إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

البداء كفر هو ام منتهى الايمان - 1

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البداء كفر هو ام منتهى الايمان - 1


    ملاحظة : البحث في ثلاث فصول مترابطة لعدم كفاية مساحة النشر
    بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة وأتم التسليم على خاتم النبيين وسيد البشر اجمعين وعلى آله الطيبين الطاهرين الأخيار المنتجبين .

    كان البداء ولا يزال من العقائد الاكثر مثارا للخلاف ليس فقط بين المذاهب المختلفة بل حتى بين ابناء المذهب الواحد وقد يفاجئنا احيانا تعدد الآراء لنفس المفكر وفي نفس الكتاب ليدعي ان فريقه يعتقدهما كل على حده ، لعل مثل هذا التخبط فيه امر طبيعي لقصور العلم الانساني والعقل البشري البسيط عن فهم اغواره السحيقة التي اخفق في سبرها الكثير من العلماء لا لعدم قول الأئمة من أهل البيت في بيانها بل لصعوبة معرفة المراد بأقوالهم عليهم السلام مع ادعاء الباحثين خلاف ذلك وعدم التسليم بالإخفاق التام في الاحاطة بعلم ما يفوق مخيلتهم وهو ما دفعهم الى ركوب الصعب من الالفاظ والجمل الكلامية المبهمة .
    بداية لا نريد الاكثار من الادلة القرآنية على البداء اذ هي فعلا كثيرة جدا والكثير منها واضح جلي لا لبس فيه ولا غموض ولكن المعترضين من المخالفين لم يألوا جهدا في افتراض معان اخرى ولو اعتمادا على الظن والتأويل الفاسد اصرارا منهم على نفي المراد في الآيات رغم ان تبريراتهم تبدو اكثر فسادا مما يعتبرونه الفساد في القول به ، فهاهو الطبري يبين عند تفسيره الآية الكريمة " وأما الغلام فكان ابواه مؤمنين فخشينا أن يرهـقهما طغيانا وكفرا " الكهف 80 يقول ( حدثنا عمرو بن علي قال : ثنا أبو قتيبة قال : ثنا عبد الجبار بن عباس الهمداني ، عن أبي اسحاق ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن ابي بن كعب ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما قال : الغلام الذي قتله الخضر – ع – طبع يوم طبع كافرا ، والخشية والخوف توجهها العرب الى معنى الظن ، وتوجه هذه الحروف الى معنى العلم بالشيء الذي يدرك من غير جهة الحس والعيان . وقد بينا ذلك بشواهده في غير هذا الموضع ، بما أغنى عن اعادته ) انتهى قول الطبري .
    فنرى في اعقاب تفسيره للآية الكريمة اعتمادا على رواية نبوية ( لا تنفي البداء ) يتطوع لتأويلها بما يهوى مبينا اعتقاده (هو ) انه وبناءا على كون الغلام طبع يوم طبع كافرا فان علم المولى جلت قدرته بإرهاق الغلام لأبويه علم مبني على الظن ( حسب كلام العرب ) وهو يرى ان هذا التأويل افضل من القول بالبداء الذي فضل لرده ركوب المحذور اذ رأى ان المولى جل جلاله وجه عبده الصالح ( الخضر – ع ) ( ومن باب التوجيه لنبيه الكليم موسى عليه وعلى نبينا واله افضل الصلاة وأتم التسليم ) بقتل الغلام بسبب ( ظنه ) تبارك وتعالى ( لا يقينا ) بان الغلام ( قد ) يرهق ابويه المؤمنين طغيانا وكفرا ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، والحجة في ذلك عنده ان علم الله جل جلاله ثابت مطلق لا يجوز القول بتجدده فلا سبيل للتأويل بان العلي القدير قد علم واقعا ان الغلام سيرهق ابويه المؤمنين طغيانا وكفرا ليأمر عبده بقتله ليبدلهما خيرا منه فهذا برأي المعاندين سيقود الى القول بأنه سبحانه لم يعلم بذلك البديل الافضل إلا بعد ما رأى من طغيان هذا الطفل عندما يكبر ، وهذا ( قطعا ) مما لا يستأنس به لذات الله سبحانه .
    ان المستفاد من هذه النكتة وسواها مما يعترض عليه المعترضون هي الدلالة الواضحة في حال التعليل بالبداء الى ان علم الله يفقد عندها صفته الازلية ويصبح علما آنيا شأنه في ذلك علم البشر من حيث انه قابل للتجديد أو التغير لحظة العدول عما سبق في علمه سبحانه الى القرار الجديد وفقا لمشيئته جلت قدرته .
    اي ان اشد العقبات التي يواجهها القول بالبداء هي ما تتعلق بالعلم الالهي فقط اما دلالتها على القدرة الالهية المطلقة فهي لاشك من المستحسنات وبالتالي فان على من يؤمن بان ( افضل ما عبد به الله هو البداء ) ان يعطي تبريرا عقليا لحدوثه دون المساس بأزلية علم الله جل جلاله وهذه هي المعضلة الحقيقية التي دفعت بالكثيرين ممن تصدوا بقوة لإثبات علميتهم امام سائر العلماء والتلاميذ في الحوزات العلمية عن طريق بيان ان التبديل الحاصل يخص علما معينا خصه المولى بإمكانية التغيير ومع ذلك فان تغيره لا يعد تجددا في علمه سبحانه .. ويضطر هؤلاء مع استحالة ادراك مثل هذا المفهوم الى استعمال الفاظ غريبة وافتعال تداخل غريب بين المفردات تذهب بالمتسائل الى حيث يجد نفسه قد ترك امر البداء وهو الان يشتغل في فك رموز الطلاسم الكلامية التي تتجاوز قدراته اللغوية .
    وعلى الإجمال نجد أن مبدؤهم جميعا – على وجه التقريب – يعتمد بالدرجة الاساس على معارضة فكرة البداء لاتفاقهم على قول ( ان علم الله لا يتجدد ) وهم بذلك اشبه بأهل صفين الذين رفعوا المصاحف فقال امير المؤمنين عليه السلام ( كلمة حق يراد بها باطل ) مع اختلاف الموردين اذ اتخذ اهل صفين مقالتهم درعا عندما استشعروا الهلاك بينما يتخذها هؤلاء عقيدة لقصور عقولهم عن رفع الغموض عنها ومعرفتها كما هي لا لبس فيها ولا وهم . فمعارضتهم القول بتغير علم الله عند لجوءه للتعديل عما كان عليه قبل ذلك رأي صحيح مبدئيا لو انه كان كما يخالون وهم عاجزين تماما عن تعقل وقوع ذلك دون ان يعني ما ينكرون .
    وبالتالي فان القول بالبداء يستلزم البحث في اثبات ان العدول الى الافضل مع قيام المفضول في علم الله ولأي سبب كان من الدعاء أو الصدقة او صلة الرحم الى غير ذلك لا يعني من جميع وجوهه أن العلم الالهي قد تبدل او تغير وهو ما دفع بالمتكلمين الذين حملوا على عاتقهم مسألة بيانه الى اعتماد اراء خاصة بكل منهم حسب اجتهاده ومعرفته واعتمادا على اقوال آل بيت العصمة عليهم السلام فتركز بحث هؤلاء حول أقسام علم الله جل جلاله من انها قسمان :
    اولا : العلم المكفوف ( المخزون أو المكنون ) وهو ما احتفظ به سبحانه لنفسه دون خلقه .
    ثانيا : العلم المبذول ( المحمول ) وهو العلم الذي أباحه لأصفيائه وصفوته وسائر خلقه كل حسب ايمانه وقربه من مولاه .
    وان البداء لا يقع في علمه المبذول لان تغييره يعني تكذيب المبلغين إن أنبياء أو غيرهم والله سبحانه لا يكذبهم ( حاشاه ) فينشأ البداء حصرا في علمه المكنون الذي حجبه عن خلقه إذ أن أحدا لم يخبر به فيتعرض عند تبدله للتكذيب ، جاء في الكافي (( عن الفضيل بن يسار قال : سمعت الامام ابي جعفر ( ع ) يقول : العلم علمان ، فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه ، وعلم علمه ملائكته ورسله ، فما علمه ملائكته ورسله فانه سيكون لا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله وعلم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ويثبت ما يشاء ))
    لكن ذلك لا يعني بالضرورة احتجاب العلم المكنون عن خيرة خلقه وصفوته عليهم السلام وإنما حجب عن سائر خلقه من غير الصفوة فهم غير مأمورين بإبلاغها عامة الخلق كما في قول امير المؤمنين ( ع ) في بعض المواضع ومنها البحار (( ولولا آية سبقت في كتاب الله وهي قوله تعالى " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب " لأخبرتكم بما يكون الى يوم القيامة )) وهذا يعني أنه ( ع ) يعلم من الله جل جلاله حتى علمه المخزون لكنه لم يؤذن له للإخبار عنه لاحتمال وقوع البداء فيه وإنما امكن الاخبار بما لا بداء فيه أو ما يقال عنه أنه من المحتوم أو الميعاد .
    بل وأكثر من ذلك ما جاء في البحار (( روي عن حارثة بن قدامة قال : حدثني عمار وقال : أخبرك عجبا ، قلت حدثني يا عمار ، قال : نعم ، شهدت علي بن ابي طالب ( ع ) وقد ولج على فاطمة ( ع ) فلما أبصرت به نادت أدن لأحدثك بما كان وما هو كائن ( وما لم يكن ) الى يوم القيامة حين تقوم الساعة )) ولا يخفى هنا مدى الوضوح في الاشارة الى البداء دون ادنى ابهام في قولها ( ع ) وما لم يكن .
    لكن الملاحظ في أقوالهم عليهم السلام انهم انما يشيرون الى امكانية وقوع البداء في هذا العلم دون ذاك من دون بيان كيفية تأويل وقوعه ، فجل كلامهم يدور حول بيان ما هو محتوم في حقيقة الامر عما هو قابل للمحو واثبات بديله حال الوقوع ، ولكن المتكلمين اتخذوا من ذلك أدلة على تفسير البداء بالإسهاب في استخدام دلالات لفظية معقدة لاستنباط المعنى قسرا من هذه الاحاديث وادعاء وقوفهم على مراد اهل البيت ( ع ) من تلك الروايات على انها بيان للبداء رغم ان القارئ لا يجد ذلك جليا فيها فلجئوا الى اعتماد الفلسفة العميقة في محاولات يائسة لإثبات علميتهم وتفوقهم فلم يزيدوا الامر إلا ابهاما حتى ليرى المطلع انهم لا يفقهون مما يقولون اكثر مما نفعل نحن ولكن ذلك لم يثنهم عن الاسترسال في أحجياتهم احجاما منهم عن الاعتراف أمام الملأ بحقيقة افتقارهم للقدرة على بيان ما يعجزون عن فهمه لأن ذلك سيفقدهم عنفوان الصدارة التي يمنون بها أنفسهم ويهمسون لها بصداها . اما اهل البيت ( ع ) فان تريثهم وعدم ايغالهم في البيان يعود الى درايتهم بقصور العقل البشري عموما عن فهم حقيقة البداء فهم يتجنبون الحديث بما يتجاوز ادراك المتلقي وهذه النكتة مألوفة في الروايات المنقولة عنهم في العديد من المواطن .
    يتبع - الفصل الثاني للاهمية
    التعديل الأخير تم بواسطة ابا جعفر; الساعة 24-04-20, 11:54 PM.
    رب إني مغلوب فانتصر

  • #2

    الفصل الثاني : البداء ، كفر هو أم منتهى الايمان
    المعضلة الكبرى ( الزمن )
    يتضح مما سبق ان المشكلة الاساسية في استساغة مسألة البداء وفقا للمنهج الذي يقول به المولى جل شأنه من خلال الآيات القرآنية المتعددة هو ارتباطها الوثيق بالعلم الالهي وما تطرحه من سوء فهم دلالتها على تجدد هذا العلم وعدم أزليته ، وهو ما تتفق عليه جميع الاراء على أنه غير لائق في وصف علمه سبحانه ، إلا ان المعضلة الحقيقية تتجلى في منحى آخر يتوجب علينا لتصحيح مسار البحث أن ننظر اليه بتمعن شديد ألا وهو عامل الزمن .
    التعديل الأخير تم بواسطة ابا جعفر; الساعة 27-04-20, 07:32 AM.
    رب إني مغلوب فانتصر

    تعليق


    • #3
      البداء - 3


      الفصل الثالث : البداء كفر هو أم منتهى الايمان
      وعن الحارث الأعور قال علي بن أبي طالب ( ع ) (( بأبي وأمي الحسين المقتول بظهر الكوفة والله كأني أنظر الى الوحش مادة أعناقها على قبره ، من أنواع الوحش ، يبكونه ويرثونه ليلا حتى الصباح فإذا كان كذلك فإياكم والجفاء )) البحار ، فما قسمه عليه السلام إلا دليل على نظره عيانا في تلك الساعة ( والحسين بعد صغيرا في حياة ابيه الذي يخبر عما يرى بعد مقتله ) الى الوحش مادة أعناقها على قبره ( فتأمل الوصف ) فهو أقرب الى الرؤيا من الخبر مع عدم امتناع الخبر وإلا ما الحاجة الى بيان ادب الوحش مع قبره ( ع ) للحث على زيارته وهو أمر مطلوب ولو لم تفعله الوحش إلا ان كان ما يراه المعصوم انما يراه عيانا فيكره أن يكون الوحش أوصل بهم من شيعتهم .
      التعديل الأخير تم بواسطة ابا جعفر; الساعة 27-04-20, 07:33 AM.
      رب إني مغلوب فانتصر

      تعليق

      يعمل...
      X