بماذا تتحقق السعادة؟ هل تتحقق السعادة للأمة، بالثروة والمال، أم بالأمن والرفاه، أم بالعدالة والتطور والكمال؟
من الواضح إن السعادة لا تتحقق لأي فرد أو أمّة بالمال والثروة ولا بالصحة والعافية فقط، ولا حتى بالأمن والرخاء وحسب، نعم لا تتحقق السعادة عبر كل تلك المفردات وإن كانت من الجوانب والوجوه المعبرة عنها، فهذه الجوانب الجزئية تعتبر نتائج مرتبطة كلياً بتحقيق هدف أساسي يسبق كل هذه الوجوه بل لا يمكن تحقيقها بشكل عام وشامل لجميع طبقات المجتمع من دون قيام هذا الركن الأساسي الذي يحقق السعادة الحقيقية الكاملة، ألا وهو العدالة الشاملة.
فالسعادة حقيقة لا يمكن الوصول إليها إلاّ بالعدالة الشاملة الكاملة مع التطلع نحو التقدم والكمال وذلك لأن تحقيق العدالة الشاملة يوجب الأمن والاستقرار في المجتمع، وبها توزع الثروات والمقدرات بشكل متساوٍ بين الناس مما يؤدي إلى الوفرة المالية والأمن الاقتصادي والاجتماعي والغني المطلوب لجميع الطبقات، وبذلك يتحقق جانب أساسي من وجوه السعادة وبواسطتها يتحقق الرفاه والرخاء في المجتمع.
ولكن السؤال المهم هو: ما هي العدالة؟ هل العدالة أجراء الحدود بصرامتها على المتجاوزين على الفقراء والمسكين، أم العدالة إجراء الحدود على الجميع من دون تمييز وتطبيق الأحكام والشرع على أفراد المجتمع على حد سواء، وإعطاء الحقوق للناس وفرض الواجبات من دون تمييز بين الضعيف والقوي والغني والفقير ودون تمييز طبقي أو عرقي؟...
في الحقيقة إن العدالة حقيقة تتكامل بجميع أبعادها حينما تتحقق في المجتمع على أرض الواقع بما تحمل في طياتها من معان.
وهنا نتساءل: هل تحققت هذه العدالة المتكاملة الشاملة في المجتمعات البشرية في العصر الراهن؟ وهل استطاع أحد أو فئة أو دولة أن تطبقها في أمة من الأمم؟ أن الجواب يأتيك بسرعة بالنفي قطعاً. إذن متى تتحققت هذه العدالة؟ فهل هي أمنية يتغني بها المستضعفون في الأرض دون إمكانية الحصول عليها، أم أنها ستتحقق فعلاً في المجتمعات البشرية، ولكن متى؟.
إن العدالة الشاملة لا يمكن لأحد أن يقوم بتطبيقها من دون الهداية الإلهية المباشرة، لأن تطبيقها تستلزم التجرد من الهوى والشهوات النفسية والترفع عن الروابط العائلية والعشائرية والقومية فلا تأخذه هوي المحبة على أن يحكم لصالح قرابته أو عشيرته أو جماعته إنما الحق والعدل يكونان أساس حكومته وهذا لا يكون إلا باصطفاء إلهي لشخصية ربانية حتى تتحقق العدالة الشاملة على يده، وقد وَعَدَ الله تعالى البشرية بتحقق هذه العدالة عبر أعظم شخصية ربانية مصطفاة ألا وهو الإمام المهدي عجل الله فرجه حيث إن هذه العدالة ستتحقق بكامل أبعادها المختلفة في عهد حكومته المثالية التي بشر بها الله سبحانه الأنبياء والمرسلين في العصور الغابرة.
وستحقق هذه العدالة الرفاهية والخير للجميع وتريح بالهم وتوفر لهم الأمن الروحي قبل الأمن الاجتماعي، وهذه العدالة الشاملة أصلها ثابت في الشريعة الإسلامية وفروعها تظلل على رؤوس البشرية كلها دون تمييز بين الأفراد أو المجتمعات ولا تقتصر في أجرائها على القضايا الجزئية أو على نطاق محدود بل ستكون في جميع المجالات وعلى كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية...، ولجميع القوميات والطوائف وأتباع الأديان المختلفة، ولن تستثني فرداً أو جماعة وما شابه على أسس طبقية أو عرقية وغير ذلك من المسميات الجاهلية الظالمة التي تسود المجتمعات البشرية اليوم.
فالعدالة في زمن الإمام المهدي عليه السلام كالهواء الطلق الذي يدخل كل رئة وكالحر والبرد اللذان يدخلان كل دار، كذلك تدخل عدالة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في كل بيت فلا يستثني أحداً ولن يفلت منها أحد، هذا ما أوضحته الأحاديث الشريفة التي نسردها لاحقاً بإذن الله.
من هنا يتضح أن العدالة حقيقة متكاملة لا يمكن تجزئتها، كما لا يمكن اختصاصها أو حكرها على أمة أو طائفة دون أخري، إذ أن العدالة بالمفهوم الضيق الذي عرفه البعض لا يُوفر الأمن والرفاه والسعادة للمجتمعات البشرية وكبر دليل على ذلك ما نشاهده في عصرنا الحاضر من الظلم والفساد بل العدالة بكامل أبعادها هي التي تتضمن المعاني الإنسانية العليا التي توصل البشرية إلى شواطئ الأمن والاستقرار والرفاهية والتقدم والكمال... وتلك هي السعادة الحقيقية التامة. ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ في الوقت الذي لا تجد أذناً صاغية للحق ولا عقولاً متفهمة للعدل، فهل يخترع الإمام أسلوباً يغير المقاييس ويبدَّل النفوس ويصلح العقول لكي تتهيأ وتستجيب لهذه الدعوة الربانية وتستقبل هذه العدالة الشاملة؟ أجل إن الأسلوب الذي يستخدمه الإمام في أول عملية إصلاحية هي أن يضع يده على رؤوس الناس فتكتمل عقولهم. بمعني إن هذه العدالة الفريدة لا يمكن إجرائها إذا لم تتكامل العقول البشرية لتستوعب متطلبات وموجبات هذه العدالة وضرورتها، ولعل الأحاديث الشريفة التي تشير إلى هذا الأمر تعني أنه حينما يضع الإمام عليه السلام يده على عقول الناس فإنها تتكامل وتستجيب لنداء الحق والعدل وتتسارع في الخيرات وتجابه الشر والمنكرات فتحيي في رفاهية من العيش والأمن والسلام والسعادة، يقول الإمام عليه السلام في ذلك: - إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم-.
وهذه العبارة (بوضع اليد على الرؤوس) بيان عن السيطرة والسيادة والقدرة على الهداية والإرشاد بحيث تكون كلماته وتوجيهاته عليه السلام لها كبر الأثر في تغيير النفوس وترقية العقول نحو التقدم والكمال في جميع الميادين يضحي الإيمان والعدالة أمنية كل إنسان وهمة كل فرد.
وفيما يلي نستعرض جانباً من الروايات المُبشرِة بجنة العدالة الربانية التي ستعم الكرة الأرضية على يد الإمام المهدي بإذن الله تعالي.
1- فقد كد الرسول الكرم هذه الحقيقة حينما قال: - بنا فتح الأمر وبنا يختم، وبنا استنقذ الله الناس في أول الزمان، وبنا يكون العدل في آخر الزمان-.
2- كما وشدّد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام توكيد هذه الحقيقة مقسماً بلفظ الجلالة: - والله ليدخلن عدل المهدي جوف بيوت مقاتليه كما يدخل الحرّ والقرّ- وفي رواية أخرى -... أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحرّ والقرّ-.
3- وفي تكيد آخر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: - يخرج رجل من أمتي يواطئ اسمه اسمي وخلقه خلقي فيملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً-.
ولكي يكون ملكه وعدله شاملاً للبشرية جمعاء يرسل الله ملائكة مسومين في دعم الإمام القائم عجل الله فرجه لتثبيت أركان حكومته العالمية وبث العدل والرخاء في ربوع الكرة الأرضية.
4- عن الإمام الحسن عليه السلام: -... حتى يبعث الله رجلاً في آخر الزمان وكلب من الدهر وجهل من الناس، يؤيده الله بملائكته ويعصم أنصاره وينصره بآياته ويظهره على الأرض حتى يدينوا طوعاً وكرهاً، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها لا يبقي كافر إلاّ آمن به ولا طالح إلاّ صلح، وتصطلح في ملكه السباع وتخرج الأرض نبتها وتنزل السماء بركتها وتظهر له الكنوز...-.
5- وعن الإمام الباقر عليه السلام -... إذا قام قائمنا فانه يقسم بالسوية ويعدل في خلق الرحمن البرّ منهم والفاجر فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصي الله...-.
6- عن الإمام الصادق عليه السلام: - أما أن قائمنا لو قد قام لقد أخذ بني شيبة وقطع أيديهم وطاف بهم وقال: هؤلاء سراق الله...- وفي رواية أخري - القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه ومسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أساسه ويرد البيت إلى موضعه وأقامه على أساسه وقطع أيدي بني شيبة السراق وعلقها على الكعبة-.
6- وعنه أيضاً عليه السلام، وقد سئل يوماً عن المساجد المظللة، أتكره الصلاة فيها؟ فقال: - نعم ولكن لا تضركم الصلاة فيها ولو قد كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك، إذا نزل القائم الكوفة أمر بهدم المساجد الأربعة (الكوفة والسهلة وصعصعة وزيد) حتى يبلغ أساسها ويصيرها عريشاً كعريش موسى وتكون المساجد كلها جمّاء ولا شُرف لها كما كان على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويوسع الطريق الأعظم (أي الطرقات العامة) ويهدم كل مسجد على الطريق! ويكسر كل جناح (أي شرفة) ويسد كل كوّة (أي نافذة) إلى الطريق (لأنها تهتك ستر بيوت الجيران).. ويهدم كل جناح وكيفٍ وميزاب إلى الطريق..
8- وعن الرسول الكرم صلى الله عليه وآله وسلم: - يبلغ من ردّ المهدي المظالم حتى لو كانت تحت ضرس إنسان شيء أنتزعه حتى يردّه-.
بمثل هذه الإجراءات الصارمة تجري تطبيق العدالة التي لا تتساهل ولا تتغافل عن التجاوزات والمظالم مهما صغرت، وعلى كل فرد من كان ورائها من الجهات والشخصيات حيث ستأخذه يد العدالة أخذ عزيز مقتدر وتقطع تلك الأيادي السارقة دون مبالاة بمكانتها الاجتماعية والسياسية. فالعدالة فوق الجميع وستجري بشكل كامل ومتساوٍ على الجميع وفي كل مكان. فالإمام القائم عجل الله فرجه يمضي قدماً في إجراء العدالة وتحقيق الأمن والسلامة لكل أفراد المجتمع، حيث لا يعطي للميول والأهواء مجالاً في حكومته بحيث يعطف الهوى على موازين الحق والهدى ويضرب بيد من حديد على كل من يقف في طريقه يريد الدفاع عن أهوائه وآرائه، حتى لو أقام أمثال هؤلاء الحرب عليه عجل الله فرجه فهو لا يتراجع عن واجباته وأهدافه المقدسة، بل يقوم كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: - يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى، ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي... حتى تقوم الحرب بكم على ساق، بادياً نواجذها مملوءة أخلافها حلواً رضاعها علقماً عاقبتها، ألا وفي غد-وسيأتي غد بما لا تعرفون- يأخذ الوالي من غيرها عمّالها على مساوئ أعمالها وتخرج له الأرض أفاليذ كبدها وتلقي إليه سلماً مقاليدها فيريكم كيف عدل السيرة ويحيي ميّت الكتاب والسنّة-.
9- وسُئل الإمام الباقر عليه السلام: عن القائم عجل الله فرجه إذا قام بأي سيرة يسير في الناس؟ فقال: - بسيرة ما سار به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يظهر الإسلام. قال الراوي: وما كانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: أبطل ما كان في الجاهلية واستقبل الناس بالعدل، وكذلك القائم عليه السلام إذا قام يبطل ما كان في الهدنة مما كان في أيدي الناس ويستقبل بهم العدل-.
10- وعن أمير المؤمنين عليه السلام: -... يخرج في آخر الزمان يقيم اعوجاج الحق....
ولعل من مصاديق استقبال الناس للعدل سواء في الجاهلية الأولي، أو الجاهلية الحديثة (فترة الهدنة) كما يقول الحديث، محاربة الطبقية التي ابتليت بها المجتمعات قديماً وحديثاً، فالإقطاعيون المحتكرون وحواشيهم من المتنفذين الطبقيين لن يكون لهم دور أو نفوذ عند قيام الإمام المهدي عجل الله فرجه، بل سيقضي على الطبقيات القائمة على الظلم، مثلما فعل جده الرسول الكرم وجده أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهما حيث حرّما ومنعا تلك الممارسات الجاهلية الظالمة وهكذا سيفعل سليلهما العظيم الإمام القائم عجل الله فرجه.
11- عن الرسول الكرم صلى الله عليه وآله وسلم: - إذا قام قائمنا اضمحلت القطائع فلا قطائع-.
وهكذا تطال العدالة جميع أوجه الحياة ودقائقها، في محاربة الظلم وتجاوزات المتكبرين والمتنفذين، ومتبعي الأهواء والآراء الباطلة، وشيوع الباطل وعدم المساواة، والطبقيات... وما إلى ذلك من أحكام وتصرفات الجاهلية الظالمة. وتتسع يد العدالة لتشمل أيضاً القضاء والأحكام والعلوم وانتشارها الواسع في المجتمع، حتى أن الإمام القائم عجل الله فرجه يقضي دون الحاجة إلى بينة، أو يمين فالحقائق والخفايا ظاهرة عنده ولا يحتاج إلى شهود وأدلة خارجية، بل الأمور مكشوفة لديه من قبل الله تعالي، فيحكم بحكم داود، لما أعطي من الإذن الإلهي له لتحقيق العدالة الكاملة ليبين الله بذلك للناس أن العدالة الشاملة لا يستطيع أحد من البشر تحقيقها إلاّ بإذنه سبحانه عبر شخصية ربانية عظيمة كالإمام المهدي عليه السلام.
بل الإمام عجل الله فرجه يحكم بين أهل الأديان حكم الحق والعدل كل حسب دينه وكتابه، وهذا ربما ليبين لهم الحق فيما اختلفوا فيه بعد ما جاءتهم البينات من ربهم عبر رسلهم وكتبهم، أمّا المحصلة النهائية فإن الجميع يدينون بالإسلام والإقرار بنبوة الرسول الكرم صلى الله عليه وآله وسلم وإمامة الأئمة الأطهار عليهما السلام... وتتسع دائرة العدل والعلم إلى درجة أن المرأة لتقضي بكتاب الله وهي في بيتها.
12- عن الإمام الباقر عليه السلام: -... ويستخرج التوراة وسائر كتب الله عز وجل من غار بأنطكية ويحكم بين أهل التوراة بالتوراة وبين أهل الإنجيل بالإنجيل وبين أهل الزبور بالزبور وبين أهل القرآن بالقرآن-.
13- عن الإمام الصادق عليه السلام: - إذا قام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم حكم بين الناس بحكم داود عليه السلام لا يحتاج إلى بيّنة-.
14- عن الإمام الباقر عليه السلام: -... يعمل بكتاب الله، لا يري فيكم منكراً إلاّ أنكره-.
15- وعنه أيضاً عليه السلام: -... فيوحي الله إليه فيعمل بأمر الله-.
16- وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: - دَمَان في الإسلام حلال من الله لا يقضي فيهما أحد حتى يبعث الله قائمنا أهل البيت فإذا بعث الله عز وجل قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم الله لا يريد عليهما بينّة؛ الزاني المحصن يرجمه ومانع الزكاة يضرب عنقه-.
17- وقال عليه السلام: - إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بحكم داود لا يحتاج إلى بينّة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه ويخبر كل قوم بما استبطنوه ويعرف وليّه من عدوه بالتوسم، قال الله سبحانه: (إِنَّ فِي ذَلِك لآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ - وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) (الحجر:75-76)..
وعن دقة قضائه وغاية عدله جاء في الحديث إن الإمام القائم عجل الله فرجه ينادي مناديه: - أن يسلم صاحب النافلة لصاحب الفريضة الحجر الأسود والطواف-.
وذلك هو الغاية في احترام وتطبيق أوامر وأحكام الشرع، والاهتمام بشؤون وحقوق الناس، حيث يقدم من يؤدي حجة الإسلام الواجبة على من يحج استحباباً وتقرباً إلى الله تعالى.
18- وعن الإمام الباقر عليه السلام: -... وتؤتون الحكمة في زمانه حتى أن المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -.
19- وعنه أيضاً عليه السلام: - إذا قام القائم بعث في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلاً يقول: عهدك في كفك فإذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فانظر إلى كفك واعمل بما فيها..-.
20- عن الإمام الحسين عليه السلام: - يُظهر الله قائمنا فينتقم من الظالمين...-.
21- عن الإمام الباقر عليه السلام: - يهدم ما كان قبله كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويستأنف الإسلام جديداً-.
هذا جانب من قضائه وأحكامه وشدته على الأعداء والظالمين، أمّا نتائج سيرته وعدله، عجل الله فرجه، فهي الرفاهية والأمن والسعادة التي قل نظيرها في الدنيا، والبركات العظيمة التي تنزلها السماء وتظهرها الأرض للعباد في أيام حكومته المباركة، وكما أشارت الأحاديث الشريفة عن ذلك حيث (تزيد المياه في دولته وتمد الأنهار وتضاعف الأرض كلها لا تدخر شيئاً، وتذهب الشحناء من القلوب ويذهب الشر، ويبقي الخير)، فهل هناك نعيم وراحة كبر من هذا؟ وهل هناك جنة أبهي من جنة المحبة
والوفاق؟
يتبع
من الواضح إن السعادة لا تتحقق لأي فرد أو أمّة بالمال والثروة ولا بالصحة والعافية فقط، ولا حتى بالأمن والرخاء وحسب، نعم لا تتحقق السعادة عبر كل تلك المفردات وإن كانت من الجوانب والوجوه المعبرة عنها، فهذه الجوانب الجزئية تعتبر نتائج مرتبطة كلياً بتحقيق هدف أساسي يسبق كل هذه الوجوه بل لا يمكن تحقيقها بشكل عام وشامل لجميع طبقات المجتمع من دون قيام هذا الركن الأساسي الذي يحقق السعادة الحقيقية الكاملة، ألا وهو العدالة الشاملة.
فالسعادة حقيقة لا يمكن الوصول إليها إلاّ بالعدالة الشاملة الكاملة مع التطلع نحو التقدم والكمال وذلك لأن تحقيق العدالة الشاملة يوجب الأمن والاستقرار في المجتمع، وبها توزع الثروات والمقدرات بشكل متساوٍ بين الناس مما يؤدي إلى الوفرة المالية والأمن الاقتصادي والاجتماعي والغني المطلوب لجميع الطبقات، وبذلك يتحقق جانب أساسي من وجوه السعادة وبواسطتها يتحقق الرفاه والرخاء في المجتمع.
ولكن السؤال المهم هو: ما هي العدالة؟ هل العدالة أجراء الحدود بصرامتها على المتجاوزين على الفقراء والمسكين، أم العدالة إجراء الحدود على الجميع من دون تمييز وتطبيق الأحكام والشرع على أفراد المجتمع على حد سواء، وإعطاء الحقوق للناس وفرض الواجبات من دون تمييز بين الضعيف والقوي والغني والفقير ودون تمييز طبقي أو عرقي؟...
في الحقيقة إن العدالة حقيقة تتكامل بجميع أبعادها حينما تتحقق في المجتمع على أرض الواقع بما تحمل في طياتها من معان.
وهنا نتساءل: هل تحققت هذه العدالة المتكاملة الشاملة في المجتمعات البشرية في العصر الراهن؟ وهل استطاع أحد أو فئة أو دولة أن تطبقها في أمة من الأمم؟ أن الجواب يأتيك بسرعة بالنفي قطعاً. إذن متى تتحققت هذه العدالة؟ فهل هي أمنية يتغني بها المستضعفون في الأرض دون إمكانية الحصول عليها، أم أنها ستتحقق فعلاً في المجتمعات البشرية، ولكن متى؟.
إن العدالة الشاملة لا يمكن لأحد أن يقوم بتطبيقها من دون الهداية الإلهية المباشرة، لأن تطبيقها تستلزم التجرد من الهوى والشهوات النفسية والترفع عن الروابط العائلية والعشائرية والقومية فلا تأخذه هوي المحبة على أن يحكم لصالح قرابته أو عشيرته أو جماعته إنما الحق والعدل يكونان أساس حكومته وهذا لا يكون إلا باصطفاء إلهي لشخصية ربانية حتى تتحقق العدالة الشاملة على يده، وقد وَعَدَ الله تعالى البشرية بتحقق هذه العدالة عبر أعظم شخصية ربانية مصطفاة ألا وهو الإمام المهدي عجل الله فرجه حيث إن هذه العدالة ستتحقق بكامل أبعادها المختلفة في عهد حكومته المثالية التي بشر بها الله سبحانه الأنبياء والمرسلين في العصور الغابرة.
وستحقق هذه العدالة الرفاهية والخير للجميع وتريح بالهم وتوفر لهم الأمن الروحي قبل الأمن الاجتماعي، وهذه العدالة الشاملة أصلها ثابت في الشريعة الإسلامية وفروعها تظلل على رؤوس البشرية كلها دون تمييز بين الأفراد أو المجتمعات ولا تقتصر في أجرائها على القضايا الجزئية أو على نطاق محدود بل ستكون في جميع المجالات وعلى كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية...، ولجميع القوميات والطوائف وأتباع الأديان المختلفة، ولن تستثني فرداً أو جماعة وما شابه على أسس طبقية أو عرقية وغير ذلك من المسميات الجاهلية الظالمة التي تسود المجتمعات البشرية اليوم.
فالعدالة في زمن الإمام المهدي عليه السلام كالهواء الطلق الذي يدخل كل رئة وكالحر والبرد اللذان يدخلان كل دار، كذلك تدخل عدالة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في كل بيت فلا يستثني أحداً ولن يفلت منها أحد، هذا ما أوضحته الأحاديث الشريفة التي نسردها لاحقاً بإذن الله.
من هنا يتضح أن العدالة حقيقة متكاملة لا يمكن تجزئتها، كما لا يمكن اختصاصها أو حكرها على أمة أو طائفة دون أخري، إذ أن العدالة بالمفهوم الضيق الذي عرفه البعض لا يُوفر الأمن والرفاه والسعادة للمجتمعات البشرية وكبر دليل على ذلك ما نشاهده في عصرنا الحاضر من الظلم والفساد بل العدالة بكامل أبعادها هي التي تتضمن المعاني الإنسانية العليا التي توصل البشرية إلى شواطئ الأمن والاستقرار والرفاهية والتقدم والكمال... وتلك هي السعادة الحقيقية التامة. ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ في الوقت الذي لا تجد أذناً صاغية للحق ولا عقولاً متفهمة للعدل، فهل يخترع الإمام أسلوباً يغير المقاييس ويبدَّل النفوس ويصلح العقول لكي تتهيأ وتستجيب لهذه الدعوة الربانية وتستقبل هذه العدالة الشاملة؟ أجل إن الأسلوب الذي يستخدمه الإمام في أول عملية إصلاحية هي أن يضع يده على رؤوس الناس فتكتمل عقولهم. بمعني إن هذه العدالة الفريدة لا يمكن إجرائها إذا لم تتكامل العقول البشرية لتستوعب متطلبات وموجبات هذه العدالة وضرورتها، ولعل الأحاديث الشريفة التي تشير إلى هذا الأمر تعني أنه حينما يضع الإمام عليه السلام يده على عقول الناس فإنها تتكامل وتستجيب لنداء الحق والعدل وتتسارع في الخيرات وتجابه الشر والمنكرات فتحيي في رفاهية من العيش والأمن والسلام والسعادة، يقول الإمام عليه السلام في ذلك: - إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم-.
وهذه العبارة (بوضع اليد على الرؤوس) بيان عن السيطرة والسيادة والقدرة على الهداية والإرشاد بحيث تكون كلماته وتوجيهاته عليه السلام لها كبر الأثر في تغيير النفوس وترقية العقول نحو التقدم والكمال في جميع الميادين يضحي الإيمان والعدالة أمنية كل إنسان وهمة كل فرد.
وفيما يلي نستعرض جانباً من الروايات المُبشرِة بجنة العدالة الربانية التي ستعم الكرة الأرضية على يد الإمام المهدي بإذن الله تعالي.
1- فقد كد الرسول الكرم هذه الحقيقة حينما قال: - بنا فتح الأمر وبنا يختم، وبنا استنقذ الله الناس في أول الزمان، وبنا يكون العدل في آخر الزمان-.
2- كما وشدّد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام توكيد هذه الحقيقة مقسماً بلفظ الجلالة: - والله ليدخلن عدل المهدي جوف بيوت مقاتليه كما يدخل الحرّ والقرّ- وفي رواية أخرى -... أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحرّ والقرّ-.
3- وفي تكيد آخر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: - يخرج رجل من أمتي يواطئ اسمه اسمي وخلقه خلقي فيملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً-.
ولكي يكون ملكه وعدله شاملاً للبشرية جمعاء يرسل الله ملائكة مسومين في دعم الإمام القائم عجل الله فرجه لتثبيت أركان حكومته العالمية وبث العدل والرخاء في ربوع الكرة الأرضية.
4- عن الإمام الحسن عليه السلام: -... حتى يبعث الله رجلاً في آخر الزمان وكلب من الدهر وجهل من الناس، يؤيده الله بملائكته ويعصم أنصاره وينصره بآياته ويظهره على الأرض حتى يدينوا طوعاً وكرهاً، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها لا يبقي كافر إلاّ آمن به ولا طالح إلاّ صلح، وتصطلح في ملكه السباع وتخرج الأرض نبتها وتنزل السماء بركتها وتظهر له الكنوز...-.
5- وعن الإمام الباقر عليه السلام -... إذا قام قائمنا فانه يقسم بالسوية ويعدل في خلق الرحمن البرّ منهم والفاجر فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصي الله...-.
6- عن الإمام الصادق عليه السلام: - أما أن قائمنا لو قد قام لقد أخذ بني شيبة وقطع أيديهم وطاف بهم وقال: هؤلاء سراق الله...- وفي رواية أخري - القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه ومسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أساسه ويرد البيت إلى موضعه وأقامه على أساسه وقطع أيدي بني شيبة السراق وعلقها على الكعبة-.
6- وعنه أيضاً عليه السلام، وقد سئل يوماً عن المساجد المظللة، أتكره الصلاة فيها؟ فقال: - نعم ولكن لا تضركم الصلاة فيها ولو قد كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك، إذا نزل القائم الكوفة أمر بهدم المساجد الأربعة (الكوفة والسهلة وصعصعة وزيد) حتى يبلغ أساسها ويصيرها عريشاً كعريش موسى وتكون المساجد كلها جمّاء ولا شُرف لها كما كان على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويوسع الطريق الأعظم (أي الطرقات العامة) ويهدم كل مسجد على الطريق! ويكسر كل جناح (أي شرفة) ويسد كل كوّة (أي نافذة) إلى الطريق (لأنها تهتك ستر بيوت الجيران).. ويهدم كل جناح وكيفٍ وميزاب إلى الطريق..
8- وعن الرسول الكرم صلى الله عليه وآله وسلم: - يبلغ من ردّ المهدي المظالم حتى لو كانت تحت ضرس إنسان شيء أنتزعه حتى يردّه-.
بمثل هذه الإجراءات الصارمة تجري تطبيق العدالة التي لا تتساهل ولا تتغافل عن التجاوزات والمظالم مهما صغرت، وعلى كل فرد من كان ورائها من الجهات والشخصيات حيث ستأخذه يد العدالة أخذ عزيز مقتدر وتقطع تلك الأيادي السارقة دون مبالاة بمكانتها الاجتماعية والسياسية. فالعدالة فوق الجميع وستجري بشكل كامل ومتساوٍ على الجميع وفي كل مكان. فالإمام القائم عجل الله فرجه يمضي قدماً في إجراء العدالة وتحقيق الأمن والسلامة لكل أفراد المجتمع، حيث لا يعطي للميول والأهواء مجالاً في حكومته بحيث يعطف الهوى على موازين الحق والهدى ويضرب بيد من حديد على كل من يقف في طريقه يريد الدفاع عن أهوائه وآرائه، حتى لو أقام أمثال هؤلاء الحرب عليه عجل الله فرجه فهو لا يتراجع عن واجباته وأهدافه المقدسة، بل يقوم كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: - يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى، ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي... حتى تقوم الحرب بكم على ساق، بادياً نواجذها مملوءة أخلافها حلواً رضاعها علقماً عاقبتها، ألا وفي غد-وسيأتي غد بما لا تعرفون- يأخذ الوالي من غيرها عمّالها على مساوئ أعمالها وتخرج له الأرض أفاليذ كبدها وتلقي إليه سلماً مقاليدها فيريكم كيف عدل السيرة ويحيي ميّت الكتاب والسنّة-.
9- وسُئل الإمام الباقر عليه السلام: عن القائم عجل الله فرجه إذا قام بأي سيرة يسير في الناس؟ فقال: - بسيرة ما سار به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يظهر الإسلام. قال الراوي: وما كانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: أبطل ما كان في الجاهلية واستقبل الناس بالعدل، وكذلك القائم عليه السلام إذا قام يبطل ما كان في الهدنة مما كان في أيدي الناس ويستقبل بهم العدل-.
10- وعن أمير المؤمنين عليه السلام: -... يخرج في آخر الزمان يقيم اعوجاج الحق....
ولعل من مصاديق استقبال الناس للعدل سواء في الجاهلية الأولي، أو الجاهلية الحديثة (فترة الهدنة) كما يقول الحديث، محاربة الطبقية التي ابتليت بها المجتمعات قديماً وحديثاً، فالإقطاعيون المحتكرون وحواشيهم من المتنفذين الطبقيين لن يكون لهم دور أو نفوذ عند قيام الإمام المهدي عجل الله فرجه، بل سيقضي على الطبقيات القائمة على الظلم، مثلما فعل جده الرسول الكرم وجده أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهما حيث حرّما ومنعا تلك الممارسات الجاهلية الظالمة وهكذا سيفعل سليلهما العظيم الإمام القائم عجل الله فرجه.
11- عن الرسول الكرم صلى الله عليه وآله وسلم: - إذا قام قائمنا اضمحلت القطائع فلا قطائع-.
وهكذا تطال العدالة جميع أوجه الحياة ودقائقها، في محاربة الظلم وتجاوزات المتكبرين والمتنفذين، ومتبعي الأهواء والآراء الباطلة، وشيوع الباطل وعدم المساواة، والطبقيات... وما إلى ذلك من أحكام وتصرفات الجاهلية الظالمة. وتتسع يد العدالة لتشمل أيضاً القضاء والأحكام والعلوم وانتشارها الواسع في المجتمع، حتى أن الإمام القائم عجل الله فرجه يقضي دون الحاجة إلى بينة، أو يمين فالحقائق والخفايا ظاهرة عنده ولا يحتاج إلى شهود وأدلة خارجية، بل الأمور مكشوفة لديه من قبل الله تعالي، فيحكم بحكم داود، لما أعطي من الإذن الإلهي له لتحقيق العدالة الكاملة ليبين الله بذلك للناس أن العدالة الشاملة لا يستطيع أحد من البشر تحقيقها إلاّ بإذنه سبحانه عبر شخصية ربانية عظيمة كالإمام المهدي عليه السلام.
بل الإمام عجل الله فرجه يحكم بين أهل الأديان حكم الحق والعدل كل حسب دينه وكتابه، وهذا ربما ليبين لهم الحق فيما اختلفوا فيه بعد ما جاءتهم البينات من ربهم عبر رسلهم وكتبهم، أمّا المحصلة النهائية فإن الجميع يدينون بالإسلام والإقرار بنبوة الرسول الكرم صلى الله عليه وآله وسلم وإمامة الأئمة الأطهار عليهما السلام... وتتسع دائرة العدل والعلم إلى درجة أن المرأة لتقضي بكتاب الله وهي في بيتها.
12- عن الإمام الباقر عليه السلام: -... ويستخرج التوراة وسائر كتب الله عز وجل من غار بأنطكية ويحكم بين أهل التوراة بالتوراة وبين أهل الإنجيل بالإنجيل وبين أهل الزبور بالزبور وبين أهل القرآن بالقرآن-.
13- عن الإمام الصادق عليه السلام: - إذا قام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم حكم بين الناس بحكم داود عليه السلام لا يحتاج إلى بيّنة-.
14- عن الإمام الباقر عليه السلام: -... يعمل بكتاب الله، لا يري فيكم منكراً إلاّ أنكره-.
15- وعنه أيضاً عليه السلام: -... فيوحي الله إليه فيعمل بأمر الله-.
16- وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: - دَمَان في الإسلام حلال من الله لا يقضي فيهما أحد حتى يبعث الله قائمنا أهل البيت فإذا بعث الله عز وجل قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم الله لا يريد عليهما بينّة؛ الزاني المحصن يرجمه ومانع الزكاة يضرب عنقه-.
17- وقال عليه السلام: - إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بحكم داود لا يحتاج إلى بينّة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه ويخبر كل قوم بما استبطنوه ويعرف وليّه من عدوه بالتوسم، قال الله سبحانه: (إِنَّ فِي ذَلِك لآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ - وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) (الحجر:75-76)..
وعن دقة قضائه وغاية عدله جاء في الحديث إن الإمام القائم عجل الله فرجه ينادي مناديه: - أن يسلم صاحب النافلة لصاحب الفريضة الحجر الأسود والطواف-.
وذلك هو الغاية في احترام وتطبيق أوامر وأحكام الشرع، والاهتمام بشؤون وحقوق الناس، حيث يقدم من يؤدي حجة الإسلام الواجبة على من يحج استحباباً وتقرباً إلى الله تعالى.
18- وعن الإمام الباقر عليه السلام: -... وتؤتون الحكمة في زمانه حتى أن المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -.
19- وعنه أيضاً عليه السلام: - إذا قام القائم بعث في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلاً يقول: عهدك في كفك فإذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فانظر إلى كفك واعمل بما فيها..-.
20- عن الإمام الحسين عليه السلام: - يُظهر الله قائمنا فينتقم من الظالمين...-.
21- عن الإمام الباقر عليه السلام: - يهدم ما كان قبله كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويستأنف الإسلام جديداً-.
هذا جانب من قضائه وأحكامه وشدته على الأعداء والظالمين، أمّا نتائج سيرته وعدله، عجل الله فرجه، فهي الرفاهية والأمن والسعادة التي قل نظيرها في الدنيا، والبركات العظيمة التي تنزلها السماء وتظهرها الأرض للعباد في أيام حكومته المباركة، وكما أشارت الأحاديث الشريفة عن ذلك حيث (تزيد المياه في دولته وتمد الأنهار وتضاعف الأرض كلها لا تدخر شيئاً، وتذهب الشحناء من القلوب ويذهب الشر، ويبقي الخير)، فهل هناك نعيم وراحة كبر من هذا؟ وهل هناك جنة أبهي من جنة المحبة
والوفاق؟
يتبع
تعليق