضع آخر من نفس السفر سفر اشعياء فال (على امة منافقة أرسله ) فقد سلطه الله على المنافقين فهو شديد على المنافقين والله اعلم .
وقوله (ويكون البر منطقه متنه والأمانة منطقه حقويه) , هذا دليل على انه يكون صالحا برا , وقوله الأمانة منطقة حقويه , الحقو معقد الإزار والحقو أيضا الخصر وشد الإزار والمعنى أي انه يكون عفيفا شريفا فهو أمين مؤتمن والله اعلم .
مما سبق نستنتج الصفات الآتية للقحطاني من ضوء النص السابق وشواهده :
1 - انه يخرج من منطقة يسى او أن له نسب إلى سليمان بن داوود عليهما السلام وهذا بلا شك من ناحية أمه أما من ناحية الأب فهو قحطاني .
2 - يسوق الناس جميعهم وتخضع له الأمم .
3 - انه رجل مكلم وملهم .
4 - يكون شديدا على الكفار والمنافقين .
5 - فصيح اللسان ناطق بالحق لا يخاف في الله لومة لائم .
6 - يؤتى روح الحكمة والفهم والمشورة والقوة وروح المعرفة .
7 - يتصف بخوفه الشديد من الله ورهبته له (يميل إلى جانب الرقائق وأحاديث الترغيب والترهيب ) .
8 - يعمل بالعدل والسنة ويحب المساكين (رجل عامة ) .
9 - يكون برا صالحا عفيفا شريفا .
***
النص الثاني :
اشعياء إصحاح 8 – 9 ( لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام لنمو رياسة وللسلام لا نهاية على كرسي داوود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد غيرة رب الجنود تصنع هذا ) ( فيثبت الكرسي بالرحمة ويجلس عليه بالأمانة في خيمة داوود قاض ويطلب الحق ويبادر بالعدل ) .
قال صاحب الفتح الرباني هذه الفقرة جاء تفسيرها وأشارت السنة إلى بعض ما فيها قال في إنجيل يوحنا إصحاح 14 /1 2 ( وظهرت امرأة تلبس الشمس والقمر تحت قدميها على رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا حبلى تصرخ من وجع الولادة , وظهرت في السماء آية أخرى تنين عظيم احمر كالنار …. ووقف أمام المرأة وهي تتوجع ليبتلع طفلها حين تلده فولدت ذكرا عتيدا وهو الذي سيحكم الأمم بعصى من حديد ) فهذه المرأة رمز بها إلى امة الإسلام امة محمد صلى الله عليه وسلم مما يدل على ذالك التشبيه بلبسها للشمس والقمر تحت قدميها دليل على عظمتها وعراقتها وسعة امتدادها وضربها في جذور الزمان مما يؤكد ذالك ويزيده وضوحا قوله (على رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا ) وهو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جابر بن سمرة (سمعت النبي يقول يكون اثني عشر أميرا فقال كلمة لم اسمعها فقال أبي انه قال كلهم من قريش ) , وفي رواية أبي داوود من حديث جابر (لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة فكبر الناس وضجوا ) واصله عند مسلم دون قوله ( فكبر الناس وضجوا ) (الفتح ص 265) .
فهذه المرأة امة الإسلام لاستحالة أن تكون هناك امرأة من البشر تلبس الشمس والقمر تحت قدميها وإنما هو أسلوب الرمز المعروف في التوراة والإنجيل وقوله (على رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا ) وهذه إشارة يرمز بها إلى خلفاء هذه الأمة وهم الاثني عشر الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم والذين يبقى الدين عزيزا بهم .
وأما التنين الذي يقف أمام امة الإسلام فقد جاء منصوصا عليه في الفقرة التي بعد هذه بأنه الحية القديمة المسمى إبليس فإبليس عليه من الله اللعنة يريد أن يبتلع ابن هذه الأمة وابن هذه الأمة هو المشار إليه هنا في هذه الفقرة بأنه الذي سيحكم الأرض كلها بعصا من حديد أي انه القحطاني .
فخلاصة الفقرة أن هذه المرأة المرموز بها هنا لأمة الإسلام تريد أن تلد وابنها هو القحطاني ولكن الشيطان أراد أن يبتلع طفلها هذا قبل أن يكبر ويسوق أو يرعى الأمم كلها بعصاه ولكن الله يتدخل بنفسه لإنقاذ ذالك الطفل وتلك المرأة كما هو موجود في باقي الفقرة فلا حاجة للزيادة بل يكفي الشاهد فقط والله اعلم .
نعود لشرح الفقرة (لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا) .
يقول صاحب الفتح الرباني : قد بينت بما يزيل اللبس من هذا الابن الذي يولد لنا أي امة الإسلام فيجدد الله به الأمر فهو الابن الذكر العتيد الذي تنتظره امة الإسلام من زمن بعيد ألا وهو القحطاني .
ومعنى قوله (وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا).
هو ما جاء من تفسير لتلك الفقرة في موضع آخر من الإنجيل حيث قال إنجيل يوحنا ( وعليه اسم مكتوب لا يعرفه احد سواه .. واسمه كلمة الله ) .
فهذا الاسم العجيب المكتوب عليه وبالتحديد على كتفه ولا يعلمه احدد سواه هو كلمة الله كما هو مفسر في نفس الفقرة .
هو اسم الله الأعظم فهو اسم يختص الله به من يشاء من خلقه فلا يسال الله شيئا إلا أجابه كما جاء في الحديث الصحيح ( أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك ) رواه الحاكم واحمد وابن حبان وصححه الألباني واحمد شاكر .انتهى
إذن أيها الإخوة القحطاني يعلمه الله الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى فيكون مستجاب الدعوة بذالك .
إذن فالقحطاني بالإضافة إلى انه مكلم فهو مستجاب الدعوة ويعلمه الله الاسم الأعظم , والله اعلم.
إذن نستفيد من هذه الفقرة من صفات القحطاني وهي :
1 - أن الله يعلمه الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى فيكون بذالك مستجاب الدعوة .
الحمد لله ب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد:
***
أوصاف القحطاني في التوراة .
وقبل أن اذكر أوصاف القحطاني في التوراة والإنجيل لا بد أن أنبه إلى أن أخبار أهل الكتاب تنقسم إلى ثلاثة أقسام وهي كالآتي :
أولا : الصحيح وهو ما وافق الكتاب والسنة فيكون صحيحا ونجزم بصحته لذالك .
ثانيا : المنسوخ أو المحرف وهو ما خالف الكتاب والسنة فيكون بذلك منسوخا أو محرفا .
ثالثا : ما لم يخالف الكتاب والسنة ولا يوجد نص يعارضه وهذا لا نصدقهم فيه ولا نكذبهم وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في التحديث عن بني إسرائيل فقال (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) وقال ( لا تصدقوهم ولا تكذبوهم) .
وبالتالي فان ما سنذكره من أوصاف القحطاني عن أهل الكتاب هي مما يستأنس به وبعضه يجزم بصحته وهو ما وافق السنة والبعض الآخر لا نصدقهم فيه ولا نكذبهم والله اعلم والآن إلى ما ورد عن القحطاني في التوراة والإنجيل :
ما ورد في التوراة :
النص الأول:
سفر اشعياء إصحاح 10 / 11 (يخرج قضيب من جذع يسي وينبت غصن من أصوله ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب ولذته تكون في مخافة الرب فلا يقضي بحسب نظر عينيه ولا يحكم بحسب نظر أذنيه بل يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لباسى الأرض ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه ويكون البر منطقة متنه والأمانة منطقة حقويه ) (ويكون في ذالك اليوم أن أصل يسي القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم ويكون محله مجد ا ) .
قال صاحب الفتح الرباني (بتصرف ) قضيب هي التسمية الرمزية للقحطاني في التوراة فقد سمي هنا بالقضيب وفي مكان آخر من نفس السفر سفر اشعياء , إشارة إلى التسمية والدليل على كونه القحطاني ( ويل لآشور قضيب غضبي والعصا في يده سخطي ) , فقضيب غضب الله هو القحطاني وقد وصف هنا بنفس وصفه في السنة المطهرة (يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه ) متفق عليه .
ومن المعلوم أن من تفقد أبواب الفتن والملاحم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرمز إلى شخصية معها العصا غير شخصية القحطاني , وما جاء في السنة والتوراة جاء موافقا لهما مافي الإنجيل قال ( فسأعطيه سلطانا على الأمم فيرعاهم بعصا من حديد ) فقد تبين التوافق بين اللفظ النبوي ولفظي التوراة والإنجيل .
مما يزيد ذالك قوة ووضوحا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (يسوق الناس ) فكلمة الناس تعم جميع البشر والأمم والشعوب وهو ما يوافق ما جاء في الإنجيل ( فسأعطيه سلطانا على الأمم) .
وفي موضع آخر (وهو الذي سيحكم الأمم كلها بعصا من حديد)
وفي التوراة ( فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة ) , فتبين من ذالك مدى التوافق بين السنة النبوية وهذه النصوص من التوراة والإنجيل فلا داعي إذن لإنكار هذه النصوص الصريحة الواضحة .
أما قوله في الأثر الأول (من جذع يسي )
فكلمة يسي تحتمل احد وجهين :
الوجه الأول :
أن تكون اسم منطقة كانت تعرف قديما فيكون ابتداء خروج القحطاني منها .
الوجه الثاني :
أن يسي هو جد سليمان عليه السلام فهو سليمان بن داوود بن يسي (ويسى ) ( هو الملك داوود عليه السلام واحد أجداد عيسى عليه السلام ) متى 1 / 605 , فيكون على هذا الوجه أن القحطاني له نسب لذالك النبي الكريم , والله اعلم .
وقوله (ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب ولذته تكون في مخافة الرب)
قلت هذه من الأمور التي يتصف بها القحطاني وهي من فضل الله ونعمته عليه فكما ذكرت في الفصل الأول أن من أراد الله أن يجعله ملكا فلا بد أن يهيئ له الأسباب ويمتن عليه بالصفات التي تؤهله للملك , والمقصود بروح الرب هنا هو الإلهام والله اعلم ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم أناس محدثون فان يك في أمتي احد منهم فهو عمر بن الخطاب ) , فالمراد بروح الرب هو التحديث والإلهام كما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويدخل فيه أيضا صدق الرؤيا والله اعلم ففي صحيح مسلم ( إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا ) وعنده كذالك (رؤيا المؤمن جزء من ست وأربعين جزءا من النبوة ) , وقد نص على ذالك سفر اشيعياء إصحاح 10/11 قال ( فيرشده بالحق يعلمه إلهه ) وقال في موضع آخر ( هذا أيضا خرج من قبل رب الجنود عجيب الرأي عظيم الفهم (, فالقحطاني شخص ملهم من قبل الله يعرف نفسه .
وهو الذي سيعرف المهدي ويقيمه للبيعة وهذا سنأتي إليه إن شاء الله فلا يمكن مبايعة المهدي من غير القحطاني والله اعلم .
إذن فالقحطاني رجل ملهم ومكلم صادق الرؤيا والحديث , وكذالك من صفاته انه يؤتى روح الحكمة والفهم والمشورة والقوة وروح المعرفة ومخافة الرب ولذته تكون في مخافة الرب , فهو يتميز بخوفه الشديد من الله ومراعاته لحدود الله وحرماته ولذالك قال ولذته تكون في مخافة الرب والله اعلم .
أما قوله (فلا يقضي بحسب نظر عينيه ولا يحكم بحسب نظر أذنيه بل يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لباسى الأرض ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه ويكون البر منطقه متنه والأمانة منطقه حقويه)
وهذه أيضا من صفات القحطاني فهو يعمل بالعدل ويقضي بالعدل للمساكين فهو يحب المساكين وهو رجل عامة , وكذالك يتصف بالأمانة والبر ويكون شديد ا على المنافقين والكفار والله اعلم .
أما قوله( ويضرب الأرض بقضيب فمه ) , هذه الفقرة جاء تفسيرها في إنجيل يوحنا قال ( ويخرج من فمه سيف مسنون ليضرب به الأمم ) فقد حباه الله لسانا فصيحا قويا ناطقا بالحق داعيا إليه فهو قوال بالحق لا يخاف في الله لومة لائم .
وأما قوله (فيميت المنافق بنفخة شفتيه ) , هذه الفقرة جاءت مفسرة في موضع آخر من نفس السفر سفر اشعياء فال (على امة منافقة أرسله ) فقد سلطه الله على المنافقين فهو شديد على المنافقين والله اعلم .
وقوله (ويكون البر منطقه متنه والأمانة منطقه حقويه) , هذا دليل على انه يكون صالحا برا , وقوله الأمانة منطقة حقويه , الحقو معقد الإزار والحقو أيضا الخصر وشد الإزار والمعنى أي انه يكون عفيفا شريفا فهو أمين مؤتمن والله اعلم .
مما سبق نستنتج الصفات الآتية للقحطاني من ضوء النص السابق وشواهده :
1 - انه يخرج من منطقة يسى او أن له نسب إلى سليمان بن داوود عليهما السلام وهذا بلا شك من ناحية أمه أما من ناحية الأب فهو قحطاني .
2 - يسوق الناس جميعهم وتخضع له الأمم .
3 - انه رجل مكلم وملهم .
4 - يكون شديدا على الكفار والمنافقين .
5 - فصيح اللسان ناطق بالحق لا يخاف في الله لومة لائم .
6 - يؤتى روح الحكمة والفهم والمشورة والقوة وروح المعرفة .
7 - يتصف بخوفه الشديد من الله ورهبته له (يميل إلى جانب الرقائق وأحاديث الترغيب والترهيب ) .
8 - يعمل بالعدل والسنة ويحب المساكين (رجل عامة ) .
9 - يكون برا صالحا عفيفا شريفا .
***
النص الثاني :
اشعياء إصحاح 8 – 9 ( لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام لنمو رياسة وللسلام لا نهاية على كرسي داوود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد غيرة رب الجنود تصنع هذا ) ( فيثبت الكرسي بالرحمة ويجلس عليه بالأمانة في خيمة داوود قاض ويطلب الحق ويبادر بالعدل ) .
قال صاحب الفتح الرباني هذه الفقرة جاء تفسيرها وأشارت السنة إلى بعض ما فيها قال في إنجيل يوحنا إصحاح 14 /1 2 ( وظهرت امرأة تلبس الشمس والقمر تحت قدميها على رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا حبلى تصرخ من وجع الولادة , وظهرت في السماء آية أخرى تنين عظيم احمر كالنار …. ووقف أمام المرأة وهي تتوجع ليبتلع طفلها حين تلده فولدت ذكرا عتيدا وهو الذي سيحكم الأمم بعصى من حديد ) فهذه المرأة رمز بها إلى امة الإسلام امة محمد صلى الله عليه وسلم مما يدل على ذالك التشبيه بلبسها للشمس والقمر تحت قدميها دليل على عظمتها وعراقتها وسعة امتدادها وضربها في جذور الزمان مما يؤكد ذالك ويزيده وضوحا قوله (على رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا ) وهو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جابر بن سمرة (سمعت النبي يقول يكون اثني عشر أميرا فقال كلمة لم اسمعها فقال أبي انه قال كلهم من قريش ) , وفي رواية أبي داوود من حديث جابر (لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة فكبر الناس وضجوا ) واصله عند مسلم دون قوله ( فكبر الناس وضجوا ) (الفتح ص 265) .
فهذه المرأة امة الإسلام لاستحالة أن تكون هناك امرأة من البشر تلبس الشمس والقمر تحت قدميها وإنما هو أسلوب الرمز المعروف في التوراة والإنجيل وقوله (على رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا ) وهذه إشارة يرمز بها إلى خلفاء هذه الأمة وهم الاثني عشر الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم والذين يبقى الدين عزيزا بهم .
وأما التنين الذي يقف أمام امة الإسلام فقد جاء منصوصا عليه في الفقرة التي بعد هذه بأنه الحية القديمة المسمى إبليس فإبليس عليه من الله اللعنة يريد أن يبتلع ابن هذه الأمة وابن هذه الأمة هو المشار إليه هنا في هذه الفقرة بأنه الذي سيحكم الأرض كلها بعصا من حديد أي انه القحطاني .
فخلاصة الفقرة أن هذه المرأة المرموز بها هنا لأمة الإسلام تريد أن تلد وابنها هو القحطاني ولكن الشيطان أراد أن يبتلع طفلها هذا قبل أن يكبر ويسوق أو يرعى الأمم كلها بعصاه ولكن الله يتدخل بنفسه لإنقاذ ذالك الطفل وتلك المرأة كما هو موجود في باقي الفقرة فلا حاجة للزيادة بل يكفي الشاهد فقط والله اعلم .
نعود لشرح الفقرة (لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا) .
يقول صاحب الفتح الرباني : قد بينت بما يزيل اللبس من هذا الابن الذي يولد لنا أي امة الإسلام فيجدد الله به الأمر فهو الابن الذكر العتيد الذي تنتظره امة الإسلام من زمن بعيد ألا وهو القحطاني .
ومعنى قوله (وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا).
هو ما جاء من تفسير لتلك الفقرة في موضع آخر من الإنجيل حيث قال إنجيل يوحنا ( وعليه اسم مكتوب لا يعرفه احد سواه .. واسمه كلمة الله ) .
فهذا الاسم العجيب المكتوب عليه وبالتحديد على كتفه ولا يعلمه احدد سواه هو كلمة الله كما هو مفسر في نفس الفقرة .
هو اسم الله الأعظم فهو اسم يختص الله به من يشاء من خلقه فلا يسال الله شيئا إلا أجابه كما جاء في الحديث الصحيح ( أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك ) رواه الحاكم واحمد وابن حبان وصححه الألباني واحمد شاكر .انتهى
إذن أيها الإخوة القحطاني يعلمه الله الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى فيكون مستجاب الدعوة بذالك .
إذن فالقحطاني بالإضافة إلى انه مكلم فهو مستجاب الدعوة ويعلمه الله الاسم الأعظم , والله اعلم.
إذن نستفيد من هذه الفقرة من صفات القحطاني وهي :
1 - أن الله يعلمه الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى فيكون بذالك مستجاب الدعوة .
تعليق