ولاية الفقيه ام اغتصاب الولاية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وال محمد وسلموا تسليما
الدين الإسلامي ..دين مثالي كما هي كل الديانات الالهية ...وهذه المثالية ليست بعيدة عن الترجمة على ارض الواقع ...لكنه كالجسد الواحد ...فقط ارسم عين الانسان في لوحة ما ... في رقبته او يده وارفعها من وجهه وسوف ترى صورة نشاز هي اقرب ما يمكن تصوره في اي (دين اسلامي !!!) رسمته غير يد الله .
هذه الحساسية في مثالية الدين الاسلامي ودقتها لم تكن عن فراغ ...وترابط اجزائه – لوصح التعبير- وتناغمها فيما بينها لم يأت عن صدفة ... بل كان لحكمة جميلة من الله جل وعلا وهي فضح كل من يدعي منصبا في الاسلام بغير حق ..فالاسلام بيت الله ولاه ائمة هداة واذا تجرأت تولي البيت وادارة شؤونه دون اذن صاحبه فسوف تقع في المشاكل بكل تأكيد ...هذه المشاكل ستكون هي الكفيلة بفضحك واظهار الحقيقة وهي انك غاصب .
وكطبيعة اي غاصب فلا بد ان يورد له حجة على اغتصابه ...حتى امريكا حين ارادت احتلال العراق ..اخترعت حجة اسلحة الدمار الشامل ...مع جبروتها وتسلطها على العالم اجمع بالقوة .
ولاية الفقيه من نفس النمط ..فهي احتلال من مدعي التشيع لمنصب لم يجعله الله لهم واخترعوا لذلك حجج واهية ...وقدموا لهذا الاحتلال اسباب ظاهر وصفها دواء وقولها شفاء وفعلها الداء العياء ...لانك بمجرد ان تجمع لوحة افعالهم ستراهم رسموا العيون مكان الاقدام والاقدام بدل الايدي ثم قدموا صورة لانسان (اسلام !!!) اقرب ما يكون لمخلوق فضائي في فلم خيال علمي .
فمن جهة هم منصبون مكان الإمام ...من جهة اخرى كل خطأ يقومون به هو مقبول لانهم اناس غير معصومين ...بين هذه وتلك وشبيهاتها يخدعون الناس ويجعلونهم يمرون في دوامة من الاستدلالات الحوزوية البائسة ...ومع جهل الناس البسطاء بقواعد هذه الاستدلالات المعقدة يحكم مراجع التقليد واصحاب ولاية الفقيه الطوق على فطرة الانسان ويكتمون صوتها...والتعقيد فيها مقصود كي يبتعد به الداعي لمبدأ ولاية الفقيه عن الرقابة وفي نفس الوقت يحتاجه المجتهد لنفس الغاية ..ومن المضحك ان اغلب المعممين انفسهم لا يحسنون هذه القواعد بل ليسوا سوى ببغاوات تردد المصطلحات دون وعي وادراك ....واما من يدركها فهو غارق في ذروة الحلم الجميل بانه صار من جملة العلماء ...غير ناظر الى ان كل ما يظنه علم هو سراب حقيقي لانه مبني على قواعد عقلية ...والقواعد العقلية يمكن ان تنقض ويمكن ان تنتج – على فرض صحتها- نتائج مغلوطة بسبب المستخدم ...فالقواعد العقلية تختلف عن الاحكام العقلية ...وهم يشتتون الفارق بين الاثنين ويهمشونه فتراهم عندما يضربون الامثال ليقنعون احدا ما بصحة قواعدهم ..يضربون امثالا تتعلق بالاحكام العقلية ...مثلا العقل يحكم بان ما اراه لونه ابيض ...ولان العقل يحكم بذلك فان العقل له الحق في الحكم على رواية ما بانها يمكن ان تصدر عن معصوم او لا !!!
وبهذا الاسلوب من التهميش وخلط المفاهيم ودولاب الاستدلالات الحوزوية الذي فجاة يقلب الاعلى الى اسفل عندما يكون بحاجته ثم يعيد الاسفل اعلى عندما لا يخدمه ...وانت عليك ان تنصت حتى يتصدع رأسك ثم عليك ان تصفق لهم لانك لم تفهم شيء ...ولو كانو يتكلمون بالعقل لفهمهم اغلب الناس ...وهم ايضا يملكون عقول وليسوا حميرا يا حضرات السادة المراجع استعبدتم الشيعة دهرا ...تارة باسم التقليد ..واخرى باسم الولاية الحسبية ...واخرى باسم ولاية الفقيه ...لكن ليس الان ...فالان وقت شروق الشمس ...وعندما تشرق الشمس فالاولى بحجيران ومن لف لفه ان يرجعوا الى مغاراتهم قبل ان تتحجر اجسادهم باشعتها ...الشمس التي ظلت دهرا خلف السحاب ولم تذكروها الا حين كان ينفعكم ذكرها في تمرير أهواءكم ...ومن هذه الاهواء والمخترعات ...اختراع ولاية الفقيه ...
وهم يعتمدون اساسا في تحركهم ضمن ولاية الفقه على مقبولة عمر ابن حنظلة ويسمونها مقبولة لانها رواية ليست صحيحة بحسب منهجهم الحوزوي وهو منهج يلتزمون بخطوطه ما وافق اهوائهم ويتجاوزونه دون رقيب حين يقف عائقا امام مصالحهم ...ولست هنا لاناقش منهجهم الذي ليس سوى نتاج بشري غير مستند الى حقائق اسلامية وهو ما يكفي لغض النظر عن نقاشه في هذه المقالة ...لكني ساناقش اعتمادهم على هذه الرواية من زاوية اخرى وهو معنى الرواية الذي صرفوه عن حقيقته الى ما يوافق اهوائهم ونص الرواية هو :
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ صَفْوَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِي دَيْنٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَتَحَاكَمَا إِلَى السُّلْطَانِ أَوْ إِلَى الْقُضَاةِ أَ يَحِلُّ ذَلِكَ فَقَالَ مَنْ تَحَاكَمَ إِلَى الطَّاغُوتِ فَحَكَمَ لَهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ سُحْتاً وَ إِنْ كَانَ حَقُّهُ ثَابِتاً لِأَنَّهُ أَخَذَ بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُكْفَرَ بِهِ قُلْتُ كَيْفَ يَصْنَعَانِ قَالَ انْظُرُوا إِلَى مَنْ كَانَ مِنْكُمْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا وَ نَظَرَ فِي حَلَالِنَا وَ حَرَامِنَا وَ عَرَفَ أَحْكَامَنَا فَارْضَوْا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً فَإِذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ فَإِنَّمَا بِحُكْمِ اللَّهِ قَدِ اسْتَخَفَّ وَ عَلَيْنَا رَدَّ وَ الرَّادُّ عَلَيْنَا الرَّادُّ عَلَى اللَّهِ وَ هُوَ عَلَى حَدِّ الشِّرْكِ بِاللَّهِ . الكافي ج : 7 ص : 412
ومن ينظر الى الرواية بقليل من الانصاف يجدها تتحدث عن القضاء وليس عن ولاية الفقيه للامة لكن كالعادة فتهميش الفارق بين المعنيين مما لا يعجز عنه الاصوليون مع كل تلك الادوات العقلية التي وفروها لحرف الدين وفي نفس الوقت للافتخار بانهم عقلاء ...ولا ادري اين كانت عقولهم وقواعدهم العقلية عن التمييز الحقيقي لمفهوم الرواية وابسط المناقشات التي قد ترد على هذه الرواية :
1. ان الرواية لها صيغة اخرى قريبة جدا منها وهي تحدد معنى الحاكم بالقاضي : الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِيَّاكُمْ أَنْ يُحَاكِمَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً إِلَى أَهْلِ الْجَوْرِ وَ لَكِنِ انْظُرُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ يَعْلَمُ شَيْئاً مِنْ قَضَائِنَا فَاجْعَلُوهُ بَيْنَكُمْ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ قَاضِياً فَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ . الكافي ج : 7 ص : 412 الف
2. ان الرواية سئل السائل فيها الامام عن القضاء والتحاكم الى السلطان الجائر والطبيعي ان يحمل جواب الامام على السؤال جوابا عن القضاء وهو واضح من سياق الكلام كما يعبرون... اما صرف معنى جوابه عليه السلام الى امر اخر عن غير ما سئل عنه وهو ولاية الفقية للامة فهو مما يضحك الثكلى ...والامر اوضح من ان يشار اليه حتى ان الكليني رحمه الله لبداهة الامر اورد الرواية في كتابه في باب أصناف القضاة و حال قضاة الجور و الترافع إليهم : بَابُ كَرَاهِيَةِ الِارْتِفَاعِ إِلَى قُضَاةِ الْجَوْرِ
3. ان مع فرض اي من المعنيين لكلمة نصبته حاكما سواء التحاكم بمعنى الحكم بالمعنى الاشمل او بمعنى القضاء فان من شرط الحاكم في هذه الحالة ان يكون حكمه بالرواية وليس بالاجتهاد ...وليتضح المثال بلا تدليس واساليب حوزوية ملتوية فالناس حينما تسئل اي مجتهد عن مسئلة تكتب له ما رأي سماحتكم بكذا وكذا ....ولا تكتب له ما رأي الامام الصادق وهذا من المتسالم عليه لان المراجع انفسهم يقرون بان احكامهم ظنية وانها ليست حكم الله وبهذا يسقط كلا المعنيين من حقوقهم فهم ليس لهم حق الحكم ولا حق القضاء وعلى قول المثل : ما رضه بجزة رضه بجزة وخروف
4. ان الرواية لها تكملة طويلة وهذه هي الرواية باكملها واترك التعليق بعدها :
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِي دَيْنٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَتَحَاكَمَا إِلَى السُّلْطَانِ وَ إِلَى الْقُضَاةِ أَ يَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ مَنْ تَحَاكَمَ إِلَيْهِمْ فِي حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ فَإِنَّمَا تَحَاكَمَ إِلَى الطَّاغُوتِ وَ مَا يَحْكُمُ لَهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ سُحْتاً وَ إِنْ كَانَ حَقّاً ثَابِتاً لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُكْفَرَ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ قُلْتُ فَكَيْفَ يَصْنَعَانِ قَالَ يَنْظُرَانِ إِلَى مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مِمَّنْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا وَ نَظَرَ فِي حَلَالِنَا وَ حَرَامِنَا وَ عَرَفَ أَحْكَامَنَا فَلْيَرْضَوْا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً فَإِذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ فَإِنَّمَا اسْتَخَفَّ بِحُكْمِ اللَّهِ وَ عَلَيْنَا رَدَّ وَ الرَّادُّ عَلَيْنَا الرَّادُّ عَلَى اللَّهِ وَ هُوَ عَلَى حَدِّ الشِّرْكِ بِاللَّهِ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ كُلُّ رَجُلٍ اخْتَارَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا فَرَضِيَا أَنْ يَكُونَا النَّاظِرَيْنِ فِي حَقِّهِمَا وَ اخْتَلَفَا فِيمَا حَكَمَا وَ كِلَاهُمَا اخْتَلَفَا فِي حَدِيثِكُمْ قَالَ الْحُكْمُ مَا حَكَمَ بِهِ أَعْدَلُهُمَا وَ أَفْقَهُهُمَا وَ أَصْدَقُهُمَا فِي الْحَدِيثِ وَ أَوْرَعُهُمَا وَ لَا يَلْتَفِتْ إِلَى مَا يَحْكُمُ بِهِ الْآخَرُ قَالَ قُلْتُ فَإِنَّهُمَا عَدْلَانِ مَرْضِيَّانِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يُفَضَّلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ فَقَالَ يُنْظَرُ إِلَى مَا كَانَ مِنْ رِوَايَتِهِمْ عَنَّا فِي ذَلِكَ الَّذِي حَكَمَا بِهِ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِكَ فَيُؤْخَذُ بِهِ مِنْ حُكْمِنَا وَ يُتْرَكُ الشَّاذُّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ عِنْدَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَ إِنَّمَا الْأُمُورُ ثَلَاثَةٌ أَمْرٌ بَيِّنٌ رُشْدُهُ فَيُتَّبَعُ وَ أَمْرٌ بَيِّنٌ غَيُّهُ فَيُجْتَنَبُ وَ أَمْرٌ مُشْكِلٌ يُرَدُّ عِلْمُهُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى رَسُولِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَلَالٌ بَيِّنٌ وَ حَرَامٌ بَيِّنٌ وَ شُبُهَاتٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ نَجَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَ مَنْ أَخَذَ بِالشُّبُهَاتِ ارْتَكَبَ الْمُحَرَّمَاتِ وَ هَلَكَ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ الْخَبَرَانِ عَنْكُمَا مَشْهُورَيْنِ قَدْ رَوَاهُمَا الثِّقَاتُ عَنْكُمْ قَالَ يُنْظَرُ فَمَا وَافَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ خَالَفَ الْعَامَّةَ فَيُؤْخَذُ بِهِ وَ يُتْرَكُ مَا خَالَفَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ وَافَقَ الْعَامَّةَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ رَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْفَقِيهَانِ عَرَفَا حُكْمَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ وَجَدْنَا أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ مُوَافِقاً لِلْعَامَّةِ وَ الْآخَرَ مُخَالِفاً لَهُمْ بِأَيِّ الْخَبَرَيْنِ يُؤْخَذُ قَالَ مَا خَالَفَ الْعَامَّةَ فَفِيهِ الرَّشَادُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنْ وَافَقَهُمَا الْخَبَرَانِ جَمِيعاً قَالَ يُنْظَرُ إِلَى مَا هُمْ إِلَيْهِ أَمْيَلُ حُكَّامُهُمْ وَ قُضَاتُهُمْ فَيُتْرَكُ وَ يُؤْخَذُ بِالْآخَرِ قُلْتُ فَإِنْ وَافَقَ حُكَّامُهُمُ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعاً قَالَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَرْجِهْ حَتَّى تَلْقَى إِمَامَكَ فَإِنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ خَيْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِي الْهَلَكَاتِ . الكافي ج : 1
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وال محمد وسلموا تسليما
الدين الإسلامي ..دين مثالي كما هي كل الديانات الالهية ...وهذه المثالية ليست بعيدة عن الترجمة على ارض الواقع ...لكنه كالجسد الواحد ...فقط ارسم عين الانسان في لوحة ما ... في رقبته او يده وارفعها من وجهه وسوف ترى صورة نشاز هي اقرب ما يمكن تصوره في اي (دين اسلامي !!!) رسمته غير يد الله .
هذه الحساسية في مثالية الدين الاسلامي ودقتها لم تكن عن فراغ ...وترابط اجزائه – لوصح التعبير- وتناغمها فيما بينها لم يأت عن صدفة ... بل كان لحكمة جميلة من الله جل وعلا وهي فضح كل من يدعي منصبا في الاسلام بغير حق ..فالاسلام بيت الله ولاه ائمة هداة واذا تجرأت تولي البيت وادارة شؤونه دون اذن صاحبه فسوف تقع في المشاكل بكل تأكيد ...هذه المشاكل ستكون هي الكفيلة بفضحك واظهار الحقيقة وهي انك غاصب .
وكطبيعة اي غاصب فلا بد ان يورد له حجة على اغتصابه ...حتى امريكا حين ارادت احتلال العراق ..اخترعت حجة اسلحة الدمار الشامل ...مع جبروتها وتسلطها على العالم اجمع بالقوة .
ولاية الفقيه من نفس النمط ..فهي احتلال من مدعي التشيع لمنصب لم يجعله الله لهم واخترعوا لذلك حجج واهية ...وقدموا لهذا الاحتلال اسباب ظاهر وصفها دواء وقولها شفاء وفعلها الداء العياء ...لانك بمجرد ان تجمع لوحة افعالهم ستراهم رسموا العيون مكان الاقدام والاقدام بدل الايدي ثم قدموا صورة لانسان (اسلام !!!) اقرب ما يكون لمخلوق فضائي في فلم خيال علمي .
فمن جهة هم منصبون مكان الإمام ...من جهة اخرى كل خطأ يقومون به هو مقبول لانهم اناس غير معصومين ...بين هذه وتلك وشبيهاتها يخدعون الناس ويجعلونهم يمرون في دوامة من الاستدلالات الحوزوية البائسة ...ومع جهل الناس البسطاء بقواعد هذه الاستدلالات المعقدة يحكم مراجع التقليد واصحاب ولاية الفقيه الطوق على فطرة الانسان ويكتمون صوتها...والتعقيد فيها مقصود كي يبتعد به الداعي لمبدأ ولاية الفقيه عن الرقابة وفي نفس الوقت يحتاجه المجتهد لنفس الغاية ..ومن المضحك ان اغلب المعممين انفسهم لا يحسنون هذه القواعد بل ليسوا سوى ببغاوات تردد المصطلحات دون وعي وادراك ....واما من يدركها فهو غارق في ذروة الحلم الجميل بانه صار من جملة العلماء ...غير ناظر الى ان كل ما يظنه علم هو سراب حقيقي لانه مبني على قواعد عقلية ...والقواعد العقلية يمكن ان تنقض ويمكن ان تنتج – على فرض صحتها- نتائج مغلوطة بسبب المستخدم ...فالقواعد العقلية تختلف عن الاحكام العقلية ...وهم يشتتون الفارق بين الاثنين ويهمشونه فتراهم عندما يضربون الامثال ليقنعون احدا ما بصحة قواعدهم ..يضربون امثالا تتعلق بالاحكام العقلية ...مثلا العقل يحكم بان ما اراه لونه ابيض ...ولان العقل يحكم بذلك فان العقل له الحق في الحكم على رواية ما بانها يمكن ان تصدر عن معصوم او لا !!!
وبهذا الاسلوب من التهميش وخلط المفاهيم ودولاب الاستدلالات الحوزوية الذي فجاة يقلب الاعلى الى اسفل عندما يكون بحاجته ثم يعيد الاسفل اعلى عندما لا يخدمه ...وانت عليك ان تنصت حتى يتصدع رأسك ثم عليك ان تصفق لهم لانك لم تفهم شيء ...ولو كانو يتكلمون بالعقل لفهمهم اغلب الناس ...وهم ايضا يملكون عقول وليسوا حميرا يا حضرات السادة المراجع استعبدتم الشيعة دهرا ...تارة باسم التقليد ..واخرى باسم الولاية الحسبية ...واخرى باسم ولاية الفقيه ...لكن ليس الان ...فالان وقت شروق الشمس ...وعندما تشرق الشمس فالاولى بحجيران ومن لف لفه ان يرجعوا الى مغاراتهم قبل ان تتحجر اجسادهم باشعتها ...الشمس التي ظلت دهرا خلف السحاب ولم تذكروها الا حين كان ينفعكم ذكرها في تمرير أهواءكم ...ومن هذه الاهواء والمخترعات ...اختراع ولاية الفقيه ...
وهم يعتمدون اساسا في تحركهم ضمن ولاية الفقه على مقبولة عمر ابن حنظلة ويسمونها مقبولة لانها رواية ليست صحيحة بحسب منهجهم الحوزوي وهو منهج يلتزمون بخطوطه ما وافق اهوائهم ويتجاوزونه دون رقيب حين يقف عائقا امام مصالحهم ...ولست هنا لاناقش منهجهم الذي ليس سوى نتاج بشري غير مستند الى حقائق اسلامية وهو ما يكفي لغض النظر عن نقاشه في هذه المقالة ...لكني ساناقش اعتمادهم على هذه الرواية من زاوية اخرى وهو معنى الرواية الذي صرفوه عن حقيقته الى ما يوافق اهوائهم ونص الرواية هو :
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ صَفْوَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِي دَيْنٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَتَحَاكَمَا إِلَى السُّلْطَانِ أَوْ إِلَى الْقُضَاةِ أَ يَحِلُّ ذَلِكَ فَقَالَ مَنْ تَحَاكَمَ إِلَى الطَّاغُوتِ فَحَكَمَ لَهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ سُحْتاً وَ إِنْ كَانَ حَقُّهُ ثَابِتاً لِأَنَّهُ أَخَذَ بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُكْفَرَ بِهِ قُلْتُ كَيْفَ يَصْنَعَانِ قَالَ انْظُرُوا إِلَى مَنْ كَانَ مِنْكُمْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا وَ نَظَرَ فِي حَلَالِنَا وَ حَرَامِنَا وَ عَرَفَ أَحْكَامَنَا فَارْضَوْا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً فَإِذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ فَإِنَّمَا بِحُكْمِ اللَّهِ قَدِ اسْتَخَفَّ وَ عَلَيْنَا رَدَّ وَ الرَّادُّ عَلَيْنَا الرَّادُّ عَلَى اللَّهِ وَ هُوَ عَلَى حَدِّ الشِّرْكِ بِاللَّهِ . الكافي ج : 7 ص : 412
ومن ينظر الى الرواية بقليل من الانصاف يجدها تتحدث عن القضاء وليس عن ولاية الفقيه للامة لكن كالعادة فتهميش الفارق بين المعنيين مما لا يعجز عنه الاصوليون مع كل تلك الادوات العقلية التي وفروها لحرف الدين وفي نفس الوقت للافتخار بانهم عقلاء ...ولا ادري اين كانت عقولهم وقواعدهم العقلية عن التمييز الحقيقي لمفهوم الرواية وابسط المناقشات التي قد ترد على هذه الرواية :
1. ان الرواية لها صيغة اخرى قريبة جدا منها وهي تحدد معنى الحاكم بالقاضي : الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِيَّاكُمْ أَنْ يُحَاكِمَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً إِلَى أَهْلِ الْجَوْرِ وَ لَكِنِ انْظُرُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ يَعْلَمُ شَيْئاً مِنْ قَضَائِنَا فَاجْعَلُوهُ بَيْنَكُمْ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ قَاضِياً فَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ . الكافي ج : 7 ص : 412 الف
2. ان الرواية سئل السائل فيها الامام عن القضاء والتحاكم الى السلطان الجائر والطبيعي ان يحمل جواب الامام على السؤال جوابا عن القضاء وهو واضح من سياق الكلام كما يعبرون... اما صرف معنى جوابه عليه السلام الى امر اخر عن غير ما سئل عنه وهو ولاية الفقية للامة فهو مما يضحك الثكلى ...والامر اوضح من ان يشار اليه حتى ان الكليني رحمه الله لبداهة الامر اورد الرواية في كتابه في باب أصناف القضاة و حال قضاة الجور و الترافع إليهم : بَابُ كَرَاهِيَةِ الِارْتِفَاعِ إِلَى قُضَاةِ الْجَوْرِ
3. ان مع فرض اي من المعنيين لكلمة نصبته حاكما سواء التحاكم بمعنى الحكم بالمعنى الاشمل او بمعنى القضاء فان من شرط الحاكم في هذه الحالة ان يكون حكمه بالرواية وليس بالاجتهاد ...وليتضح المثال بلا تدليس واساليب حوزوية ملتوية فالناس حينما تسئل اي مجتهد عن مسئلة تكتب له ما رأي سماحتكم بكذا وكذا ....ولا تكتب له ما رأي الامام الصادق وهذا من المتسالم عليه لان المراجع انفسهم يقرون بان احكامهم ظنية وانها ليست حكم الله وبهذا يسقط كلا المعنيين من حقوقهم فهم ليس لهم حق الحكم ولا حق القضاء وعلى قول المثل : ما رضه بجزة رضه بجزة وخروف
4. ان الرواية لها تكملة طويلة وهذه هي الرواية باكملها واترك التعليق بعدها :
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِي دَيْنٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَتَحَاكَمَا إِلَى السُّلْطَانِ وَ إِلَى الْقُضَاةِ أَ يَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ مَنْ تَحَاكَمَ إِلَيْهِمْ فِي حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ فَإِنَّمَا تَحَاكَمَ إِلَى الطَّاغُوتِ وَ مَا يَحْكُمُ لَهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ سُحْتاً وَ إِنْ كَانَ حَقّاً ثَابِتاً لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُكْفَرَ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ قُلْتُ فَكَيْفَ يَصْنَعَانِ قَالَ يَنْظُرَانِ إِلَى مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مِمَّنْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا وَ نَظَرَ فِي حَلَالِنَا وَ حَرَامِنَا وَ عَرَفَ أَحْكَامَنَا فَلْيَرْضَوْا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً فَإِذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ فَإِنَّمَا اسْتَخَفَّ بِحُكْمِ اللَّهِ وَ عَلَيْنَا رَدَّ وَ الرَّادُّ عَلَيْنَا الرَّادُّ عَلَى اللَّهِ وَ هُوَ عَلَى حَدِّ الشِّرْكِ بِاللَّهِ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ كُلُّ رَجُلٍ اخْتَارَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا فَرَضِيَا أَنْ يَكُونَا النَّاظِرَيْنِ فِي حَقِّهِمَا وَ اخْتَلَفَا فِيمَا حَكَمَا وَ كِلَاهُمَا اخْتَلَفَا فِي حَدِيثِكُمْ قَالَ الْحُكْمُ مَا حَكَمَ بِهِ أَعْدَلُهُمَا وَ أَفْقَهُهُمَا وَ أَصْدَقُهُمَا فِي الْحَدِيثِ وَ أَوْرَعُهُمَا وَ لَا يَلْتَفِتْ إِلَى مَا يَحْكُمُ بِهِ الْآخَرُ قَالَ قُلْتُ فَإِنَّهُمَا عَدْلَانِ مَرْضِيَّانِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يُفَضَّلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ فَقَالَ يُنْظَرُ إِلَى مَا كَانَ مِنْ رِوَايَتِهِمْ عَنَّا فِي ذَلِكَ الَّذِي حَكَمَا بِهِ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِكَ فَيُؤْخَذُ بِهِ مِنْ حُكْمِنَا وَ يُتْرَكُ الشَّاذُّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ عِنْدَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَ إِنَّمَا الْأُمُورُ ثَلَاثَةٌ أَمْرٌ بَيِّنٌ رُشْدُهُ فَيُتَّبَعُ وَ أَمْرٌ بَيِّنٌ غَيُّهُ فَيُجْتَنَبُ وَ أَمْرٌ مُشْكِلٌ يُرَدُّ عِلْمُهُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى رَسُولِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَلَالٌ بَيِّنٌ وَ حَرَامٌ بَيِّنٌ وَ شُبُهَاتٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ نَجَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَ مَنْ أَخَذَ بِالشُّبُهَاتِ ارْتَكَبَ الْمُحَرَّمَاتِ وَ هَلَكَ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ الْخَبَرَانِ عَنْكُمَا مَشْهُورَيْنِ قَدْ رَوَاهُمَا الثِّقَاتُ عَنْكُمْ قَالَ يُنْظَرُ فَمَا وَافَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ خَالَفَ الْعَامَّةَ فَيُؤْخَذُ بِهِ وَ يُتْرَكُ مَا خَالَفَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ وَافَقَ الْعَامَّةَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ رَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْفَقِيهَانِ عَرَفَا حُكْمَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ وَجَدْنَا أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ مُوَافِقاً لِلْعَامَّةِ وَ الْآخَرَ مُخَالِفاً لَهُمْ بِأَيِّ الْخَبَرَيْنِ يُؤْخَذُ قَالَ مَا خَالَفَ الْعَامَّةَ فَفِيهِ الرَّشَادُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنْ وَافَقَهُمَا الْخَبَرَانِ جَمِيعاً قَالَ يُنْظَرُ إِلَى مَا هُمْ إِلَيْهِ أَمْيَلُ حُكَّامُهُمْ وَ قُضَاتُهُمْ فَيُتْرَكُ وَ يُؤْخَذُ بِالْآخَرِ قُلْتُ فَإِنْ وَافَقَ حُكَّامُهُمُ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعاً قَالَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَرْجِهْ حَتَّى تَلْقَى إِمَامَكَ فَإِنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ خَيْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِي الْهَلَكَاتِ . الكافي ج : 1
تعليق