إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وحملها الإنسان إنهُ كان ظلوماً جهولاً

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وحملها الإنسان إنهُ كان ظلوماً جهولاً

    وحملها الإنسان إنهُ كان ظلوماً جهولاً

    استدعى عبدالملك بن مروان يوماً ابن عيينة وقال له:
    أريد أن أولّيك مصر وأعهد إليك بإدارة أمورها.
    وكان ابن عيينة عارفاً بما يحف بهذهِ التولية من أخطار ويدرك أن قبولها من دون أن يتعرض لخطر التلوث بظلم أو جور غير ممكن.
    فقال لعبد الملك: يا أمير المؤمنين إنني قد اعتزلت ولا قدرة لي على القيام بما تعهدهُ إلي.

    فغضِب عبدالملك وقال محتداً: إنها ولاية يبذل الآخرون الأرواح في طلبها ويتسببون لها الأسباب فأعرضها عليك من طلب منك فترفضها؟
    فقال لعبدالملك: يا أمير المؤمنين أتأذن لي بكلمة؟
    فقال: قل.
    قال: جاء في القرآن {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }الأحزاب72
    فالله تعالى لم يغضب عندما أبين أن يحملنها ولكنك غضبت إذ امتنعت عن قبول ولاية مصر؟
    فزال غضب عبدالملك وأكرمه.

    إن العقل والضمير اليقظ وكرامة النفس والوجدان الواعي كلها توجب على الإنسان أن يتدبر أعماله وأن لايحيد عن طرق الحق والفضيلة وأن لا يقرب الأعمال غير الإنسانية التي يأباها الضمير وأن لايلوث نفسه بالفساد والخبث وأن لا يدوس على الكرامة الإنسانية في سبيل الوصول إلى الدنيا عن طريق غير مشروع.

    كان الإمام علي (عليهِ السلام) أيام خلافتهِ يطرق الأسواق يستطلع أمرها ويوصي أصحابها فمر يوماً في سوق التمّارين وإذا بصبية تبكي فوقف وسألها عما بها.
    فقالت: أعطاني سيّدي درهماً اشتري بهِ تمراً فاشتريته من هذا البقال وذهبت به إلى الدار فلم يعجبهم فجئت أرده عليه فأبى رده.
    فالتفت الإمام إلى البقال وقال له: هذهِ الصبية خادمة وليس الأمر باختيارها فخذ التمر وردّ إليها نقودها.
    فنهض البقال ووضع يده في صدر الإمام يدفعه عن محله أمام أنظار المارة وأصحاب السوق فنهره بعضهم قائلاً ويلك ماذا تفعل؟ هذا أمير المؤمنين.
    فخاف الرجل واصفر لونه وأسرع ياخذ التمر من الصبية ويردّ إليها درهمها ثم قال:
    يا أمير المؤمنين ارض عني؟
    فقال (عليهِ السلام): ما أرضاني عنك إن صلحت أمرك.
    شرح مكارم الأخلاق /الجزء -2-

    وقفة مع هذهِ القصص التربوية:
    لما نعرف أمير المؤمنين (عليهِ السلام) يتطلع أحوال الناس بالعدل والإنصاف والحقوق وقضاء حوائج المحتاجين ويساعد الضعيف ويطعم الجائع من بيت مال المسلمين ويحاسب المقصرين ويقيم حدود الله على المفسدين في الأرض .
    فأين فقهاء الدين وولاة أمر المسلمين ؟ ولماذا لايتعايشون مع الناس ويقفون بدمهم ولحمهم بوجه الظالمين والمنحرفين ؟ ولماذا يعيش الكثير من الناس بلا مأوى ولا طعام يسد رمق عيشهم ؟ وهناك ما لايعد ولا يحصى من الإبتلاءات التي أصابت المجتمع الإسلامي وكأن هذا الأمر لايعني فقهاء السوء شيئاً.
    أليس ذلك يدل على إننا نعيش ما وصفه لنا أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عن تولي هذهِ الأمة الإسلامية فقهاء للدين خونة وقضاة في العدل فجرة ؟
    عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام):

    ((إذا خرج القائم (ع) ينتقــم من أهـلِ الفتـوى بما لايعلمون ، فتعساً لهم ولأتباعهم ، أوكان الدينُ ناقصاً فتمّموه ؟ أم بهِ عِوَجُ فقوّموه ؟ أم أمر الناس بالخلاف فأطاعوه ؟ أم أمرهم بالصواب فعصوه ؟ أم همَّ المختارفيما أوحى إليهِ فذكَّروه ؟ أم الدين لم يكتمل على عهدهِ فكمَّلوه ؟ أم جاء نبَّيُ بعدهُ فاتبعوه )) بيان الأئمــة/ ج3 ، ص298
    .
يعمل...
X