في هذا الفصل، نشرع في جملة من البحوث منها:
ــ بحث المباني الأربعة في مبدأ ولاية الفقيه: المنكرين لها، والمؤمنين بها سواء القائلين بحدود ملء منطقة الفراغ، أو المثبتين لها كولاية مطلقة عامّة ولكن بالانتخاب، أو المثبتين لها كولاية مطلقة ولكن بالنصّ.
ــ بحث مشكلة تعدّد الفقهاء، فمع تعدّدهم، كيف يمكن الجمع بين ولاياتهم المتعدّدة؟ــ بحث ما طرحه أستاذنا السيّد الشهيد (قدس سره) من فكرة المرجعية الصالحة والمرجعية الموضوعية، ومواضيع أخرى لها صلة بالموضوع.
أصل مبدأ ولاية الفقيه والمباني الأربعة
بعد أن اتّضح لنا ومن مجموع الآيات والروايات السابقة، أنّ إقامة دولة إسلاميّة في زمن الغيبة أمر مشروع، بل وواجب، نصل عندئذ إلى أحد أهمّ بحوث الحكومة الإسلاميّة في زمن الغيبة، وهو بحث (مبدأ ولاية الفقيه).
وفي هذا البحث نريد أن نطرح المحاور الأساسيّة التالية:
ــ هل نصَّب الفقيه ولياً من قبل المعصوم (عليه السلام)؟
ــ وهل يجب إقامة الدولة تحت إشرافه؟
ــ وهل يجب اتّباعه وإطاعة أوامره؟ وبأي حدود تكون هذه الطاعة؟
ولتوضيح كل هذا، نبحث هنا أربعة مبان في مبدأ ولاية الفقيه وبشكل مختصر:
المبنى الأول: هو مبنى إنكار ولاية الفقيه، ويقول متبنيه: أنّه لا ولاية للفقيه بما هو فقيه، ولا فرق بينه وبين غيره، ولو اختارت الأمة غير الفقيه لتعيّن، ولو كنّا لا نؤمن أصلاً بالانتخاب لما صحّ أن يكون لنا قائد في زمن الغيبة لا الفقيه ولا غيره.
المبنى الثاني: هو الذي يؤمن بولاية الفقيه ولكن في الحدود التي نحتاج فيها إلى ملء منطقة الفراغ.
وعلى العموم، فإنّ ملء منطقة الفراغ يحتاج إلى متخصّص في فهم الروايات واستنباط الأحكام منها لملء هذه المنطقة شريطة أن لا تخالف هذه الأحكام، الأحكام الأساسيّة الأصلية في الإسلام.
ونحن نعرف، أنّ للإسلام، في مرحلة التشريع ومرحلة سنّ القوانين نوعين من النظم هما:
النظم الأوليّة: وهي قوانين ثابتة لا تختلف من زمان إلى زمان كما ورد في الأثر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «حلال محمّد حلال أبداً إلى يوم القيامة وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة...»[1].
النظم الثانوية: وهي قوانين وتشريعات تسنّ لملء منطقة الفراغ التي لم تملأها القوانين الثابتة.
وهذه التشريعات تختلف من زمان إلى زمان آخر، وذلك تبعاً لتغيّر الظروف والعوامل والأزمنة وتكون متأطّرة بإطار النظم الأوليّة الثابتة.
فالفقيه إذن، ولي، ولكن في دائرة ملء منطقة الفراغ وسنّ القوانين الثانوية، ولولا وجوده وإشرافه على ذلك لاحتملنا تجاوز غيره من المشرّعين للنظم والقوانين الأساسيّة الأولية وهم جاهلون بها، أو بكيفية الاستفادة منها، أو لعجزهم عن الاستنباط بالصورة الصحيحة.
المبنى الثالث: هو مبنى الإيمان بولاية الفقيه العامّة التي لا تختصّ بملء منطقة الفراغ، إلاّ أنّ هذه الولاية ليست ثابتة للفقهاء ابتداءاً، وإنّما تثبت لهم بالانتخاب والبيعة.
فالإيمان بولاية الفقيه على هذا المبنى، يعني أنّه يجب على الأمة أن تبايع وتنتخب فقيهاً من الفقهاء المستعدّين للتصدّي ولا يجوز لها أن تنتخب غير الفقيه على أي نحو كان.
ويعني ذلك أنّ الفقيه قبل انتخاب الأمة له وقبولها به لا يكون ولياً واجب الطاعة، ونافذ الأمر.
المبنى الرابع: هو المبنى الذي بنى عليه السيد الإمام الخميني (قدس سره)، وهو أنّ الفقيه قد أعطي الولاية العامّة من قبل المعصوم (عليه السلام) ووكالة عنه. فولايته على الأمة وإن كانت بالوكالة عن المعصوم (عليه السلام) وليست وكالة ذاتية له، إلاّ أنّها لم تحصل له عن طريق بيعة الأمة له وانتخابها له، بل عن طريق نصّ المعصوم على ذلك.
ووفق هذا المبنى، فإنّ أمر الفقهاء نافذ سواء بويعوا أم لا، وسواء انتخبوا أم لا، وإن كانت هذه البيعة والانتخاب مؤكّدة لتلك الولاية.
[1] الأصول من الكافي، مصدر سبق ذكره، ج 1، 58.
ــ بحث المباني الأربعة في مبدأ ولاية الفقيه: المنكرين لها، والمؤمنين بها سواء القائلين بحدود ملء منطقة الفراغ، أو المثبتين لها كولاية مطلقة عامّة ولكن بالانتخاب، أو المثبتين لها كولاية مطلقة ولكن بالنصّ.
ــ بحث مشكلة تعدّد الفقهاء، فمع تعدّدهم، كيف يمكن الجمع بين ولاياتهم المتعدّدة؟ــ بحث ما طرحه أستاذنا السيّد الشهيد (قدس سره) من فكرة المرجعية الصالحة والمرجعية الموضوعية، ومواضيع أخرى لها صلة بالموضوع.
أصل مبدأ ولاية الفقيه والمباني الأربعة
بعد أن اتّضح لنا ومن مجموع الآيات والروايات السابقة، أنّ إقامة دولة إسلاميّة في زمن الغيبة أمر مشروع، بل وواجب، نصل عندئذ إلى أحد أهمّ بحوث الحكومة الإسلاميّة في زمن الغيبة، وهو بحث (مبدأ ولاية الفقيه).
وفي هذا البحث نريد أن نطرح المحاور الأساسيّة التالية:
ــ هل نصَّب الفقيه ولياً من قبل المعصوم (عليه السلام)؟
ــ وهل يجب إقامة الدولة تحت إشرافه؟
ــ وهل يجب اتّباعه وإطاعة أوامره؟ وبأي حدود تكون هذه الطاعة؟
ولتوضيح كل هذا، نبحث هنا أربعة مبان في مبدأ ولاية الفقيه وبشكل مختصر:
المبنى الأول: هو مبنى إنكار ولاية الفقيه، ويقول متبنيه: أنّه لا ولاية للفقيه بما هو فقيه، ولا فرق بينه وبين غيره، ولو اختارت الأمة غير الفقيه لتعيّن، ولو كنّا لا نؤمن أصلاً بالانتخاب لما صحّ أن يكون لنا قائد في زمن الغيبة لا الفقيه ولا غيره.
المبنى الثاني: هو الذي يؤمن بولاية الفقيه ولكن في الحدود التي نحتاج فيها إلى ملء منطقة الفراغ.
وعلى العموم، فإنّ ملء منطقة الفراغ يحتاج إلى متخصّص في فهم الروايات واستنباط الأحكام منها لملء هذه المنطقة شريطة أن لا تخالف هذه الأحكام، الأحكام الأساسيّة الأصلية في الإسلام.
ونحن نعرف، أنّ للإسلام، في مرحلة التشريع ومرحلة سنّ القوانين نوعين من النظم هما:
النظم الأوليّة: وهي قوانين ثابتة لا تختلف من زمان إلى زمان كما ورد في الأثر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «حلال محمّد حلال أبداً إلى يوم القيامة وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة...»[1].
النظم الثانوية: وهي قوانين وتشريعات تسنّ لملء منطقة الفراغ التي لم تملأها القوانين الثابتة.
وهذه التشريعات تختلف من زمان إلى زمان آخر، وذلك تبعاً لتغيّر الظروف والعوامل والأزمنة وتكون متأطّرة بإطار النظم الأوليّة الثابتة.
فالفقيه إذن، ولي، ولكن في دائرة ملء منطقة الفراغ وسنّ القوانين الثانوية، ولولا وجوده وإشرافه على ذلك لاحتملنا تجاوز غيره من المشرّعين للنظم والقوانين الأساسيّة الأولية وهم جاهلون بها، أو بكيفية الاستفادة منها، أو لعجزهم عن الاستنباط بالصورة الصحيحة.
المبنى الثالث: هو مبنى الإيمان بولاية الفقيه العامّة التي لا تختصّ بملء منطقة الفراغ، إلاّ أنّ هذه الولاية ليست ثابتة للفقهاء ابتداءاً، وإنّما تثبت لهم بالانتخاب والبيعة.
فالإيمان بولاية الفقيه على هذا المبنى، يعني أنّه يجب على الأمة أن تبايع وتنتخب فقيهاً من الفقهاء المستعدّين للتصدّي ولا يجوز لها أن تنتخب غير الفقيه على أي نحو كان.
ويعني ذلك أنّ الفقيه قبل انتخاب الأمة له وقبولها به لا يكون ولياً واجب الطاعة، ونافذ الأمر.
المبنى الرابع: هو المبنى الذي بنى عليه السيد الإمام الخميني (قدس سره)، وهو أنّ الفقيه قد أعطي الولاية العامّة من قبل المعصوم (عليه السلام) ووكالة عنه. فولايته على الأمة وإن كانت بالوكالة عن المعصوم (عليه السلام) وليست وكالة ذاتية له، إلاّ أنّها لم تحصل له عن طريق بيعة الأمة له وانتخابها له، بل عن طريق نصّ المعصوم على ذلك.
ووفق هذا المبنى، فإنّ أمر الفقهاء نافذ سواء بويعوا أم لا، وسواء انتخبوا أم لا، وإن كانت هذه البيعة والانتخاب مؤكّدة لتلك الولاية.
[1] الأصول من الكافي، مصدر سبق ذكره، ج 1، 58.
تعليق