[
التوصية السادسة:
التحذير عن الخفّة والانزلاق وراء أدعياء الإصلاح المواكب للإصلاح الشامل المهدوي.
فقد مرّت رواية العيّاشي عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام يقول: (إلزم الأرض لا تحرّكنّ يدك ولا رجلك أبداً حتّى ترى علامات أذكرها لك في سنة) _ ثمّ ذكر العلامات المحتومة مع تفاصيل كلّ منها، وقال: _ (وإيّاك وشذاذ من آل محمد عليهم السلام، ولا تتّبع منهم رجلاً أبداً حتّى ترى رجلاً من ولد الحسين معه عهد نبيّ الله ورايته وسلاحه)...
وروى النعماني بإسناده عن عمر بن سعد، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: (لا يقوم القائم حتّى تفقأ عين الدنيا، وتظهر الحمرة في السماء، وتلك دموع حملة العرش على أهل الأرض، وحتّى يظهر فيهم قوم لا خلاق لهم، يدعون لولدي وهم براء من ولدي تلك عصابة رديئة لا خلاق لهم، على الأشرار مسلّطة، وللجبابرة مفتنة، وللملوك مبيرة) _ الحديث.
وروى النعماني أيضاً بسنده عن جابر، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: (يا جابر، إلزم الأرض ولا تحرّك يداً ولا رجلاً حتّى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها)، ثمّ ذكر عليه السلام العلامات الحتميّة للظهور.
وروى النعماني بسنده عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: (كأنّي بقوم خرجوا بالمشرق، يطلبون الحقّ فلا يعطونه، ثمّ يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتّى يقوموا، ولا يدفعونها إلاّ إلى صاحبكم، قتلاهم شهداء، أما إنّي لو أدركت ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر).
والظاهر من هذه الرواية انطباقها على خروج الحسني الخراساني حيث إنّه يظهر من المشرق من خراسان أو الديلم، كما في ألسنة الروايات المختلفة، وهو الذي يسلّم الراية، أي راية وقيادة جيشه، إلى المهدي عجل الله فرجه في الكوفة، كما في روايات اُخرى، وأنّ في جيش الخراساني بعض أصحاب القائم في بعض الروايات، وأنّه يصفّي الأرض التي يمرّ بها من الظلم إلى أن يصل إلى الكوفة، كما في روايات اُخرى مرّت الإشارة إليها، لكن مع ذلك يوصي عليه السلام بالإبقاء على النفس والمحافظة عليها لنصرة المهدي عجل الله فرجه نفسه، أي تجنّب المشاركة في جيش الحسني الخراساني، وقد بيّنت بعض الروايات الاُخرى أنّ في جيشه شريحة من الزيديّة وصفاً وسلوكاً لا اسماً، يستعصون عليه في التسليم والانقياد للمهدي عجل الله فرجه ممّا يدلّل على أنّ المسار العام لجيش الحسني هو تبنّي الإمامة لمن يتصدّى علناً لتدبير الاُمور وإصلاحها، ويدلّ على ذلك أيضاً ما مرّ في بعض الروايات أنّ راية اليماني أهدى؛ لأنّ اليماني يدعو إلى صاحبكم، أي المهدي عجل الله فرجه، أي أنّ اليماني تبنّى أنّ الإمامة بالنصّ المحدودة بالاثنى عشر، بخلاف مسار ومرام الحسني فإنّه يتبنّى أنّ الإمامة بالتصدّي لإصلاح الاُمور والوضع العامّ، ومن ثمّ كنّي عن ذلك بوجود الزيديّة في جيشه أي مرام وسلوك الزيديّة لا التسمّي بذلك الاسم.
وروى النعماني بسنده عن يونس بن يعقوب، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إذا خرج السفياني يبعث جيشاً إلينا وجيشاً إليكم، فإذا كان فائتونا على صعب وذلول)، ومفاد الرواية كالتي سبقت في حصر النهوض المسلّح وادّخار النصرة العسكريّة لشخص المهدي عجل الله فرجه.
ومثل الروايتين ما رواه أيضاً عن خلاّد الصائغ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: (السفياني لا بدّ منه، ولا يخرج إلاّ في رجب)، فقال له رجل: يا أبا عبد الله، إذا خرج فما حالنا؟ قال: (إذا كان ذلك فإلينا).
وروي في البحار عن كتاب سرور أهل الإيمان بإسناده عن أحمد بن محمّد الأيادي، رفعه إلى بريد، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: (يا بريد، اتّق جمع الأصهب)، قلت: وما الأصهب؟ قال: (الأبقع)، قلت: وما الأبقع؟ قال: (الأبرص، واتّق السفياني، واتّق الشريدين من ولد فلان يأتيان مكّة، يقسمان بها الأموال، يتشبّهان بالقائم عليه السلام ، واتّق الشذاذ من آل محمّد).
قال المجلسي في ذيلها: قلت: ويريد بالشذاذ الزيديّة؛ لضعف مقالتهم، وأمّا كونهم من آل محمّد لأنّهم من بني فاطمة.
وعلى أي تقدير، فيظهر من الروايات أنّ الحركات التي تقوم بالشام من الأصهب والسفياني تحمل وترفع شعارات برّاقة منادية للإصلاح والرشاد في ظاهر حالها ممّا يوجب الانخداع والاغترار بها، هذا فضلاً عمّن يقوم بالحركات الاُخرى التي تضمّن في شعاراتها مزاعم الصلة بحركة المهدي عجل الله فرجه الإصلاحيّة.
وروي أيضاً بإسناده عن سدير، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام (يا سدير، إلزم بيتك، وكن حلساً من أحلاسه، واسكن ما سكن الليل والنهار، فإذا بلغ أنّ السفياني قد خرج فارحل لينا ولو على رجلك
ومثلها ما رواه عن الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام _ وفي ذيله: _ (فإذا ظهر على الأكوار الخمس _ أي السفياني _ يعني كور الشام، فانفروا إلى صاحبكم).(
وروى الكليني بسنده عن الفضل الكاتب، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام ، فأتاه كتاب أبي مسلم، فقال: (ليس لكتابك جواب، اخرج عنّا)، فجعلنا يسارّ بعضنا بعضاً، فقال: (أي شيء تسارّون يا فضيل؟ إنّ الله عزّ ذكره لا يعجل لعجلة العباد، ولإزالة جبل عن موضعه أيسر من زوال ملك لم ينقض أجله)، ثمّ قال: (إنّ فلان ابن فلان) _ حتّى بلغ السابع من ولد فلان _ قلت: فما العلامة فيما بيننا وبينه جعلت فداك؟ قال: (لا تبرح الأرض يا فضيل حتّى يخرج السفياني، فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا _ يقولها ثلاثاً _ وهو من المحتوم)، والرواية تستعرض مسرح أحداث حركة أبي مسلم الخراساني المروزي الذي قاد الثورة على الأمويّين وتوافق مع العبّاسيّين بعد أن راسل الصادق عليه السلام وبني الحسن، فآيس من إجابتهم لدعوته.
وروى النعماني بسنده عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: قلت له عليه السلام: أوصني؟ فقال: (اُوصيك بتقوى الله، وأن تلزم بيتك، وتقعد في دهماء هؤلاء النّاس، وإيّاك والخوارج منّا، فإنّهم ليسوا على شيء ولا إلى شيء، واعلم أنّ لبني اُميّة ملكاً لا يستطيع النّاس أنّ تردعه، وأنّ لأهل الحقّ دولة إذا جاءت ولاّها الله لمن يشاء منّا أهل البيت، فمن أدركها منكم كان عندنا في السنام الأعلى، وإن قبضه الله قبل ذلك خار له. واعلم أنّه لا تقوم عصابة تدفع ضيماً أو تعزّ ديناً إلاّ صرعتهم المنية والبليّة حتّى تقوم عصابة شهدوا بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وآله لا يوارى قتيلهم، ولا يرفع صريعهم، ولا يداوى جريحهم)، قلت: مَن هم؟ قال: (الملائكة).
وروى النعماني بسنده عن جابر، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام ، قال: (مثل خروج القائم منّا أهل البيت كخروج رسول الله صلى الله عليه وآله، ومثل مَنْ خرج منّا أهل البيت قبل قيام القائم مثل فرخ طار فوقع من وكره فتلاعبت به الصبيان.
ومن مجموع هذه الوصايا التي أمروا عليهم السلام بها، يتبيّن تأكيدهم عليهم السلام على عدم الاغترار وراء الحركات والنهضات المتشدّقة بشعارات الإصلاح التي هي شعار الإصلاح المهدوي عند ظهوره، وأنّه لا نيابة خاصّة للأسماء اللامعة في سنة الظهور.
وأنّ العلامة الأكيدة الحتميّة لانقطاع الغيبة ولمبدأ ظهوره في المدينة المنوّرة، ومن ثمّ ظهوره الأكبر العلني العالمي في مكّة المكرّمة هو الصيحة السماويّة لجبرئيل، وهو النداء من السماء، وقد حدّد في الروايات في شهر رجب وفي بعضها في شهر رمضان، وأنّه بعبارات متعدّدة.
والعلامة الثانية المحتّمة هي تحرّك السفياني في بلاد الشام واستيلائه عليها، وإرساله سرّية من جيشه إلى العراق، واُخرى إلى المدينة المنوّرة لمواجهة المهدي عجل الله فرجه، فيخسف بذلك الجيش في بيداء المدينة.
وإنّ توقيت ظهور المهدي عجل الله فرجه بغير ذلك من التحديد الزماني ما هو إلاّ خداع وتحايل على السذّج والبسطاء تغريراً بهم لاستمالتهم ولتسخيرهم حطباً ووقوداً لإنجاز مآرب الأدعياء المتقمّصين يصلون بهم إلى رئاستهم الباطلة.
وإنّ اللازم على الموالين المؤمنين في عصر الغيبة المتطاولة حتّى الظهور هو الثبات على الاعتقاد بإمامة الأئمّة الاثنى عشر، أي إمامة المهدي الحيّ الحاضر الشاهد لأحداث البشريّة والتدين بولايته الفعليّة وتولّي الموالين لأهل البيت عليهم السلام، والتبرّي القلبي، وفي النموذج السلوكي العملي من أعداءهم، والتمسّك بالثوابت من أحكام أهل البيت عليهم السلام، وعدم الافتتان بالشعارات البرّاقة الخدّاعة المؤدّية إلى التخلّي عن التولّي والتبرّي وللمروق من معالم أحكام فقه أهل البيت عليهم السلام ومعارفهم.
والحمد لله رب العالمين
أسالكم الدعاء
من كتاب :
فقه علائم الظهور
تأليف: لآية الله العظمى
الشيخ محمد السند
الرابط
http://www.m-mahdi.com/book/010/002.htm
التحذير عن الخفّة والانزلاق وراء أدعياء الإصلاح المواكب للإصلاح الشامل المهدوي.
فقد مرّت رواية العيّاشي عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام يقول: (إلزم الأرض لا تحرّكنّ يدك ولا رجلك أبداً حتّى ترى علامات أذكرها لك في سنة) _ ثمّ ذكر العلامات المحتومة مع تفاصيل كلّ منها، وقال: _ (وإيّاك وشذاذ من آل محمد عليهم السلام، ولا تتّبع منهم رجلاً أبداً حتّى ترى رجلاً من ولد الحسين معه عهد نبيّ الله ورايته وسلاحه)...
وروى النعماني بإسناده عن عمر بن سعد، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: (لا يقوم القائم حتّى تفقأ عين الدنيا، وتظهر الحمرة في السماء، وتلك دموع حملة العرش على أهل الأرض، وحتّى يظهر فيهم قوم لا خلاق لهم، يدعون لولدي وهم براء من ولدي تلك عصابة رديئة لا خلاق لهم، على الأشرار مسلّطة، وللجبابرة مفتنة، وللملوك مبيرة) _ الحديث.
وروى النعماني أيضاً بسنده عن جابر، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: (يا جابر، إلزم الأرض ولا تحرّك يداً ولا رجلاً حتّى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها)، ثمّ ذكر عليه السلام العلامات الحتميّة للظهور.
وروى النعماني بسنده عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: (كأنّي بقوم خرجوا بالمشرق، يطلبون الحقّ فلا يعطونه، ثمّ يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتّى يقوموا، ولا يدفعونها إلاّ إلى صاحبكم، قتلاهم شهداء، أما إنّي لو أدركت ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر).
والظاهر من هذه الرواية انطباقها على خروج الحسني الخراساني حيث إنّه يظهر من المشرق من خراسان أو الديلم، كما في ألسنة الروايات المختلفة، وهو الذي يسلّم الراية، أي راية وقيادة جيشه، إلى المهدي عجل الله فرجه في الكوفة، كما في روايات اُخرى، وأنّ في جيش الخراساني بعض أصحاب القائم في بعض الروايات، وأنّه يصفّي الأرض التي يمرّ بها من الظلم إلى أن يصل إلى الكوفة، كما في روايات اُخرى مرّت الإشارة إليها، لكن مع ذلك يوصي عليه السلام بالإبقاء على النفس والمحافظة عليها لنصرة المهدي عجل الله فرجه نفسه، أي تجنّب المشاركة في جيش الحسني الخراساني، وقد بيّنت بعض الروايات الاُخرى أنّ في جيشه شريحة من الزيديّة وصفاً وسلوكاً لا اسماً، يستعصون عليه في التسليم والانقياد للمهدي عجل الله فرجه ممّا يدلّل على أنّ المسار العام لجيش الحسني هو تبنّي الإمامة لمن يتصدّى علناً لتدبير الاُمور وإصلاحها، ويدلّ على ذلك أيضاً ما مرّ في بعض الروايات أنّ راية اليماني أهدى؛ لأنّ اليماني يدعو إلى صاحبكم، أي المهدي عجل الله فرجه، أي أنّ اليماني تبنّى أنّ الإمامة بالنصّ المحدودة بالاثنى عشر، بخلاف مسار ومرام الحسني فإنّه يتبنّى أنّ الإمامة بالتصدّي لإصلاح الاُمور والوضع العامّ، ومن ثمّ كنّي عن ذلك بوجود الزيديّة في جيشه أي مرام وسلوك الزيديّة لا التسمّي بذلك الاسم.
وروى النعماني بسنده عن يونس بن يعقوب، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إذا خرج السفياني يبعث جيشاً إلينا وجيشاً إليكم، فإذا كان فائتونا على صعب وذلول)، ومفاد الرواية كالتي سبقت في حصر النهوض المسلّح وادّخار النصرة العسكريّة لشخص المهدي عجل الله فرجه.
ومثل الروايتين ما رواه أيضاً عن خلاّد الصائغ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: (السفياني لا بدّ منه، ولا يخرج إلاّ في رجب)، فقال له رجل: يا أبا عبد الله، إذا خرج فما حالنا؟ قال: (إذا كان ذلك فإلينا).
وروي في البحار عن كتاب سرور أهل الإيمان بإسناده عن أحمد بن محمّد الأيادي، رفعه إلى بريد، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: (يا بريد، اتّق جمع الأصهب)، قلت: وما الأصهب؟ قال: (الأبقع)، قلت: وما الأبقع؟ قال: (الأبرص، واتّق السفياني، واتّق الشريدين من ولد فلان يأتيان مكّة، يقسمان بها الأموال، يتشبّهان بالقائم عليه السلام ، واتّق الشذاذ من آل محمّد).
قال المجلسي في ذيلها: قلت: ويريد بالشذاذ الزيديّة؛ لضعف مقالتهم، وأمّا كونهم من آل محمّد لأنّهم من بني فاطمة.
وعلى أي تقدير، فيظهر من الروايات أنّ الحركات التي تقوم بالشام من الأصهب والسفياني تحمل وترفع شعارات برّاقة منادية للإصلاح والرشاد في ظاهر حالها ممّا يوجب الانخداع والاغترار بها، هذا فضلاً عمّن يقوم بالحركات الاُخرى التي تضمّن في شعاراتها مزاعم الصلة بحركة المهدي عجل الله فرجه الإصلاحيّة.
وروي أيضاً بإسناده عن سدير، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام (يا سدير، إلزم بيتك، وكن حلساً من أحلاسه، واسكن ما سكن الليل والنهار، فإذا بلغ أنّ السفياني قد خرج فارحل لينا ولو على رجلك
ومثلها ما رواه عن الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام _ وفي ذيله: _ (فإذا ظهر على الأكوار الخمس _ أي السفياني _ يعني كور الشام، فانفروا إلى صاحبكم).(
وروى الكليني بسنده عن الفضل الكاتب، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام ، فأتاه كتاب أبي مسلم، فقال: (ليس لكتابك جواب، اخرج عنّا)، فجعلنا يسارّ بعضنا بعضاً، فقال: (أي شيء تسارّون يا فضيل؟ إنّ الله عزّ ذكره لا يعجل لعجلة العباد، ولإزالة جبل عن موضعه أيسر من زوال ملك لم ينقض أجله)، ثمّ قال: (إنّ فلان ابن فلان) _ حتّى بلغ السابع من ولد فلان _ قلت: فما العلامة فيما بيننا وبينه جعلت فداك؟ قال: (لا تبرح الأرض يا فضيل حتّى يخرج السفياني، فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا _ يقولها ثلاثاً _ وهو من المحتوم)، والرواية تستعرض مسرح أحداث حركة أبي مسلم الخراساني المروزي الذي قاد الثورة على الأمويّين وتوافق مع العبّاسيّين بعد أن راسل الصادق عليه السلام وبني الحسن، فآيس من إجابتهم لدعوته.
وروى النعماني بسنده عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: قلت له عليه السلام: أوصني؟ فقال: (اُوصيك بتقوى الله، وأن تلزم بيتك، وتقعد في دهماء هؤلاء النّاس، وإيّاك والخوارج منّا، فإنّهم ليسوا على شيء ولا إلى شيء، واعلم أنّ لبني اُميّة ملكاً لا يستطيع النّاس أنّ تردعه، وأنّ لأهل الحقّ دولة إذا جاءت ولاّها الله لمن يشاء منّا أهل البيت، فمن أدركها منكم كان عندنا في السنام الأعلى، وإن قبضه الله قبل ذلك خار له. واعلم أنّه لا تقوم عصابة تدفع ضيماً أو تعزّ ديناً إلاّ صرعتهم المنية والبليّة حتّى تقوم عصابة شهدوا بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وآله لا يوارى قتيلهم، ولا يرفع صريعهم، ولا يداوى جريحهم)، قلت: مَن هم؟ قال: (الملائكة).
وروى النعماني بسنده عن جابر، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام ، قال: (مثل خروج القائم منّا أهل البيت كخروج رسول الله صلى الله عليه وآله، ومثل مَنْ خرج منّا أهل البيت قبل قيام القائم مثل فرخ طار فوقع من وكره فتلاعبت به الصبيان.
ومن مجموع هذه الوصايا التي أمروا عليهم السلام بها، يتبيّن تأكيدهم عليهم السلام على عدم الاغترار وراء الحركات والنهضات المتشدّقة بشعارات الإصلاح التي هي شعار الإصلاح المهدوي عند ظهوره، وأنّه لا نيابة خاصّة للأسماء اللامعة في سنة الظهور.
وأنّ العلامة الأكيدة الحتميّة لانقطاع الغيبة ولمبدأ ظهوره في المدينة المنوّرة، ومن ثمّ ظهوره الأكبر العلني العالمي في مكّة المكرّمة هو الصيحة السماويّة لجبرئيل، وهو النداء من السماء، وقد حدّد في الروايات في شهر رجب وفي بعضها في شهر رمضان، وأنّه بعبارات متعدّدة.
والعلامة الثانية المحتّمة هي تحرّك السفياني في بلاد الشام واستيلائه عليها، وإرساله سرّية من جيشه إلى العراق، واُخرى إلى المدينة المنوّرة لمواجهة المهدي عجل الله فرجه، فيخسف بذلك الجيش في بيداء المدينة.
وإنّ توقيت ظهور المهدي عجل الله فرجه بغير ذلك من التحديد الزماني ما هو إلاّ خداع وتحايل على السذّج والبسطاء تغريراً بهم لاستمالتهم ولتسخيرهم حطباً ووقوداً لإنجاز مآرب الأدعياء المتقمّصين يصلون بهم إلى رئاستهم الباطلة.
وإنّ اللازم على الموالين المؤمنين في عصر الغيبة المتطاولة حتّى الظهور هو الثبات على الاعتقاد بإمامة الأئمّة الاثنى عشر، أي إمامة المهدي الحيّ الحاضر الشاهد لأحداث البشريّة والتدين بولايته الفعليّة وتولّي الموالين لأهل البيت عليهم السلام، والتبرّي القلبي، وفي النموذج السلوكي العملي من أعداءهم، والتمسّك بالثوابت من أحكام أهل البيت عليهم السلام، وعدم الافتتان بالشعارات البرّاقة الخدّاعة المؤدّية إلى التخلّي عن التولّي والتبرّي وللمروق من معالم أحكام فقه أهل البيت عليهم السلام ومعارفهم.
والحمد لله رب العالمين
أسالكم الدعاء
من كتاب :
فقه علائم الظهور
تأليف: لآية الله العظمى
الشيخ محمد السند
الرابط
http://www.m-mahdi.com/book/010/002.htm
تعليق