بسم الله الرحمن الرحيم
البداء بين السنة والشيعة
ماآخذ أعداء الشيعةِ الشيعةََ على شيء مثلما آخذوهم على مسألة
البداء إنطلاقاً من أن البداء في مفهومهِ الظاهر ينافي علم الله المطلق. وخلاصة القول في معنى البداء, إن الله يبدو له في أمر فيغيرهُ وفي شيء آخر يستبدلهُ.
وطبيعي أن ترفض مثل هذهِ العقائد, فيما لو بقينا واقفين على
عتباتها الظاهرة, ولا نقترب من مفهومها الحقيقي. وبما أن
البداء يعتبر من القضايا المهمة في الاعتقاد الامامي فإن أهل السنة أعتبروه ضرباً من الكفر, يخرج به الشيعة عن دائرة الاسلام.
ولست أدري كيف أن اهل السنة يرفضون ذلك, علما إنهم يؤمنون بأن الله يفعل كل شيء في ملكهِ, وإن مايصدر عنه
كلهُ عدل وإن كان قبحا,ولو كان البداء قبحا في رأيهم وثبت
بالنص صدورهُ عن الله لزم أن يقبلوه من زاوية أنه القبح الذي
جوزوا صدوره عن الله وأذا رفضوه يكونوا قد ناقضوا أولياتهم
في الكلام, وهي ان ما يصدر عن الله عدل وإن كان قبحا.
غير إن الحقيقة تبقى معلولة للجهل بمفهوم البداء لغة واصطلاحاً وإلاّ فأن البداء أحد العقائد الراسخة في مذهب ألعامة نفسها كما سنرى.
والسؤال: ماهو البداء؟ وماهي عقيدة الشيعة فيه؟
ليس البداء في اللغة,سوى الظهور, فنقول بدا الشيء أي ظهر.
وكذلك في معاجم اللغة العربية والقرآن يقول( وبدا لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون)
وحسب هذا المفهوم رفض السنّة( البداء) ولم يجوزوه على الله
مع إنهم يؤمنون عمليا بالبداء في مفهومهِ الاصطلاحي كما
يؤمن به الشيعة.
والشيعة أيضا لاتجوز البداء على الله حسب هذا التعريف اذ ان علم الله مطلق وواسع ظاهر وباطن اذ لايغيب على الله شيء
فيبدو له(وما يخفي على الله من شيء في الارض ولا في السماء) ابراهيم 38
ويقول الامام علي(ع) كل سر عندك علانية وكل غيب عندك شهادة 0نهج البلاغة0
وكلام الشيعة في البداء كثير وله أوجه كثيرة كلها ترتكز على ادلة عقلية ونقلية ونحن في هذا المقام المحكوم بالاجمال والايجاز, نرتئي الاقتصار على بعض من تلك الاوجه, توخياً
للايجاز.
هناك البداء في الأقدار بمعنى التغيير الذي يطرأ على قدر الانسان بالطاعة والعمل الصالح وذلك يقوم على أساس الاعتقاد بنوعين من القدر, قدر مطلق لايتغير كأن يقدر الله على الانسان الموت اذا أنقطع الاكسجين عنه ويموت اذا هوى
من الطائرة على صخرة من الارض.
وقدرآخر غير مطلق,قيده الله بشرط كأن يقدر عليك طول العمر بشرط صلة الرحم, ويقدر عليك الموت العاجل بشرط الزنا.وهذا النوع من القدر,هو موضوع البداء أي القدر الذي يتغير بأعمال العباد.( ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وهو على هذا الضرب أي هذا القدر سيبقى ساري المفعول بشرط الاّ تغير من أحوالك فأذا غيرت من أحوالك بدا
لله فيه الحكم الأخر,الذي هو القدر المشروط بذلك الفعل.
ولعل هذا النوع من البداء يدل على مسألة العدل والاختيار.
فمن عدل الله أن لايجبر الانسان على قدر واحد, حتى ولو غير
حالهُ وما التوبة والاستغفار سوى تعبير عن هذا البداء أي أن
الدعاء كما ورد عن اهل السنة أنفسهم يرد القدر.
وما يبدو لله بهذا الخصوص هو داخل في دائرة علم الله المطلق
وقدر ناسخ لقدر.
فالامام علي (ع) لماً انزاح عن الحائط المتهاوي وسأله واحد:
أهروبا هذا من قدر الله فقال:إن الهرب هو من قدر الله الى قدره. كماأن في ذلك دلالة قوية على إختيار الانسان وقدرته على تغيير مصيره بالطاعة والعمل الصالح. وهو أمر ينسجم مع عقيدة العدل في الجزاء والعقاب,الالهيين
وإذا كان البداء تعبيرا عن العدل الالهي والاختيار البشري,كان
ذلك إعتقادا سليما ومن هنا يقول الائمة ما عُبدَ الله بشيء مثل البداء)
ولهذا حدد الشيعة البداء فيما كان مشترطا في التقدير,يقول الشيخ المفيد: أقول في معنى البداء ما يقوله المسلمون بأجمعهم في النسخ وأمثاله, من الافقار بعد الاغناء والامراض بعد الاعفاء وبالاماتة بعد الاحياء وما يذهب اليه اهل العدل خاصة من الزيادة في الآجال والارزاق والنقصان منها بالاعمال.
ومن ذلك أيضا النسخ فيقول القرآن(ماننسخ من آية أو ننسيها نأت بخير منها أو مثلها)
فعملية النسخ هذه هي التعبير عن البداء الذي لايناقض علم الله المطلق فينسخ الله حكما بحكم. عندما لم يعد في الحكم المنسوخ
مصلحة. ويكون عامل الزمن مرتبطا بعملية النسخ هذه, وبالتالي فأن النسخ هذا لايعدو ان يكون مقيدا لأطلاق الحكم من حيث الزمان والنسخ ليس محصورا في الاطار التشريعي
فكذلك في الاطار التكويني,فان الانسان قد يخضع لمشيئة الله
والبداء,فيطول عمره بعد ان كان مكتوبا عليه قصره, او يقصر اذا كان مكتوبا عليه طوله, وذلك بإتيان شروط ذلك البداء.
فيكون البداء هو التقدير الالهي, لتغيير حكم على الانسان, وأخضاعه للقدر الالهي المشروط. فيكون بداءاً يجري في حدود الاقدار التي خلقها الله,وليس خارجها. تجاوبا مع الارادة
التي منّ بها الله على الانسان ليكون مسؤولا عن أفعاله. وحتى
لاأطيل في الكلام العقلي أوّد أن أقف على الآيات والمرويات التي تحدث عن البداء وهي كلها آيات قرآنية ظاهرها وباطنها
تدل عليه, كماأن المرويات كلها بسند أهل السنة والجماعة.
يقول تعالى(كل يوم هو في شأن)(يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)
(ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء
والارض) الاعراف 9
وكان يونس(ع) قد أخبر قومه بعذاب واقع, غير أن الله بدا له
في ذلك فلم ينزلّ عليهم العقاب.
وقال تعالى(فلولا كانت قرية آمنت فنفعهاإيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين)يونس 98
وهذا البداء يتعلق بالقدر المشروط,والشرط هنا هو الايمان
أما الاحاديث فقد كثرت في هذا المجال.
قال رسول الله(ص) (لايرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر,وأن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)
وعلى هذا تكون عقيدة البداء عند الشيعة هي نفسها عند السنة
إلاأن الاولين فهموها,وضبطوا إيقاعها العقائدي.بينما جهلها
أهل السنة وأعتقدوها من دون وعي.
المستبصر إدريس الحسيني
البداء بين السنة والشيعة
ماآخذ أعداء الشيعةِ الشيعةََ على شيء مثلما آخذوهم على مسألة
البداء إنطلاقاً من أن البداء في مفهومهِ الظاهر ينافي علم الله المطلق. وخلاصة القول في معنى البداء, إن الله يبدو له في أمر فيغيرهُ وفي شيء آخر يستبدلهُ.
وطبيعي أن ترفض مثل هذهِ العقائد, فيما لو بقينا واقفين على
عتباتها الظاهرة, ولا نقترب من مفهومها الحقيقي. وبما أن
البداء يعتبر من القضايا المهمة في الاعتقاد الامامي فإن أهل السنة أعتبروه ضرباً من الكفر, يخرج به الشيعة عن دائرة الاسلام.
ولست أدري كيف أن اهل السنة يرفضون ذلك, علما إنهم يؤمنون بأن الله يفعل كل شيء في ملكهِ, وإن مايصدر عنه
كلهُ عدل وإن كان قبحا,ولو كان البداء قبحا في رأيهم وثبت
بالنص صدورهُ عن الله لزم أن يقبلوه من زاوية أنه القبح الذي
جوزوا صدوره عن الله وأذا رفضوه يكونوا قد ناقضوا أولياتهم
في الكلام, وهي ان ما يصدر عن الله عدل وإن كان قبحا.
غير إن الحقيقة تبقى معلولة للجهل بمفهوم البداء لغة واصطلاحاً وإلاّ فأن البداء أحد العقائد الراسخة في مذهب ألعامة نفسها كما سنرى.
والسؤال: ماهو البداء؟ وماهي عقيدة الشيعة فيه؟
ليس البداء في اللغة,سوى الظهور, فنقول بدا الشيء أي ظهر.
وكذلك في معاجم اللغة العربية والقرآن يقول( وبدا لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون)
وحسب هذا المفهوم رفض السنّة( البداء) ولم يجوزوه على الله
مع إنهم يؤمنون عمليا بالبداء في مفهومهِ الاصطلاحي كما
يؤمن به الشيعة.
والشيعة أيضا لاتجوز البداء على الله حسب هذا التعريف اذ ان علم الله مطلق وواسع ظاهر وباطن اذ لايغيب على الله شيء
فيبدو له(وما يخفي على الله من شيء في الارض ولا في السماء) ابراهيم 38
ويقول الامام علي(ع) كل سر عندك علانية وكل غيب عندك شهادة 0نهج البلاغة0
وكلام الشيعة في البداء كثير وله أوجه كثيرة كلها ترتكز على ادلة عقلية ونقلية ونحن في هذا المقام المحكوم بالاجمال والايجاز, نرتئي الاقتصار على بعض من تلك الاوجه, توخياً
للايجاز.
هناك البداء في الأقدار بمعنى التغيير الذي يطرأ على قدر الانسان بالطاعة والعمل الصالح وذلك يقوم على أساس الاعتقاد بنوعين من القدر, قدر مطلق لايتغير كأن يقدر الله على الانسان الموت اذا أنقطع الاكسجين عنه ويموت اذا هوى
من الطائرة على صخرة من الارض.
وقدرآخر غير مطلق,قيده الله بشرط كأن يقدر عليك طول العمر بشرط صلة الرحم, ويقدر عليك الموت العاجل بشرط الزنا.وهذا النوع من القدر,هو موضوع البداء أي القدر الذي يتغير بأعمال العباد.( ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وهو على هذا الضرب أي هذا القدر سيبقى ساري المفعول بشرط الاّ تغير من أحوالك فأذا غيرت من أحوالك بدا
لله فيه الحكم الأخر,الذي هو القدر المشروط بذلك الفعل.
ولعل هذا النوع من البداء يدل على مسألة العدل والاختيار.
فمن عدل الله أن لايجبر الانسان على قدر واحد, حتى ولو غير
حالهُ وما التوبة والاستغفار سوى تعبير عن هذا البداء أي أن
الدعاء كما ورد عن اهل السنة أنفسهم يرد القدر.
وما يبدو لله بهذا الخصوص هو داخل في دائرة علم الله المطلق
وقدر ناسخ لقدر.
فالامام علي (ع) لماً انزاح عن الحائط المتهاوي وسأله واحد:
أهروبا هذا من قدر الله فقال:إن الهرب هو من قدر الله الى قدره. كماأن في ذلك دلالة قوية على إختيار الانسان وقدرته على تغيير مصيره بالطاعة والعمل الصالح. وهو أمر ينسجم مع عقيدة العدل في الجزاء والعقاب,الالهيين
وإذا كان البداء تعبيرا عن العدل الالهي والاختيار البشري,كان
ذلك إعتقادا سليما ومن هنا يقول الائمة ما عُبدَ الله بشيء مثل البداء)
ولهذا حدد الشيعة البداء فيما كان مشترطا في التقدير,يقول الشيخ المفيد: أقول في معنى البداء ما يقوله المسلمون بأجمعهم في النسخ وأمثاله, من الافقار بعد الاغناء والامراض بعد الاعفاء وبالاماتة بعد الاحياء وما يذهب اليه اهل العدل خاصة من الزيادة في الآجال والارزاق والنقصان منها بالاعمال.
ومن ذلك أيضا النسخ فيقول القرآن(ماننسخ من آية أو ننسيها نأت بخير منها أو مثلها)
فعملية النسخ هذه هي التعبير عن البداء الذي لايناقض علم الله المطلق فينسخ الله حكما بحكم. عندما لم يعد في الحكم المنسوخ
مصلحة. ويكون عامل الزمن مرتبطا بعملية النسخ هذه, وبالتالي فأن النسخ هذا لايعدو ان يكون مقيدا لأطلاق الحكم من حيث الزمان والنسخ ليس محصورا في الاطار التشريعي
فكذلك في الاطار التكويني,فان الانسان قد يخضع لمشيئة الله
والبداء,فيطول عمره بعد ان كان مكتوبا عليه قصره, او يقصر اذا كان مكتوبا عليه طوله, وذلك بإتيان شروط ذلك البداء.
فيكون البداء هو التقدير الالهي, لتغيير حكم على الانسان, وأخضاعه للقدر الالهي المشروط. فيكون بداءاً يجري في حدود الاقدار التي خلقها الله,وليس خارجها. تجاوبا مع الارادة
التي منّ بها الله على الانسان ليكون مسؤولا عن أفعاله. وحتى
لاأطيل في الكلام العقلي أوّد أن أقف على الآيات والمرويات التي تحدث عن البداء وهي كلها آيات قرآنية ظاهرها وباطنها
تدل عليه, كماأن المرويات كلها بسند أهل السنة والجماعة.
يقول تعالى(كل يوم هو في شأن)(يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)
(ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء
والارض) الاعراف 9
وكان يونس(ع) قد أخبر قومه بعذاب واقع, غير أن الله بدا له
في ذلك فلم ينزلّ عليهم العقاب.
وقال تعالى(فلولا كانت قرية آمنت فنفعهاإيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين)يونس 98
وهذا البداء يتعلق بالقدر المشروط,والشرط هنا هو الايمان
أما الاحاديث فقد كثرت في هذا المجال.
قال رسول الله(ص) (لايرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر,وأن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)
وعلى هذا تكون عقيدة البداء عند الشيعة هي نفسها عند السنة
إلاأن الاولين فهموها,وضبطوا إيقاعها العقائدي.بينما جهلها
أهل السنة وأعتقدوها من دون وعي.
المستبصر إدريس الحسيني
تعليق