لم يقف القرآن على قصة مولد احد ولد آدم كوقوفه على مولد يحيى(عليه السلام) وليس ذاك الا لأهمية العبرة الموجودة في القصة (لقد كان في قصصهم عبرة)⁽¹⁾، اراد الله سبحانه من الإنسان المسلم والمصدق بدين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وكتابه ان يتدبر في معاني تلك القصص التي سردت في مناسبات عدة داخل محتوى القرآن معجزة الرسول الخالدة، من بين تلك القصص قصة الاعجاز في مولد يحيى (عليه السلام) بعد طول يأس وقد ذكرت في ثلاث مواضع منه:
اولاً: سورة مريم :
1. كهيعص
2. ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا
3. إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا
4. قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا
5. وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا
6. يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا
7. يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا
8. قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا
9. قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا
10. قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا
ثانياً:سورة الانبياء:
1. فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ
2. قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء
3. قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ
ثالثا : سورة آل عمران:
1. وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ
2. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ
وقد ورد في تفسير الآيات الحاكية عن القصة ما يلي:
1.ورد عن علي بن إبراهيم: روى أبو الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قوله تعالى: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا يقول: «ذكر ربك عبده فرحمه»إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي يقول:«ضعف»وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا يقول: «لم يكن دعائي خائبا عندك».وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي يقول: «خفت الورثة من بعدي»وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً يقول: «لم يكن لزكريا يومئذ ولد يقوم مقامه، و يرثه، و كانت هدايا بني إسرائيل و نذورهم للأحبار، و كان زكريا رئيس الأحبار، و كانت امرأة زكريا اخت مريم بنت عمران بن ماثان، و بنو ماثان، إذ ذاك رؤساء بني إسرائيل و بنو ملوكهم، و هم من ولد سليمان بن داود فقال زكريا: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا يقول: لم يسم باسم يحيى أحد قبله قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا فهو اليؤوس قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا صحيحا من غير مرض».تفسير القمي ج2 ص48
2. عن الريان بن شبيب قال : دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم ، فقال : (ياابن شبيب أصائم أنت ؟ فقلت : لا ، فقال : إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا عليه السلام ربه فقال : ً رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ً فاستجاب الله له وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب ً إن الله يبشرك بيحيى ً فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عزوجل استجاب الله له كما استجاب لزكريا عليه السلام)عيون الاخبار ج2 ص268)
3..- روى ابن شهر آشوب في كتابه مناقب آل ابي طالب ( ج 3 ص 237 ) : عن اسحاق الاحمر قال سألت الحجة ( ع ) عن قول الله تعالى ( كهيعص ) ، فقال : (هذه الحروف من أنباء الغيب اطلع الله عليه عبده زكريا ثم قصها على محمد ( ص ) وذلك ان زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل وعلمه إياها وكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين سرى عنه همه وانجلى كربه وإذا ذكر الحسين غلبته العبرة ووقعت عليه الزفرة فقالت ذات يوم : إلهي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي وإذا ذكرث الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي فأنبأه الله في قصته فقال : كهيعص ، فالكاف اسم كربلاء ، والهاء هلاك العترة ، والياء يزيد وهو ظالم للحسين ، والعين عطشه ، والصاد صبره . فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع الناس من الدخول عليه وأقبل على البكاء والنحيب ويقول : إلهي أتفجع خير خلقك بولده إلهي أتنزل الرزية بفنائه إلهي أتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة إلهي أتحل هذه الفجيعة بساحتهما ، ثم كان يقول : اللهم ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر واجعله وارثا رضيا يوازي محله مني الحسين فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم افجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده فرزقه يحيى وفجعه به ، وكان حمل يحيى ستة اشهر ، وحمل الحسين ستة اشهر ، وذبح يحيى كما ذبح الحسين ولم تبك السماء والارض إلا عليهما .)
ولادة يحيى في الانجيل
كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ .وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ، سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلاَ لَوْمٍ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ، إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِرًا. وَكَانَا كِلاَهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا. فَبَيْنَمَا هُوَ يَكْهَنُ فِي نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ أَمَامَ اللهِ، حَسَبَ عَادَةِ الْكَهَنُوتِ، أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ وَيُبَخِّرَ. وَكَانَ كُلُّ جُمْهُورِ الشَّعْبِ يُصَلُّونَ خَارِجًا وَقْتَ الْبَخُورِ. فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ فَلَمَّا رَآهُ زَكَرِيَّا اضْطَرَبَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ خَوْفٌ. فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا. وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ، لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِمْ. وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا». فَقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ أَعْلَمُ هذَا، لأَنِّي أَنَا شَيْخٌ وَامْرَأَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامِهَا؟» فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَهُ: «أَنَا جِبْرَائِيلُ الْوَاقِفُ قُدَّامَ اللهِ، وَأُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ وَأُبَشِّرَكَ بِهذَا. وَهَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتًا وَلاَ تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّمَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ هذَا، لأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلاَمِي الَّذِي سَيَتِمُّ فِي وَقْتِهِ».وَكَانَ الشَّعْبُ مُنْتَظِرِينَ زَكَرِيَّا وَمُتَعّجِّبِينَ مِنْ إِبْطَائِهِ فِي الْهَيْكَلِ. فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، فَفَهِمُوا أَنَّهُ قَدْ رَأَى رُؤْيَا فِي الْهَيْكَلِ. فَكَانَ يُومِئُ إِلَيْهِمْ وَبَقِيَ صَامِتًا.وَلَمَّا كَمِلَتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ مَضَى إِلَى بَيْتِهِ. وَبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ حَبِلَتْ أَلِيصَابَاتُ امْرَأَتُهُ، وَأَخْفَتْ نَفْسَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ قَائِلَةً: «هكَذَا قَدْ فَعَلَ بِيَ الرَّبُّ فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا نَظَرَ إِلَيَّ، لِيَنْزِعَ عَارِي بَيْنَ النَّاسِ».لوقا 1: 5-25))
وَأَمَّا أَلِيصَابَاتُ فَتَمَّ زَمَانُهَا لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ابْنًا. وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقْرِبَاؤُهَا أَنَّ الرَّبَّ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ لَهَا، فَفَرِحُوا مَعَهَا. وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ، وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا فَأَجَابَتْ أمُّهُ وَقَالَتُْ: «لاَ! بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا». فَقَالُوا لَهَا: «لَيْسَ أَحَدٌ فِي عَشِيرَتِكِ تَسَمَّى بِهذَا الاسْمِ». ثُمَّ أَوْمَأُوا إِلَى أَبِيهِ، مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمَّى. فَطَلَبَ لَوْحًا وَكَتَبَ قِائِلاً: «اسْمُهُ يُوحَنَّا». فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ. وَفِي الْحَالِ انْفَتَحَ فَمُهُ وَلِسَانُهُ وَتَكَلَّمَ وَبَارَكَ اللهَ. فَوَقَعَ خَوْفٌ عَلَى كُلِّ جِيرَانِهِمْ. وَتُحُدِّثَ بِهذِهِ الأُمُورِ جَمِيعِهَا فِي كُلِّ جِبَالِ الْيَهُودِيَّةِ، فَأَوْدَعَهَا جَمِيعُ السَّامِعِينَ فِي قُلُوبِهِمْ قَائِلِينَ: «أَتَرَى مَاذَا يَكُونُ هذَا الصَّبِيُّ؟» وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُ (لوقا 1: 57-6
قصة ولادة السيد الشهيد(قده)
بمجرد ان نقرأ قصة المولدين ونعني بهما مولد النبي يحيى (عليه السلام) ومولد السيد الشهيد(قد) نقف عند اول محطة من رحلة البحث في الصفات المشتركة بين الرجلين،المحطة الاولى هي قصة المولد غير المألوفة في القانون الاعتيادي للبشر ، صحيح ان نبي الله ابراهيم الخليل(عليه السلام) قد سبق له ان حظي بمعجزة مثيلة حين ولد له اسحق(عليه السلام) من زوجه بعد الكبر والمشيب وياس زوجه من الإنجاب كما هو معلوم ، لكن تبقى هذه الحالة خرقاً للناموس الطبيعي لبني آدم ، ومن ضمن من حظي بهذه الحالة الفريدة من نوعها من الانجاب هم والدا السيد الشهيد(قده) ، حيث يذكر ان والد السيد الشهيد(محمد صادق الصدر(رح)) مضى على زواجه حوالي عشرين سنة ولم يرزق بذرية وكان يدعو الله تعالى ان يرزقه ذرية طيبة ، وفي السنة العشرين على الزواج رزقه الله تعالى ان حج البيت الحرام مع زوجه بنت الشيخ رضا آل ياسين ، وخلال الحج دعوا الله مخلصين ان يرزقهم ولداً صالحاً ومن ثم زارا قبر النبي الأعظم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في المدينة المنورة وطلبا منه ان يتشفع لهما الى الله تعالى ليرزقهما ولداً صالحاً واستجيبت دعوتهما فحملت زوج السيد محمد صادق بالسيد الشهيد وولد في يوم ولادة النبي الاكرم(صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في 17 ربيع الثاني عام 1943 م .⁽¹⁾
قصة المولد تلك باتت معروفة لدى القاصي والداني ممن عرف السيد الشهيد(قده) وبالرغم من اعتبار تلك الحالة الفريدة من نوعها شبه مستحيل في عالم الطب اليوم خصوصاً مع تقدم المرأة في السن ويأس من الانجاب (اين الدليل على ان والدة السيد وصلت الى سن الياس) ، لكن يبدو ان كلمة(يأس) لا وجود لها بين صفحات قاموس الرحمة الالهية ولا ناموس اولياء الله الصالحين ، وقد عقب احد الباحثين على حالة زكريا(عليه السلام) حين ولد يحيى بقولهوتشبه حالة رجل الدين زكريا وزوجه اليصابات حالة ابراهيم (عليه السلام) وزوجه سارة .ان الله يستطيع ان يفعل ما لا يستطيع الناس فعله ، لا يعسر على الله شيء قط، فلما وعد ابراهيم انه سيصير اباً لامة عظيمة ، كان ابراهيم قدر التسعين من عمره ولما سمع الناس ابراهيم يتحدث عن ذلك حسبوه خرفاً لأن الناس محدودين في فهمهم لمقاصد الله ، اصبح ابراهيم خليل الله لأنه استطاع الير معه من خلال العبادة والصلاة....كان الجزء الداخلي من بيت الله يدعى(قدس الاقداس) وكان مذبح البخور يحتل القسم الاوسط من هذا المكان ، وكان الكاهن يضع البخور على الجمر الموضوع فوق المذبح ويسجد مصلياً ، وكانت صلاة الفداء تقترن بتقديم قربان السماء وربا ارتفع قلب زكريا بدعاء حار من جال مجيء المسيح...)⁽²⁾
هذه هي سنة الله عز وجل مع اولياءه فمن يمتلك قلباً كقلب زكريا لا بد ان تستجاب الدعوة ولو بعد حين ، وهي درس كبير للبشرية في ان الخالق الرحمن الرحيم لا يعزب عن مقدرته شيء مهما كان بعيد المنال لدى الناس ، ولا شك ان ايمان والد السيد الشهيد(قده) ويقينه بان الله لا يرد خائباً من ساحة ملكوته كان السبب وراء حصول تلك المعجزة في عصر لم يكن فيها علم الاجنة قد بسط نفوذه في منطقة الشرق الاوسط بعد ، لذلك حرص الوالدان ان يربيا مولودهما العزيز على قلبيهما تربية صالحة قوامها نهج وفكر اهل البيت(عليه السلام) فهل يا ترى كانا يعلمان ان ولدهما سيكون يوماً من الايام سبب في هداية كثير من الناس وسيغير النهج التقليدي للحوزة ليس في العراق فحسب بل في سواء العالم الشيعي ؟...هل كان في تصورهما ان ذلك المولد الجديد سيقض مضجع السلطة الجبروتية في العراق ويوبخ امريكا واسرائيل؟...من منهما كان يتوقع ان يقوم الولد الصالح ذاك بأزاحة عثرة كبيرة من طريق الامام المهدي(عجل الله فرجه الشريف) وذلك بتذكير الناس بمظلومية امامهم الغائب وحقه المسلوب ؟....ان جواب الاسئلة تلك منوط بالوالدين (رح) وربما سيكشف التأريخ يوماً انهما كانا قد تنبئا بان مولودهما سيكون له شان كبير عندالناس كما تنبا من قبل الناس بيحيى(عليه السلام) يوم ولد لزكريا حين تمت تلك المعجزة في زمانهم فعرفوا انه سيكون له شأن عظيم وصارت هذه الامور موضوع حديث في جبال اليهودية كلها وكان جميع السامعين يضعونها في قلوبهم قائلين :ترى ماذا سيصير هذا الطفل؟لأن يد الرب كانت معه..) لوقا 1: 65-66⁽³⁾
(1)ومضات عرفانية عن العارف الكامل آية الله العظمى السيد الشهيد الصدر(قده) /ناظم الصافي الموسوي-ص 21
(2) كتاب الانجيل قراءة شرقية /مظهر الملوحي ونخبة من المختصين/الطبعة الخامسة سن 2004-ص 161-162
اولاً: سورة مريم :
1. كهيعص
2. ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا
3. إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا
4. قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا
5. وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا
6. يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا
7. يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا
8. قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا
9. قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا
10. قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا
ثانياً:سورة الانبياء:
1. فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ
2. قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء
3. قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ
ثالثا : سورة آل عمران:
1. وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ
2. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ
وقد ورد في تفسير الآيات الحاكية عن القصة ما يلي:
1.ورد عن علي بن إبراهيم: روى أبو الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قوله تعالى: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا يقول: «ذكر ربك عبده فرحمه»إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي يقول:«ضعف»وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا يقول: «لم يكن دعائي خائبا عندك».وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي يقول: «خفت الورثة من بعدي»وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً يقول: «لم يكن لزكريا يومئذ ولد يقوم مقامه، و يرثه، و كانت هدايا بني إسرائيل و نذورهم للأحبار، و كان زكريا رئيس الأحبار، و كانت امرأة زكريا اخت مريم بنت عمران بن ماثان، و بنو ماثان، إذ ذاك رؤساء بني إسرائيل و بنو ملوكهم، و هم من ولد سليمان بن داود فقال زكريا: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا يقول: لم يسم باسم يحيى أحد قبله قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا فهو اليؤوس قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا صحيحا من غير مرض».تفسير القمي ج2 ص48
2. عن الريان بن شبيب قال : دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم ، فقال : (ياابن شبيب أصائم أنت ؟ فقلت : لا ، فقال : إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا عليه السلام ربه فقال : ً رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ً فاستجاب الله له وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب ً إن الله يبشرك بيحيى ً فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عزوجل استجاب الله له كما استجاب لزكريا عليه السلام)عيون الاخبار ج2 ص268)
3..- روى ابن شهر آشوب في كتابه مناقب آل ابي طالب ( ج 3 ص 237 ) : عن اسحاق الاحمر قال سألت الحجة ( ع ) عن قول الله تعالى ( كهيعص ) ، فقال : (هذه الحروف من أنباء الغيب اطلع الله عليه عبده زكريا ثم قصها على محمد ( ص ) وذلك ان زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل وعلمه إياها وكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين سرى عنه همه وانجلى كربه وإذا ذكر الحسين غلبته العبرة ووقعت عليه الزفرة فقالت ذات يوم : إلهي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي وإذا ذكرث الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي فأنبأه الله في قصته فقال : كهيعص ، فالكاف اسم كربلاء ، والهاء هلاك العترة ، والياء يزيد وهو ظالم للحسين ، والعين عطشه ، والصاد صبره . فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع الناس من الدخول عليه وأقبل على البكاء والنحيب ويقول : إلهي أتفجع خير خلقك بولده إلهي أتنزل الرزية بفنائه إلهي أتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة إلهي أتحل هذه الفجيعة بساحتهما ، ثم كان يقول : اللهم ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر واجعله وارثا رضيا يوازي محله مني الحسين فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم افجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده فرزقه يحيى وفجعه به ، وكان حمل يحيى ستة اشهر ، وحمل الحسين ستة اشهر ، وذبح يحيى كما ذبح الحسين ولم تبك السماء والارض إلا عليهما .)
ولادة يحيى في الانجيل
كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ .وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ، سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلاَ لَوْمٍ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ، إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِرًا. وَكَانَا كِلاَهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا. فَبَيْنَمَا هُوَ يَكْهَنُ فِي نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ أَمَامَ اللهِ، حَسَبَ عَادَةِ الْكَهَنُوتِ، أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ وَيُبَخِّرَ. وَكَانَ كُلُّ جُمْهُورِ الشَّعْبِ يُصَلُّونَ خَارِجًا وَقْتَ الْبَخُورِ. فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ فَلَمَّا رَآهُ زَكَرِيَّا اضْطَرَبَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ خَوْفٌ. فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا. وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ، لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِمْ. وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا». فَقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ أَعْلَمُ هذَا، لأَنِّي أَنَا شَيْخٌ وَامْرَأَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامِهَا؟» فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَهُ: «أَنَا جِبْرَائِيلُ الْوَاقِفُ قُدَّامَ اللهِ، وَأُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ وَأُبَشِّرَكَ بِهذَا. وَهَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتًا وَلاَ تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّمَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ هذَا، لأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلاَمِي الَّذِي سَيَتِمُّ فِي وَقْتِهِ».وَكَانَ الشَّعْبُ مُنْتَظِرِينَ زَكَرِيَّا وَمُتَعّجِّبِينَ مِنْ إِبْطَائِهِ فِي الْهَيْكَلِ. فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، فَفَهِمُوا أَنَّهُ قَدْ رَأَى رُؤْيَا فِي الْهَيْكَلِ. فَكَانَ يُومِئُ إِلَيْهِمْ وَبَقِيَ صَامِتًا.وَلَمَّا كَمِلَتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ مَضَى إِلَى بَيْتِهِ. وَبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ حَبِلَتْ أَلِيصَابَاتُ امْرَأَتُهُ، وَأَخْفَتْ نَفْسَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ قَائِلَةً: «هكَذَا قَدْ فَعَلَ بِيَ الرَّبُّ فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا نَظَرَ إِلَيَّ، لِيَنْزِعَ عَارِي بَيْنَ النَّاسِ».لوقا 1: 5-25))
وَأَمَّا أَلِيصَابَاتُ فَتَمَّ زَمَانُهَا لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ابْنًا. وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقْرِبَاؤُهَا أَنَّ الرَّبَّ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ لَهَا، فَفَرِحُوا مَعَهَا. وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ، وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا فَأَجَابَتْ أمُّهُ وَقَالَتُْ: «لاَ! بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا». فَقَالُوا لَهَا: «لَيْسَ أَحَدٌ فِي عَشِيرَتِكِ تَسَمَّى بِهذَا الاسْمِ». ثُمَّ أَوْمَأُوا إِلَى أَبِيهِ، مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمَّى. فَطَلَبَ لَوْحًا وَكَتَبَ قِائِلاً: «اسْمُهُ يُوحَنَّا». فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ. وَفِي الْحَالِ انْفَتَحَ فَمُهُ وَلِسَانُهُ وَتَكَلَّمَ وَبَارَكَ اللهَ. فَوَقَعَ خَوْفٌ عَلَى كُلِّ جِيرَانِهِمْ. وَتُحُدِّثَ بِهذِهِ الأُمُورِ جَمِيعِهَا فِي كُلِّ جِبَالِ الْيَهُودِيَّةِ، فَأَوْدَعَهَا جَمِيعُ السَّامِعِينَ فِي قُلُوبِهِمْ قَائِلِينَ: «أَتَرَى مَاذَا يَكُونُ هذَا الصَّبِيُّ؟» وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُ (لوقا 1: 57-6
قصة ولادة السيد الشهيد(قده)
بمجرد ان نقرأ قصة المولدين ونعني بهما مولد النبي يحيى (عليه السلام) ومولد السيد الشهيد(قد) نقف عند اول محطة من رحلة البحث في الصفات المشتركة بين الرجلين،المحطة الاولى هي قصة المولد غير المألوفة في القانون الاعتيادي للبشر ، صحيح ان نبي الله ابراهيم الخليل(عليه السلام) قد سبق له ان حظي بمعجزة مثيلة حين ولد له اسحق(عليه السلام) من زوجه بعد الكبر والمشيب وياس زوجه من الإنجاب كما هو معلوم ، لكن تبقى هذه الحالة خرقاً للناموس الطبيعي لبني آدم ، ومن ضمن من حظي بهذه الحالة الفريدة من نوعها من الانجاب هم والدا السيد الشهيد(قده) ، حيث يذكر ان والد السيد الشهيد(محمد صادق الصدر(رح)) مضى على زواجه حوالي عشرين سنة ولم يرزق بذرية وكان يدعو الله تعالى ان يرزقه ذرية طيبة ، وفي السنة العشرين على الزواج رزقه الله تعالى ان حج البيت الحرام مع زوجه بنت الشيخ رضا آل ياسين ، وخلال الحج دعوا الله مخلصين ان يرزقهم ولداً صالحاً ومن ثم زارا قبر النبي الأعظم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في المدينة المنورة وطلبا منه ان يتشفع لهما الى الله تعالى ليرزقهما ولداً صالحاً واستجيبت دعوتهما فحملت زوج السيد محمد صادق بالسيد الشهيد وولد في يوم ولادة النبي الاكرم(صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في 17 ربيع الثاني عام 1943 م .⁽¹⁾
قصة المولد تلك باتت معروفة لدى القاصي والداني ممن عرف السيد الشهيد(قده) وبالرغم من اعتبار تلك الحالة الفريدة من نوعها شبه مستحيل في عالم الطب اليوم خصوصاً مع تقدم المرأة في السن ويأس من الانجاب (اين الدليل على ان والدة السيد وصلت الى سن الياس) ، لكن يبدو ان كلمة(يأس) لا وجود لها بين صفحات قاموس الرحمة الالهية ولا ناموس اولياء الله الصالحين ، وقد عقب احد الباحثين على حالة زكريا(عليه السلام) حين ولد يحيى بقولهوتشبه حالة رجل الدين زكريا وزوجه اليصابات حالة ابراهيم (عليه السلام) وزوجه سارة .ان الله يستطيع ان يفعل ما لا يستطيع الناس فعله ، لا يعسر على الله شيء قط، فلما وعد ابراهيم انه سيصير اباً لامة عظيمة ، كان ابراهيم قدر التسعين من عمره ولما سمع الناس ابراهيم يتحدث عن ذلك حسبوه خرفاً لأن الناس محدودين في فهمهم لمقاصد الله ، اصبح ابراهيم خليل الله لأنه استطاع الير معه من خلال العبادة والصلاة....كان الجزء الداخلي من بيت الله يدعى(قدس الاقداس) وكان مذبح البخور يحتل القسم الاوسط من هذا المكان ، وكان الكاهن يضع البخور على الجمر الموضوع فوق المذبح ويسجد مصلياً ، وكانت صلاة الفداء تقترن بتقديم قربان السماء وربا ارتفع قلب زكريا بدعاء حار من جال مجيء المسيح...)⁽²⁾
هذه هي سنة الله عز وجل مع اولياءه فمن يمتلك قلباً كقلب زكريا لا بد ان تستجاب الدعوة ولو بعد حين ، وهي درس كبير للبشرية في ان الخالق الرحمن الرحيم لا يعزب عن مقدرته شيء مهما كان بعيد المنال لدى الناس ، ولا شك ان ايمان والد السيد الشهيد(قده) ويقينه بان الله لا يرد خائباً من ساحة ملكوته كان السبب وراء حصول تلك المعجزة في عصر لم يكن فيها علم الاجنة قد بسط نفوذه في منطقة الشرق الاوسط بعد ، لذلك حرص الوالدان ان يربيا مولودهما العزيز على قلبيهما تربية صالحة قوامها نهج وفكر اهل البيت(عليه السلام) فهل يا ترى كانا يعلمان ان ولدهما سيكون يوماً من الايام سبب في هداية كثير من الناس وسيغير النهج التقليدي للحوزة ليس في العراق فحسب بل في سواء العالم الشيعي ؟...هل كان في تصورهما ان ذلك المولد الجديد سيقض مضجع السلطة الجبروتية في العراق ويوبخ امريكا واسرائيل؟...من منهما كان يتوقع ان يقوم الولد الصالح ذاك بأزاحة عثرة كبيرة من طريق الامام المهدي(عجل الله فرجه الشريف) وذلك بتذكير الناس بمظلومية امامهم الغائب وحقه المسلوب ؟....ان جواب الاسئلة تلك منوط بالوالدين (رح) وربما سيكشف التأريخ يوماً انهما كانا قد تنبئا بان مولودهما سيكون له شان كبير عندالناس كما تنبا من قبل الناس بيحيى(عليه السلام) يوم ولد لزكريا حين تمت تلك المعجزة في زمانهم فعرفوا انه سيكون له شأن عظيم وصارت هذه الامور موضوع حديث في جبال اليهودية كلها وكان جميع السامعين يضعونها في قلوبهم قائلين :ترى ماذا سيصير هذا الطفل؟لأن يد الرب كانت معه..) لوقا 1: 65-66⁽³⁾
(1)ومضات عرفانية عن العارف الكامل آية الله العظمى السيد الشهيد الصدر(قده) /ناظم الصافي الموسوي-ص 21
(2) كتاب الانجيل قراءة شرقية /مظهر الملوحي ونخبة من المختصين/الطبعة الخامسة سن 2004-ص 161-162
تعليق