(أمير المؤمنين صلوات الله عليه واحتجاجه على اليهود في أنواع كثيرة من العلوم) *
(أمير المؤمنين صلوات الله عليه وما صدر عنه من جوامع العلوم) *
عن الحسن بن نصر الخزاز ، عن عمرو بن طلحة ، عن أسباط بن
نصر ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن عبدالله بن عباس قال : قدم يهوديان أخوان
من رؤساء اليهود إلى المدينة ، فقالا : ياقوم إن نبيا حدثنا عنه أنه قد ظهر بتهامة نبي
يسفه أحلام اليهود ، ويطعن في دينهم ، ونحن نخاف أن يزيلنا عما كان عليه آباؤنا ،
فأيكم هذا النبي ؟ فإن يكن الذي بشر به داود آمنا به واتبعناه ، وإن لم
يكن يورد الكلام على ائتلافه ويقول الشعر يقهرنا بلسانه جاهدناه بأنفسنا وأموالنا ،
فأيكم هذا النبي فقال المهاجرون والانصار : إن نبينا محمدا صلى الله عليه وآله قد قبض . فقالا :
الحمد لله فأيكم وصيه ؟ فما بعث الله عزوجل نبيا إلى قوم إلا وله وصي يؤدي عنه
من بعده ويحكي عنه ماأمره ربه ، فأومأ المهاجرون والانصار إلى أبي بكر ، فقالوا :
هذا ( هو) وصيه .
فقالا لابي بكر : إنا نلقى عليك من المسائل ما يلقى على الاوصياء ، ونسألك عما
تسأل الاوصياء عنه . فقال لهما أبوبكر : ألقيا ما شئتما اخبر كما بجوابه إن شاء الله تعالى .
فقال أحدهما : ما أنا وأنت عندالله عزوجل ؟ وما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا
قرابة ؟ وما قبر سار بصاحبه ؟ ومن أين تطلع الشمس ؟ وفي أين تغرب ( تغيب) ؟ وأين
طلعت الشمس ثم لم تطلع فيه بعد ذلك ؟ وأين تكون الجنة ؟ وأين تكون النار ؟
وربك يحمل أو يحمل ؟ وأين يكون وجه ربك ؟ وما اثنان شاهدان ، واثنان غائبان ،
واثنان متباغضان ؟ وما الواحد ؟ وما الاثنان ؟ وما الثلاثة ؟ وما الاربعة ؟ وما
الخمسة ؟ وما الستة ؟ وما السبعة ؟ وما الثمانية ؟ وما التسعة ؟ وما العشرة ؟ وما
الاحد عشر ؟ وما الاثنا عشر ؟ وما العشرون ؟ وما الثلاثون ؟ وما الاربعون ؟ وما
الخمسون ؟ وما الستون ؟ وما السبعون ؟ وما الثمانون ؟ وما التسعون ؟ وما المائة ؟ .
قال : فبقي أبوبكر لا يرد جوابا ، وتخوفنا أن يرتد القوم عن الاسلام ، فأتيت
منزل علي بن أبى طالب عليه السلام فقلت له : يا علي إن رؤساء اليهود قد قدموا المدينة و
ألقوا على أبي بكر مسائل فبقي أبوبكر لا يرد جوابا ، فتبسم علي عليه السلام ضاحكا ثم
قال : هو اليوم الذي وعدني رسول الله صلى الله عليه وآله به ، فأقبل يمشي أمامي ، وما أخطأت
مشيته من مشية رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا حتى قعد في الموضع الذي كان يقعد فيه رسول
الله صلى الله عليه وآله ، ثم التفت إلى اليهوديين فقال عليه السلام : يا يهوديان ادنوا مني وألقيا علي ما
ألقيتماه على الشيخ .
فقال اليهوديان : ومن أنت ؟ فقال لهما : أنا علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب
أخو النبي صلى الله عليه وآله ، وزوج ابنته فاطمة ، وأبوالحسن والحسين ، ووصيه في حالاته
كلها ، وصاحب كل منقبة وعز ، وموضع سر النبي صلى الله عليه وآله .
فقال له أحد اليهوديين : ما أنا وأنت عندالله ؟ وقال عليه السلام : أنا مؤمن منذ عرفت
نفسي ، وأنت كافر منذ عرفت نفسك ، فما أدري ما يحدث الله فيك يا يهودي بعد ذلك .
فقال اليهودي : فما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة ؟ قال عليه السلام : ذاك
يونس عليه السلام في بطن الحوت .
قال له : فما قبر سار بصاحبه ؟ قال : يونس حين طاف به الحوت في سبعة أبحر .
قال له : فالشمس من أين تطلع ؟ قال : من قرني الشيطان . قال : فأين تغرب
(قال: في عين حامئة ، قال لي حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تصلى في إقبالها
ولا في إدبارها حتى تصير مقدار رمح أور محين .
قال : فأين طلعت الشمس ثم لم تطلع في ذلك الموضع ؟ قال : في البحر حين فلقه
الله لقوم موسى عليه السلام .
قال له : فربك يحمل أو يحمل ؟ قال : إن ربي عزوجل يحمل كل شئ
بقدرته ولا يحمله شئ . قال : فكيف قوله عزوجل : " ويحمل عرش ربك فوقهم
يومئذ ثمانية " ؟ قال : يا يهودي ألم تعلم أن لله ما في السماوات وما في الارض وما بينهما
وما تحت الثرى ؟ فكل شئ على الثرى ، والثرى على القدرة ، والقدرة به تحمل كل شئ .
قال : فأين تكون الجنة ؟ وأين تكون النار ؟ قال : أما الجنة ففي السماء ، و
أما النار ففي الارض .
قال : فأين يكون وجه ربك ؟ فقال علي بن أبي طالب عليه السلام لي : يا ابن عباس ائتني
بنار وحطب ، فأتيته بنار وحطب فأضرمها ، ثم قال : يا يهودي أين يكون وجه هذه
النار ؟ قال : لا أقف لها على وجه . قال : فان ربي عزوجل عن هذا المثل وله المشرق
والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله .
فقال له : ما اثنان شاهدان ؟ قال : السماوات والارض لا يغيبان ساعة . قال : فما
اثنان غائبان ؟ قال : الموت والحياة لا يوقف عليهما .
قال : فما اثنان متباغضان ؟ قال : الليل والنهار .
قال : فما الواحد ؟ قال : الله عزوجل : قال : فما الاثنان ؟ قال : آدم وحواء . قال :
فما الثلاثة ؟ قال : كذبت النصارى على الله عزوجل قالوا : ثالث ثلاثة ، والله لم يتخذ
صاحبة ولا ولدا .
قال : فما الاربعة ؟ قال : القرآن والزبور والتوراة والانجيل . قال : فما الخمسة ؟
قال : خمس صلوات مفترضات . قال : فما الستة ؟ قال : خلق الله السماوات والارض
وما بينهما في ستة أيام .
قال : فما السبعة ؟ قال : سبعة أبواب النار متطابقات . قال : فما الثمانية ؟ قال :
ثمانية أبواب الجنة . قال : فما التسعة ؟ قال تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون
فهو قول الله عزوجل في كتابه : " وكان في المدينة تسعة رهط
يفسدون في الارض ولا يصلحون
قال : فما العشرة ؟ قال : عشرة أيام العشر .
. قال : فما الاحد عشر ؟ قال : قول يوسف لابيه : " يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا
والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين
قال : فما الاثنا عشر ؟ قال : شهور السنة .
قال : فما العشرون ؟ قال : بيع يوسف بعشرين درهما . قال : فما الثلاثون ؟ قال :
ثلاثون يوما شهر رمضان صيامه فرض واجب على كل مؤمن إلا من كان مريضا
أو على سفر
قال : فما الاربعون ؟ قال : كان ميقات موسى عليه السلام ثلاثون ليلة فأتمها الله عزو
جل بعشر ، فتم ميقات ربه أربعين ليلة .
قال : فما الخمسون ؟ قال : لبث نوح عليه السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما .
قال : فما الستون ؟ قال : قول الله عزوجل في كفارة الظهار : " فمن لم يستطع
فإطعام ستين مسكينا " إذا لم يقدر على صيام شهرين متتابعين .
قال : فما السبعون : قال : اختار موسى من قومه سبعين رجلا لميقات ربه عزوجل .
قال : فما الثمانون ؟ قال : فرية بالجزيرة يقال لها ثمانون ، منها قعد نوح عليه السلام
في السفينة واستوت على الجودي وأغرق الله القوم .
قال : فما التسعون ؟ قال : الفلك المشحون ، اتخذ نوح عليه السلام فيه تعسين بيتا
للبهائم .
قال : فما المائة ؟ قال : كان أجل داود عليه السلام ستين سنة فوهب له آدم عليه السلام
أربعين سنة من عمره ، فلما حضرت آدم الوفاة جحد فجحدت ذريته
فقال له : يا شاب صف لي محمدا كأني أنظر إليه حتى اومن به الساعة ، فبكى
أميرالمؤمنين عليه السلام ثم قال : يا يهودي هيجت أحزاني ، كان حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله
صلت الجبين ، مقرون الحاجبين ، أدعج العينين ، سهل الخدين ، أقنى الانف ، دقيق
المسربة ، كث اللحية ، براق الثنايا ، كأن عنقه إبريق فضة ، كان له شعيرات من
لبته إلى سرته ملفوفة كأنها قضيب كافور لم يكن في بدنه شعيرات غيرها ، لم يكن
بالطويل الذاهب ولا بالقصير النزر ، كان إذا مشى مع الناس غمرهم نوره ، وكان إذا
مشى كأنه ينقلع من صخر أو ينحدر من صبب ، كان مدور الكعبين ، لطيف القدمين ،
دقيق الخصر ،عمامته السحاب ، وسيفه ذوالفقار ، وبغلته دلدل ، وحماره اليعفور ،
وناقته العضباء ، وفرسه لزاز ، وقضيبه الممشوق ، كان عليه الصلاة والسلام أشفق الناس
على الناس ، وأرأف الناس بالناس ، كان بين كتفيه خاتم النبوة مكتوب على الخاتم
سطران : أما أول سطر : فلا إله إلا الله ، وأما الثاني : فمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله ، هذه
صفته يا يهودي .
فقال اليهوديان : نشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وآله - وأنك
وصي محمد حقا . فأسلما وحسن إسلامهما ولزما أميرالمؤمنين عليه السلام
عن صالح بن عقبة ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : لما هلك أبوبكر واستخلف
عمر رجع عمر إلى المسجد فقعد فدخل عليه رجل فقال : يا أميرالمؤمنين إني رجل من
اليهود وأنا علامتهم وقد أردت أن أسألك عن مسائل إن أجبتني فيها أسلمت . قال :
ماهي ؟ قال : ثلاث ، وواحدة ، فإن شئت سألتك وإن كان في القوم أحد أعلم
منك أرشدني إليه .
قال : عليك بذلك الشاب - يعني علي بن أبي طالب عليه السلام - فأتى عليا عليه السلام فسأله
فقال له : لم قلت : ثلاثا وثلاثا وواحدة ؟ الا قلت سبعا ؟ قال : إني إذا لجاهل ، إن لم
تجبني في الثلاث الكتفيت . قال : فإن أجبتك تسلم ؟ قال : نعم . قال : سل .
قال : أسألك عن أول حجر وضع على وجه الارض ، وأول عين نبعت ، وأول
شجرة نبتت . قال : يا يهودي أنتم تقولون : إن أول حجر وضع على وجه الارض
الحجر الذي في البيت المقدس وكذبتم ، هو الحجر الذي نزل به آدم عليه السلام من
الجنة . قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى .
قال : وأنتم تقولون : إن أول عين نبعت على وجه الارض العين التي ببيت
المقدس وكذبتم ، هي عين الحياة التي غسل فيها يوشع بن نون السمكة ، وهي
العين التي شرب منها الخضر ، وليس يشرب منها أحد إلا حي قال : صدقت
والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى .
قال : وأنتم تقولون : إن أول شجرة نبتت على وجه الارض الزيتون وكذبتم ،
هي العجوة التي نزل بها آدم عليه السلام من الجنة معه . قال : صدقت والله إنه
لبخط هارون وإملاء موسى عليه السلام .
قال : والثلاث الاخرى : كم لهذه الامة من إمام من إمام هدى لا يضرهم من خذلهم ؟
قال : اثنا عشر إماما . قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى .
قال : فأين يسكن نبيكم من الجنة ؟ قال : في أعلاها درجة وأشرفها مكانا في
جنات عدن . قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى .
ثم قال : فمن ينزل معه في منزله ؟ قال : اثنا عشر إماما . قال : صدقت والله إنه
لبخط هارون وإملاء موسى عليه السلام .
ثم قال : السابعة فاسلم : كم يعيش وصيه بعده ؟ قال : ثلاثين سنة . قال : ثم مه
يموت أو يقتل ؟ قال : يقتل يضرب على قرنه وتخضب لحيته . قال : صدقت والله إنه لبخط
هارون وإملاء موسى عليه السلام
فقام ابن الكواء فقال :
يا أميرالمؤمنين فما كان ينزل عليه من القرآن وأنت غائب عنه ؟ قال : كان رسول
الله صلى الله عليه وآله ما كان ينزل عليه من القرآن وأنا غائب عنه حتى أقدم عليه فيقرأنيه ويقول
لي : ياعلي أنزل الله علي بعدك كذاوكذا ، وتأويله كذاوكذا فيعلمني تأويله و
تنزيله (
قال : يا أميرالمؤمنين أخبرني عن قوس قزح قال : ثكلتك امك يا ابن الكواء لا
ثقل : قوس قزح فإن قزح ،اسم شيطان ، ولكن قل : قوس الله ، إذا بدت يبدو الخصب
والريف
ثم قال الرجل : كم بين المشرق
والمغرب ؟ قال علي عليه السلام : مسافة الهواء . قال الرجل : وما مسافة الهواء ؟ قال عليه السلام :
دوران الفلك ، قال الرجل : ومادوران ألفلك ؟ قال عليه السلام : مسير يوم للشمس قال : صدقت
فمتى القيامة ؟ قال عليه السلام : عند حضور المنية وبلوغ الاجل قال الرجل : صدقت
قالوا : أخبرنا عن أقفال السماوات السبع ومفاتيحها
فقال لهم علي عليه السلام : أما أقفال السماوات : فالشرك بالله . ومفاتيحها : قول لا إله إلا الله
فقال : أخبرني عما ليس لله ، وعما ليس عندالله ، وعما لايعلمه الله
فقال علي عليه السلام : أما مالا يعلمه الله فهو قولكم يا معشر اليهود : إن عزيرا
ابن الله ، والله تعالى لا يعلم له ولدا ، وأما قولك ، ما ليس لله فليس الله شريك ، وأما قولك
ما ليس عندالله تعالى فليس عند الله ظلم للعباد
فقال اليهودي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وآله
قال الصدوق رحمه الله في كتاب الاوائل
. بحار الانوار مجلد: 10
(5) كمال الدين: 175.
عيون الاخبار : 31 الخصال 2 : 77
(3) الاحتجاج: 139
(5) الاحتجاج: 120
(أمير المؤمنين صلوات الله عليه وما صدر عنه من جوامع العلوم) *
عن الحسن بن نصر الخزاز ، عن عمرو بن طلحة ، عن أسباط بن
نصر ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن عبدالله بن عباس قال : قدم يهوديان أخوان
من رؤساء اليهود إلى المدينة ، فقالا : ياقوم إن نبيا حدثنا عنه أنه قد ظهر بتهامة نبي
يسفه أحلام اليهود ، ويطعن في دينهم ، ونحن نخاف أن يزيلنا عما كان عليه آباؤنا ،
فأيكم هذا النبي ؟ فإن يكن الذي بشر به داود آمنا به واتبعناه ، وإن لم
يكن يورد الكلام على ائتلافه ويقول الشعر يقهرنا بلسانه جاهدناه بأنفسنا وأموالنا ،
فأيكم هذا النبي فقال المهاجرون والانصار : إن نبينا محمدا صلى الله عليه وآله قد قبض . فقالا :
الحمد لله فأيكم وصيه ؟ فما بعث الله عزوجل نبيا إلى قوم إلا وله وصي يؤدي عنه
من بعده ويحكي عنه ماأمره ربه ، فأومأ المهاجرون والانصار إلى أبي بكر ، فقالوا :
هذا ( هو) وصيه .
فقالا لابي بكر : إنا نلقى عليك من المسائل ما يلقى على الاوصياء ، ونسألك عما
تسأل الاوصياء عنه . فقال لهما أبوبكر : ألقيا ما شئتما اخبر كما بجوابه إن شاء الله تعالى .
فقال أحدهما : ما أنا وأنت عندالله عزوجل ؟ وما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا
قرابة ؟ وما قبر سار بصاحبه ؟ ومن أين تطلع الشمس ؟ وفي أين تغرب ( تغيب) ؟ وأين
طلعت الشمس ثم لم تطلع فيه بعد ذلك ؟ وأين تكون الجنة ؟ وأين تكون النار ؟
وربك يحمل أو يحمل ؟ وأين يكون وجه ربك ؟ وما اثنان شاهدان ، واثنان غائبان ،
واثنان متباغضان ؟ وما الواحد ؟ وما الاثنان ؟ وما الثلاثة ؟ وما الاربعة ؟ وما
الخمسة ؟ وما الستة ؟ وما السبعة ؟ وما الثمانية ؟ وما التسعة ؟ وما العشرة ؟ وما
الاحد عشر ؟ وما الاثنا عشر ؟ وما العشرون ؟ وما الثلاثون ؟ وما الاربعون ؟ وما
الخمسون ؟ وما الستون ؟ وما السبعون ؟ وما الثمانون ؟ وما التسعون ؟ وما المائة ؟ .
قال : فبقي أبوبكر لا يرد جوابا ، وتخوفنا أن يرتد القوم عن الاسلام ، فأتيت
منزل علي بن أبى طالب عليه السلام فقلت له : يا علي إن رؤساء اليهود قد قدموا المدينة و
ألقوا على أبي بكر مسائل فبقي أبوبكر لا يرد جوابا ، فتبسم علي عليه السلام ضاحكا ثم
قال : هو اليوم الذي وعدني رسول الله صلى الله عليه وآله به ، فأقبل يمشي أمامي ، وما أخطأت
مشيته من مشية رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا حتى قعد في الموضع الذي كان يقعد فيه رسول
الله صلى الله عليه وآله ، ثم التفت إلى اليهوديين فقال عليه السلام : يا يهوديان ادنوا مني وألقيا علي ما
ألقيتماه على الشيخ .
فقال اليهوديان : ومن أنت ؟ فقال لهما : أنا علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب
أخو النبي صلى الله عليه وآله ، وزوج ابنته فاطمة ، وأبوالحسن والحسين ، ووصيه في حالاته
كلها ، وصاحب كل منقبة وعز ، وموضع سر النبي صلى الله عليه وآله .
فقال له أحد اليهوديين : ما أنا وأنت عندالله ؟ وقال عليه السلام : أنا مؤمن منذ عرفت
نفسي ، وأنت كافر منذ عرفت نفسك ، فما أدري ما يحدث الله فيك يا يهودي بعد ذلك .
فقال اليهودي : فما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة ؟ قال عليه السلام : ذاك
يونس عليه السلام في بطن الحوت .
قال له : فما قبر سار بصاحبه ؟ قال : يونس حين طاف به الحوت في سبعة أبحر .
قال له : فالشمس من أين تطلع ؟ قال : من قرني الشيطان . قال : فأين تغرب
(قال: في عين حامئة ، قال لي حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تصلى في إقبالها
ولا في إدبارها حتى تصير مقدار رمح أور محين .
قال : فأين طلعت الشمس ثم لم تطلع في ذلك الموضع ؟ قال : في البحر حين فلقه
الله لقوم موسى عليه السلام .
قال له : فربك يحمل أو يحمل ؟ قال : إن ربي عزوجل يحمل كل شئ
بقدرته ولا يحمله شئ . قال : فكيف قوله عزوجل : " ويحمل عرش ربك فوقهم
يومئذ ثمانية " ؟ قال : يا يهودي ألم تعلم أن لله ما في السماوات وما في الارض وما بينهما
وما تحت الثرى ؟ فكل شئ على الثرى ، والثرى على القدرة ، والقدرة به تحمل كل شئ .
قال : فأين تكون الجنة ؟ وأين تكون النار ؟ قال : أما الجنة ففي السماء ، و
أما النار ففي الارض .
قال : فأين يكون وجه ربك ؟ فقال علي بن أبي طالب عليه السلام لي : يا ابن عباس ائتني
بنار وحطب ، فأتيته بنار وحطب فأضرمها ، ثم قال : يا يهودي أين يكون وجه هذه
النار ؟ قال : لا أقف لها على وجه . قال : فان ربي عزوجل عن هذا المثل وله المشرق
والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله .
فقال له : ما اثنان شاهدان ؟ قال : السماوات والارض لا يغيبان ساعة . قال : فما
اثنان غائبان ؟ قال : الموت والحياة لا يوقف عليهما .
قال : فما اثنان متباغضان ؟ قال : الليل والنهار .
قال : فما الواحد ؟ قال : الله عزوجل : قال : فما الاثنان ؟ قال : آدم وحواء . قال :
فما الثلاثة ؟ قال : كذبت النصارى على الله عزوجل قالوا : ثالث ثلاثة ، والله لم يتخذ
صاحبة ولا ولدا .
قال : فما الاربعة ؟ قال : القرآن والزبور والتوراة والانجيل . قال : فما الخمسة ؟
قال : خمس صلوات مفترضات . قال : فما الستة ؟ قال : خلق الله السماوات والارض
وما بينهما في ستة أيام .
قال : فما السبعة ؟ قال : سبعة أبواب النار متطابقات . قال : فما الثمانية ؟ قال :
ثمانية أبواب الجنة . قال : فما التسعة ؟ قال تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون
فهو قول الله عزوجل في كتابه : " وكان في المدينة تسعة رهط
يفسدون في الارض ولا يصلحون
قال : فما العشرة ؟ قال : عشرة أيام العشر .
. قال : فما الاحد عشر ؟ قال : قول يوسف لابيه : " يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا
والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين
قال : فما الاثنا عشر ؟ قال : شهور السنة .
قال : فما العشرون ؟ قال : بيع يوسف بعشرين درهما . قال : فما الثلاثون ؟ قال :
ثلاثون يوما شهر رمضان صيامه فرض واجب على كل مؤمن إلا من كان مريضا
أو على سفر
قال : فما الاربعون ؟ قال : كان ميقات موسى عليه السلام ثلاثون ليلة فأتمها الله عزو
جل بعشر ، فتم ميقات ربه أربعين ليلة .
قال : فما الخمسون ؟ قال : لبث نوح عليه السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما .
قال : فما الستون ؟ قال : قول الله عزوجل في كفارة الظهار : " فمن لم يستطع
فإطعام ستين مسكينا " إذا لم يقدر على صيام شهرين متتابعين .
قال : فما السبعون : قال : اختار موسى من قومه سبعين رجلا لميقات ربه عزوجل .
قال : فما الثمانون ؟ قال : فرية بالجزيرة يقال لها ثمانون ، منها قعد نوح عليه السلام
في السفينة واستوت على الجودي وأغرق الله القوم .
قال : فما التسعون ؟ قال : الفلك المشحون ، اتخذ نوح عليه السلام فيه تعسين بيتا
للبهائم .
قال : فما المائة ؟ قال : كان أجل داود عليه السلام ستين سنة فوهب له آدم عليه السلام
أربعين سنة من عمره ، فلما حضرت آدم الوفاة جحد فجحدت ذريته
فقال له : يا شاب صف لي محمدا كأني أنظر إليه حتى اومن به الساعة ، فبكى
أميرالمؤمنين عليه السلام ثم قال : يا يهودي هيجت أحزاني ، كان حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله
صلت الجبين ، مقرون الحاجبين ، أدعج العينين ، سهل الخدين ، أقنى الانف ، دقيق
المسربة ، كث اللحية ، براق الثنايا ، كأن عنقه إبريق فضة ، كان له شعيرات من
لبته إلى سرته ملفوفة كأنها قضيب كافور لم يكن في بدنه شعيرات غيرها ، لم يكن
بالطويل الذاهب ولا بالقصير النزر ، كان إذا مشى مع الناس غمرهم نوره ، وكان إذا
مشى كأنه ينقلع من صخر أو ينحدر من صبب ، كان مدور الكعبين ، لطيف القدمين ،
دقيق الخصر ،عمامته السحاب ، وسيفه ذوالفقار ، وبغلته دلدل ، وحماره اليعفور ،
وناقته العضباء ، وفرسه لزاز ، وقضيبه الممشوق ، كان عليه الصلاة والسلام أشفق الناس
على الناس ، وأرأف الناس بالناس ، كان بين كتفيه خاتم النبوة مكتوب على الخاتم
سطران : أما أول سطر : فلا إله إلا الله ، وأما الثاني : فمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله ، هذه
صفته يا يهودي .
فقال اليهوديان : نشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وآله - وأنك
وصي محمد حقا . فأسلما وحسن إسلامهما ولزما أميرالمؤمنين عليه السلام
عن صالح بن عقبة ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : لما هلك أبوبكر واستخلف
عمر رجع عمر إلى المسجد فقعد فدخل عليه رجل فقال : يا أميرالمؤمنين إني رجل من
اليهود وأنا علامتهم وقد أردت أن أسألك عن مسائل إن أجبتني فيها أسلمت . قال :
ماهي ؟ قال : ثلاث ، وواحدة ، فإن شئت سألتك وإن كان في القوم أحد أعلم
منك أرشدني إليه .
قال : عليك بذلك الشاب - يعني علي بن أبي طالب عليه السلام - فأتى عليا عليه السلام فسأله
فقال له : لم قلت : ثلاثا وثلاثا وواحدة ؟ الا قلت سبعا ؟ قال : إني إذا لجاهل ، إن لم
تجبني في الثلاث الكتفيت . قال : فإن أجبتك تسلم ؟ قال : نعم . قال : سل .
قال : أسألك عن أول حجر وضع على وجه الارض ، وأول عين نبعت ، وأول
شجرة نبتت . قال : يا يهودي أنتم تقولون : إن أول حجر وضع على وجه الارض
الحجر الذي في البيت المقدس وكذبتم ، هو الحجر الذي نزل به آدم عليه السلام من
الجنة . قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى .
قال : وأنتم تقولون : إن أول عين نبعت على وجه الارض العين التي ببيت
المقدس وكذبتم ، هي عين الحياة التي غسل فيها يوشع بن نون السمكة ، وهي
العين التي شرب منها الخضر ، وليس يشرب منها أحد إلا حي قال : صدقت
والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى .
قال : وأنتم تقولون : إن أول شجرة نبتت على وجه الارض الزيتون وكذبتم ،
هي العجوة التي نزل بها آدم عليه السلام من الجنة معه . قال : صدقت والله إنه
لبخط هارون وإملاء موسى عليه السلام .
قال : والثلاث الاخرى : كم لهذه الامة من إمام من إمام هدى لا يضرهم من خذلهم ؟
قال : اثنا عشر إماما . قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى .
قال : فأين يسكن نبيكم من الجنة ؟ قال : في أعلاها درجة وأشرفها مكانا في
جنات عدن . قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى .
ثم قال : فمن ينزل معه في منزله ؟ قال : اثنا عشر إماما . قال : صدقت والله إنه
لبخط هارون وإملاء موسى عليه السلام .
ثم قال : السابعة فاسلم : كم يعيش وصيه بعده ؟ قال : ثلاثين سنة . قال : ثم مه
يموت أو يقتل ؟ قال : يقتل يضرب على قرنه وتخضب لحيته . قال : صدقت والله إنه لبخط
هارون وإملاء موسى عليه السلام
فقام ابن الكواء فقال :
يا أميرالمؤمنين فما كان ينزل عليه من القرآن وأنت غائب عنه ؟ قال : كان رسول
الله صلى الله عليه وآله ما كان ينزل عليه من القرآن وأنا غائب عنه حتى أقدم عليه فيقرأنيه ويقول
لي : ياعلي أنزل الله علي بعدك كذاوكذا ، وتأويله كذاوكذا فيعلمني تأويله و
تنزيله (
قال : يا أميرالمؤمنين أخبرني عن قوس قزح قال : ثكلتك امك يا ابن الكواء لا
ثقل : قوس قزح فإن قزح ،اسم شيطان ، ولكن قل : قوس الله ، إذا بدت يبدو الخصب
والريف
ثم قال الرجل : كم بين المشرق
والمغرب ؟ قال علي عليه السلام : مسافة الهواء . قال الرجل : وما مسافة الهواء ؟ قال عليه السلام :
دوران الفلك ، قال الرجل : ومادوران ألفلك ؟ قال عليه السلام : مسير يوم للشمس قال : صدقت
فمتى القيامة ؟ قال عليه السلام : عند حضور المنية وبلوغ الاجل قال الرجل : صدقت
قالوا : أخبرنا عن أقفال السماوات السبع ومفاتيحها
فقال لهم علي عليه السلام : أما أقفال السماوات : فالشرك بالله . ومفاتيحها : قول لا إله إلا الله
فقال : أخبرني عما ليس لله ، وعما ليس عندالله ، وعما لايعلمه الله
فقال علي عليه السلام : أما مالا يعلمه الله فهو قولكم يا معشر اليهود : إن عزيرا
ابن الله ، والله تعالى لا يعلم له ولدا ، وأما قولك ، ما ليس لله فليس الله شريك ، وأما قولك
ما ليس عندالله تعالى فليس عند الله ظلم للعباد
فقال اليهودي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وآله
قال الصدوق رحمه الله في كتاب الاوائل
. بحار الانوار مجلد: 10
(5) كمال الدين: 175.
عيون الاخبار : 31 الخصال 2 : 77
(3) الاحتجاج: 139
(5) الاحتجاج: 120