الحسين وأخته زينب (عليهما السلام) في الرقميات الطينية السومرية..
تبدأ قصة الإله سين وأخته كشتنينا من سومر (العراق)..
يعرف عن المجتمع السومري أنه كان يعبد الله سبحانه وتعالى عبر أقانيمه، كالشمس والقمر والزهرة وما إلى ذلك، وتابعه على ذلك المجتمع البابلي والآشوري، فإن أغلب إذا لم نقل كل الحضارات التي أتت بعد السومريين لم تفعل سوى إعادة إنتاج التراث السومري..وبهذا الصدد لم يفعل الاكاديون والبابليون ومن بعدهم الآشوريون غير أن يستبدلوا أسماء آلهتهم المحليين بأندادهم السومريين..وأبقوا ما عدا ذلك على حاله، إلا أن الحضارة البابلية، والحق يقال، كانت هي الأبرز لأن دورها كان خلاقا في بناء وإعادة تركيب مكونات التراث السومري..لكن بالشكل الذي يخدم مصالحها وأهدافها الحضارية!.
أما مسألة الأقانيم فلقد كانت رمزية لشخوص ليس إلا!..فالحضارة السومرية كانت تمتلك أرقى ديانة سماوية! ولهذا السبب تجد هذه الحضارة قد توصلت إلى معارف عجز عن وصفها العلم الحديث، فلقد أظهر السومريون القدامى إلماماً واسعاً ودقيقاً في علم الفلك، كتحديد هوية ومواصفات الكواكب التسعة في نظامنا الشمسي، وكذلك معلومات تفصيلية مثل معرفة الأقمار الأربعة الرئيسية لكوكب المشتري، وهذه معلومات لم نتعرّف عليها في هذا العصر سوى بعد اختراع التليسكوب..وكانت لدى السومريين معرفة مذهلة بالعلوم الفلكية، وهذا ما أكده "الفورد" بقوله: مفهوم المحيط الفلكي بأكمله بما فيه الدائرة بمحيطها360درجة السمت والأفق والمحور السماوي والأقطاب ودائرة البروج وغيرها من تلك العلوم..وأدت معرفتهم بحركات الشمس والقمر إلى ظهور أول تقويم عالمي استخدمه الساميّون بعد ذلك بقرون عديدة وأيضاً استخدمه المصريّون القدماءواليونانيون .
وأشار "آلفورد" أن نظام الـ 60 دقيقة في الساعة والـ 60 ثانية في الدقيقة المأخوذ في الحضارة الحديثة كان صنعة سومرية مبنية على آلهتهم الإثنى عشر استخدموها ليرسموا دائرة عظيمة غير مسبوقة .
لكنهم تاهوا في آخر المطاف عن هذه الديانة ومفاهيمها النبيلة ووقعوا في شرك الشيطان بعد أن حرّفت عن أصلها السامي، ولا يمكن تحريف أي ديانة مهما كانت إلا بتصفية الأصل الذي يضفي الديمومة عليها وهذا ما تخبرنا به الرقميات الطينية السومرية بشأن قتل الإله (إيليا) وابنه الإله (سين) وغصب حقهما..وكلاهما يرمز إليه بالقمر أي الإله إيليا والإله سين وهذا الأمر دارج عند العراقيين في زمننا هذا، بل إن هذه الرمزية راسخة وشائعة في أحاديث أهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين) وتعتبر من البديهيات فلقد ورد عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما صلاة الفجر، ثم انفتل وأقبل علينا يحدثنا، فقال: (أيها الناس، من فقد الشمس فليتمسك بالقمر، ومن فقد القمر فليتمسك بالفرقدين). قال: فقمت أنا وأبو أيوب الأنصاري ومعنا أنس بن مالك، فقلنا يا رسول الله، من الشمس؟ قال: (أنا)، فإذا هو (صلى الله عليه و آله) ضرب لنا مثلاً، فقال: (إن الله تعالى خلقنا وجعلنا بمنزلة نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم، فأنا الشمس فإذا ذهب بي فتمسكوا بالقمر). قلنا فمن القمر؟ قال: (أخي ووصيي ووزيري وقاضي ديني وأبو ولدي وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب). قلنا فمن الفرقدان؟ قال: (الحسن والحسين). ثم مكث مليا وقال: (فاطمة هي الزهرة، وعترتي أهل بيتي هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض).(الأمالي للطوسي ص: 517)
إنقسم المجتمع السومري بعد أن جرت عليه فاجعتان قاسيتان هما مقتل الأقنومين الإلهيين السومريين الإله إيليا وابنه الإله سين مما أدى إلى تداعي هذه الحضارة وتعثرها في مضيّها وتقدمها .
حين نقول (الإله) فإنما نتحدث عن زمن الأسطورة لكن نحن لا نتفق مع من يقول أن الأساطير هي الأحاديث الغير منظمة!..أو تلك التي لا تعتمد على واقع حقيقي، بل الأسطورة تعني الشيء المنظم ومنه الساطور الذي يقطع به! فهل يكون قطعه غير منظم؟!..وكما هو واضح أن المجتمعات التي أنكرت رسالات السماء كانت تعترف بهذه الحقيقة اعترافاً صريحاً من حيث أن الأولين أي الحضارات القديمة كان لهم علوم متصلة بالسماء ولهم قدرات فائقة لذلك وعندما تأتيهم رسالات سماوية كانوا يعتبرون هذا الشيء قد حدث من قبل ويسمّونه أساطير الأولين!، بل أن هذا الشيء الجديد منقول عن تلك الحقب القديمة!..(وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)(الفرقان: 5)
إن هذه الصفة التي تطلق على بعض الشخوص التي خلدها التاريخ أما أن تكون حقيقية أو أن تكون صفة منتحلة، فالحقيقي هو واحد لا غير، أما المنتحلين فمتعددين لذلك تجد تعدد في الآلهة، وهذا ما يؤكده النص القرآني يصف لنا أن هناك آلهة مزيفة متخذه من قبل الخلق بدل الإله الحقيقي (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً)(مريم: 81)..هذا النص القرآني يثبت أن هناك آلهة لكنها جميعاً منتحلة لهذه الصفة ولا تقوم على أساس حقيقي فالنص القرآني يثبت أن هناك إله واحد..لكن ما هي دلالته، وإلى أي شيء يشير؟ .
أود أن ألفت عناية القارئ الكريم أن هناك أمور لم نتبينها بالشكل الصحيح ألا وهي الأسماء الحسنى، فلقد تم إخفاء دلالتها الحقيقية علينا عبر هذه السنين الطويلة، فالقارئ اللبيب يعرف أن الأسماء الحسنى تعني محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) حسب ما ورد في النص الروائي عنهم (عليهم السلام) ولكنه لم يتسائل ما المقصود بذلك؟!..وما علاقتهم بإسم الإله؟!.
إنظر قوله تعالى: (وَللهِ الأسماء الحسنى فادعوه بها)..
قال أبو عبد الله (عليه السلام): (نحن والله الأسماء الحسنى الّذي لا يقبل من أحد إلاّ بمعرفتنا، قال: فادعوه بها).(مستدرك سفينة النجاة)
عن اختصاص المفيد قال مولانا الرّضا(عليه السلام): (إذا نزلت بكم شديدة فاستعينوا بنا على الله عزّ وجلّ وهو قوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)).
لنرى الآن هل الأسماء الحسنى تتضمن إسم (إله) كي نعلم بعد ذلك ما هو مراد المنتحلين من دعواهم للألوهية كما ورد في النص القرآني:
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إلى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ)(القصص: 38)
(قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ)(الشعراء: 29)
ورد عن الإمام الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): (إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين إسما، مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة، وهي: الله، الإله، الواحد، الأحد، الصمد، الأوّل، الآخر، السميع البصير، القدير، القاهر، العلي، الأعلى، الباقي، البديع، البارئ، الأكرم، الظاهر، الباطن، الحي، الحكيم...).( بحار الأنوار للعلامة المجلسي. ج4 ص186)
من هذا الحديث نعلم الآن أن إسم (الإله) هو أحد أسماء الله الحسنى، لكن لنتعرف لأي شيء يشير هذا الإسم:
· روى العيّاشي في تفسيره عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: («لا تَتَّخِذُوا اِلهَيْن اثنين إنّما هو إله واحد» يعني بذلك ولا تتّخذوا إمامين إنّما هو إمام واحد) .
· وفي كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة معاً: عن عليّ بن أسباط، عن إبراهيم الجعفري، عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في قوله تعالى: (ءَاِلهٌ مَعَ الله)ـ الآية، قال: (أي إمام هدى مع إمام ضلال في قرن واحد) .
· ونقل القمّي في تفسير قوله تعالىوَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إنّي إله من دونه) أنّ المراد من زعم أنّه إمام وليس بإمام .
إذن هذا الإسم (إله) يشير إلى الإمام وإلى الإمامة وبذلك نعلم الآن أن فرعون ومن شاكله كانوا ينتحلون دور الإمام ويريدون بذلك أن يكونوا هم الوحيدون المتصرفون بشؤون الخلق..ومن هذا المنطلق نعرف الآن لماذا قال لموسى عليه السلام (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ)(الشعراء: 29)
لأنه يعلم أن هناك إمام موجود كان موسى (ع) يتلقى منه العلوم وغير ذلك، ونعلم الآن لماذا كان الأوّل يسمّى من قبل أهل البيت (عليهم السلام) بفرعون ذلك لإنه اغتصب الخلافة الشرعية ونصب نفسه إله للناس تأمّل أخي القارئ هذا الحديث الطويل الذي أخذنا منه حاجتنا: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) قال: المفضل يا سيدي ومن فرعون وهامان؟ فقال (عليه السلام): (أبو بكر وعمر..).(مختصر بصائر الدرجات)
وورد في تفسير البرهان: ج 3 ص 220 ح 12 عن كشف البيان: (إن فرعون وهامان عدوان للأئمة (عليهم السلام)) .
وورد أيضاً عن (الإمامان الباقر والصادق (عليهما السلام)): (إن فرعون وهامان هنا هما شخصان من جبابرة قريش، يحييهما الله تعالى عند قيام القائم من آل محمد عليهم السلام في آخر الزمان، فينتقم منهما بما أسلفا).(بحار الأنوار)
وعلى ذلك ف إن إطلاق أسم (إله) من قبل السومريين على شخوص معينين له دلالة قصدية لا تخرج عن مفهومنا الذي قدمناه..لكن وكما قلنا أن هناك انتحال وتعدّي جرى على الشخوص الذين عيّنت لهم هذه الصفة وتم إسباغها على غيرهم وما أشبه اليوم بالأمس!..وبذلك لا نستطيع أن نقول أن الوعي الأول عَبَدَ الله ولكن بأقانيم من كونه المرئي كالقمر والشمس والسماء والماء وغيرها!..بل جميع هذه المسمّيات هي رموز تشير إلى الشخوص الكونيين كما مر عليك حديث جابر بن عبد الله الأنصاري وبالتالي تستطيع أن تسمي هذه المسميات بالقوانين، لذا سنبقي على استعمال لفظة (إله) كما هي في هذه الدراسة..
أما التحول في مفهوم هذه الأسماء حدث عند البابليين من بعدهم عندما تعاملوا مع الطاقة الكونية المستخلصة من الكون (راجع بحث مؤسسة الظلمات السلسلة الثانية)، لذلك تجد في النص القرآني أن إبراهيم (ع) يذكر هذه الأجرام السماوية على سبيل الإنكار مثلما ورد في المرويات .
مقتبس من موقع:http://adoomobeen.net/public_files/index.php
تبدأ قصة الإله سين وأخته كشتنينا من سومر (العراق)..
يعرف عن المجتمع السومري أنه كان يعبد الله سبحانه وتعالى عبر أقانيمه، كالشمس والقمر والزهرة وما إلى ذلك، وتابعه على ذلك المجتمع البابلي والآشوري، فإن أغلب إذا لم نقل كل الحضارات التي أتت بعد السومريين لم تفعل سوى إعادة إنتاج التراث السومري..وبهذا الصدد لم يفعل الاكاديون والبابليون ومن بعدهم الآشوريون غير أن يستبدلوا أسماء آلهتهم المحليين بأندادهم السومريين..وأبقوا ما عدا ذلك على حاله، إلا أن الحضارة البابلية، والحق يقال، كانت هي الأبرز لأن دورها كان خلاقا في بناء وإعادة تركيب مكونات التراث السومري..لكن بالشكل الذي يخدم مصالحها وأهدافها الحضارية!.
أما مسألة الأقانيم فلقد كانت رمزية لشخوص ليس إلا!..فالحضارة السومرية كانت تمتلك أرقى ديانة سماوية! ولهذا السبب تجد هذه الحضارة قد توصلت إلى معارف عجز عن وصفها العلم الحديث، فلقد أظهر السومريون القدامى إلماماً واسعاً ودقيقاً في علم الفلك، كتحديد هوية ومواصفات الكواكب التسعة في نظامنا الشمسي، وكذلك معلومات تفصيلية مثل معرفة الأقمار الأربعة الرئيسية لكوكب المشتري، وهذه معلومات لم نتعرّف عليها في هذا العصر سوى بعد اختراع التليسكوب..وكانت لدى السومريين معرفة مذهلة بالعلوم الفلكية، وهذا ما أكده "الفورد" بقوله: مفهوم المحيط الفلكي بأكمله بما فيه الدائرة بمحيطها360درجة السمت والأفق والمحور السماوي والأقطاب ودائرة البروج وغيرها من تلك العلوم..وأدت معرفتهم بحركات الشمس والقمر إلى ظهور أول تقويم عالمي استخدمه الساميّون بعد ذلك بقرون عديدة وأيضاً استخدمه المصريّون القدماءواليونانيون .
وأشار "آلفورد" أن نظام الـ 60 دقيقة في الساعة والـ 60 ثانية في الدقيقة المأخوذ في الحضارة الحديثة كان صنعة سومرية مبنية على آلهتهم الإثنى عشر استخدموها ليرسموا دائرة عظيمة غير مسبوقة .
لكنهم تاهوا في آخر المطاف عن هذه الديانة ومفاهيمها النبيلة ووقعوا في شرك الشيطان بعد أن حرّفت عن أصلها السامي، ولا يمكن تحريف أي ديانة مهما كانت إلا بتصفية الأصل الذي يضفي الديمومة عليها وهذا ما تخبرنا به الرقميات الطينية السومرية بشأن قتل الإله (إيليا) وابنه الإله (سين) وغصب حقهما..وكلاهما يرمز إليه بالقمر أي الإله إيليا والإله سين وهذا الأمر دارج عند العراقيين في زمننا هذا، بل إن هذه الرمزية راسخة وشائعة في أحاديث أهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين) وتعتبر من البديهيات فلقد ورد عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما صلاة الفجر، ثم انفتل وأقبل علينا يحدثنا، فقال: (أيها الناس، من فقد الشمس فليتمسك بالقمر، ومن فقد القمر فليتمسك بالفرقدين). قال: فقمت أنا وأبو أيوب الأنصاري ومعنا أنس بن مالك، فقلنا يا رسول الله، من الشمس؟ قال: (أنا)، فإذا هو (صلى الله عليه و آله) ضرب لنا مثلاً، فقال: (إن الله تعالى خلقنا وجعلنا بمنزلة نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم، فأنا الشمس فإذا ذهب بي فتمسكوا بالقمر). قلنا فمن القمر؟ قال: (أخي ووصيي ووزيري وقاضي ديني وأبو ولدي وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب). قلنا فمن الفرقدان؟ قال: (الحسن والحسين). ثم مكث مليا وقال: (فاطمة هي الزهرة، وعترتي أهل بيتي هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض).(الأمالي للطوسي ص: 517)
إنقسم المجتمع السومري بعد أن جرت عليه فاجعتان قاسيتان هما مقتل الأقنومين الإلهيين السومريين الإله إيليا وابنه الإله سين مما أدى إلى تداعي هذه الحضارة وتعثرها في مضيّها وتقدمها .
حين نقول (الإله) فإنما نتحدث عن زمن الأسطورة لكن نحن لا نتفق مع من يقول أن الأساطير هي الأحاديث الغير منظمة!..أو تلك التي لا تعتمد على واقع حقيقي، بل الأسطورة تعني الشيء المنظم ومنه الساطور الذي يقطع به! فهل يكون قطعه غير منظم؟!..وكما هو واضح أن المجتمعات التي أنكرت رسالات السماء كانت تعترف بهذه الحقيقة اعترافاً صريحاً من حيث أن الأولين أي الحضارات القديمة كان لهم علوم متصلة بالسماء ولهم قدرات فائقة لذلك وعندما تأتيهم رسالات سماوية كانوا يعتبرون هذا الشيء قد حدث من قبل ويسمّونه أساطير الأولين!، بل أن هذا الشيء الجديد منقول عن تلك الحقب القديمة!..(وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)(الفرقان: 5)
إن هذه الصفة التي تطلق على بعض الشخوص التي خلدها التاريخ أما أن تكون حقيقية أو أن تكون صفة منتحلة، فالحقيقي هو واحد لا غير، أما المنتحلين فمتعددين لذلك تجد تعدد في الآلهة، وهذا ما يؤكده النص القرآني يصف لنا أن هناك آلهة مزيفة متخذه من قبل الخلق بدل الإله الحقيقي (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً)(مريم: 81)..هذا النص القرآني يثبت أن هناك آلهة لكنها جميعاً منتحلة لهذه الصفة ولا تقوم على أساس حقيقي فالنص القرآني يثبت أن هناك إله واحد..لكن ما هي دلالته، وإلى أي شيء يشير؟ .
أود أن ألفت عناية القارئ الكريم أن هناك أمور لم نتبينها بالشكل الصحيح ألا وهي الأسماء الحسنى، فلقد تم إخفاء دلالتها الحقيقية علينا عبر هذه السنين الطويلة، فالقارئ اللبيب يعرف أن الأسماء الحسنى تعني محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) حسب ما ورد في النص الروائي عنهم (عليهم السلام) ولكنه لم يتسائل ما المقصود بذلك؟!..وما علاقتهم بإسم الإله؟!.
إنظر قوله تعالى: (وَللهِ الأسماء الحسنى فادعوه بها)..
قال أبو عبد الله (عليه السلام): (نحن والله الأسماء الحسنى الّذي لا يقبل من أحد إلاّ بمعرفتنا، قال: فادعوه بها).(مستدرك سفينة النجاة)
عن اختصاص المفيد قال مولانا الرّضا(عليه السلام): (إذا نزلت بكم شديدة فاستعينوا بنا على الله عزّ وجلّ وهو قوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)).
لنرى الآن هل الأسماء الحسنى تتضمن إسم (إله) كي نعلم بعد ذلك ما هو مراد المنتحلين من دعواهم للألوهية كما ورد في النص القرآني:
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إلى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ)(القصص: 38)
(قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ)(الشعراء: 29)
ورد عن الإمام الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): (إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين إسما، مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة، وهي: الله، الإله، الواحد، الأحد، الصمد، الأوّل، الآخر، السميع البصير، القدير، القاهر، العلي، الأعلى، الباقي، البديع، البارئ، الأكرم، الظاهر، الباطن، الحي، الحكيم...).( بحار الأنوار للعلامة المجلسي. ج4 ص186)
من هذا الحديث نعلم الآن أن إسم (الإله) هو أحد أسماء الله الحسنى، لكن لنتعرف لأي شيء يشير هذا الإسم:
· روى العيّاشي في تفسيره عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: («لا تَتَّخِذُوا اِلهَيْن اثنين إنّما هو إله واحد» يعني بذلك ولا تتّخذوا إمامين إنّما هو إمام واحد) .
· وفي كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة معاً: عن عليّ بن أسباط، عن إبراهيم الجعفري، عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في قوله تعالى: (ءَاِلهٌ مَعَ الله)ـ الآية، قال: (أي إمام هدى مع إمام ضلال في قرن واحد) .
· ونقل القمّي في تفسير قوله تعالىوَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إنّي إله من دونه) أنّ المراد من زعم أنّه إمام وليس بإمام .
إذن هذا الإسم (إله) يشير إلى الإمام وإلى الإمامة وبذلك نعلم الآن أن فرعون ومن شاكله كانوا ينتحلون دور الإمام ويريدون بذلك أن يكونوا هم الوحيدون المتصرفون بشؤون الخلق..ومن هذا المنطلق نعرف الآن لماذا قال لموسى عليه السلام (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ)(الشعراء: 29)
لأنه يعلم أن هناك إمام موجود كان موسى (ع) يتلقى منه العلوم وغير ذلك، ونعلم الآن لماذا كان الأوّل يسمّى من قبل أهل البيت (عليهم السلام) بفرعون ذلك لإنه اغتصب الخلافة الشرعية ونصب نفسه إله للناس تأمّل أخي القارئ هذا الحديث الطويل الذي أخذنا منه حاجتنا: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) قال: المفضل يا سيدي ومن فرعون وهامان؟ فقال (عليه السلام): (أبو بكر وعمر..).(مختصر بصائر الدرجات)
وورد في تفسير البرهان: ج 3 ص 220 ح 12 عن كشف البيان: (إن فرعون وهامان عدوان للأئمة (عليهم السلام)) .
وورد أيضاً عن (الإمامان الباقر والصادق (عليهما السلام)): (إن فرعون وهامان هنا هما شخصان من جبابرة قريش، يحييهما الله تعالى عند قيام القائم من آل محمد عليهم السلام في آخر الزمان، فينتقم منهما بما أسلفا).(بحار الأنوار)
وعلى ذلك ف إن إطلاق أسم (إله) من قبل السومريين على شخوص معينين له دلالة قصدية لا تخرج عن مفهومنا الذي قدمناه..لكن وكما قلنا أن هناك انتحال وتعدّي جرى على الشخوص الذين عيّنت لهم هذه الصفة وتم إسباغها على غيرهم وما أشبه اليوم بالأمس!..وبذلك لا نستطيع أن نقول أن الوعي الأول عَبَدَ الله ولكن بأقانيم من كونه المرئي كالقمر والشمس والسماء والماء وغيرها!..بل جميع هذه المسمّيات هي رموز تشير إلى الشخوص الكونيين كما مر عليك حديث جابر بن عبد الله الأنصاري وبالتالي تستطيع أن تسمي هذه المسميات بالقوانين، لذا سنبقي على استعمال لفظة (إله) كما هي في هذه الدراسة..
أما التحول في مفهوم هذه الأسماء حدث عند البابليين من بعدهم عندما تعاملوا مع الطاقة الكونية المستخلصة من الكون (راجع بحث مؤسسة الظلمات السلسلة الثانية)، لذلك تجد في النص القرآني أن إبراهيم (ع) يذكر هذه الأجرام السماوية على سبيل الإنكار مثلما ورد في المرويات .
مقتبس من موقع:http://adoomobeen.net/public_files/index.php
تعليق