من وحي الهوبيت .. بلبو باجنز
يصف مؤلف الرواية (ج.ر.ر توكين) جنس من البشر سماهم (الهوبيت) وهم بقدر نصف طول قامة الإنسان الاعتيادي وأقصر من القزم ، وهم يحبون الحياة والمرح والحفلات ، والأكل على وجه خاص ، وهم ليسوا معروفين -على حد وصفه- لا بالعلم ولا الحكمة ، هم مجرد أناس بسطاء لطفاء يحبون العيش بهدوء وسلام ولا يحبون خوض أي مغامرة ، الا ان ال باجنز كانت عائلة مختلفة قائلاً عن أولئك الذين كانوا يعيشون في المقاطعة ضمن الارض الوسطى ، كونهم خاضوا تجربة المغامرات طبعاً بسبب معرفتهم المسبقة والخاصة بالساحر (جاندالف) الذي اختار ال باكنز لمغامراته الشيقة دون باقي الهوبيت ، وكان أولهم والد بطلنا وكان بلبو هو التالي .
يصور الكاتب ان "بلبو" كان منعزلاً لفترة من عمره ولا يستقبل الكثير من الزوار ، الا انه يحب الزوار في حالة كان لديهم موعد مسبق ، والقصة في بدايتها تحكي عن زيارة مفاجاة للساحر جاندالف لمنزل بلبو الذي تركه منذ سنوات ايام والده ، حتى ان بلبو لم يتعرف عليه اول وهلة ، وبعد ان عرفه بنفسه عرض عليه المغامرة ، طبعاً رفضها ، المشكلة ان بطلنا كان يعيش في عالم حتى العقد الخامس من عمره الى اليوم لذي جاءه الساحر مليء بوسائل الراحة والسكينة دون منغصات او مشاكل تكدرعليه صفو الحياة ، والدليل على ذلك هو كلمات النشيد الذي ردده الاقزام ال12 حين انتهوا من العشاء في منزله برفقة الساحر واخذوا بغسل الاطباق والأواني مرددين :-
حطم هذه الأطباق ولنخدم هذه الكؤوس
ارم الآنية الخزفية في الماء المغلي
واكسرها برنين يدوي كالناقوس
وعندما ينتهي هذا الأمر
ربما يتبقى منها البعض سليماً
فارسل باقيها يتدحرج في البهو كما يختار
هذا ما يمقته (بلبو باجنز) كل المقت
الهوبيت بلبو باجنز
هنا محاولة للتأكيد على الأجواء المنزلية الهادية التي يغرق فيها بلبو ، فالأطباق والأكل والأواني الخزفية هي كل ما يشغله ، فكيف سيخرج من هذه البودقة الصغيرة الضيقة ليلحق بمغامرة بمواجهة التنانين والوحوش ؟!...ان ما نود ان نشير اليه هو الرموز المبطنة التي تقبع خلف تفاصيل قصة توكين ، فبلبلو هو رمز الإنسان المشغول بأمور الدنيا وهمومها غافلاً عن مكنونات داخله والطاقات التي أودعها الله فيه ، لكنه في ذات الوقت مفتقر الى التذكير بالإمكانات المخفية في دواخله ، وقد كانت الشرارة الأولى من جاندالف الساحر الاب الروحي للاقزام ورفيقهم الداءم في وقت الشدائد ، وهو الآخر يرمز الى ربما الى روح التسديد الالهي التي تكون بمعية الإنسان المظلوم والمؤمن حين تتلقفه يد الرحمة الإلهية وتوقضه من الغفلة والسبات ، الا ان جاندالف محتاج بطبيعة الحال الى معونة ومعية الاقزام ال13 ومن ضمنهم القائد (ثورن) ، هذه الرفقة والمجموعة ترتبط بشكل واضح بمنهجية وفكرة دينية ترجع ربما الى خلفية ومبتنيات الكاتب الدينية المسيحية ، فالأقزام ال13 هم ألفئة المستضعفة من الناس الذين لا يؤبه بهم لأنهم أصغر شيء في العيون ، ولكن بحوزتهم ما لا تراه العين ، وهو يتمثل بالإيمان الحقيقي بالقدرة والعزم على تغيير العالم وتمكين الخليفة الالهي من استعادة كنزه المفقود وارثه المسروق منذ عقود من الزمان .
نعود الى بطلنا بلبو .. ولنسال انفسنا :لماذا جعله الكاتب بطلاً لقصته دون الساحر والملك والأقزام ؟... والجواب يكون من خلال الالتفات الى ان الكاتب حاول ان يداعب وجدان وعقل الأغلبية من قراء القصة كنوع من المحاكاة بين الخيال القصصي وواقع الحياة ، فلا بد للإنسان الذي يعيش لسنوات عمره بحياة هادئة ومترفة بعيدة عن الهدف السامي الذي خلقه الله لأجله ، وأدار ظهره للقدر الذي ينتظره وما ادخر له ، ولم يجعل هم المصلح الموعود لإنقاذ البشرية رقماً أولاً في اهتماماته ، لا بد لهذا الإنسان صاحب البذرة الطيبة برغم ذاك ان يصحو من رقدته وينتبه ويتفاعل مع الإشارات الإلهية في الكون علامةً على قرب الفرج ، وإذا به يشمر عن ساعده وينتفض ويتجرا ان يعيش المغامرة الصعبة التي هي من صميم الواقع بعد ان كانت من نسج الخيال المحض
يصف مؤلف الرواية (ج.ر.ر توكين) جنس من البشر سماهم (الهوبيت) وهم بقدر نصف طول قامة الإنسان الاعتيادي وأقصر من القزم ، وهم يحبون الحياة والمرح والحفلات ، والأكل على وجه خاص ، وهم ليسوا معروفين -على حد وصفه- لا بالعلم ولا الحكمة ، هم مجرد أناس بسطاء لطفاء يحبون العيش بهدوء وسلام ولا يحبون خوض أي مغامرة ، الا ان ال باجنز كانت عائلة مختلفة قائلاً عن أولئك الذين كانوا يعيشون في المقاطعة ضمن الارض الوسطى ، كونهم خاضوا تجربة المغامرات طبعاً بسبب معرفتهم المسبقة والخاصة بالساحر (جاندالف) الذي اختار ال باكنز لمغامراته الشيقة دون باقي الهوبيت ، وكان أولهم والد بطلنا وكان بلبو هو التالي .
يصور الكاتب ان "بلبو" كان منعزلاً لفترة من عمره ولا يستقبل الكثير من الزوار ، الا انه يحب الزوار في حالة كان لديهم موعد مسبق ، والقصة في بدايتها تحكي عن زيارة مفاجاة للساحر جاندالف لمنزل بلبو الذي تركه منذ سنوات ايام والده ، حتى ان بلبو لم يتعرف عليه اول وهلة ، وبعد ان عرفه بنفسه عرض عليه المغامرة ، طبعاً رفضها ، المشكلة ان بطلنا كان يعيش في عالم حتى العقد الخامس من عمره الى اليوم لذي جاءه الساحر مليء بوسائل الراحة والسكينة دون منغصات او مشاكل تكدرعليه صفو الحياة ، والدليل على ذلك هو كلمات النشيد الذي ردده الاقزام ال12 حين انتهوا من العشاء في منزله برفقة الساحر واخذوا بغسل الاطباق والأواني مرددين :-
حطم هذه الأطباق ولنخدم هذه الكؤوس
ارم الآنية الخزفية في الماء المغلي
واكسرها برنين يدوي كالناقوس
وعندما ينتهي هذا الأمر
ربما يتبقى منها البعض سليماً
فارسل باقيها يتدحرج في البهو كما يختار
هذا ما يمقته (بلبو باجنز) كل المقت
الهوبيت بلبو باجنز
هنا محاولة للتأكيد على الأجواء المنزلية الهادية التي يغرق فيها بلبو ، فالأطباق والأكل والأواني الخزفية هي كل ما يشغله ، فكيف سيخرج من هذه البودقة الصغيرة الضيقة ليلحق بمغامرة بمواجهة التنانين والوحوش ؟!...ان ما نود ان نشير اليه هو الرموز المبطنة التي تقبع خلف تفاصيل قصة توكين ، فبلبلو هو رمز الإنسان المشغول بأمور الدنيا وهمومها غافلاً عن مكنونات داخله والطاقات التي أودعها الله فيه ، لكنه في ذات الوقت مفتقر الى التذكير بالإمكانات المخفية في دواخله ، وقد كانت الشرارة الأولى من جاندالف الساحر الاب الروحي للاقزام ورفيقهم الداءم في وقت الشدائد ، وهو الآخر يرمز الى ربما الى روح التسديد الالهي التي تكون بمعية الإنسان المظلوم والمؤمن حين تتلقفه يد الرحمة الإلهية وتوقضه من الغفلة والسبات ، الا ان جاندالف محتاج بطبيعة الحال الى معونة ومعية الاقزام ال13 ومن ضمنهم القائد (ثورن) ، هذه الرفقة والمجموعة ترتبط بشكل واضح بمنهجية وفكرة دينية ترجع ربما الى خلفية ومبتنيات الكاتب الدينية المسيحية ، فالأقزام ال13 هم ألفئة المستضعفة من الناس الذين لا يؤبه بهم لأنهم أصغر شيء في العيون ، ولكن بحوزتهم ما لا تراه العين ، وهو يتمثل بالإيمان الحقيقي بالقدرة والعزم على تغيير العالم وتمكين الخليفة الالهي من استعادة كنزه المفقود وارثه المسروق منذ عقود من الزمان .
نعود الى بطلنا بلبو .. ولنسال انفسنا :لماذا جعله الكاتب بطلاً لقصته دون الساحر والملك والأقزام ؟... والجواب يكون من خلال الالتفات الى ان الكاتب حاول ان يداعب وجدان وعقل الأغلبية من قراء القصة كنوع من المحاكاة بين الخيال القصصي وواقع الحياة ، فلا بد للإنسان الذي يعيش لسنوات عمره بحياة هادئة ومترفة بعيدة عن الهدف السامي الذي خلقه الله لأجله ، وأدار ظهره للقدر الذي ينتظره وما ادخر له ، ولم يجعل هم المصلح الموعود لإنقاذ البشرية رقماً أولاً في اهتماماته ، لا بد لهذا الإنسان صاحب البذرة الطيبة برغم ذاك ان يصحو من رقدته وينتبه ويتفاعل مع الإشارات الإلهية في الكون علامةً على قرب الفرج ، وإذا به يشمر عن ساعده وينتفض ويتجرا ان يعيش المغامرة الصعبة التي هي من صميم الواقع بعد ان كانت من نسج الخيال المحض
تعليق