إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العلم : بالإخبار .. أم الكتاب أم بالرؤية - البداء -3

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العلم : بالإخبار .. أم الكتاب أم بالرؤية - البداء -3

    العلم : بالإخبار .. أم الكتاب أم بالرؤية ؟
    رغم التسليم بكون الزمن من المخلوقات واعتبار ان المولى جل جلاله يعلم ما كان وما يكون ( وما لم يكن ) منذ بدء الخليقة وحتى نهايتها بأدق التفاصيل وقد بينت الأحاديث والروايات أقسام هذا العلم وان منه المكفوف او المكنون او المخزون الذي يقع فيه البداء ومنه المحمول او المبذول الذي لا يقع فيه ، وهذه كما نرى تتعلق في اباحته للخلق وإخفائه عنهم ، تبقى لدينا مسألة على غاية من الأهمية : كيف يكون علم الله بأدق تفاصيل أمور الخلق بما في ذلك الأرض والسماء والكون على واسع ارجاءه ؟
    ذكرت الآية الكريمة " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب " الرعد 39 جاء في تفسير الطبري : ص478 حدثنا ابن بشار قال : حدثنا .. ابن أبي ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله : يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ، قال : كل شيء غير السعادة والشقاء ، فإنهما قد فرغ منهماالحديث 20462.، وجاء في تفسير العياشي : عن حماد بن موسى ، عن أبي عبد الله عليه السلام إنه سئل عن قول الله:
    " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " قال : إن ذلك كتاب يمحو الله فيه ما يشاء ويثبت ، فمن ذلك الذي يرد الدعاء القضاء ، وذلك الدعاء مكتوب عليه : " الذي يرد به القضاء " حتى إذا صار إلى أم الكتاب لم يغن الدعاء فيه شيئا. وورد احيانا باسم ( الكتاب ) الحديد الاية 22 وكذلك ( اللوح المحفوظ ) البروج الاية 22 ، فهل جاءت فيه كل دقائق الامور ؟ حتى ما لم يكن كما في حيث الزهراء ( ع ) ( روي عن حارثة بن قدامة قال : حدثني عمار وقال : أخبرك عجبا ، قلت حدثني يا عمار ، قال : نعم شهدت علي بن ابي طالب ( عليه السلام ) وقد ولج على فاطمة ( ع ) فلما أبصرت به نادت أدن لأحدثك بما كان وما هو كائن وما لم يكن الى يوم القيامة حين تقوم الساعة ) البحار المجلسي ج 43 ص 8 الحديث 11 ، فإن لم يكن ، فكيف علمت به سيدة نساء العالمين ( ع ) .
    وكيف يكون علم الزهراء ( ع ) ومن قبلها ابيها عليه وعلى آله افضل الصلاة وأتم التسليم ثم بعلها وبنيها ( ع ) اجمعين ؟ هل كان لديهم كتاب ( كمصحف فاطمة – ع ) او ما عرف بكتاب الجفر للإمام علي ( ع ) او الامام الصادق ( ع ) فيه تلك التفاصيل ؟ يتوارثونه فيخبرون من صفحاته كل حسب ضرورات زمانه ؟ ام انهم علموا ذلك بالإخبار والمشافهة يتلقى اللاحق من السابق ما يعلم كل بحاجته ؟
    ويبدو ان كل تلك الطرق صحيحة ، من خلال الروايات العديدة التي بلغت حتى العامة من الناس عالمهم وجاهلهم ، كبيرهم وصغيرهم حتى اصبح من المسلمات فنحن لا نملك رأيا نجزم به ونحن من نحن وهم من هم ، ولكن ، لنراجع بعض احاديثهم ورواياتهم متسائلين .. هل هناك وسيلة اخرى لعلومهم عليهم السلام ؟ لم تجري العادة على ذكرها مع انها مذكورة في الروايات ولو بأسلوب خفي مما جعل الرواة لا يلقون لها بالا ؟ او ربما لم تعيها عقولهم فحكموا عليها بالضعف لتعارضها مع العقل ؟ ولكنهم لم يملكوا الجرأة على القول بضعفها لما ورد عن آل بيت العصمة من النهي عن رد احاديثهم كما قال أمير المؤمنين عليه السلام ( إذا سمعتم من حديثنا ما لا تعرفون فردوه إلينا وقفوا عنده ، وسلموا حتى يتبين لكم الحق ) البحار ج2 ص 189 ، ومن حديث طويل للإمام الرضا ( ع ) قال ( ...وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه فردوا الينا علمه فنحن اولى بذلك ، ولا تقولوا فيه بآرائكم ، وعليكم بالكف والتثبت والوقوف وانتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا ) العيون ج2 ص 20 .
    فان كانت هناك وسيلة اخرى لعلمهم ( ع ) ؟ فما هي تلك الوسيلة ؟ وما الادلة عليها ؟ وهل تدعم هذه الطريقة قيام البداء بما لا يتعارض مع فكرة تجدد علمه سبحانه بوجه افضل من وسيلة الكتاب والإخبار؟
    العلم علم بالرؤية
    من اول الاحاديث والروايات التي يستدل بها على ان العلم الالهي الذي وهبه سبحانه لنبيه المختار وآل بيته الأطهار هو ( علم رؤية عين ) لا رؤية منام ولا خبر منقول أو مكتوب هو ما جاء في حديث معراجه صلى الله عليه وآله وسلم تسليما
    في حديث محمد بن العباس بن مروان عن امير المؤمنين ( ع ) عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تسليما قال ( ... ثم التفت فإذا انا برجال يقذف بهم في نار جهنم ، قال : فقلت من هؤلاء يا جبرائيل ؟ فقال لي : هؤلاء المرجئة والقدرية والحرورى وبنو امية والنواصب لذريتك العداوة ... الى آخر الحديث ) البحار ج18 ص 392 – 393 الحديث 98
    فان قال قائل كيف رآهما ( ص ) وهو في الدنيا ذكرنا له حديث أبي جعفر - عليه السلام قال : ( والله ما خلت الجنّة من أرواح المؤمنين منذ خلقها ، ولا خلت النار من أرواح الكفّار والعصاة منذ خلقها عزّ وجلّ ) بحار الأنوار / المجلّد : غ¸ / الصفحة : غ²غ¸ظ¤
    وكما هو منقول في كتب التاريخ والحديث فان المرجئة لم تظهر في حياته صلى الله عليه وآله وسلم تسليما اذ يرى بعض المحققين ( ان الحسن بن محمد الحنفية بن علي بن ابي طالب هو اول من قال بالإرجاء في المدينه بخصوص علي وعثمان وطلحة والزبير حينما خاض الناس فيهم وهو ساكت ثم قال : لقد سمعت مقالتكم ولم ار شيئا أمثل من أن يرجأ علي وعثمان وطلحة والزبير فلا يتولوا ولا يتبرأ منهم ) الارجاء في الفكر الاسلامي .
    وأما القدرية فهم أبعد منهم زمانا اذ يرى بعض المؤرخين أن اول ظهورهم كان في عهد عمر بن عبد العزيز – الخليفة الأموي – حيث جاء في أدب المعتزلة ( إن أول من تكلم في القدر في العالم الاسلامي نصراني من أهل العراق أسلم ثم تنصر وقد استطاع أن ينفذ الى قلب معبد الجهني وعن معبد تلقاها غيلان الدمشقي فكان هذا الثالوث المستراب أول من أحدث هذه البدعة التي نهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تسليما عن الجدل فيها ) ناهيك عن بنو امية والنواصب لذريته .
    لم يكن أي من هؤلاء صحابيا ، وهم بالتالي لم يظهروا في وقته ، ومن بعد ذلك ، فإن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تسليما أخبر أنه رآهم يلقون في نار جهنم وما قال أخبرني العزيز الجليل أو جبرائيل كما لم يقل وجدت علم ذلك في اللوح المحفوظ بل قال صلوات الله وسلامه عليه ( ... ثم التفت فإذا برجال يقذف بهم في نار جهنم ) .

    وفي رواية آخرى عن الامام الحسين بن علي عليهما السلام في حديثه لأم سلمه رضوان الله عليها ( ... ثم أشار ( ع ) الى جهة كربلاء فانخفضت له الأرض حتى أراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره وموقفه ومشهده فعند ذلك بكت أم سلمه بكاءا شديدا ) منتهى الامال ج1 ص426.
    لقد كانت أم سلمه ( رض ) تعلم قتل الحسين ( ع ) في أرض كربلاء بالإخبار عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تسليما .. حتى أنها تحتفظ بتلك القارورة التي أتى بها جبرائيل ، مخبرا أنها ستؤول يوم مقتله ( ع ) دما عبيطا فلا جديد في أن يريها الامام ( ع ) مضجعه ومدفنه وموضع عسكره .. اذ يلزمه هنا طي الأرض فقط ( وما ذاك بالهين ) ولكننا نتساءل ما المراد بموقفه ومشهده ؟
    ان موقفه من القوم هو دون ادنى شك نصحه لهم ومواجهتهم بكتبهم ورسائلهم ومواثيقهم والعهود التي تتالت عليه حتى أتاهم كما أرادوا ثم وعظه لهم وتذكيره اياهم بمنزلته من النبي الذي يدينون بدينه وفق ما يزعمون فردوا عليه بالتكذيب والنكران ، ثم يأتي مشهده المؤلم في أحداث قتله مع أصحابه وأهل بيته صابرا محتسبا ، مظلوما عطشانا غريبا .
    وكذلك ما جاء في نفس المهموم لعباس القمي ص 77 عن جابر في حديثه مع الامام الحسين (ع ) : (... ضرب برجله الأرض فانشقت وظهر بحر فانفلق ، ثم ضرب فانشقت هكذا حتى انشقت سبع أرضين وانفلقت سبعة أبحر ، ورأيت من تحت ذلك كله النار فيها سلسلة قرن فيها الوليد بن مغيرة ، وأبو جهل ، ومعاوية الطاغية ، ويزيد ، وقرن بهم مردة الشياطين ، فهم أشد أهل النار عذابا ) ، وهو من قبيل الرؤيا العينية لما يصير يوم الجزاء .
    وعن الحارث الأعور قال علي بن أبي طالب ( ع ) (( بأبي وأمي الحسين المقتول بظهر الكوفة والله كأني أنظر الى الوحش مادة أعناقها على قبره ، من أنواع الوحش ، يبكونه ويرثونه ليلا حتى الصباح فإذا كان كذلك فإياكم والجفاء )) مستدرك الوسائل : ج10 ، ص258 ، فما قسمه عليه السلام إلا دليل على نظره عيانا في تلك الساعة ( والحسين بعد صغيرا في حياة ابيه الذي يخبر عما يرى بعد مقتله ) الى الوحش مادة أعناقها على قبره ( فتأمل الوصف ) فهو أقرب الى الرؤيا من الخبر مع عدم امتناع الخبر وإلا ما الحاجة الى بيان ادب الوحش مع قبره ( ع ) للحث على زيارته وهو أمر مطلوب ولو لم تفعله الوحش إلا ان كان ما يراه المعصوم انما يراه عيانا فيكره أن يكون الوحش أوصل بهم من شيعتهم .
    أن في أحاديثهم ورواياتهم ( ع ) الكثير الكثير من هذا السياق ، ولو أمعنا النظر والتفكر والتأمل وجدنا فيها أدلة واضحة على أن علمهم بالغيب يتعدى علم الخبر والنقل الى الرؤية العينية التي هي بلا شك تنطبق قبل ما تنطبق على النبي وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام فهي وسيلة علم خالقهم ومجتبيهم من قبل ، رب السموات والأرض العليم الخبير ، وهذا لا ينفي أن يكون علمهم في مواطن أخرى علم خبر ، ولكننا نلمس الفرق بين أن يذكر الخبر نقلا وأن ينقل عيانا ، ومع تضافر الروايات في هذه المعاني فلا بأس من أن نترك للباحث المتقصي متعة البحث والاستدلال ليستشعر جمال ان يرى الحقيقة بجهده بعدما عرف المدخل الى ما يريد فذلك احسن اثرا في استيقان عقيدته وترسيخها .
    طي الزمان والمكان
    يتبين من الروايات السابقة أن طي الزمان عند أهل البيت ( ع ) وجدهم صلى الله عليه وآله وسلم تسليما أمر كائن كطي المكان فهم يرون المستقبل والماضي رأي العين مثلما يرون المكان البعيد رأي العين بل ويمكنهم دون ادنى شك التناقل في مواطن الزمان كتناقلهم في مواطن المكان كما جاء في البحار في قصة اصحاب الكهف ( فقال علي عليه السلام : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، يا أخا اليهود حدثني محمد صلى الله عليه وآله ( وسلم تسليما ) أنه كان بأرض الروم مدينة يقال لها أقسوس
    ...هراقلته ثم علا السرير فوضع التاج على رأسه.
    فوثب اليهودي فقال : مم كان تاجه ؟ قال : من الذهب المشبك ، له سبعة أركان على كل ركن لولؤة بيضاء تضئ كضوء المصباح في الليلة الظلماء ، واتخذ خمسين غلاما . . . الى آخر الحديث ) ج4 ص413
    فمع قوله ( ع ) ( حدثني محمد صلى الله عليه وآله وسلم تسليما ) يظهر من سياق الحديث ووثوب اليهودي للسؤال عن التاج أنه لم يكن في سياق الخبر وإلا لم يستوجب الإخبار به سؤال اليهودي وإن جوابه ( ع ) يوحي بنظره الى ما يسأل عنه نظر معاين فيصفه بدقة يستشعر السامع فيها جولة أمير المؤمنين ( ع ) في ربوع القصر في تلك اللحظة ، ولكنه ( ع ) لم يخبر عن ذلك لعدم امكانية تصديق ادعاءه في هذا الحال وقد استهجن الحضور من قبل اسراء الرسول صلوات الله وسلامه عليه ومعراجه فأنى لهم أن يتقبلوا اسراءه ( ع ) ؟
    فإذا امكنهم سلام الله عليهم ذلك ، فما الذي نستدل عليه منه ؟ بمعنى ، لو أمكن للمعصوم ان يرى حادثا يرتبط زمانا بوقت ماض أو مستقبل قادم بمثل هذا التفصيل ، فما الذي يكون المعصوم قد رآه في تلك الرؤيا ؟ وهي ليست برؤيا منام كما يتضح من الروايات ، فهل هي رؤيا شبيهة بالمنام مع كون الشخص في حالة صحوة مثلى تتجلى في مخاطبته سواه مع كونه يعيش الرؤيا عيانا فلا يقول رأيت مناما كأنه .. بل يقول كأني أنظر .. فهل رأى الحدث فعلا وواقعا ؟
    معاذ الله ان يدعي احد بحاجة المعصوم لنفر من الجن او الاملاك ليحاكوا واقعة ما أو حدث ما وكأنهم ممثلين يعملون تشبيها لحدث ما . ان مثل هذا التأويل لا يقل سخافة وسفاهة عن استكثار ان يكون لآل البيت عليهم السلام مثل هذه المنزلة عند بارئهم .
    فلا مناص من الاقرار والتسليم بان المعصوم قد عاصر حدثا لم يقم بعد ولو ذهنيا بما امكنه وصف ما يراه بأدق التفاصيل ( بفضل الله ) وهو ما على العاقل ان يقر به ويسلم اليه دون معاندة او مكابرة ففي التصديق والإقرار نجاة وفوز وفي النكران خسران ومهلكة .
    ان هذا يقودنا حتما الى الحقيقة الجلية التي لا مناص من التسليم لها وهي الخروج عن حدود الزمن بأبسط تعبير ، أي ان ما حدث من بدء الخلق وحتى قبل خلق السموات والأرض والنجوم والأفلاك والبشر والملائكة ، وكذا ما يحدث الآن حاضرا وما سيحدث مستقبلا عند قيام الساعة بل وما بعدها من الحساب والجزاء من جنة ونار هي في علم الله سبحانه وتعالى حادثة فعلا ، وأنه جل جلاله يعلمها علم رؤية لا علم خبر مكتوب او لوح محفوظ أو ما الى ذلك ، إلا ان يكون سبحانه قد اثبتها بمشيئته لتكون حجة على المخلوقات يوم الحساب فهو سبحانه (( يمحو ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب )).
    فأم الكتاب هنا ليست مصدر علمه سبحانه كما يرى القارئ لأول وهلة ، بل موضع تثبيت عمل المخلوق الى يوم يأخذ المؤمن كتابه بيمينه ويأخذ الكافر كتابه من وراء ظهره ، نعم ، ان هذه الكتب ليست هي مصادر علمه جل شأنه ، بل هي موضع اثبات الاعمال والأحداث بعدما تصدر من العبد لا قبل ذلك غير أن هذه ( البعد ) وتلك ( القبل ) هي في مقياس المخلوق لا الخالق ، وبالتالي فإن مخلوقاته جميعا مع وجودها الآن ومستقبلا في أرضه وسمائه فهي ايضا تخضع لثوابه وعقابه ( يوم الجزاء ) فمن كان منا قد ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية يرفل بجنة ربه ونعيمها رغم انه لا زال حيا لم ينتقل ، بل حتى من لم يولد بعد فإنه قد خلق وعمل ومات وقام للحساب واقفل حسابه واخذ جزائه ولكن ذلك كله محجوب عنا بحكم الزمن الذي جعله الله جل جلاله آية العمل والعبادة لتوف كل نفس ما عملت وما ربك بظلام للعبيد .
    فالذين رآهم نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم تسليما وهم يلقون في النار فيهم من لم يولد بعد ( في زمنه ) ، سواء كان من المرجئة او القدرية او الحرورية ( الخوارج ) ولم يقل اي منهم ما يغضب الله سبحانه ليستحقوا عذاب جهنم ( نستجير بالله ) ولكنهم سيخرجون ، وسيقولون بذلك ( بإرادتهم ) فيستحقون غضب الجبار ، حتى رآهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تسليما ( رأي العين ) وهم يلقون في النار على ما عملوا وقالوا في حياتهم التي لم تكن قد بدأت يوم إخباره عنهم ، ولكن عند المولى سبحانه قد حدثت حتى رآها النبي الكريم فأخبر عنها .
    وكذلك موقف الامام الحسين ومشهده يوم عاشوراء والذي أراه ( ع ) لام سلمه ( رض ) لم يكن قد حدث بعد وان بينه وبين الامام اياما فطوى الزمان بإذن الله لتنظره أم المؤمنين ( رض ) بعينها لأنها كانت من المسلمين لأمر الله رغم منزلة أبي عبد الله في نفسها فما كانت لتدعه يترك المدينة إلا بعدما رأت قضاء الله ومشيئته فأسلمت أمرها وأمر سيدها للمولى القدير باكية ناحبة لاقتراب الاجل ، فالإمام ( ع ) لم يكن عالما بما سيكون ( يراه رأي العين ) فقط بل كان مفوضا أن يريه لسواه لعلمه جلت قدرته بصواب رأي من ائتمنهم على علمه الجليل ، والمسموح لها بالرؤية هنا هي أم سلمه رضوان الله عليها زوجة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم تسليما التي قال لها ( أنت الى خير – عندما استأذنت للدخول تحت الكساء ) فهي ليست من عامة الناس الذين يمكن ان يستهجنوا فعل الامام ولكنها على الأغلب لم تعرف كيف استطاع ( عليه السلام ) أن يريها ما أراها لكنها من وجه آخر تسلم لحجة الله جل جلاله على أرضه أن يفعل بإذن الله ما يفعل ولو أن المطلع لا يعرف مقام الإمام لاستعظم ذلك منه ولأتهمه بالشعوذة والسحر فمثل هذه العطايا لا تعطى لغير مستحقيها الذين يزدادون يقينا بها دون أدنى ريب ، وإلا فكيف استساغت أم المؤمنين أن يريها الامام عليه السلام مناجزته بشخصه لأعداء الله حتى استشهاده وأهل بيته بأبي وأمي وهو يقف عندها بشحمه ولحمه ( كما يقال ) وما الذي رأته السيدة أم سلمه رضوان الله عليها في هذا الحال أهي أشباح صور تشبه سيد الشهداء وأهل بيته ؟
    وهاهو امير المؤمنين ( ع ) ينظر في الغيب فيرى الوحش مادة أعناقها على قبر الحسين ( ع ) باكية نائحة لقتله سلام الله عليه وهو ابن خير النبيين وابن سيد المرسلين وابن فاطمة سيدة نساء العالمين ، وريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما وسيد شباب أهل الجنه ، فأراد أن يحث شيعته على زيارة قبره الشريف فلا يكتفي بطلب ذلك منهم بل يخبر بما يراه من وقوف الوحش زائرا ذلك المقام ليعظم عند السامع أمرها فلا يتقاعس عن اداءها لأي حاجة من حوائج الدنيا اذ لا يعقل ان تكون الوحش أوصل بابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما من شيعته ومحبيه .
    اما حديث أبي جعفر عليه السلام قال : ( والله ما خلت الجنّة من أرواح المؤمنين منذ خلقها ، ولا خلت النار من أرواح الكفّار والعصاة منذ خلقها عزّ وجلّ ) بحار الأنوار / المجلّد : غ¸ / الصفحة : غ²غ¸ظ¤ ، فواضحة الاشارة فيها بوجود ( ال ) التعريف الى شمول جميع المؤمنين ووجودهم في الجنة لا بعضا منهم وإلا لقال ( ما خلت الجنة من أرواح مؤمنين ولا خلت جهنم من أرواح كفار ) ليشير الى بعض دون بعض .

    التعديل الأخير تم بواسطة ابا جعفر; الساعة 25-07-20, 02:34 PM.
    رب إني مغلوب فانتصر
يعمل...
X